السبت ٢٣ آذار (مارس) ٢٠١٩
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

حنان فتحي.. مبدعة تستحق الإجلال والتقدير

الجمال لاينفصل عن منبته لأن الأرض الطيبة لاتثمر إلا الثمار الطيبة وهكذا النفس البشرية فعندما ترضع في سني الطفولة والنشأة الأخلاق الحميدة والقيم والمبادىء الأصيلة تكون لبنة في بناء المجتمع الصالح والعطاء المتميز الذي يبني ولايهدم وماخرج عن هذا النسق فمصيره مثل فقاعات الهواء والأكلات المعلبة.

في عالم الأدب والثقافة بصفة خاصة والحياة بصفة عامة نجد الخير والشر،الليل والنهار،الشمس والقمر،الصالح والطالح... ألخ... وفي مجال الإبداع سيدة تستحق الخير،تعمل في صمت، تفرح لفرح كل نجاح،إنها الكاتبة الشاملة حنان فتحي،تكتب القصة القصيرة والشعر والمقال الصحفي والسيناريو والدراما بالإضافة إلى كتاباتها الدينية والكتابات الموجه إلى الأطفال.

المبدعة الشاملة حنان فتحي لم تهمل دورها كزوجة وأم ولم تلتفت إلى المظاهر البراقة والطرق الملتوية أو التسلق وبث الوقيعة بين الناس والغيرة المرضية،ومن ثم حفرت على جدارات العطاء نقوش قلمها وسجلت سجلات الشرف والكرامة صفحات العزة والفخر كل عطاءات وكتابات المبدعة حنان فتحي بالإجلال والتقدير.

عندما تتعامل مع المبدعة حنان فتحي لاتجد سوى صدق الأخوة وحنان الأم والالتزام بالقيم المصرية والعربية الأصيلة والالتزام بمبادىء وتعاليم الدين،ولذا من يختلف معها فأعلم أنه ليس من الأسوياء،ومن لايقدرها يعد من السفهاء،ومن تنقدها في غيابها فهى مريضة ومختلة النفس والعقل،ومايسطره قلمي عن المبدعة حنان فتحي ليس من باب المجاملة أو المدح بل هذا هو الحق والواقع،ومن هنا احترمت كل من كتب عنها بصدق،واحتقرت كل من همش إبداعها أو تجاهلها،وقرفت من كل حاقدة وجهت نحوها سهام الغيرة وكلمات الأقزام.

عندما قرأت ماكتبه المستشار عبد الرحمن هاشم ونشره في موقعه احترمته وأيقنت قدر علمه وفكره فقد قال تحت عنوان (القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق رضي الله عنه ) مايلي: (إنني إذ أسطر عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه،لا أسطر لأعلم عنه الجديد.. عن شخصيته ومروءته..أو عن عبقريته ورقته. ولا أخط كتابي لبيان شأنه ورفعته..ولا لرفعة قدره بذكر عظيم شمائله،ولكني أسطر عن الصديق لأحاول بكلماته ومواقفه بناء نفسي ورفعة قدرها،وليرفع كل قارئ بمدارسة كلماته من قدر نفسه أيضا) بهذه الكلمات قدمت الكاتبة حنان فتحي لكتابها الجديد:(القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق رضي الله عنه) مشيرة إلى أنها حينما قلبت أوراق المراجع وتصفحت أمهات كتب سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوقفت عند خلقه ومواقفه وحبه لأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين لم تجد حباً ووصلاً ورباطاً أجمل ولا أقوى ولا أسمى من وصله صلى الله عليه وسلم مع صاحبه الأول وصاحبه بالغار أبو بكر الصديق!والكاتبة وهي تفتش في حياة الصديق وتقرأ ما بين السطور وتتوقف عند وصفه وسمته وفكره وأقواله تدعونا إلى إيقاظ النائمات في أعماق نفوسنا وإلى التمسك بنهجه والتزام غرزه رضي الله عنه كي ننجح في الحياة كما نجح وكي يرضى الله عنها كما رضي عنه وأرضاه،وتحت عنوان (ساعة الفطنة) تلفت الكاتبة حنان فتحي إلى يوم بدر وتحديداً وادي بدر والجيش المكي يواصل سيرة وينزل قريبا وراء كثيب بالعدوة القصوى، وقد أصبح الجيش الإسلامي في ضيق وحرج بعد أن جاءت الاستخبارات عن العير والنفير وتأكد لدى النبي الحبيب أنه لابد من اللقاء الدامي ومن الإقدام بشجاعة وجسارة..هنا يتذكر أبو بكر انعقاد أول مجلس عسكري استشاري أعلى برئاسة رسول الله وهو يوضح التطورات المفاجئة وخطورة الوضع الراهن،ثم يتبادل الرأي مع عامة جيشه وقادته ليرتاح إلى قبولهم واستعدادهم للقتال،وخاصة الأنصار الذين أخذوا مواثيقهم لنصرة النبي فقط داخل المدينة المنورة،إنه مجتمع جديد،أساسه الشورى،ودعائمه احترام الجماعة،وتقدير الرغبات والملكات لكل نفس زكاها رسول الله بنور الكتاب والحكمة،ويتنهد الآن أبو بكر...وهو يتذكر نزول الآيتين الكريمتين (كمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (6)..سورة الأنفال..،ويعقد في وجدانه مقارنة بين قلوب الأنصار شديدة الإيمان وقلوب من بقى من أهل مكة على الشرك والكراهية!يتذكر أبو بكر ما قاله ساعتها من كلمات ودعا له رسول الله وما قاله أخيه عمر بن الخطاب ثم المقداد بن عمرو من تأييد للمضي لما يريده الله ورسول صلى الله عليه وسلم وما كان من دعاء الرسول لهم.. ثم يسمع أبو بكر بعد كل هذه الردود من قادة المهاجرين،يسمع للمرة الثالثة من رسول الله (أشيروا عليّ أيها الناس) ويتذكر ساعة الفطنة....حين فطن إلى مراد رسول الله قائد الأنصار وحامل لوائهم الذي اهتز عرش الرحمن لموته (سعد بن معاذ) قائلاً:(والله،لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟ ورسول الله يرد:(أجل " وتمر أمام ذاكرة أبي بكر ـ وهو يبتسم ـ تلك الكلمات التي تكتب بمداد الذهب والتي سر بها وجدانه أيّما سرور كما سر بها رسول الله ونشط بها وقال:(سيروا وابشروا فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين،والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم (يردد الآن أبو بكر الآية على مسامعه تارة،وتارة يعيد بعضا من كلمات أخيه سعد بن معاذ:(يا رسول الله أمنا بك،صدقناك،شهدنا أن ما جئت به هو الحق،وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض يا رسول الله لما أردت،لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقا عليها ألا تنصرك إلا في ديارهم وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم. فاظعن حيث شئت، وصل حبل من شئت،واقطع حبل من شئت،فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد (وما زال أبو بكر يردد الآيتين الكريمتين من سورة الأنفال،ويستحضر صورة الأنصار جميعهم،ويستكمل كلمات أخيه سعد بن معاذ...حين تكلم عن العطاء والأخذ قائلاً:(يا رسول الله....خذ من أموالنا ما شئت وأعطنا ما شئت،وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمر فأمرنا تبعاً لأمرك، إنا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء،ولعل الله يريك منا ما تقر به نفسك"ألا ما أروعك يا سعد..ألا ما أروعك يا صديق..ألا ما أروعكم يا أصحاب محمد... عليكم صلاة الله وسلامه.

أيضا في المجموعة القصصية (تحولات في كيميا البشر) للمبدعة حنان فتحي قال الكاتب والناقد عبد الفتاح الجمل تحت عنوان (حنان فتحي..بين واقعها الخارجي والداخلى) مايلي:(الراوي فى هذه المجموعة القصصية:(كيميا البشر)،عليم بذات منشطرة،وهو ما يميز هذه الكتابة، ويجعلها تأخذنا على أجنحتها،إلى الخارجي والداخلى..فى تناولها الخارجي تعبر الكاتبة عن العقل وفيما يصدره من أحكام على جميع الشخوص،ومن كانت تلتقى بهم فى حياتها،فى تناولها الداخلى تعبر عن أفراح القلب ونقاء السريرة؛فى نثر بعيد عن الزخارف وبرقشة اللغة،وليس فى الخارجي،والداخلى صوراً متخيلة،بل ويقف إلى جوار هذه العناصر التجربة الشخصية،وهي ساردة لمعاناتها بضمير المتكلم،مؤملة أن تكشف الغطاء عن ما تنطوي عليه مشاعر النفس البشرية،إن الكاتبة هنا لا تعيد إنتاج الواقع على ضوء الواقع الزماني أو الواقع المكاني،بل أنها تستشرف رؤي وآمال،وطموحات الإنسان الذى ينشد الرفعة والكمال).

هذه المجموعة القصصية التي أهدتها المبدعة حنان فتحي إلى نبضات قلبها حيث قالت في الإهداء:(لى من الأحبة...ثلاثة...هم عدتى وعتادى..يبادلوننى المحبة...ويغضون الطرف عن عثراتى..هند...ونديم....و...وليد...زهرات عمرى وحياتى..ينادوننى:ماما... فيرقص قلبى من الخفقاتِ...فى قربهم،شوقى لهم...وأدعوا لهم فى كل صلاتى فيارب احفظهم لى... زادى ونصرتى وفرحتى بالآتى....أهدى لهم قصصى وكتبى...ومالى من الأغنياتِ ).

ثم ننتقل إلى عالم إبداع مبدعتنا وأختنا الكريمة حنان فتحي ففي القصة القصيرة التي كتبتها تحت عنوان (نزق) قالت:انتعشت تلك البقعة الترابية ابتهلت بقدوم الساقي لها رقصت..تفتحت مسامها لاستقبال الماء.

ارتفعت عيدان القطن. أطمأنت مجموعة عيدان القطن إلى موضعها. تشابكت أجزاؤها القطنية فى عناق دائم، حتى حين اسقط (المنجد) عليها آلته الضاربة..وتطايرت منها الهوام كانت لم تزل فى عناق.

فرحت أجزاء ماكينة الغزل، عندما خرجت منها الهوام لتستخلص القطن والقماش، وفرح القماش حين استحال إلى ملاءة بيضاء جميلة منقوشة بالخيوط الحريرية الملونة.
تألقت بقايا القطن حين استحالت إلى وسادة وعانقت فى ألتو ثوبها المنقوش بالخيوط الحريرية الملونة.

لم تفرح الوسادة حين لسعتها الحرارة المنبعثة من رأس آدم الذي لم يأنس لتألفها وانسجامها وزركشة ثيابها.

بكت الوسادة (!!)

نزفت قطنا وحريراً، حين جري مقص آدم الحامي فى جسدها،وقلبها،وسمعها،وبصرها (!!)
من منتصفها، تجزأت الوسادة إلى نصفين،كل فى ضمير.

أما في مجال الشعر فقد كتبت المبدعة حنان فتحي بمداد نبضات قلبها قبل قلمها فبعد ثورة 25 يناير التي انطلقت من ميدان التحرير والسويس وكل ميادين ومحافظات مصر عام 2011 ضد الظلم والمحسوبية كتبت مطالبة مرشح الرئاسة بالقيادة الحكيمة والعمل لأجل مصر وشعبها مع القضاء على السلبيات حيث قالت:

قودها بشهامة...وبابتسامة
ولا استمالة...دا ميزان عدالة
ومعاك ها نوصل...بر السلامة
مارى وخديجة وأحمد ومينا..يا أخ لينا

أول خطانا...أمن وأمان
ومعاها نسمه... لفرح الزمان
نهضتنا شاملة... للشعب كله
فدانى يطرح... ورده وفُله
وادى الجديد... وجنوب صعيد
والبحر الاحمر وقنا وسينا... يا أخ لينا

رشرش قلوبنا... بود السعات
نهضتنا واصله... للبوليمرات
من بحث علمى... وتدريبات
وموازنه عامه... ومشروعات
ننهض وننسى... كل اللى فات
ونطوى كده صفحات هزيمة... يا أخ لينا.

ننتقل إلى قصيدة أخرى للمبدعة حنان فتحي عنوانها (أنـا مـصـرى) وفيها نجد اعتزاز بمصريتها وثورتها وقد وفقت في قولها (أنا) حيث توافقت مع القواعد النحوية في تغليب التذكير على التأنيث في حالة وجود اللفظ المذكر برغم قلته عن المؤنث ولكن المبدعة حنان فتحي سعت من عنوان القصيدة إلى جعل الخطاب إلى كل المصريين والعالم أجمع ومن قصيدتها نذكر:

أنا مسلم مصرى بوجدانى
أنا سلفى قبطى،إخوانى
وأنا ثورى باطهر أوطانى
من كل مظالم أو طغيان
أنا إيد بتحطم معنى نظام
فاسد، قاتل للأحلام
أنا نورى قادم للأيام
وبمرجعية للإسلام
هو الجوهر والعنوان
أنا قلب نضال عالى الأوصاف
أنا بر أمان كل الأطياف
وف بحر الثورة معايا مجداف
ساعى لتحقيق الأهداف
حلمك أملك يا إنسان
ويا مصرى نادى بتمكينك
ولا تفصل وطنك عن دينك
ولا توثق يوم فى العلمانى
ولا فى الإسلام الامريكانى
يكون له فى قلبك أى مكان
أنا مصرى.

هذا والكاتبة الأديبة الشاملة حنان فتحى حاصلة على بكالوريوس الهندسة المدنية عام 1981 وليسانس الآداب (لغة عربية)ودراسات عليا فى اللغة العربية عام 1990 ودورات فى علوم الشريعة والكمبيوتر ونُشرت أعمالها فى مختلف المجلات والجرائد العربية كما كتبت بشكل دورى عامود (إيقاعات) وأيضا (تجليات) وحصلت على الكثير من الجوائز والتقديرات والتكريمات وعضو اتحاد كتاب مصر ورابطة الأدب الإسلامى العالمية وشاركت.. ومازالت.. فى الأمسيات والندوات والمؤتمرات الأدبية كما قدمت المبدعة حنان فتحي إلى المكتبة العربية مجموعة من مؤلفاتها القيمة منها: الشوق فى المنازل (قصص قصيرة 1990)غنيوات من قلب البنات (شعر 1993) الدخول إلى الله (2003) روضة النعيم فى معرفة الرحمن الرحيم،صدقة وصدق مع الله (2004) الحنين إلى قناديل المساجد (2005 ) يناير قلبى "مجموعة قصصية (2011) ومن أعمالها الدرامية: برنامج القارىء الصغير،عالم الأسرة،الألعاب الشعبية العمانية،الحروف الهجائية،فوازير رمضان،سيناريو وحوار دنيا الأطفال.

في الختام نؤكد أن المبدعة حنان فتحي مبدعة تستحق الإجلال والتقدير.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى