الخميس ١ آب (أغسطس) ٢٠٠٢

حكاية الزوجة الضحية !

لم يكن صعباً أن تعيش "هالة" أحلى عيشة.. ترتدي أجمل الثياب وتتزين بأغلى المجوهرات.. وتمتلك أفخم القصور وملايين الجنيهات .. وتجوب بلاد الدنيا كلها.

لم يكن مستحيلاً أن تصعد الى القمر لو أرادت أو أشارت بطرف إصبعها. ولكنها رفضت كل ذلك.. وفضلت أن تعيش فقيرة في شقة متواضعة بحي شعبي.

هل "هالة" إنسانة غريبة الأطوار؟
قد يقول البعض: "دي مجنونة، إزاي ترفض العز والجاه.. وترضى بالفقر والذل؟"

تعالوا نتعرف على حكايتها منذ البداية وبعدها نجيب عن هذا السؤال.

حكاية "هالة" بدأت قبل 3 سنوات. وقتها كانت في السابعة عشرة من العمر.. بنتاً جميلة، بل أجمل بنات الحي الشعبي الذي تقيم فيه مع والدها الموظف البسيط ووالدتها وشقيقها الذي يصغرها بعامين.

جمالها دفع كل شبان الحي الشعبي للتسابق عليها.. الجميع تقدم لطلب يدها.. ومن بينهم الأسطى "شفيق" السائق ميسور الحال والذي نجح في إقناع والدها بأنه سيرعاها ويجعلها تعيش حياة هانئة.

وتزوجت الفتاة الجميلة من الأسطى "شفيق".

وعاشت معه أسوء عام في حياتها لأن "شفيق" أصابه مرض مقتل . انقلب الرجل فجأة الى وحش كاسر.. ضربها بعد أن اتهمها بأنها جميلة أكثر ما ينبغي.

ولم تتحمل الزوجة الإهانة واتهامات زوجها التي تقفز دون سبب الى عقله المريض.. غضبت وعادت الى بيت والدها.. وتم الطلاق بعد عام واحد من الزواج.. وبكت "هالة" بين أحضان أمها وراحت تلعن جمالها الذي دمر حياتها وتسبب في تعاستها.

ومر عام آخر.

وذات يوم.. كانت "هالة" تزور إحدى قريباتها في حي العمرانية.. وفي شقة قريبتها تعرفت على مدام "سهام" جارة قريبتها واستمعت الجارة لحكاية طلاق "هالة" وتأثرت جداً لمأساتها ثم قالت:

"ولا يهمك .. أنا عندي عريس ليكي!"

وارتبكت المطلقة الشابة، احمر وجهها خجلاً.. فلم تكن تقصد من سرد حكاية زواجها وطلاقها البحث عن عريس آخر.. فقد أزاحت هذه الفكرة عن تفكيرها بعد طلاقها مباشرة.. ولكن مدام "سهام" حاصرتها بسرعة وراحت تؤكد لها أنها لن تجعها تفلت من يديها.. فالعريس هو "محيي" شقيقها الأصغر والذي يبحث عن عروس مناسبة منذ فترة طويلة ولم يجد ابنة الحلال الى الآن.

وانتهت زيارة المطلقة الشابة لقريبتها ، عادت الى بيتها تفكر في عرض الست "سهام"، كان العرض حقاً مغرياً خاصة لشابة مطلقة في نفس ظروفها.

وافقت المطلقة الحسناء بينها وبين نفسها على العرض.. بل وتمنت تحقيقه بسرعة حتى تبدأ الحياة من جديد.. فطلاقها من زوجها السابق بالتأكيد ليس نهاية الدنيا.. ولا بد أن تفكر في المستقبل عسى أن تضحك لها الأيام مرة أخرى.

وبأسرع مما تخيلت.. حضر العريس "محيي" رجل الأعمال الثري بصحبة شقيقته الكبرى الى منزل والدها وطلبا يدها للزواج.. ودوت الزغاريد في أرجاء البيت المتواضع بعد أن تم الاتفاق على كل شيء.

عاشت الزوجة الصغيرة في بيت محيي أجمل 30 يوماً في العسل، تنام وتصحو على سعادة ما بعدها سعادة .. وخرت تسجد لله حمداً وشكراً على نعمته التي ألتي أصبغها عليها.

أسبوع واحد بعد شهر العسل.. قال محيي لزوجته الجميلة:
"وشك حلو عليا.. شغلانة ح تعيشنا ملوك زمنا!

خير إن شاء الله

جالي شغل في بلد عربي .. حضري نفسك للسفر .. ح نعيش هناك سنة واحدة .. ونرجع مرتاحين طول العمر !"

انقبض قلب "هالة" .. كانت تكره السفر والابتعاد عن والديها.. ولكنها وافقت حتى ترضى الإنسان الذي منحها السعادة بعد العذاب الذي عاشته مع زوجها الأول.

أسرعت بتحضير حقائبها واستعدت للسفر بصحبة زوجها الحبيب.

بعد 45 يوماً،

مطار القاهرة الدولي،

المذيع الداخلي يعلن عن وصول طائرة مصر للطيران القادمة من إحدى الدول العربية.. تتوقف الطائرة المصرية.. ينفتح بابها ويبدأ ركابها في النزول وبينهم الزوجة الجميلة التي بدت شاحبة الوجه.. باكية العينين .. ترتدي نفس الفستان الذي سافرت به ولا تحمل معها أي حقيبة.

لم يكن معها سوى جواز سفرها الذي قدمته لأحد الضباط ليؤكد تاريخ وصولها الى مصر.. وقفت والدموع تسيل فوق وجنتيها وقالت للضابط:
"لو سمحت .. مباحث الآداب فين؟"

في مكتب اللواء مدير الإدارة العامة لمباحث مكافحة جرائم الآداب العامة.. جلست "هالة" تحكي ما جرى لها في البلد الذي سافرت إليه بصحبة زوجها .. قالت في حياء:

"سافرت مع شيطان رجيم.. بمجرد وصولي معه الى ذلك البلد فوجئت به يعرضني للبيع.. قدمني بنفسه الى رجل آخر .. صرخت في وجهه.. صفعني على وجهي أمام زبونه.. شتمته حتى استفز رجولته ونخوته انهال علي بالضرب حتى كاد يقتلني.. توسلت إليه أن يرحمني .. ضرب بتوسلاتي عرض الحائط وأصر على أن يبيعني بأبخس ثمن.

تبكي "هالة" وتواصل حكايتها قائلة:

"فكرت في الهرب والعودة الى بلادي ولكن زوجي الشيطان فطن الى ذلك.. احتجز جواز سفري.. قررت اللجوء الى سفارتنا هناك ولكنه حاصرني ورفض مغادرتي الفندق الذي نزلنا فيه إلا بصحبته.. لم يتركني إلا لزبائنه الذين كنت أتوسل إليهم أن يرحموني".

تصمت الزوجة الضحية ثم تستطرد قائلة:

"ذات ليلة .. اعترف لي زوجي بسر زواجه مني .. قال لي بوقاحة أن هذه هي مهنته الأساسية .. وأن شقيقته "سهام" هي الزعيمة التي تصطاد له بنات الناس ليسافر بهن ويقدمهن لمن لمن يرغب مقابل المال الحرام".

انتهى بلاغ الزوجة الشابة.
تحريات اللواء نائب مدير الإدارة العامة لمباحث الآداب أكدت صحة قولها وأضافت أن سهام شقيقة زوجها محيي تتزعم شبكة لممارسة الأعمال المنافية للآداب تضم زوج سهام وابنتها من زوج آخر وثلاثة من أشقائها المذكور بينهم محيي.

وأشارت المعلومات التي جمعها رجال مباحث الآداب أن هذه الشبكة قامت بضم عدد من الفتيات والمطلقات وأن مهمة الرجال الأعضاء في تلك الشبكة هي عقد زواجهم على الفتيات اللاتي تسافرن الى بعض الدول لممارسة الرذيلة.

وبالبحث تبين أن زعيمة الشبكة تحتفظ بـ 11 جواز سفر سارية المفعول كما أن زوجها وأشقاءها الثلاثة يحتفظون بعدة جوازات سفر أيضاً لنفس المهمة.

ومن خلال الاستعانة بإدارة الجوازات تكشف أن هناك فتاة من أعضاء الشبكة سبق لها وأن تزوجت من زوج زعيمة الشبكة وسافرت معه الى إحدى الدول عدة مرات .. ثم تم طلاقها من زوج زعيمة الشبكة وعادت وتزوجت من محيي شقيق زعيمة الشبكة حتى تسافر معه الى الخارج ليقوم بتقديمها لراغبي المتعة المحرمة.

ولم يكن أمام كل هذه المعلومات سوى أن يتحرك رجال مباحث الآداب لوضع كلمة النهاية لهذه الشبكة التي تسيء لبنات مصر .. وتم استئذان النيابة.. وجاءت النهاية سريعاً.

برج سكني بحي العمرانية.

شقة مدام "سهام"

الساعة الواحدة بعد منتصف ليل يوم الأربعاء الماضي.

الضحكات تملأ أرجاء الشقة الفاخرة "سهام" وابنتها – من زوج آخر – وزوج زعيمة الشبكة ورجلان من راغبي المتعة يرقصون ويغنون في أوضاع مخلة مع الزعيمة وابنتها.

طرقات على باب الشقة.

يتسمر الجميع في أماكنهم بعد اقتحام قوة من مباحث الآداب للمكان ويأتون القبض على الجميع.

مجموعات أخرى من رجال مباحث مكافحة جرائم الآداب في أماكن متفرقة يلقون القبض على باقي أعضاء الشبكة .. الجميع يحالون الى النيابة للتحقيق معهم..

ويقرر وكيل نيابة العمرانية حبس المتهمين على ذمة القضية.

في سراي النيابة.. تعود "هالة" للظهور من جديد كشاهدة في القضية.. تدلي بأقوالها .. وقبل أن تغادر المكان تسمع زعيمة الشبكة تصرخ في وجهها قائلة:

"يا مغفلة.. يا وش الفقر"!

تخرج الزوجة الضحية الى الشارع والفرحة تملأ قلبها.. تشير الى سيارة أجرة .. تستقلها وتعود الى والديها الفقيرين .. لتعيش معهما في الشقة الصغيرة المتواضعة بالحي الشعبي..
وربما كانت الجنيهات القليلة التي ستمنحها لسائق السيارة الأجرة .. هي آخر ما تبقى معها من مال!

عن "أخبار اليوم"المصرية


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى