السبت ٣١ أيار (مايو) ٢٠٠٨
بقلم بسام الطعان

حوار مع المبدعة أسرار الجراح

شاعرة وروائية وفنانة تشكيلية كويتية، مبدعة بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، تكتب باللغتين العربية والانكليزية، لها العديد من اللوحات التشكيلية (ريشة وكومبيوتر) وتكتب أيضا الشعر الغنائي ولها العديد من القصائد المغناة بأصوات المطربين والمطربات العرب، تحمل شهادة ماجستير طبي ، وتعمل طبيبة في الطب الرياضي.

صدر لها:

1ـ فارسة الكلمات، ديوان شعري 2005

2ـ إعصار قلب. ديوان شعري 2008

3ـ رفيف الطبول. ديوان شعري 2008

4ـ وكر الثعبان. رواية 2008

5ـ حروفي وكلماتي. ديوان مسموع إنتاج 2008

تقديرا لإبداعاتها الجميلة أحببنا أن يتعرف عليها القارئ العربي من المحيط إلى الخليج عبر الحوار:

ـ بداية نود أن نسألك ، ما الذي قادك إلى عالم الشعر، لماذا أبحرت في محيطه، لمن تكتبين؟

*كانت بداياتي للشعر في طفولتي وبدأت تحديداً بعد قراءتي لبعض الكتب الأدبية وأبرزها على الإطلاق كان كتاب (جواهر الأدب) مما جعلني محبة للغتنا الأم وبحورها العميقة الجذابة , وبما أني كنت أحب الرسم من سن السابعة فقد كنت أعيش روح الفن ووجدت أن الكتابة مرادفة وملازمة للوحاتي الفنية التي ترسمها ريشتي فبدأت تتجسد معي على الأسطر بكلمات لها نفس الشفافية , وكتبت لكل من أحببتهم من أهل أو زوج , وأصدقاء , وأخص بكتاباتي المرأة ومعاناتها مع الرجل في كل الحالات سواء حب أو عتاب أو رجاء ومديح , هذا لا يعني بأن الرجل ليس له نصيب في كتاباتي , أيضا هو له من المعاناة كما للمرأة على حد سواء.

ـ هل حققت تجربتك الشعرية الغنية ما كنت تطمحين إليه، وهل أخذت حقها من الاهتمام والتقييم؟

*نعم , فمنذ بدأت التفكير في الظهور إلى الساحة الأدبية في ديواني الأول (فارسة الكلمات) وهو باللغة العربية الفصحى والذي تصاحب ظهوره مع طرح ألبومي الغنائي الأول (جرح الإحساس) الذي يحتوي على ثمانية قصائد بالشعر الخليجي تغنى بها فنانون وفنانات من دول عربية مختلفة , حتى أحسست بالندم على الوقت الذي مر دون أن أتقدم بهذه الخطوة التي جعلتني محل حفاوة وتقدير سواء من الزملاء في نفس المجال أو المتلقين لأعمالي الذين أثنوا على تواجدي , والحمد لله أخذت حقها من النقاد بانتقادات بناءة زادتني إصرار على المضي قدما رغم غياب الحركة النقدية التي تواكب الأعمال الإبداعية الجديدة , وقد بدا ذلك جليا عند إصدار ديواني الثاني (إعصار قلب) والذي عرض في أكثر من معرض للكتاب في دول عربية مختلفة مبتدئاً بمصر , وقد تم عرضه أيضا في المهرجان العربي الروائي لهذا العام والذي أقيم في دار الأبرا برعاية المجلس الأعلى للثقافة وكان حضوره جميلا.

ـ ما هي الرسالة التي تودين تحقيقها عبر تجربتك الشعرية من حيث المضمون والأسلوب الفني؟

* نعم هناك رسالة وهدف من وراء استمراريتي وهي أن أكون أكثر نضجا وثباتا ثقافيا من خلال الشعر والرواية وتقديمه بصورته الصحيحة , ومن خلال فني التشكيلي وأن تصل هذه الأحاسيس بكل ماتحملة من أفراح وأحزان مدعمة بالاتزان الأدبي وتحقيق الشروط الفنية بألوانها على حد سواء إلى الجمهور العربي الذكي والذي يحترم هذه الإبداعات.

ـ هل القصيدة العربية في الوقت الراهن تعيش حالة من الفوضى تجردها من أصالتها المعهودة، أم هي في أفضل حالاتها؟

*ليس في الثقافة والأدب فوضى , لكن يوجد تطور وإبداع أكثر , خالي من القيود الشكلية للشعر العمودي وأشعار التفعيلة مما يتيح الفرصة لأكثر من فنان وأديب للعطاء أكثر وفتح المجال لمن يجد في نفسه القدرة على دخول عالم الشعر العصري , هذا لا يجرد الشعر من أصالته ولكنه امتداد له عبر الحداثة , وهناك الكثير من الشعراء لا زالوا يلتزمون بالشعر المعهود حتى وإن تطاولوا للنثر الحديث , وقد أعد واحدة منهم , ولكل عصر جمالة وإبداعه بداية من العصر الجاهلي حتى عصرنا هذا.

ـ كيف تنظرين إلى واقع القصيدة في الكويت ، وكيف تصفين علاقة الجمهور الكويتي بالشعر

* القصيدة في الكويت تعيش واقعا ثقافيا لا يستهان به بل له جمالية خاصة يلمسها كل العالم العربي , وأجد الجمهور الكويتي متذوقا وناقدا ذكياً للشعر بكل لهجاته ويجيد تقييم الشاعر دون مجاملات أو تحيز.

ـ بعض الشعراء ولنقل الجدد منهم، يظنون أن الحرية لعباً ولغواً، وأن الحداثة ضرب من الهذيان، فيأتون بكتابات "شعرية" لا مبالية بقواعد الكتابة وموضوعيتها ومستواها بحجة الحرية والحداثة والتطور، أليس هذا يعتبر إهانة للشعر أو يسيء إليه، ومتى كان التطور يؤدي إلى الوراء؟

* إن كان ماتقولة صحيحا فهو حتما مسيء ولكني لا أرى ما تذكرة إلا في أضيق الحدود , وسبق وقلت أن المتلقي الذكي لا يستطيع المتطفلون التأثير علية وبالتالي لا تأثير للاجتهادات الفردية على عالم الشعر العريق والملتزم.

ـ هل حققت المرأة العربية المبدعة كل ما تريد، أم ما زال ينقصها الكثير ، وماذا تقولين للذين يدعون إلى تحجيم دور المرأة في المجتمع؟

* نعم أنا أجد المرأة وصلت لذروة الاتزان في إبداعاتها على الصعيد الثقافي والفني معا , برغم ما تجده من محاولا متسابقة للحد منه , وللأسف نحن لا نرى هذا التحجيم إلا في بعض الدول العربية القليلة ولكني أتمنى أن لا يعوق هذا مسيرتها لأني وكما أرى فإصرار المرأة على إثبات وجودها لا حدود له.

ـ كتابة الشعر في هذا الزمن العربي المليء بالضعف هل تفيد في شيء، وهل الشعر ما يزال يعكس حال المجتمعات والناس، أم تخلى عن هذه المهمة وأصبح ذاتيا؟

* لا أحبذ كلمة الضعف في الشعر العربي بل على العكس هو في مرحلة انتقالية جديدة وجميلة وله شفافية موسيقية جذابة , وكما قلت مسبقا لكل عصر جماله الأدبي , أما بالنسبة للحالة الشعرية فهي بالضرورة تتناول كل الجوانب الإجتماعيه وتطورات البيئة التي لا تقف عند حدود البدائيات فزمننا الحاضر والوقع المدني الجديد كفيل بان يؤثر ولو بشكل بسيط على تنوع هذه الحالة , والشاعر الذي لا يصف مشاعره الذاتية والظروف المحيطة به فهو ليس شاعرا لأن ما يحرك الشاعر هي مشاعره وإحساسه بما يدور حوله ومدى تأثره بها.

ـ كيف تنظرين إلى الشعر العامي في الخليج، هل يفسد اللغة الشعرية، هل يسيء إلى القصيدة العربية، أم يزيدها جمالا؟

* القصيدة العربية محتفظة دوما برقيها وقيودها النصية وزاهية بمفرداتها الجميلة التي نقاها لنا القران الكريم , فليس هناك أي موجة تستطيع كسر هذه القاعدة , أما بالنسبة للشعر باللهجة العامية سواء كان في الخليج أوفي أي دولة عربية أخرى فله جماله الخاص وقيوده الخاصة , والخليجي بالذات هو امتداد للشعر في الجزيرة العربية التي بدأت بالأحكام النبطية وله بحوره الخاصة وقواعده سواء أكانت متأصلة أو مبتكرة وعلى سبيل المثال (بحر الحدوة , والسامرية , والزهيرية) فبالتالي نجد بأن الشعر الخليجي له أصالة وتفرع وتطور حتى يصل إلى المتلقي بصورة سلسة بعيدة عن التعقيد.

ـ كثيراً ما نرى الإعلام الرسمي العربي ، أو الخاص ، يعمد إلى إبراز عناوين وأسماء هزيلة وسط هالة من الإعجاب والإطراء، ويسلط الضوء كله على هذا النتاج أو ذاك، فيكتب حروف القصيدة مثلا بأكبر الإحجام، تصاحبها الرسوم الملفقة ، ألا يدعو هذا إلى الإغماء من الشدة الصدمة؟ ألم يكن جبران صادقا حين قال:" ليتني كنت قصبة مرفوضة تدوسها الأقدام، فذاك خير من قيثارة فضية الأوتار، ربُــُّها مبتور الأصابع وأهلها طرشان". ما رأيك؟

* قد يكون معك الحق بأن الوسائط الإعلامية الحالية ليس جديرة بالثقة بالنسبة لإعلانها حيث لاتهمها الثقافة الأدبية بقدر ما يهما المردود المادي , وأيضا الشاعر القليل الحضور لا يعني بأنه ليس شاعر قادرا ولكنه قد لا يجد بأن البوح بأشعاره مادة تجارية بالدرجة الأولى , والحقيقة في قول جبران خليل حيث من(لا ينتقد لا يجدد) , والشاعر الحق الذي يسموا بالتواضع ويقبل النقد البناء ويستعين بمن يسانده للارتقاء للصورة الشعرية المحمودة ولا أجد في ذلك تقليل من شأنه بل دافعاً ليتفادى الأخطاء , وجل من لا يخطئ.

ـ الخطاب النقدي في الكويت وفي العالم العربي، كيف ترينه، هل يحمل رسالة الصدق بعيدا عن العلاقات الشخصية؟

* آسفة أقول بأن اختفاء الناقد المتزن أصبح واردا ليس فقط في الكويت ولكن في الوسط العربي كله , وحقا بأن اتجاهاتهم أصبحت مرتبطة بالشهرة الإعلامية والعلاقات الشخصية وتدخل الوسائط الشخصية البحتة , مبتعدين بذلك عن رسالتهم الحقيقية في دعم الحضور الشعري الشاب , متناسين بذلك ما قد يترتب عليه من تدهور أدبي وثقافي.

ـ هل توافقين الأصوات التي تقول إن القصيدة الحديثة أصبحت بديلا للقصيدة الكلاسيكية؟

* لا , لا أوافق على هذا القول فما زالت القصيدة الكلاسيكية هي التي تبرز قدرات الشاعر الجدير بها وهي في المقام الأول , والقصيدة الحديثة هي امتداد متطور للقصيدة الكلاسيكية يجاري عصرنا الحالي الذي يتسم بعدم حبة للقيود بكل أنواعها وفيها سهولة أكثر لإمداد أكثر , وأنا مؤمنة بالتجاور بين الشكلين وواقعهما المختلف , وليس أكثر من ذلك.

ـ سعدت بالحوار معك وأخيراً ماذا أعطاك الشعر، ماذا أخذ منك، وما ذا تريدين أن تقولي للقارئ العربي، هل من رسالة توجهينها له؟

* أنا من سِعِدَتْ بهذا اللقاء والحوار عبركم , وما أعطاني إياه الشعر الكثير من التعقل والنضوج الفكري والتعمق أكثر في البحور الجميلة والمفردات العربية الراقية والنقية في الشعر العربي بكل أشكاله وأعطاني قربا أكثر للمجتمع العربي والتعرف على صفاته ولهجاته المتعددة وحب الناس , ولم يأخذ مني سوى الوقت الذي أقضيه مع هذه المشاعر لأصوغها قصائد تصل إليكم مطرزة بكل حب وتقدير لعقولكم الذكية , وأسأل كل قارئ ومبدع أن لا يتردد أبد بصقل إبداعاته بالقراءة المكثفة للشعر والرواية فهي تنير العقول وتحلق بنا لعالم جميل مليء بالأحاسيس وتغذينا بثقافتنا اللامتناهية عن طريق معرفتنا وتمسكنا أكثر بلغتنا الأم , وتمنياتي بالتوفيق لكل مجتهد وبأن يرسم خطاه بذكاء مثقف.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى