دَحْضَاً لحُجَج مُنكري ماركس!
لقد تَجَرَّأَ العديدُ من الكُتَّابِ على التَّقليلِ من شَأْنِ أفكارِ رَجُلٍ استقى عِلْمَهُ من كُلِّ ما تَحْتَويهِ المَجَرَّةِ لِيُؤَلِّفَ كِتابَ "رأسِ المالِ" لكنني سأُضيفُ هؤلاءَ الكُتَّابَ إلى جَيْشِ العاجزينَ عن فَهْمِ واستيعابِ ماركسَ، رَغْمَ عِلْمي أنَّ طَلَبَ إثباتِ وُجودِ النَّهارِ قد يَجْعَلُ من الفَهْمِ مَهمَّةً تَكادُ تَكونُ مُستَحيلةً.
هؤلاءُ الكُتَّابُ، الذينَ اكتسبوا مَعْرِفَةً مَحْدودةً بالماركسيةِ، وجدوا أنَّ هذهِ المَعْرِفَةَ تَفُوقُ قُدُراتِهِم الفِكْرِيَّةَ؛ لِذا بَدَأوا في استِخْدامِ الظَّواهِرِ الاقتصاديةِ الرأسماليةِ التي لم يَستَطِيعوا فَهْمَها أو تَفْسِيرَها كَبُرْهانٍ على نقْضِ الماركسيةِ ونَظَرِيَّةِ فائضِ القِيمَةِ.
اكتشفَ هؤلاءِ الكُتَّابُ بعبقريتهم المتميزة وُجودَ سِلَعٍ في النِّظامِ الرَّأسماليِّ لم يَتَمَكَّنْ قانونُ فائضِ القِيمَةِ مِن تَفْسِيرِها؛ وتِلْكَ السِّلَعُ السِّحْرِيَّةُ هي نتاجُ الثَّورةِ العِلْمِيَّةِ والتِّكْنولوجِيَّةِ؛ وقد رَحَلَ ماركسُ قَبْلَ أَنْ تَظْهَرَ هذِهِ العَجَائِبُ السِّحْرِيَّةُ بِوَقْتٍ طَوِيلٍ.
يُعَمِّقُونَ النَّظَرَ في صِنَاعَاتٍ مُعَيَّنَةٍ نَشَأَتْ مِنْ هَذِهِ الثَّورَةِ، فيَجِدُونَ بِهَا أَدِلَّةً عَمَلِيَّةً كَافِيَةً تُشِيرُ إِلَى انْدِثَارِ قَانُونِ القِيمَةِ وَفَائِضِ القِيمَةِ؛ إِذْ تُنْتَجُ السِّلَعُ بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّ المَصَانِعَ الَّتِي تُنْتِجُهَا تَكَادُ تَخْلُو مِنَ العُمَّالِ؛ فَكَيْفَ يُمْكِنُ لِقَانُونِ فَائِضِ القِيمَةِ أَنْ يُطَبَّقَ في غِيَابِ العُمَّالِ أَوِ البُرُولِيتَارِيَا؟
تِلْكَ السِّلَعُ الإِعْجَازِيَّةُ هِيَ في جَوْهَرِهَا سِلَعٌ ذَاتُ طَابِعٍ مَعْرِفِيٍّ؛ إِذْ تُعَدُّ في المَقَامِ الأَوَّلِ نتَاجًا لِلْمَعْرِفَةِ وَالْعِلْمِ، وَالْمَجْهُودَاتِ الفِكْرِيَّةِ، وَالْبُحُوثِ العِلْمِيَّةِ؛ وَلَعَلَّ في صِنَاعَةِ الأَدْوِيَةِ خَيْرُ مِثَالٍ عَلَى ذَلِكَ.
أَبْهَرَتْ صِنَاعَةُ الأَدْوِيَةِ وَمَا يُشَابِهُهَا هَؤُلاءِ الكُتَّابَ، فَطَرَحُوا تَحَدِيًّا لِكُلِّ مَنْ يَهْتَمُّ بِقَضَايَا المَارْكَسِيَّةِ، أَنْ يُقَدِّمَ تَفْسِيرًا لِلسِّلَعِ المُعْجِزَةِ الَّتِي حَيَّرَتْ عُقُولَهُمْ، مُعْلِنِينَ بِذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ السِّلَعَ لَا بُدَّ أَنْ تُحَيِّرَ المَارْكَسِيَّةَ نَفْسَهَا.
مَا تُقَدِّمُونَهُ، أَيُّهَا الكُتَّابُ، لَيْسَ إِلَّا دَلِيلًا إِضَافِيًّا عَلَى أَنَّ معْظَمَ مَنْ يُعَارِضُونَ المَارْكَسِيَّةَ لَا يَفْهَمُونَهَا حَقًّا، أُولَئِكَ الَّذِينَ قَرَأُوا مِنْهَا مَا اسْتَطَاعُوا، دُونَ أَنْ يُحَالِفَهُمُ النَّجَاحُ فِي اسْتِيعَابِهَا أَوْ إِدْرَاكِ مَغْزَاهَا.
العَمَلُ وَحْدَهُ هُوَ مَصْدَرُ إِنْتَاجِ السِّلَعِ، أَوْ مَا يُعْتَبَرُ نَافِعًا وَمُفِيدًا وَذَا قِيمَةٍ تَبَادُلِيَّةٍ و يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا العَمَلُ إِمَّا عَادِيًّا أَوْ مُعَقَّدًا، وَيَجِبُ فَهْمُ هَذَا التَّقْسِيمِ فِي سِيَاقٍ نِسْبِيٍّ وَتَارِيخِيٍّ؛ إِذْ مَا كَانَ يُعْتَبَرُ عَمَلًا مُعَقَّدًا فِي الْمَصَانِعِ الرَّأْسِمَالِيَّةِ الغَرْبِيَّةِ مِنْذُ مِئَتَيْ عَامٍ، أَصْبَحَ الْيَوْمَ يُعْتَبَرُ عَمَلًا عَادِيًّا.
العَمَلُ، سَوَاءٌ كَانَ بَسِيطًا أَمْ مُعَقَّدًا، يُقَاسُ بِالوَقْتِ وَبِالسَّاعَاتِ. فَإِذَا كَانَ شَخْصٌ مَا، بِفَضْلِ مَعْرِفَتِهِ وَخِبْرَتِهِ، يُنْتِجُ سِلْعَةً مِنْ تِلْكَ السِّلَعِ الإِعْجَازِيَّةِ، فَإِنَّنَا نَقُولُ إِنَّ كُلَّ سَاعَةٍ مِنْ عَمَلِهِ تُسَاوِي عَشْر سَاعَاتٍ مِنْ عَمَلِ زَمِيلِهِ العَامِلِ زَيْدٍ الذي يعمل عملاً بسيطاً مَثَلًا.
هَذَا الرَّجُلُ يُضْفِي عَلَى عَمَلِهِ فِي كُلِّ سَاعَةٍ قِيمَةً تَبَادُلِيَّةً تَزِيدُ عَشْرَةَ أَضْعَافٍ عَنْ تِلْكَ الَّتِي يُضْفِيهَا زَيْدٌ عَلَى عَمَلِهِ فِي السَّاعَةِ. الآلَةُ الحَاسِبَةُ هِيَ سِلْعَةٌ؛ إِنَّهَا مُنْتَجٌ يَحْمِلُ قِيمَةً اسْتِعْمَالِيَّةً، وَيُمْكِنُ مُبَادَلَتُهَا بِسِلْعَةٍ أُخْرَى مُخْتَلِفَةِ النَّوْعِ لَكِنْ مُمَاثِلَةٍ فِي القِيمَةِ تَقْرِيبًا، مِثْلَ قَلَمِ الحِبْرِ.
يُشِيرُ هَذَا التَّبَادُلُ إِلَى أَنَّ أنَّ كلتيهما (السِّلْعَتَيْنِ) تَحْتَوِيَانِ عَلَى نَفْسِ كَمِّيَةِ العَمَلِ الضَّرُورِيِّ؛ وَهَذَا يَعْنِي أَنَّ الوَقْتَ اللَّازِمَ لِلْعَمَلِ الَّذِي تَمَّ اسْتِثْمَارُهُ فِي إِنْتَاجِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُتَسَاوٍ.
الآلَةُ الحَاسِبَةُ أُنْتِجَتْ فِي سَاعَةِ عَمَلٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ؛ بَيْنَمَا أُنْتِجَ قَلَمُ الحِبْرِ فِي عَشَر سَاعَاتِ عَمَلٍ. وَالْمُسَاوَاةُ فِي زَمَنِ العَمَلِ الضَّرُورِيِّ تَعْنِي، فِي هَذَا الْمِثَالِ، أَنَّ سَاعَةً وَاحِدَةً مِنَ العَمَلِ الْمُعَقَّدِ تُعَادِلُ عَشْر سَاعَاتٍ مِنَ العَمَلِ الْبَسِيطِ.
الرُّوبوتُ، كذلكَ، يُعتَبَرُ سِلْعَةً؛ ومَعَ ذلكَ، فإنَّ كُلَّ ساعَةٍ مِنَ العَمَلِ المُستَثْمَرِ في صِناعَتِهِ تُساوي عَشْر إلى عِشْرِينَ ساعَةً مِنَ العَمَلِ العادِيِّ.
التَّحَوُّلُ مِنَ العَمَلِ البَسِيطِ إِلَى الأَكْثَرِ تَعْقِيدًا يُمَثِّلُ أَحَدَ جَوَانِبِ زِيَادَةِ التَّكْوِينِ العُضْوِيِّ لِلرَّأْسْمَالِ، وَالنَّتِيجَةُ الحَتْمِيَّةُ لَذَلِكَ هِيَ تَزَايُدُ اتِّجَاهِ مُعَدَّلِ الرِّبْحِ نَحْوَ الانْخِفَاضِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الرَّأْسْمَالَ الْمُتَغَيِّرَ، الَّذِي يَتَنَاقُصُ نِسْبِيًّا، هُوَ الْمَصْدَرُ الْوَحِيدُ لِفَائِضِ القِيمَةِ.
تَخَيَّلُوا مَصْنَعًا رَأْسِمَالِيًّا بِلا عُمَّالٍ يُنْتِجُ سِلْعَةً مُعَيَّنَةً. هَذَا الْمَصْنَعُ، الْخَالِي تَمَامًا مِنَ الْعَمَلِ الْبَشَرِيِّ، لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُضِيفَ قِيمَةً إِلَى مُنْتَجَاتِهِ؛ بَلْ يَقْتَصِرُ دَوْرُهُ عَلَى نَقْلِ الْقِيمَةِ مِنَ الآلَاتِ وَالْمَوَادِ الْخَامِ إِلَى الْمُنْتَجِ النِّهَائِيِّ. وَبِمَا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ عَمَلٌ بَشَرِيٌّ، فَلا يُمْكِنُ تَوْلِيدُ فَائِضِ قِيمَةٍ، لِأَنَّهُ لَا تَوْجَدُ قِيمَةٌ جَدِيدَةٌ تُخْلَقُ فِي الأَسَاسِ.
في هذا المَصْنَعِ، الرِبْحُ غَيْرُ مَوْجُودٍ عَلَى الإِطْلاقِ؛ لِأَنَّ الطَّبَقَةَ العَامِلَةَ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ هُنَا. هَذَا المَصْنَعُ لَنْ يَسْتَمِرَّ في كَوْنِهِ رَأْسَمَالِيًّا؛ لِأَنَّهُ لا تَوْجَدُ طَبَقَةٌ عَامِلَةٌ فِيهِ، وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنَّ غِيَابَ القِيمَةِ المُضَافَةِ لا يَنْبَغِي أَنْ يُعْنِي، وَلا يَجِبُ أَنْ يُعْنِي، نَقْصًا أَوْ تَوَقُّفًا في تَطَوُّرِ الثَّرْوَةِ المَادِيَّةِ.
فِي الرَّأْسِمَالِيَّةِ، هُنَاكَ مَصَانِعُ حَيْثُ تَكُونُ النِّسْبَةُ بَيْنَ الرَّأْسِمَالِ الْمُتَغَيِّرِإلى الرَّأْسِمَالِ الثَّابِتِ ضَئِيلَةً جِدًّا؛ وَفِي هَذِهِ الْمَصَانِعِ، مِنَ النَّاحِيَةِ النَّظَرِيَّةِ، يُفْتَرَضُ أَنْ يَكُونَ مُعَدَّلُ الرِّبْحِ أَقَلَّ بِكَثِيرٍ مِنَ الْمُعَدَّلِ الْعَامِ لِلرِّبْحِ؛ لَكِنَّ الْوَاقِعَ يَخْتَلِفُ، إِذْ يَتَمَكَّنُ مَالِكُ الْمَصْنَعِ الْمُتَطَوِّرِ مِنَ الاسْتِحْوَاذِ عَلَى جُزْءٍ مِنْ فَائِضِ الْقِيمَةِ الَّذِي يُنْتِجُهُ الْعُمَّالُ فِي مَصَانِعَ أُخْرَى حَيْثُ تَكُونُ النِّسْبَةُ بَيْنَ الرَّأْسِمَالِ الْمُتَغَيِّرِ إِلَى الرَّأْسِمَالِ الثَّابِتِ أَكْبَرَ؛ وَهَذَا مَا يُؤَدِّي إِلَى تَحْقِيقِ أَرْبَاحٍ مُتَسَاوِيَةٍ لِرُؤُوسِ الْأَمْوَالِ الْمُتَسَاوِيَةِ، بِغَضِّ النَّظَرِ عَنِ التَّكْوِينِ الْعُضْوِيِّ لِلرَّأْسِمَالِ، هذه قاعدة في النظام الرأسمالي.
لِنَفْتَرِضْ وُجُودَ رَأْسِمَالِيٍّ اسْتَثْمَرَ مِلْيُونَ دُولَارٍ فِي مَصْنَعٍ يُنْتِجُ سِلْعَةً ذَاتَ قِيمَةٍ مَعْرِفِيَّةٍ وَعِلْمِيَّةٍ عَالِيَةٍ. فِي هَذَا الْمَصْنَعِ، حَيْثُ يَكُونُ التَّكْوِينُ الْعُضْوِيُّ لِلرَّأْسِمَالِ مُرْتَفِعًا، يَعْمَلُ قَلِيلٌ مِنَ الْعُمَّالِ الَّذِينَ يُسَاهِمُونَ بِقِيمَةٍ مُضَافَةٍ جَدِيدَةٍ مِنْ خِلَالِ جُهُودِهِمِ الذِّهْنِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ، هَؤُلَاءِ هُمْ عُمَّالُ الثَّوْرَةِ التِّكْنُولُوجِيَّةِ وَالْعِلْمِيَّةِ، إِذَا كَانَ الْمُعَدَّلُ الْعَامُّ لِلرِّبْحِ عِشْرُونَ بِالْمِئَةِ ، فَمِنَ النَّاحِيَةِ النَّظَرِيَّةِ، يَجِبُ أَنْ يَحْصُلَ الرَّأْسِمَالِيُّ عَلَى رِبْحٍ قَدْرُهُ مِئَةُ أَلْفِ دُولَارٍ. وَمَعَ ذَلِكَ، يَحْصُلُ عَلَى رِبْحٍ يُعَادِلُ الْمُعَدَّلَ الْعَامَّ، أَيْ مِئَتَيْنِ أَلْفِ دُولَارٍ. نِصْفُ هَذَا الرِّبْحِ يَأْتِي مِنْ فَائِضِ الْقِيمَةِ فِي مَصْنَعِهِ الَّذِي يُنْتِجُهُ عُمَّالُهُ، بَيْنَمَا النِّصْفُ الْآخَرُ يَأْتِي مِنْ فَائِضِ الْقِيمَةِ الَّذِي يُنْتِجُهُ عُمَّالٌ فِي مَصَانِعَ أُخْرَى لَمْ تَصِلْ بَعْدُ إِلَى نَفْسِ مُسْتَوَى التَّكْوِينِ الْعُضْوِيِّ لِلرَّأْسِمَالِ.
فِي النِّظَامِ الرَّأْسِمَالِيِّ، القِيمَةُ المُضَافَةُ الجَدِيدَةُ تُخْلَقُ فَقَطْ عَبْرَ إِنْتَاجِ السِّلَعِ المَادِيَّةِ. وَالْعُمَّالُ، الَّذِينَ يُشَكِّلُونَ نِسْبَةً صَغِيرَةً دِيمُوغْرَافِيًّا، هُمُ الْمُنْتَجُونَ الرَّئِيسِيُّونَ لِهَذِهِ القِيمَةِ وَلَكِنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ فَقَطْ جُزْءًا بَسِيطًا مِنْهَا. هَذَا يَعْنِي أَنَّ نِسْبَةً مُتَزَايِدَةً مِنَ القِيمَةِ المُضَافَةِ تُوَزَّعُ عَلَى بَاقِي أَفْرَادِ المُجْتَمَعِ بِطُرُقٍ مُتَنَوِّعَةٍ، مِثْلَ أَرْبَاحِ التُّجَّارِ وَأَصْحَابِ الْبُنُوكِ الَّتِي تُعْتَبَرُ جُزْءًا مِنْ هَذِهِ القِيمَةِ المُضَافَةِ الجَدِيدَةِ. فِي الرَّأْسِمَالِيَّةِ، يَسْتَمِرُّ حَجْمُ فَائِضِ القِيمَةِ فِي النُّمُوِّ، بَيْنَمَا يَمِيلُ مُعَدَّلُ الرِّبْحِ إِلَى الانْخِفَاضِ بِشَكْلٍ مُتَسَارِعٍ.إِنَّهُ يَعْظُمُ حَجْمُ فَائِضِ الْقِيمَةِ مَعَ أَنَّ نِسْبَةَ الرَّأْسْمَالِ الْمُتَغَيِّرِ إِلَى الرَّأْسْمَالِ الثَّابِتِ تَتَضَاءَلُ فِي اسْتِمْرَارٍ.
يعتَقَدُ البَعْضُ أَنَّ هُناكَ طُرُقًا لِتَحْقِيقِ الأَرْباحِ بِخِلافِ اسْتِغْلالِ القِيمَةِ الزَّائِدَةِ أَوْ فَائِضِ القِيمَةِ، وَذَلِكَ مِنْ خارِجِ الإِنْتاجِ السَّلَعِيِّ. عَلَى سَبِيلِ المِثالِ، يُمْكِنُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَقُومَ بِبَيْعِ شَعْرِها مِنْ خِلالِ وَسِيطٍ تِجارِيٍّ، حَيْثُ يَرْبَحُ كُلٌّ مِنَ البائِعِ وَالوَسِيطِ.
هَذَا الكَلامُ يُذَكِّرُنِي بِفَيْلَسُوفِ المِيتَافِيزِيقَا الَّذِي عِنْدَمَا شَاهَدَ كَلْبًا وَأَدْرَكَ أَنَّهُ حَيَوَانٌ، اسْتَنْتَجَ قَائِلًا: جَمِيعُ الحَيَوَانَاتِ هِيَ كِلابٌ لِأَنَّ الكَلْبَ حَيَوَانٌ. بَيْنَمَا يَتَبَنَّى المَارِكْسِيُّ مَنْظُورًا مُخْتَلِفًا؛ فَعِنْدَمَا يَرَى كَلْبًا وَيَعِي أَنَّ كُلَّ كَلْبٍ هُوَ حَيَوَانٌ، يَقُولُ: كُلُّ كَلْبٍ هُوَ حَيَوَانٌ، لَكِنَّ هَذَا لا يَعْنِي بِالضَّرُورَةِ أَنَّ كُلَّ حَيَوَانٍ هُوَ كَلْبٌ، وقسْ بناءاً على ذلك.
كُلُّ فَائِضٍ فِي القِيمَةِ يُمْكِنُ أَنْ يُعْتَبَرَ رِبْحًا، وَلَكِنْ لَيْسَ كُلُّ رِبْحٍ يَنْبَغِي أَنْ يَنْشَأَ مِنْ فَائِضِ القِيمَةِ. وَكَمِثَالٍ عَلَى ذَلِكَ، هُنَاكَ عَنَاصِرُ فِي النِّظَامِ الرَّأْسِمَالِيِّ مِثْلَ الأَرْضِ، الَّتِي تَمْتَلِكُ قِيمَةً سُوقِيَّةً وَلَكِنَّهَا لَا تَحْمِلُ قِيمَةً تَبَادُلِيَّةً بِحَدِّ ذَاتِهَا. أَلَا يُعَدُّ بَيْعُ الأَرْضِ الَّتِي لَا تَمْتَلِكُ قِيمَةً تَبَادُلِيَّةً رِبْحًا؟ وَمَاذَا عَنِ الوَسِيطِ الَّذِي يتَاجَرُ بِأَجْسَادِ النِّسَاءِ فِي سُوقِ الدُّعَارَةِ، أَلَيْسَ هُوَ الآخَرُ يحقِّقُ رِبْحًا؟. هَلْ كَانَ مَارْكْسُ عَلَى غَيْرِ عِلْمٍ بِهَذَا النَّوْعِ مِنَ الأَرْبَاحِ، أَمْ أَنَّهُ فَسَّرَ الأَرْبَاحَ الْمُتَأَتِيَةَ مِنْ سُوقِ الدُّعَارَةِ كَفَائِضِ قِيمَةٍ تُنْتِجُهُ الْمُومِسُ الَّتِي تَبِيعُ أَوْ تُؤَجِّرُ جَسَدَهَا، وَالَّذِي يَسْتَحْوِذُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْعَمَلِ؟.
لَقَدْ بَيَّنْتُ سَابِقًا أَنَّ الاِقْتِصَادَ الفِعْلِيَّ يَتَمَثَّلُ فِي إِنْتَاجِ السِّلَعِ أَوْ القِيَمِ الْمَادِيَّةِ ضِمْنَ النِّظَامِ الرَّأْسِمَالِيِّ لكنهم يَطْلُبُونَ مِنِّي الاِعْتِرَافَ بِأَنَّنِي أُسْهِمُ فِي الاِقْتِصَادِ الفِعْلِيِّ عِنْدَمَا أُؤَلِّفُ كِتَابًا فِي الكِيمْيَاءِ وَأَبيعَهُ لِدَارِ نَشْرٍ تَقُومُ بِطِبَاعَتِهِ وَتوْزِيعِهِ فِي الأَسْوَاقِ، لِمَاذَا يَرْغَبُونَ فِي أَنْ أَرْتَكِبَ هَذَا الْخَطَأَ بِحَقِّ الاِقْتِصَادِ السِّيَاسِيِّ؟ لِمَاذَا يصرُّونَ عَلَى أَنْ أَضْفِي عَلَى السِّلْعَةِ الْمَادِيَّةِ بَعْضًا مِنَ الرُّوحِ أَوْ الفِكْرِ، وَالَّذِي فِي حَالَتِهِمْ، هُوَ فِكْرِي الْكِيمْيَائِيِّ؟ أَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ مَارْكْسَ مُؤَلِّفُو كُتُبٍ. إِذَا كَانَ الْمُؤَلِّفُ يخْلِقُ فَائِضَ قِيمَةٍ وَالنَّاشِرُ يَسْتَحْوِذُ عَلَيْهِ، فَهَلْ يَعْنِي ذَلِكَ أَنَّ نَاشِرَ كِتَابِ الْقُرْآنِ قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى فَائِضِ قِيمَةٍ أَنْتَجَهُ الْخَالِقُ بِوَصْفِهِ مُؤَلِّفَ الْقُرْآنِ؟ تَبًّا لِلْجَهْلِ، لَمْ يَرْحَمْ صَاحِبَهُ قَطُّ.
مَارْكْسُ رَفَضَ الفِكْرَةَ القَائِلَةَ بِأَنَّ العَامِلَ يَبِيعُ عَمَلَهُ لِصَاحِبِ العَمَلِ، لِأَنَّ ذَلِكَ يُحَوِّلُهُ إِلَى عَبْدٍ وَلَيْسَ عَامِلًا مَأْجُورًا. وَقَدْ أَكَّدَ مَارْكْسُ أَنَّ العَامِلَ يَبِيعُ قُوَّةَ عَمَلِهِ كَسِلْعَةٍ مُحَدَّدَةٍ، وَلَيْسَ العَمَلَ نَفْسَهُ. فَهَلْ مِنَ الحِصَافَةِ فِي شَيْءٍ أَنْ يَكْتَشِفَ مَارْكْسُ مَا ادَّعَى خُصُومُهُ اكْتِشَافَهُ، وَهُوَ أَنَّ فِكْرَ المُؤَلِّفِ يُعَامَلُ كَسِلْعَةٍ مِثْلَ قُوَّةِ العَمَلِ، يَبِيعُهَا لِلنَّاشِرِ الرَّأْسِمَالِيِّ الَّذِي يَضْمَنُهَا قِيمَةً جَدِيدَةً تَتَضَمَّنُ فَائِضَ القِيمَةِ. وَكَمَا يُقَالُ، فِي الظَّلَامِ كُلُّ القِطَطِ رَمَادِيَّةٌ.
الْعَمَلِيَّةُ أَكْثَرُ بَسَاطَةً مِمَّا يُعْتَقَدُ؛ فَقَدْ قُمْتَ بِتَأْلِيفِ كِتَابٍ وَبِعْتَهُ لِنَاشِرٍ رَأْسِمَالِيٍّ، الَّذِي بِدَوْرِهِ قَدَّمَ لَكَ مُقَابِلًا مَالِيًّا؛ وَهَذَا الْمُقَابِلُ لَيْسَ لَهُ عَلَاقَةٌ بِمَفْهُومِ السِّلْعَةِ أَوْ الْقِيمَةِ التَّبَادُلِيَّةِ. لَقَدْ أَتَمَمْتَ مَا عَلَيْكَ وَاسْتَلَمْتَ أَجْرَكَ، أَمَّا النَّاشِرُ، بِحُكْمِ كَوْنِهِ رَأْسِمَالِيًّا، فَلَدَيْهِ مَا يَحْتَاجُهُ كُلُّ رَأْسِمَالِيٍّ مِنْ مُعَدَّاتٍ وَمَوَادٍّ وَعُمَّالٍ يَكْفُونَ لِلْغَرَضِ، كِتَابُكَ الْآنَ أَصْبَحَ سِلْعَةً، مِثْلَهُ مِثْلُ أَيِّ سِلْعَةٍ أُخْرَى، وَالرِّبْحُ الَّذِي حَقَّقَهُ النَّاشِرُ نَشَأَ مِنْ فَائِضِ الْقِيمَةِ الَّذِي أَنْتَجَهُ الْعُمَّالُ.
لِنَفْتَرِضْ أَنَّ القِيمَةَ الحَقِيقِيَّةَ لِكِتَابِكَ كَسِلْعَةٍ تسَاوِي غرَامًا وَاحِدًا مِنَ الذَّهَبِ، وَلَكِنْ بِفَضْلِ عَظَمَةِ مُؤَلِّفِهِ، تَمَّ بَيْعُ الكِتَابِ بِسِعْرٍ يَتَجَاوَزُ قِيمَتَهُ الأَصْلِيَّةَ، بِغِرَامَيْنِ مِنَ الذَّهَبِ مِثْلًا. هَلْ يُعَزَّى هَذَا الفَارِقُ إِلَى البَصْمَةِ الرُّوحِيَّةِ الَّتِي زَرَعْتَهَا فِي الكِتَابِ، أَمْ إِلَى مِيكَانِيزْمَاتِ العَرْضِ وَالطَّلَبِ الَّتِي تَتَأَثَّرُ بِالقِيمَةِ الفِكْرِيَّةِ لِلْكِتَابِ كَسِلْعَةٍ؟.
يَجِبُ أَنْ نَتَذَكَّرَ دَائِمًا أَنَّ مَارْكْسَ كَانَ وَاعِيًا بِأَنَّ السِّعْرَ، الَّذِي يَتَأَثَّرُ بِقَوَانِينِ العَرْضِ وَالطَّلَبِ، قَدْ يَرْتَفِعُ أَوْ يَنْخَفِضُ عَنِ القِيمَةِ التَّبَادُلِيَّةِ لِلسِّلْعَةِ. وَمَعَ ذَلِكَ، فَإِنَّ الاِخْتِلاَفَ بَيْنَ السِّعْرِ وَالقِيمَةِ، أَوْ مَا يُعْرَفُ بِالسِّعْرِ الطَّبِيعِيِّ، هُوَ اِخْتِلاَفٌ مُؤَقَّتٌ وَنِسْبِيٌّ يَتَلاَشَى بِمُرُورِ الوَقْتِ.
يَدَّعِي البَعْضُ أَنَّ النَّظَرِيَّاتِ الاِقْتِصَادِيَّةِ لِمَارْكْسَ قَدْ عَفَا عَلَيْهَا الزَّمَنُ بِنَاءً عَلَى مَا تَوَصَّلُوا إِلَيْهِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَارْكْسَ، الَّذِي نَاقَشَ الإِنْتَاجَ الفِكْرِيَّ، لَمْ يُعِرْ كَفَايَةَ اهْتِمَامٍ لِدَوْرِ الجَهْدِ الذِّهْنِيِّ فِي خَلْقِ فَائِضِ القِيمَةِ؛ هَذَا الجَهْدُ الَّذِي يُقَدِّمُهُ الرَّأْسِمَالِيُّونَ كَمَا يُقَدِّمُهُ الْمُخْتَرِعُونَ وَالْمُهَنْدِسُونَ!.
يتحدّثون عن عصرٍ اقتصاديٍّ جديدٍ حيثُ يُعتبرُ فكرُ ماركسَ كظلٍّ بلا جسدٍ؛ يزعمون أنّ المهندسَ أو العاملَ قادرٌ على إدارةِ مصنعٍ لإنتاجِ سياراتِ المرسيدسَ من مرحاضِه، حتى لو كان المصنعُ على بُعدِ مئةِ كيلومترٍ. ثمّ يُعلنون بلهجةٍ قائل "وجدتُها" أنّ الماركسيةَ قد انتهتْ، وأنّ "نظريةَ المرحاضِ" قد حلّتْ محلَّها، هل أدركتُم الآنَ كيف أنَّ منْ يدّعونَ بأنّ الماركسيةَ قد ماتتْ؟ وكيف أنَّ اللغز الذي حلّهُ ماركسُ حولَ مصدرِ الربحِ في الرأسماليةِ لا يزالُ غيرَ مفهومٍ ولم يُحلَّ في أذهانِ ضيقيّ الأفقِ.
يَقُولونَ أَنَّ هُناكَ عَوامِلَ أُخرى، كَما يَزْعُمُ البَعْضُ بِإيمانٍ وَقَناعَةٍ، تُسْهِمُ في تَوليدِ القِيمَةِ وَفائِضِ القِيمَةِ؛ إِذْ يُعْتَقَدُ، حَسَبَ قَولِهِمْ، أَنَّ العَمَلَ لَيْسَ المُنْتِجَ الوَحيدَ وَالمُطْلَقَ لِلقِيمَةِ.
مَنْ الضَّرُورِيّ أَوَّلًا تَوْضِيحُ نُقْطَةٍ بَالِغَةِ الأَهَمِّيَّةِ، وَهِيَ التَّمْيِيزُ بَيْنَ سَعْرِ السَّلَعَةِ وَقِيمَتِهَا التَّبَادُلِيَّةِ. السّعْرُ هُوَ القِيمَةِ المَالِيَّةِ لِلسَّلَعَةِ، وَقَدْ لَا يَتَطَابَقُ دَوْمًا مَعَ قِيمَتِهَا التَّبَادُلِيَّةِ؛ إِذْ يُمْكِنُ أَنْ يَزِيدَ عَنْهَا أَحْيَانًا أَوْ يَنْقُصُ. وَقَدْ أَطْلَقَ "سْمِيثُ" عَلَى السَّعْرِ الَّذِي يَعْكِسُ القِيمَةَ بِدِقَّةٍ اسْمَ "السَّعْرَ الطَّبِيعِيّ". تَحْتَوِي السَّلَعَةُ بِشَكْلٍ دَائِمٍ وَحَتْمِيٍّ عَلَى قِيمَتَيْنِ: القِيمَةَ الاسْتِعْمَالِيَّةَ، وَالقِيمَةَ التَّبَادُلِيَّةَ.
السِّلْعَةُ، التي تَحْمِلُ قِيمَةً تَبادُلِيَّةً نابِعَةً مِنَ الجَهْدِ المُسْتَثْمَرِ فِيها أوْ عدد ساعات العمل المُختَزَن فيها، يَجِبُ أَنْ تُقَيَّمَ بِسِعْرٍ. هَذَا السِّعْرُ يُتَحَدَّدُ بِمِيزَانِ العَرْضِ وَالطَّلَبِ؛ فَإِنِ اتَّزَنَا، تُبَاعُ السِّلْعَةُ بِالسِّعْرِ الَّذِي يعبِرُ عَنْ قِيمَتِهَا الحَقِيقِيَّةِ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَحْدُثْ تَوَازُنٌ، فَإِنَّ سِعْرَ البَيْعِ قَدْ يَتَجَاوَزُ أَوْ يَقِلُّ عَنْ القِيمَةِ الفِعْلِيَّةِ لِلسِّلْعَةِ.
مَعَ ذَلِكَ، لا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ مَا يَحْمِلُ سعْرًا قِيمَةً تَبادُلِيَّةً؛ فَالأَرْضُ مَثَلًا لَهَا قِيمَةٌ وَسعْرٌ رَغْمَ أَنَّهَا لا تُعْتَبَرُ سِلْعَةً لَهَا قِيمَةٌ تَبادُلِيَّةٌ. وَفِي نِظَامِ الرَّأْسِمَالِيَّةِ، هُنَاكَ العَدِيدُ مِنَ العَنَاصِرِ الَّتِي تُسَعَّرُ دُونَ أَنْ تَمْتَلِكَ قِيَمًا تَبادُلِيَّةً.
مَعَ ارْتِفَاعِ التَّرْكِيبِ العُضْوِيِّ لِلرَّأْسِمَالِ، تَرْتَفِعُ مَعْدَلَاتُ الإِنْتَاجِ؛ حَيْثُ يصْبِحُ الْعَامِلُ قَادِرًا عَلَى إِنْتَاجِ الْمَزِيدِ مِنَ السِّلَعِ فِي السَّاعَةِ الوَاحِدَةِ، هَذَا يُؤَدِّي إِلَى انْخِفَاضِ قِيمَةِ السِّلْعَةِ وَكَذَلِكَ قِيمَةِ الْعَمَلِ كَسِلْعَةٍ. لَكِنْ هَذَا لا يَتَعَارَضُ مَعَ تَحْسُنِ مُسْتَوَى مَعِيشَةِ الْعَامِلِ وَتَزْدَادُ نِسْبَةُ الْعَمَلِ الْمَجَانِيِّ غَيْرِ الْمَدْفُوعِ إِلَى الْعَمَلِ الضَّرُورِيِّ فِي يَوْمِ الْعَمَلِ، حَتَّى لَوْ قَلَّتْ مُدَّتُهُ؛ وَتَرْتَفِعُ نِسْبَةُ الْقِيمَةِ الزَّائِدَةِ مُقَارَنَةً بِالرَّأْسِمَالِ الْمُتَغَيِّرِ، بَيْنَمَا تَقِلُّ نِسْبَتُهَا مُقَارَنَةً بِالرَّأْسِمَالِ الْإِجْمَالِيِّ، مَا يُعَنِي انْخِفَاضَ مَعْدَلِ الرِّبْحِ الْكُلِّيِّ. وَتَقِلُّ نِسْبَةُ الطَّبَقَةِ الْعَامِلَةِ، الَّتِي تُخْلِقُ الْقِيمَةَ الْجَدِيدَةَ، مُقَارَنَةً بِإِجْمَالِيِّ السُّكَّانِ؛ وَفِي الْمُقَابِلِ، يَزْدَادُ عَدَدُ الْأَشْخَاصِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ فِي مَجَالَاتٍ لا تُنْتِجُ قِيمَةً جَدِيدَةً، لَكِنَّهُمْ يَتَلَقَّوْنَ مَكَافَآتٍ مَالِيَّةً مِنَ الْقِيمَةِ الْمُنْتَجَةِ الْجَدِيدَةِ.
صَاحِبُ العَمَلِ لا يَقُومُ بِشِرَاءِ طَاقَةِ العَامِلِ نَفْسِهَا أَوْ العَمَلِ، لِأَنَّ ذَلِكَ سَيَجْعَلُ مِنَ العَامِلِ مَمْلُوكًا لَهُ أَوْ عَبْدًا، مَا يَشْتَرِيهِ هُوَ حَقُّ اسْتِخْدَامِ قُوَّةِ العَمَلِ كَسِلْعَةٍ لِمُدَّةٍ مُحَدَّدَةٍ، مِثْلًا إذا كانتْ ثماني سَاعَاتٍ يَوْمِيًّا. خِلَالَ نِصْفِ هَذِهِ الْمُدَّةِ، يُنْتِجُ العَامِلُ قِيمَةً تَكْفِي لِتَجْدِيدِ قُوَّةِ عَمَلِهِ ، وَتَجْدُرُ الإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ قِيمَةَ العَمَلِ الَّذِي يُؤَدِّيهِ العَامِلُ تَخْتَلِفُ عَنْ قِيمَةِ قُوَّةِ عَمَلِهِ؛ إِذْ لَوْ تَلَقَّى العَامِلُ مُقَابِلَ قِيمَةِ عَمَلِهِ الكَامِلَةِ، لَمَا تَبَقَّى لِصَاحِبِ العَمَلِ أَيُّ رِبْحٍ.