الأربعاء ١٤ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٥
بقلم محمود محمد أسد

رفـّـة عصـفور

كثرت الأحاديث عن ظاهرة السّرقات الأدبية التي ما عادت تخفى على أحد. ولكن من يسرق عصفوراً يُعَرَّ ومن يسرقْ جملاً يُحمَ وتُبَرَّرْ سرقتُه، فيجد من يدافع عنه، فتمرُّ سرقته مرور الكرام.

ومن السّرقات المطروقة سرقةُ أوقاتنا في كل مجلس. فالوقت يُسرق على أبواب الانتظار لموظف هارب من وظيفته، وفي الانتظار في عيادة طبيب يتجاوز موعد حضوره. وفي محطّة تتلاعب بمواعيد الحافلات والركّاب..وفي الانتظار لبدء ندوة أو محاضرة معلن عن وقتها فإذا بها تتجاوز الوقت وتقدم دون اعتذار ما..

ولكن اللصَّ الجميل المهذَّب ذاك الإعلان المتكرِّر على الشاشة فيقطع عليَّ لذة المتابعة لبرنامج مملٍّ ومُعاد.. فيقدِّم لي وجبة مسروقة من عدة برامج سابقة..

وأقسى السرقات تلك التي تُداهمني بها زوجتي, فتسرق لحظاتِ التامل والإنفراد التي أسرقها على حين غرّة لتطلبَ الكثير من طلبات البيت المتزايدة والتي ما عدت أستطيع تلبيتَها لأن هناك من يسرق الكثير من راتبي إن كان كافياً..
واحبُّ السرقات إلى قلبي تلك التي أمارسها في جذب المحرّر إلى مادتي فأوقِع به وأصليه بنار الإعجاب والرّضا فيفسح لي مكاناً لائقاً يقتطعه من مساحة الآخرين..

وأكثر ما أخشاه من السّرقات تلك التي يتناوب الأديب على أداء الأدوار المختلفة مع نفسه، فيحاور نفسّه ويكتب عن نفسه, ويسرق الإعجاب من نفسه ولنفسه.

أبْعدَ اللهُ عنا كلَّ هذه السرقات, وأرجوه أن يتيح لنا الوقت لنسرق ما لذَّ وطاب من العلم والمعرفة والعمل..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى