حوار مع فراس حج محمد
كم نحن نشبه شخصيات الكتّاب الروائيين! فهل كنت أشبه لوليتا واسيني الأعرج في روايته "أصابع لوليتا"؟ هذا ما قاله لي الكاتب فراس حج محمد خلال الحوار الذي أجريته معه على إثر توقيعه لكتابه الجديد "ديوان أميرة الوجد" الذي جرى مؤخرا برعاية وزارة الثقافة الفلسطينية.
لم أكن صحفية يوما، ولن أكون صحفية بالصدفة، كما قال عن نفسه إنه أصبح كاتبا بالصدفة، لكنني قارئة لما يكتب أ. فراس منذ ما يزيد عن الثلاث سنوات، أدركت أنه ذو موهبة أدبية متعددة في الشعر والقصة والمقالة، وشيئا فشيئا صرت أحفظ كثيرا من كلماته وجمله، اقتحمته في أحد مساءاته، ولم يكن على عادته، كان هادئا، بدأت معه الحوار باستئذانه للحديث خمس دقائق فقط، فرحب بي، ومنحني دقيقة أخرى، ولما شعر أنه متورط بما يشبه الحوار الأدبي فتح الوقت على أفق بلا حدّ، وما بين سؤال وسؤال، وانقطاعات الإنترنت المتكررة لديه كنت أخشى ألا يكمل الحوار، لكنه أكمله حتى النهاية، مقدما شكره وامتنانه على هذا الحوار، الذي اكتشفت نفسي فيه أنني لا أصلح أن أكون صحفية، فعبر عن سعادته بالأسئلة ومنطقيتها، فرفع من معنوياتي وشد من أزري، وهو الذي شجعني فيما سبق على أن أكتب، وقدم قراءة نقدية لقصة قصيرة جدا، كنت كتبتها منذ مدة طويلة، ولعلها أول قصة أكتبها!
وها هي الأسئلة، وإجاباتها، كما كانت، مفعمة بالشفافية، وسعة الصدر والوضوح.
- في أي نوع من الأدب يمكن أن تصنف نفسك؟
لا أعرف، ولا أحب أي وصف، أكتفي بــ "فراس حج محمد" وحسب.
– أعرف اسمك جيدا وحفظته عن ظهر قلب!!
- في أي لون من الأدب تجد نفسك تبدع أكثر؟
أيضا لست أدري، فهل أنا أبدعت في الشعر أو في القصة أو في المقالة، فأنا كما قلت لك لا أحبّ التصنيف، وربما أكثر صفة لغوية محايدة، أخف وطأ عليّ نفسيا هي وصف "كاتب"، بمعنى أنني أمارس (الخربشة) التي قد لا ترقى إلى أي مستوى!!
– إذا كان القرار على حسب القارئ، فانت، والحمد لله، تكتب بإبداع في كل المجالات!!
وأين القارئ الناقد!!
- أنت متواضع، فهل التواضع صفة في حياتك اليومية، وممارساتك الطبيعية؟
هذا ليس تواضعا، ولكنني أعرف نفسي، فأين أنا من الشاعر والناقد!!
- هل الكتابة موهبة أم ممارسة؟
يبدو أنني وقعت بفخ اللقاء الصحفي، ولكن لا بأس.
- هل تكتب منذ الصغر؟
قصتي مع الكتابة قصة طويلة.
- هل هي طويلة منذ الصغر أم في الشباب؟
(خربشت) منذ كنت طفلا، ثم توقفت ثم عدت ثم توقفت
- كيف؟ وهل من يكتب هل يستطيع أن يتوقف؟
هي لم تكن كتابة بالمعنى المتعارف عليه كانت (خربشات طفولية)، وبعدها أعلنت الالتزام بمرجل الكتابة بعد التخرج من الجامعة، فأنا لم أكن أكتب لأصبح كاتبا. كنت أكتب فقط من أجل أن أتدرب على الصياغة والعيش مع اللغة ثم اكتشفت أنني فاشل فتوقفت!! ثم حدث بعض ما جعلني أكتب، وشيئا فشيئا وجدتني أقع في الفخ، فصرت كاتبا بالصدفة.
- هل كان لتجربتك الشخصية أثر في كتابتك؟
بكل تأكيد، فأنا لم أكتب إلا لنفسي وتعبيرا عن تجاربي الوجدانية والفكرية، ولا أومن بأي كاتب يتنكر لتجاربه لأنه لا يكون دقيقا في كتابته، ولن يكون مؤثرا في تفاعله مع ما يكتب.
- إذن، هل أنت مع قول المعاناة تولد الكتابة؟
ليس بالمفهوم الضيق للمعاناة، ثمت كتاب لا يعانون، ولكنني مع أن التجربة مهما كانت هي التي تولد الإبداع مع وجود موهبة حقيقة وأدوات فنية مصقولة ووعي فني عام شكلي وفكري ينتج عندها شيء اسمه أدب يقبل عليه القارئ فيحبه ويسعى إليه.
- من هذا المنطلق، هل "ديوان أميرة الوجد" يعبر عن تجربة حقيقية؟
بكل تأكيد، فهو تجسيد لتجربة عاطفية عشتها بكل ما أوتي القلب من حبّ، وما أوتيت الروح من ألق!!
- من يتعامل معك يصفك بأنك ذو نفس طويل. ما رأيك؟
ربما من قال هذا لم يجربني كثيرا، ولم يعايشني في كل أوقاتي... نفَسي طويل في التعامل مع ذاتي ولست بمتعجل في أي قضية، وما يأتني يأتني في وقته لا يتقدم ولا يتأخر!!
- هل أصبحت كتابتك عالمية؟ وأين وصل اسم فراس حج محمد؟
لا ليست عالمية، وليست عربية حتى، كل من يعرفني ككاتب لا يتعدى (المائة) شخص، فأنا ما زلت أتحرك في نطاق المعارف المقربين.
- هل اشتراكك في القصة القصيرة يمكن أن يضيف لك شيئاً؟
هو تجربة كتابية جميلة ومميزة، فيها ما فيها من خصوصية، وخاصة أنها امتزجت بالرأي النقدي وكتابة النص القصير، الذي كنت متهيبا أن أكتبه لأنه أصعب من النصوص الطويلة، فكيف تريد أن تعبر عما بداخلك ببضع كلمات؟ كانت تجربة مفيدة واكتشفت فيها جانبا من نفسي ومقدرتي على التكثيف.
وبعد: كان حوارا جميلا، يزيد من قناعتي أن "فراس حج محمد" كاتب كالكتاب المفتوح، تستطيع القراءة فيه ما أردت متى أردت، فشكرا لك على ما قدمت وما أوليت.