الثلاثاء ١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٥
بقلم حنان بديع

ثقافتنا على قياسنا

من الطبيعي جدا أن يأتي خبر الحكم بالإعدام على فتاة في بلد عربي لقتلها شاب حاول اغتصابها غريبا ومستهجنا ذلك لأن قتل الانثى بدافع الشرف ليس جريمة بل هو رفع للعار .. فكيف يصبح جريمة اذا ما ارتكبته أنثى دفاعا عن هذا الشرف الذي اختصرناه في ثنايا جسدها وهي المسئولة عن شرفها وشرف العائلة وربما القبيلة بأكملها ؟

لكن السؤال الأكثر خطورة .. ماذا لو لم تفعل ؟

الن تدفع الثمن عارا أو دما يسيل على يد أقرب المقربين من رجال العائلة ؟

اليست هي المسئولة في كلتا الحالتين عن هذا الاغتصاب،لأنها هي التي تفقد عذريتها وهو مقياس الشرف في بلادنا اليوم ؟

وهل الحكم بإعدامها أقل قسوة أو أشد وحشية من حكم مجلس القرية في باكستان على مختار مي التي تعرضت لاغتصاب جماعي في عام 2002 لتدفع ثمن جريمة أخيها ؟

وهل هو تواطؤ آخر مع ثقافتنا يجعلنا نكافئ الرجل الذي يغتصب فتاة بالزواج منها اذ تسقط عنه التهمة اذا تزوجها طبقا لقانون العقوبات المعمول به في معظم المجتمعات العربية والذي يدفع بالبنت المغتصبة لان تتزوج من اغتصبها حفاظا على ما يسمى شرف العائلة ولينجو الجاني من العقاب مرة أخرى.. ومن مخرج آخر ؟

وهو هو أيضا تواطؤ آخر وآخر ذلك الذي يجعلنا لا نعترف بالاغتصاب الزوجي قانونيا فللزوج الحق في اغتصاب الزوجة متى شاء ما دامت على ذمته ؟فيما يتم ادانته في الدول الغربية التي نعيب عليها ثقافتها المنحله ؟

ليس كل هذا لأخرج عن موضوع ظلم هذه الفتاة الى سلسلة مظالم تتعرض لها المرأة في شرقنا البائس .. بل لأدين ثقافة لا تحترم المرأة وعقلها وروحها وجسدها وخياراتها الحرة ولا زالت تنظر اليها بوصفها ملكا للاب والأخ والزوج يفعلون بها ما يشاءون.

ولأطعن بمفهوم الشرف عند العرب بوصفه أحد الثمار المرة لثقافة العبيد والاستبداد الذي يمارسه الشخص الاعلى على من هو أدنى منه بدأ من القهر الذي يمارسه الرئيس على مرؤوسيه وانتهاء بالرجل العادي فيما بعد والذي لا يجد متنفسا الا في المرأة الخاضعة له بحكم الثقافة والتربية.

لماذا اذن كل هذه الفظا عات ؟

هل لأننا حقا نؤمن بكل هذه السخافات ؟

هل لأن مفهوم الشرف نسبي قمنا بتفصيل شرفا خاصا بنا على قياس ثقافتنا ورغباتنا ليس من مفرداته القيم العليا من صدق وأمانه وشهامة ورجولة وشجاعة ووفاء؟

هذه المفردات التي تعكس مفهوم الشرف في الثقافة الغربية دفناها نحن بإرادتنا في جسد المرأة لأننا عجزنا ربما عن أن نكون شرفاء بمعنى قيم الشرف الحقيقي ..

كثيرا ما يسألونني ما الذي أريد وأطالب به..

وأقول لا أريد أن ندفن رؤؤسنا في الرمال خوفا من حساسية الموضوع .. فلنكن أعلى انسانية واقل انانية وأكثر انصافا وعدلا فنبحث عن شرفنا بعيدا عن جسد الانثى ولنعترف بأن الشرف قضية كبرى ..

لأنه كذلك .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى