السبت ٢٤ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٥
بقلم عبد الرحيم شراك

ثقيل الدم

لا أصدق ما تراه عيناي! ثقيل الدم متواجد هنا أيضا وفي هذا اليوم بالذات! هذا ما كان ينقصني بعد أن تفاجأت بعدم إحضاري لمحفظة نقودي، لا أريد أن أتشاءم أكثر لكنّني أحسّ أنّ هذا اليوم لن يمرّ بسلام.
لكن، رغم كل هذه الظروف السيئة سأحاول أن أهدأ و استمتع، خصوصا مع وجود العديد من الكتب المفيدة التي كنت أنتظرها بفارغ الصبر في معرض الكتاب. فأنا أعشق المطالعة حتى النّخاع! أمّا بالنسبة لثقيل الدم فسأبتعد عنه قدر الامكان لأنني لا أرغب بلقياه أبدا،و أرجو أن لا يراني.

أشعر بفرح كبير لأنني في أروع مكان في هذه المدينة ! و لكن، على قدر هذا الشعور هناك إحساس قوي بتأنيب الضمير ينتابني، حيث أنني لم أرد على آخر رسالة بعثها لي ثقيل الدم بهاتفه منذ شهر. كأنني أنا الذي أردت قطع العلاقة معه، أنا لا أفهم لماذا يصر على صداقتي؟ رغم أنني لا أطيق البقاء معه أكثر من خمس دقائق، فهو ثقيل الدم جدا!
هناك أعداد كبيرة من الناس ينتظرون دورهم لشراء الرواية الجديدة التي أصبحت حديث الشارع، لا ألومهم على ذلك أبدا! فقد كنت متشوقا جدا لقراءتها، وحتى ثقيل الدم يحبّها بشدة فها هو يشتري نسخة منها. ولكن، يجب أن أحرص كل الحرص على أن لا يراني. لن أنسى أبدا كيف التقاني صدفة قبل شهرين عندما كنت أتنزه في الحديقة، لقد تكلّم معي أكثر من نصف ساعة و سألني عن طموحاتي في المستقبل و عن المواد التي ندرسها... لم أستطع الاحتمال أكثر حينها! ورغم ذلك فأكثر ما أعجبني فيه هو حرصه على الصلاة في وقتها بالمسجد، أدهشني ذلك بصراحة!

يا للصدفة والغرابة! لم أنتبه في البداية أنّ المعرض أقيم قرب المستشفى الكبير! لقد تذكّرت عندما طلب منّي ثقيل الدم مرافقته لزيارة أحد أساتذتنا المرضى في هذا المستشفى فرفضت، كان الوحيد الذي ذهب لزيارته من التلاميذ فالكلّ يكره ذلك الأستاذ بسبب تعامله السيء معنا. أنا لا أفهم شخصية هذا الشاب و لا أظن أن هناك أحدا يستطيع فهمه، إنه غريب جدا و ثقيل الدم أيضا!

غرقت في عالم الأحلام و مرّت عليّ العديد من ذكرياتي في مدرستي القديمة، إلى أن فاجئني صوت مألوف : حازم ! هل قدمت للمعرض أيضا؟ و لم أكد أجيب حتى عانقني ثقيل الدم بشدة و سألني عن أحوالي و أحوال عائلتي، ثم أخرج مبلغا من النقود من جيبه وأعطاني إياه قائلا: آسف على تأخري في ردّ الدين، لقد جمعت المبلغ كلّه أخيرا فشكرا لك على انتظارك! لم أستطع قول شيء في تلك اللحظة، كل ما يمكنني قوله أنني كنت أحس بشعور غريب... شعور غريب جدا!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى