ديوان أجنحة السحاب
جاء الديوان في 111 صفحة من القطع المتوسط، ضم مئة وخمسة قصائد، كما تفضل بتقديمه معالي الوزير الأسبق الأستاذ الأمين بشيشي.
تنوعت قصائد الديوان بين العمودي وشعر التفعيلة، و غلبت عليه المسحة الصوفية، كما يظهر في بعض عناوين القصائد: إغراء واشتياق- روضة الآفاق- رسوم الغسق- صهوات الفناء- الدعائم الباقية- الإشتياق- آية العشاق.
تناول الشاعر بولرباح عثماني النداء بشكل جميل؛ في قصيدة فرط التنائي: يا أنت يا زمن الإعصار..،يا أنت يا سطوة الإلهام..، يا أنت يا قلعة الإبحار..، يا أنت يا قائدي ربان باخرتي..، يا أنت يا صاحبي رسول عاشقتي..، كما تعرض الشاعر بولرباح إلى عديد المصطلحات الصوفية؛ في قصيدة فرط التنائي يقول ..
روحا تغازل طيفا في مرابعهتدعو إلى أمل والوجد يرسلهأتقبل الروح بالأشواق تمنحهاعمرا جديدا على الأطياف تحملهومن قصيدة رسل الغد..يا سادتي شدوا الوثاقلم يبق من وقتنا إلا القليلوسنعبر الجسر بعد حينلا لن تموت على السواقيما دام في أجسامنا قش حقير (...)يا سادتي الأبطاليا رسل الفلاحشدوا معي..لم يبق إلا دقيقتانونجتاز الجسر الأخيروعلى أحلامنا والفناءسيمرون ....للزمن السرمدي مئات الأبطالسيمرون.ومن قصيدة مسارح الأحزان راح الأستاذ بولرباح عثماني يقول..حاولت أن أستحم بماء النهايةوأنزع عن جسدي بدايات الهزيمةفقد روت لي الحكاية في صباح يومنا هذا حكايةقالت:ستخاصم من أجل عيوني أحزاناوتبارك وحي السماء عصافير السماءتتعاطى منها لحونا وصلاهْرأيت المكان يحدق في الكلماترأيت الزمان يعطر زيف الجروحتمر الليالي مرور الكرامفيأبى في لحظاتأن يعانق صمته صمت النهايات
ثم يخرج الشاعر من وجده محاورا نفسه، وكأنه يراقص مرآة تعيد رقصاته بوفاء؛ فيقول في قصيدة هذيان وحصار
هذيان يحصر أوردتي، يثقلنييجعلني أبكي لحظاتيجعلني أبكي سنواتيتولد شوق من شوقييتولد حب من حبي...فزوالثم، في نفس القصيدة، يخطو خطوات البوح والوصف على نهج نزار قباني؛ يقول..حبك كالوحي أصدقه...كالتنزيلحبك تجوالبين أمواج وموت...حبك كل ما أرى وما لا أرى..حبك ناروقلبي نوريجعلني أعبد عينيك...يمزقنيأجزاء أجزاءحبك نهرحبك بحروأنا قطرة ماءيا أعذب أعذب مخلوقيا أرقى أرقى صفاء.
الشاعر بولرباح عثماني يفضل الطيران؛ حتى في برنامجه الإذاعي " تجليات"(1) ؛ يختار أسئلة مفتوحة على السباحة و التحليق في سماء الكلمة وروح الحروف، والعنوان الذي اختاره لمجموعته الشعرية أحسن دليل على ذلك.
"أجنحة السحاب"، الجناح يمثل الشكل المادي للطيران، أما السحاب فهو روحه وذلك أصعب شيء فيه، السحاب يحمل الصورة الذهنية وقالب المعنى :الحلم/الحب/المبتغى /والإشتياق والكشف ( التصوف).
في العنوان سيميائية جميلة، لمعنى مركز واختصار دقيق لمجموعة القصائد، التي ترسم بنيتها طائرا يغرد بذاتية الشاعر، التي يسقطها على أحوال مجتمعه، وبصدق الكلمة تمكن من رسم لوحات مختلفة لبيئته، وكم كان وفيا وموفقا في قصيدة بقايا الطقوس حين يقول معبرا بإحساس الخيبة والتهالك، مع الحفاظ على مقام الإيمان
بالحلم والمحبةدنيانا التي فيها لقاء وسفرأقزام و...آلام و...خطايانا التي فيها الخبر..أزهار مدينتي مزقها العنادوباتت تردد ..أوراقي بعدي لا تعرف إلا عابر السبيل...فمؤمن أنا.بأيام..بأحلام..بأنغام..مزقها مجداف البحار..وأنكرها القرار.
وهكذا ينهي الشاعر ديوانه مصرا على الطيران، كما فعل قبله المغني رود ستيوارت في أغنية (أنا أسبح)حين يقول ..أطير أطيركالطائر في السماءأطير عبورا على السحاب العاليحتى أكون معك حتى أكون بقربك.
– تجليات حصة إذاعية يقوم بتقديمها الشاعر بولرباح، متنفسا للأدب واكتشافا لأقلام جديدة وأخرى مهمشة
– مغني بريطاني مشهور وهذا شطر من أشهر أغانيه