الأربعاء ١٢ حزيران (يونيو) ٢٠٢٤
في حوار مع الدكتور صلاح السروي:

الناقد دوره مهم في الإبداع وعليه ألا يتحول إلى معلم ومُقوّم

أسماء علي

مسابقة ديوان العرب محرك قوي للمشهد الإبداعي

الشعر لم ينته زمنه واحتاج للتطور مع انحسار مساحات الخيال

الشاعر الحقيقي مثقف واسع الاطلاع على مختلف العلوم والتطورات

الناقد دوره مهم في الإبداع وعليه ألا يتحول إلى معلم ومُقوّم

صاحب رؤى نقدية سديدة، له العديد من الأعمال الرائدة في نظرية الأدب المقارن، الدكتور والمفكر الكبير صلاح السروي، أحد أعضاء لجنة التحكيم فرع قصيدة التفعيلة بمسابقة ديوان العرب الأدبية العاشرة. حصل على درجة الدكتوراه في الأدب العربي الحديث من "أكاديمية العلوم المجرية" من بودابست سنة 1990، وقد أثمرت جهوده عن حسم فوز ١٣ متسابقا في فروع الشعر بالمسابقة المرموقة.

عبر السروي صراحة عن اندهاشه من وفرة القصائد الشعرية التي ترد على من يرى بأننا في زمن الرواية. كما يكشف خلال حوارنا معه عن أبرز معايير اختيار الأعمال الفائزة بمسابقة ديوان العرب، موجها نصيحة ثمينة للمبدعين والشعراء العرب في الوقت الحالي.

هل يمكن أن تحدثنا عن انطباعك بخصوص المشاركة كعضو لجنة تحكيم في مسابقة ديوان العرب؟

أشارك كعضو لجنة تحكيم منذ العام 2005 في مسابقات ديوان العرب. هذه المسابقة تتواصل بنجاح متجدد دورة بعد أخرى. وأرى أن هناك مشكلات تواجهها لجنة التحكيم في مثل تلك المسابقات القيمة، حيث كثرة النصوص، الاطلاع عليها جميعا، والمفاضلة بينها من أجل منح الجائزة أمر ليس هينا، وأراها مهمة شاقة ومسئولية كبيرة تفرضها المسابقة.
ويجب إخلاص الجهد والعمل دائما بما لا يمثل عبئا على ضمير الإنسان. وقد تم تقسيم الشعر إلى 3 فئات (العمودي والتفعيلة والنثر). ولفت انتباهي أن الأنواع الثلاثة رغم التفاوت إلا أنها توافرت بقدر كبير للغاية فيما بينها، حيث حالة من الألفة على هذا النحو بين المبدعين المتقدمين رغم الفوارق الهائلة على الأقل بين أنواع الشعر سالفة الذكر، وتزامن الأنواع الشعرية يستحق الدراسة الجادة.

ما هي المعايير الأساسية التي اعتمدتم عليها في تقييم القصائد لاختيار الفائزين؟

هناك مجموعة من أبرز المعايير التي يتم الاستناد إليها في هذا الشأن، منها مراعاة جوانب التشكيل الفني الشعري في القصائد الواردة، وهو مايصب أيضا في خانة المعيار الجمالي، والتحكيم هو عمل مجهد من حيث المعايير للتفرقة الفنية بين كافة التفاصيل المتعلقة بتلك القصائد.

برأيكم ما هي القيمة المضافة التي تقدمها مثل هذه المسابقات العربية للشعراء العرب، خاصة الشباب منهم؟

دوما الجوائز والمهرجانات والمؤتمرات المماثلة تعد عوامل قوية للتنشيط والتحريك للحياة الفنية والإبداعية، فعندما يفوز شاعر بجائزة، فذلك يحفز الآخرين. تلك المسابقة لاتتم فقط من اجل تكريم الفائزين، ولكن تحرك الحياة الأدبية بصفة عامة، فهناك تكريم لبعض رموز الحياة الأدبية المصرية والعربية.

وهذه الدورة باسم الشاعر الراحل محمود قُرَني، بما يعكس نوعا من الاحتفاء والاهتمام والتأبين لروحه التي صعدت إلى بارئها، فهناك إحياء للذاكرة، واحتفاء وتكريم وتحفيز وإطلاق لطاقة كبيرة في الحياة الثقافية. وجائزة المسابقة هي في كل دورة تتعلق بنوع أدبي معين، فسابقا كانت للقصة القصيرة، وقبلها للرواية، وأدب الأطفال، وبالتالي أعتبر ذلك كله قيمة مضافة.

من وجهة نظرك ماهو وضع الشعر في الوقت الحالي بالنسبة للرواية؟

فوجئنا بوفرة هائلة في كم القصائد بما جعلني أعيد النظر فيما تم إشاعته حول أننا في زمن الرواية، ولكن تفاجئنا الحياة الأدبية بظواهر لم تكن محسومة من حيث البحث العلمي في فهمها. وأرى أنه لاشك أن عالم ما قبل الحداثة كان عالم شعري بامتياز، فما تحصل للبشر من وعي علمي ومعرفي كان قليلا للحد الذي كان يحتاج تعويضه بالخيال، ولكن مع ظهور الصناعة الآلية الميكانيكية، أصبحت الآلة وما صاحبها من تطور علمي مذهل سببا لقلة الاعتماد على الخيال، ولكن ذلك لايعني أن الشعر انتهى زمنه. الرواية الآن اكتسبت زخما جديدا فكان لابد للشعر العمودي أو شعر البيت أن يتيح المساحة لظهور شعر التفعيلة الذي يقوم على سبر الأغوار، فهو أقرب للفلسفة منه إلى "نظم الشعر".

ومع انهيار الكثير من المسلمات التي سيطرت على الساحة الثقافية مع المد التكنولوجي الرهيب، مع انهيار السرديات الكبرى، بات للشعر أن يغير من أدواته وأن يتوائم مع الظرف الاجتماعي التاريخي الذي يحياه البشر حاليا.

هل من نصائح تقدمها للشعراء العرب الشباب للمشاركة في المسابقات الأدبية وتطوير مهاراتهم الشعرية؟

أقول أن الشاعر الكبير عليه أن يكون مثقفا كبيرا، والشعر ليس مجرد قدرة على تركيب الكلمات والعبارات، حيث الاستناد إلى معرفة حقيقية من حيث الإحاطة والشمول لعلوم الفلسفة والفكر والتاريخ والأدب والاجتماع، بما يجعله يقدم رؤية خاصة به للعالم.

انتهى عصر المهارة. فقديما كانت العبرة بجودة الصياغة، ولكن الآن المعاني ليست مطروحة على جانبي الطريق، وباتت تحتاج إلى بحث وكشف وتدقيق. وبالتالي الشاعر الكبير هو صاحب الرؤية الأعمق.

هل ترى أن التكنولوجيا أثرت على عمق رؤية الجيل الحالي؟

لاشك في ذلك، قبل التليفزيون والسينما كان الكتاب هو الوسيلة المعرفية الوحيدة، فما بالنا بالأدوات التكنولوجية اليوم. ولكن دوما ما أقول أن التكنولوجيا لها أوجه تقدم فيها كتب إلكترونية وبدائل معرفية يجب أن نحسن استغلالها.

هل لاحظت من خلال قراءتكم للقصائد المشاركة أي اتجاهات جديدة أو تطورات مميزة في كتابة الشعر؟

ربما يكون ذلك موجودا أكثر في قصيدة النثر باعتبارها النوع الأحدث، ولكن في الأنواع الأقدم ليس منتظرا من أحد أن يكسر النظم التي كانت سائدة.

كيف ترى مستقبل النقد الأدبي ومدى ما يتمتع به من أهمية لإثراء الإبداع؟

النقد الأدبي يمكن أن نسميه "لزوم ما يلزم"، فالأدب يحتاج دوما إلى وجود الناقد الذي يعد أداة التقييم والفرز. وأحيانا يكون أداة تقويم وإن كنت لا أميل لهذا الأخير، فليس مطلوبا منه أن يكون معلم. والناقد يضع المبدع أمام نفسه، كما لو أنه مرآة تبرز له ماكتب وما قال، ليس بهدف التقويم ولكن بهدف أن يدرك المبدع ما قام به من إبداع فيستطيع أن يقوم هو بتقييم نفسه.

أسماء علي

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى