ذاكرة حيفا بين قهر الجسد وعودة الروح

في قاعة مؤتمر العمال العرب، احد أهم المواقع التاريخية والوطنية في حيفا تعقد أمسية ثقافية بمبادرة الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة مساء الأربعاء 23 نيسان في ذكرى سقوط المدينة وتشريد معظم سكانها العرب الفلسطينيين الذين بلغ عددهم أكثر من سبعين ألفا عشية النكبة وبقي منهم حوالي خمسة آلاف حافظوا على ما بقي منها من معالم عربية عمرانية وحضارية.

اختار معدو مشروع "الديوان" للأمسيات الثقافية الوطنية أن تكرس هذه الأمسية لذاكرة حيفا كما دونها أبناؤها في كتب أدبية وبأسلوب قصصي وروائي بلسان أبطال مرحلة ما قبل وبعد النكبة وهم في غالبيتهم من الناس العاديين الذين أدركوا حجم المأساة التي حلت بشعبهم ومدينتهم فكرسوا حياتهم للنضال من أجل العودة وكي لا تتكرر هذه المأساة، كذلك ستستحضر هذه الأمسية روح المدينة التي تميزت بنهضة ثقافية فلسطينية شكلت احدى منارات الثقافة العربية والانسانية والوطنية بكوكبة من المثقفين والمبدعين ممن شردوا منها او ممن بقيوا فيها يبدعون ويناضلون وأنشأوا جيلا من المبدعين ليواصلوا المشوار، كذلك استقبلت حيفا قبل النكبة أهم المبدعين العرب من مصر وسوريا ولبنان بينهم أم كلثوم وفريد الأطرش ويوسف وهبي وابراهيم عبد القادر المازني وكانت ملتقى للثقافة العربية.

ستقرأ في الأمسية نصوص تعبر عن هذه الروح يقدمها الأديب سلمان ناطور، من كتابه "ذاكرة" الذي صدرت فصول منه لأول مرة في مجلة "الجديد" الحيفاوية بين عام 1980 وعام 1982 وفي جريدة "الاتحاد" عام 1978 وما تلاها، وفيها قصة حيفا يرويها الشيخ مشقق الوجه بسخريته وحزنه وغضبه. كما سيقدم الدكتور ماجد خمرة حكايات من مجموعته القصصية "مار ماروش" التي تحكي هي أيضا رواية المدينة وستقرأ منها الفنانة روضة سليمان وسيقدم الدكتور خالد تركي مختارات من مذكرات ابراهيم البلشفي التي نشرت في "الاتحاد" وصدرت في كتاب يتناول سيرة شيوعي حيفاوي مناضل شاهد على ما أصاب المدينة وعلى كيفية عودة الروح اليها بعد قهر الجسد.

عرافة الأمسية أوكلت الى منال شلبي الناشطة التي تنتمي الى الجيل الثالث للنكبة الذي يواصل نضال الجدود والآباء من اجل البقاء في الوطن والعيش بحرية وكرامة، وأما المرافقة الموسيقية والغنائية فهي لابن الجولان الدكتور مضاء المغربي الذي ولد تحت الاحتلال ويعكس في أدائه الفني روح التحدي والرفض لكافة أشكال الظلم والقمع.