جَزيْرَةُ الطُّيورِ

هلْ سَمِعْتُمْ بِجَزيرةِ الطُّيورِ؟

جَزيرَةُ الَطُّيورِ يا أصْدِقَائي.. جَزيرةٌ صَغِيْرَةٌ جَمْيلَةٌ في وَسَطِ الَبحرِ، وَسُمِيَتْ بِهذا الاسْمِ لأِنَ الطُّيورَ بِمْختَلَفِ أَنْواعِها كانتْ تسْكنُهُا وَتَعيْشُ على أشْجَارِهَا الَخَضْراء، وَتَطِيرُ في سَمائِها الصَّافيةِ بكلِّ حُرّيةٍ دُوْنَ أنْ يُزْعِجَها أحَدٌ.. فالطَّعْامُ مُتَوَفِرٌ والماءُ العذْبُ وَفيرٌ.

وكانتْ الجَزِيرةُ تَبْدو مِنْ بَعيْدٍ خَضْراءَ جَمْيلةٍ تَطِيرُ فَوْقَها أسْرَاب ُالطُّيورِ وَهِيَ تُغَرِدُ بِسَعَادَةٍ، وَيَصِلُ صَوْتُ تَغريدِها إلى كلِّ مَكانٍ..

وَبالقُرْب ِمِنْ جَزيرةِ الطُّيْورِ وعلى مَسْافَةٍ ليْسَتْ بَعيدَةٍ كَثيْرا عَنْها كَاْنَتْ تُوجَدُ جَزِيرةٌ أُخرْى..لكنّها كَاَنت جَزيرةٌ قاحِلةٌ جرداءُ مليئة ًبالصُّخورِ الحادّةِ والأشْواكِ ولا تَسْكُنُها سوى الأفْاعيِ.. ولذَلِكَ سُمِيَتْ الجزيرةُ..جَزيرةُ الثعابين..!

كانتْ جَزيرةٌ للثعَابينِ التي تَكاثَرتْ أعْدادُها ولمْ تَجِدْ ما تَأكُلُهُ.. وصَارتْ الثّعابينُ الكَبيْرةُ تَأكُلُ الثّعابينَ الصَّغيرةَ، والثّعابينُ الصَّغيرةُ تَسْرِقُ بيُوضَ الثَّعابين الكَبيْرة ِ، وانتشرَ الخَوفُ والخِداعُ في جَزيرةِ الثَّعابين.

كانَتْ الثَّعابينُ تُرَاقِبُ دائما جَزيرةَ الطُّيورِ الخَضْراءِ.. وَتَشْعرُ بالحَسَدِ والغَيْرةِ والِحقْدِ.

وفي يَوْم مِنَ الأيَّام اجْتَمَعَ عَدَدٌ مِنْ الثَّعابينِ الكَبيْرةِ مَعَ زَعيمِ الثَّعابينِ على صَخْرَةٍ بالقُرْب منْ الشَّاطئ ِتُطِلُّ على جَزيرةِ الطُّيورِ. قَالَ أحَدُ الَّثعَابين ِ:- ماذا نَفْعَلُ يا زَعيمَ الثَّعابين ِ؟! لمْ نَعُدْ نَجِدُ في جَزيرتِنا ما نَأكُلُهُ.
وَقَالَ ثُعْبانٌ آخَرَ:- لَيْتَنا نَصلُ إلى تِلْكَ الجَزِيرةِ..!

فكَّرَ زَعيمُ الثَّعابين ِطَويلا ثمَّ قَالَ:- اصْبِروا.. سَنَصِلُ إلى جَزِيرةِ الطُّيورِ بِالحْيلةِ..!

في اليَومِ التَّالي كانَ غُرابٌ يَطيرُ فَوْقَ البَحرِ بالقُرْبِ مِنْ جَزِيرةِ الثَّعابينِ، وَفجأةً لَمحَ شيئا لامِعا بينَ صُخورِ الجزِيرةِ.. فَهَبَطَ بِسُرعَةٍ واقْتَرَبَ مِنْ الصّخْرِ.. وَرَأى لُؤلُؤةً لامِعَةً بالقُرْبِ مِنْ الصَّخْرَةِ.. اقْتَرَبَ الغُرَابُ مِنْ الْلؤُلؤُةِ ليَأخُذَها لكِنَّه وَجَدَ الْلؤُلؤةَ مُحَاطَةً بِعَدَدٍ مِنْ الثَّعْابينِ التْي بَرَزَتْ لَهُ مِنْ بَينِ الصُّخورِ الحَادّة ِ..

قَالَ زَعيمُ الثَّعْابينِ:- هَلْ أعْجَبَتْكَ الْلؤُلؤُةُ الجَميْلةُ أيُّها الغُرابُ/
قَالَ الغُرَابُ: - نَعَمْ إنَّها جَمْيلةُ جدا
قَالَ زعيمُ الثَّعْابينِ: سَنُعْطِيها لَكَ..هِيَ ولآليء أُخْرى كَثْيرةً، ولكنْ على شَرْطٍ واحدٍ بَسْيطٍ.
قَاَلَ الغُرْابُ وَهُوَ يَنَظُرُ بِإعْجَابٍ إلى الْلُؤلُؤةِ اللامِعَةِ: وَما هُوَ هذا الشّرْطُ/
قَالَ زَعيمُ الثَّعْابينِ وَهُوَ يَبْتَسِمُ بِخُبْثٍ:- أَنْ تَحْمِلْنَا أنتَ وباقي الغْربَانُ إلى جَزِيرَتكُمْ.. سَنُعْطيكُمْ لُؤلُؤةً مُقَابِلَ كلِّ ثُعبانٍ تَنْقُلونه إلى جَزيرَتِكُمْ..
فَكَّر الغُرابُ بِسُرْعَةٍ وَقَالَ لِنَفْسِهِ: - جَزِيرَتُنا واسِعَةٌ جدا، وَفِيها كَثْيرٌ مِنْ الطَّعْامِ.
ثُمَّ قَالَ: - مُوافِقٌ ولكنْ يَجِبُ أنْ يَبْقى الأمْرُ سِرّاً بينَنَا..
ثُمَّ بَدَأتْ الغربَانُ تَحْمِلُ الثَّعْابينَ وتَطيرُ بِها إلى جَزيرةِ الطُّيورِ.. وَهُناكَ أسْرَعَتْ الثَّعْابينُ واختَبأتْ بيْنَ الأعْشَابِ الطَّوْيلةِ.. واسْتَمَرّتِ الغِربَانُ تَنْقُلُ كُلَّ يَوْمٍ عَدَدَا مِنْ الثَّعْابينِ مُقَابلَ اللآلئ اللامِعَةِ.. وَبَعْدَ أيَّامٍ تَكاثَرتْ أعْدَادُ الثَّعْابينِ في جَزِيرةِ الطُّيورِ.. وَصارتْ تُهْاجِمُ أعْشَاشَ الطُّيورِ وَتَأكُلُ فِراخَها وَبَيْضَها.. وَتَسْتَولي على أعْشَاشِهَا!

اجْتَمَعَتِ الطُّيورُ لِمُنَاقَشَةِ الأمْرِ.. قَالَ أحَدُ الطُّيورِ:- لَقَدْ سَرَقَتِ الأَفاعي فِرَاخِي الصَّغيرَة َ!
وَقَالَ طَائِرٌ آخَرَ: - وَأنَا أيْضا أكَلَتِ الأفاعي فِرَاخِي وإخوتي.. وَدَمَرَتْ عُشْي
بَعْضُ الطُّيورِ الضَّعيفْةِ قَالَ بِخَوفٍ: - جَزِيرَتُنَا لمْ تَعُدْ آمِنَةً.. يَجِبُ أنْ نَبْحَثَ عَنْ جَزِيرَةٍ أُخْرى..
لكنْ مُعْظَمُ الطُّيورِ قَالتْ بِقُوةٍ:- لا..لا.. هَذِهِ جَزِيرَتُنَا وَلَنْ نَتْرَكَها..
فَهِيَ لَنَا وَلأولادِنَا!

وَمُنْذُ ذَلِكَ اليْومِ يا أصْدِقائي بَدَأتْ مَعْرَكةٌ مُسْتَمرَّةٌ بينَ الطُّيورِ التْي تُدَافعُ عَنْ جَزيرَتِها.. والثَّعْابينِ المعْتَدِيةِ.. ماتَ كثيرٌ مِنَ الطُّيورِ في المعْرَكَةِ لكنَّ الطُّيورَ كُلَهَا ما زالتْ مُصَممَةً على الدِّفاعِ عَنْ الجَزِيرةِ وَطَرْدِ الثَّعابينِ مِنَ الجَزِيرةِ الجَميْلةِ.. جَزِيَرةُ الطُّيورِ.