

الغفّاريّ يعودُ مشافينا المستباحة
رأيتهُ في باب الوادي
يبحث عن معالم الشهداء
وينادي: يا أطراف الأطفال
تواصلوا مع النصر
وشواهد البقاء
تتسرّبُ حقائب الأبجديّة
مِنَ الأنفاقِ مع تركيباتها
تحاصرها عقاربُ العصرِ الملوّنةُ
فتهتزّ مكوّناتُ التراخي
وتنفصل الجذور حبّ الترابِ
تنتشرُ سمومُ الفناءِ
تحفظُ مواردَ الفانياتِ
وتنبش سطح القمر
عقاربها ملوّنة
بلونِ البحارِ ولونِ السماءِ
وتبقى دموعُ الشتاء بدون مطرْ
لنا رائحة الطابون
ورماد الأغنيات الحزينة
ولنا غبار السيوف الدائمة
لنا المعلّقات فوق الجحيم
لنا العيون النازفة
ولوحاتها الراجفة
لنا مسارات الأفراح الواهمة
لنا أتراحنا الوطنيّة العارية
لنا بوّابات المدن الغافلة
وأنعالها الجائرة
لنا القدس
في طريقنا إلى الناصرة
وأنا ما تبقّى من أطراف غزّة
لتطير فوق قاذفاتهم
وتغنّي للصبر والمطر
من باب خيمتنا، مرّت خيول
أصابها داء الكفر، الجوع
فعادت إلى مرابعها
وغادرت بدون أسرجة القلق
قد تنتحر خوفاً من سلاطين العرب
تركب الرمل كأنّك
صحرا القمر
ترثينا مجاعاتُ الأهلِ
تكمنُ لنا وراءَ الأحقاد
وتأخذنا
إلى مرابعِ المخيّمِ
كي لا نجوع
فجوع المخيّم لا يلوبُ
أنكرتنا الوثائقُ
وملامحُ اليتامى والشروق
أنكرنا العبورُ
ذوّبنا الشموخُ
وعكّرتها قهوة الفضول
لأنّنا لا نشربها
إلّا وقت القنوت
خرائبنا عامرة بنساء القصور
والخليفة ما زال يجبي الجزية
من قدس الأقداس
أهدابُ رحيلنا
كرحيل الشمس من قمم الجليل
ينامُ المستحيل
فوق النخيلِ
تعودُ النسورُ من أوكارها
إلى ممرّاتِ الخليل
بدونِ دليل
نلملم الموتَ
من أزقّةِ الرحيلِ
ومنْ يأخذُ صقيع المخيّم
إلى معطفِ الموتِ البعيدِ
هل سيأتي زمانُ
نبحثُ فيه عن مدافن الاطرافِ
ونغنّي أغنياتٍ للسلامْ
ليصمت الكلام
وهل سنبحثُ
عن حدود هاجرت قبل الوصول
ولا نتواصل مع بعضنا باللغات
أهلاً وسهلاً باليباب
أهلا وسهلاً بالضباب
بالمجاعة وحنينها
أهلاً بمحاكم العزيز وعشيقته
وبالحاكم العسكريّ وجوقتهِ
أهلاً بالنساء القابضات
علي الميكرفونات
وبالرجال القابضين
على الأوهام
أهلاً وسهلاً
بالعاهرين والعاهرات
أهلاً وسهلاً
بفساتين الدولارات
وارتكاب الموبقات
وأهلاً وسهلاً بنقيق الضفادع
بالمياه السافرات
مِنْ غيومِ الانفعال
والعائدات مع رهام الكفّارات
من سماء الواردات
ينتصبُ الموتُ
على جوازِ المدنِ
ويسقطُ التين والزيتون
تحت بساطيرِ الحواجزِ القروية
تفتحُ أبوابَ المخيّم
ويعود بحر يافا، إلى رام الله
تتشابكُ صفّاراتُ الاحتلالِ
مع حرماتِ البحرِ
ويضربُ موسى البحر، فينفتح
وتحتفي حيتانه في أوكارها
يعود البحر إلى الانغلاق
وله فيها مأرب أخرى
تجمّعت الحواجز، في سيناء
وتكوّمت الرمالُ
في معابر القتال
وعاد القتالُ إلى القتالِ
الذلُّ في عتمةِ الوقبِ
كخلخالِ غانية عذّبها الحسد
وهروبك أهلكها اعوجاجُ الغضب
وعذّبها الأزل
ولعلّ الندى من الأغصانِ
استرخى فوق حبّات التراب
وشدّةُ العطشْ
رغم سقوطِ المطرْ
واكتئابِ القمرْ
فوق لهبِ الخشبْ
ما أصعبَ انتظارَ الشبعْ
لا يرقصُ المخيّم بعرسِ الوطنْ
وأزقّتهُ الدامية إلّا في الفرح
يعودُ أبو ذرٍّ من باب الوادي
ليعودَ مشافينا المهدّمة
وينادي: يا طوابين الحياة
اتّحدوا، فأرغفته
البيوت محروقة
ممزّقة من الجوع
عادَ أبو ذرّ
عادَ ليعودَ مشافينا المستباحة
ويغنّي
يا أطراف الأطفال
تواصلوا بالنصر وبالبصر
فلكم دنيا البقاء
ولكم شواهد النقاء
الناصرة كانون الثاني 2025