الاثنين ٧ نيسان (أبريل) ٢٠٢٥
بقلم محمد عبد الحليم غنيم

سفر الاختفاء لابتسام عازم

الرواية العربية الوحيدة ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر الدولية للسرد المترجم

أُعلن يوم، الثلاثاء 25 فبراير، عن القائمة الطويلة لجائزة البوكر الدولية لعام 2025، وهي الجائزة الأكبر والأكثر شهرة عالميًا للأدب المترجم إلى الانجليزية.

تضم القائمة الطويلة 13 كتابًا—11 رواية ومجموعتين قصصيتين— وقد اختارتها لجنة التحكيم لعام 2025 برئاسة الكاتب ماكس بورتر، الذي سبق ترشيحه لجائزة بوكر. والكتب المدرجة في القائمة الطويلة لهذا العام هي:

سفر الاختفاء – ابتسام عازم، مترجم من العربية بواسطة الشاعر العراقى المعروف سنان أنطون

في حساب الحجم: المجلد الأول – سولفي بال، مترجم من الدنماركية بواسطة باربرا جي. هافيلاند
هناك وحش خلف الباب – جايل بيليم، مترجم من الفرنسية بواسطة كارين فليتوود ولائيشيا سان-لوبير
سولينويد – ميرسيا كارتاريسكو، مترجم من الرومانية بواسطة شون كوتر
عاهرات احتياطات – داليا دي لا سيردا، مترجم من الإسبانية بواسطة هيذر كليري وجوليا سانشيز
قارب صغير – فينسنت ديلاكرو، مترجم من الفرنسية بواسطة هيلين ستيفنسون
الأحدب – ساوو إيتشيكاوا، مترجم من اليابانية بواسطة بولي بارتون
تحت عين الطائر الكبير – هيرومي كاواكامي، مترجم من اليابانية بواسطة آسا يونيدا
يوروتراش – كريستيان كراخت، مترجم من الألمانية بواسطة دانييل بولز.
10.الكمال – فينتشينزو لاترونيكو، مترجم من الإيطالية بواسطة صوفي هيوز
11.مصباح القلب – بانو مشتاق، مترجم من اللغة الكانادية بواسطة ديبا بهاستي
12 .في جنون امرأة – أستريد رومر، مترجم من الهولندية بواسطة لوسي سكوت
13. قبعة من جلد الفهد – آن سير، مترجم من الفرنسية بواسطة مارك هاتشينسون
نبذة نقدية عن رواية: سفر الاختفاء

صدرت الطبعة الأولى من رواية "سفر الاختفاء" لمؤلفتها الفلسطينية ابتسام عازم في عام 2014م وترجمها إلى الانجليزية الشاعر العراقى سنان أنطون .والتى وصلت الى القائمة الطويلة من بين ثلاث عشرة رواية اليوم (الثلاثاء 25 فبراير2025)

تقدم رواية سفر الاختفاء سردا متخيلا تخلط فيه بين الخيال الواقعي والخيال الافتراضي. تسرد هذه الرواية قصة الفلسطينيين الذين بقوا في فلسطين بعد احتلالها لكنهم فجأة بعد مرور كل هذه السنوات من العيش بجوار اليهود يختفون جميعا بما فى ذلك المساجين والأسرى في سجون الاحتلال لا يبقى لهم أثر. هذا هو الحدث المركزي الذى تترابط به مشاهد عديدة تبدو متناثرة مفككة؛ لكنها متجاورة تشترك بخيط واحدد وهو اختفاء الفلسطينيين، وقد حاولت الكاتبة تجسيد رؤيتها من خلال هذا الحدث المركزي.وعلى الجاب الآخر يحاول اليهود "حكومة" و"شعبا" تفسير هذا الأمر، حيث تتباين ردود الأفعال بين مستغرب وسعيد وخائف

يوازي هذا الخط من الأحدداث خط آخر وهو تخصيص الحديث عن علاء الفلسطيني وصديقه اليهودي (أريئيل) فعلاء الذي يحزن كثيرا بعد وفاة جدته التي كانت شاهدة على النكبة يختفي ضمن المختفين أيضا ؛ لكنه يخلف وراءه دفتر مذكراته التي يبث فيها شجونه لجدته المتوفاة، وتختلط هذه الشجون بروايات الجدة التي كانت تقصها عليه منذ النكبة، وما تلاها عبر سنوات عديدة عاش فيها الفلسطينيون تحت الاحتلال، وكل هذه الذكريات تصبح وليمة بين يدي صديقه اليهودي الذي يسكن شقة علاء بعد اختفائه، فستولى عليها وعلى المذكرات معا .

وتطرح سفر الاختفاء عددا من الأسئلة والتساؤلات من خلال الأحدداث والشخصيات التي تسهم في تجسيد رؤيتها الفنية ومن أهمها:

 هل يمكن لليهودي الإسرائيلي الذي احتل فلسطين أن يعيش بأمن وسلام فيها؟
 هل يمكن أن تختفي عقدة الخوف عند اليهود المحتلين؟
 هل يمكن أن يكون هناك صداقة بي العربي أو الفلسطيني والإسرائيلي أو المحتل؟

اليهودية على المستوى السياسي هي الحواجز والجنود والاحتلال والاستيطان والتعذيب للفلسطينيين؛ أما العقيدة الدينية فشىء وهذا ما تحاول أن تقوله الرواية أو الأسئلة أعلاه ، إذ إن هذه الرواية محاولة جادة لتفكيك سردية الآخر وبيان الصدوع التي تعانيها؛ فالاحتلال يستمد قوته ووجوده من وجود الفلسطينيين في تعذيبهم وظلمهم، وهذا ما يفسر إبقاء الباقين وعدم محاولة إخراجهم بشكل مباشر-مع التنغيص عليهم- وكأن وجود المحتل يصبح مهددا باختفاء الآخر الفلسطيني

وتدور أحدداث هذه الرواية في مدينة يافا الفلسطينية التي كانت من أوائل المدن التي سقطت في يد الاحدتلال عام 1948م، وتصّور الرواية المكان بين الماضي والحاضر، (يافا قبل الاحتلال بطقوسها واحتفالاتها ومناسباتها وأعيادها.. ويافا بعد الاحتلال بكل القهر والمعاناة والغربة التي يعانيها من بقي في المكان. وتسلط الرواية الضوء على محاولة الاحتلال تغيير ملامح المكان بإطلاق أسماء يهودية وتوراتية عليه.

أما خاتمة الرواية فتشكل لحظة التنوير التي تفند سردية الآخر وتدحض ادعاءاته؛ فلم يظهر الفلسطينيون في نهاية الرواية؛ لكن أريئيل الذي كان يترجم مذكرات علاء، سمع صوت همس وخشخشة في شقة علاء التي "استوطنها"، حينها عاوده الخوف –الذي لم يفارقه ولن يفارقه أيضا -وقرر تغيير قفل الشقة في الصباح ،كما أن أريئيل" اليساري" كان من أول الذين نسوا حق الفلسطينيين في بيوتهم ووطنم واستولى على شقة علاء (الوطن) دون أدنى شعور بالذنب.

ولربما يحمل الحدث المركزي في الرواية وهو اختفاء الفلسطينيين وما تعلق بهذا الحدث من ردود أفعال ومواقف متباينة بعدا رمزيا، فهل أرادت الكاتبة أن ترمز بهذا الحدث "غير المنطقي أو غير الواقعي" إلى صعوبة المرحلة التي يعيشها المكان والإنسان في فلسطين؟ هل أرادت أن ترمز بالاختفاء إلى تهديد الهوية والوجود الذي يحاول النيل من فلسطين؟ وهل اختفاء الفلسطينيين مع بقاء الشخصية اليهودية في حالة تأهب وترقب يشي بالصدوع التي لا يمكن للجلاد أن يبرأ منها؟ وهل شقة علاء رمز لفلسطين التي سيعود إليها صاحدب المكان حتما؟ وهل الدليل على هذه العودة سماع أريئيل لأصوات لم يعرف مصدرها؟ كما قد يرمز بقاء دفتر مذكرات الفلسطيني علاء إلى صعوبة محو الذاكرة وقتل التاريخ الذي سيبقى شاهدا على من مّر من هنا، ومن سكن فلسطين، حتى وإن غاب عنها.

إن هذه الرواية تفتح أفق التأمل من جديد بطبيعة الصراع الذي تعيشه الأمة العربية وحقيقة العدو الذي تواجهه،ومن ثمّ ربما نصبح أكثر فهما لقضيتنا وأقدر على التعامل مع عدونا.

تعتمد الكاتبة ابتسام عازم فى سفر الاختفاء تقنيات سردية حديثة كالتذكر والتداعي والحوار الداخلي والقطع المكاني-والتنوع اللغوي والأسلوبى، فهناك الفصحى والعامية وبعض الكلمات العبرية واستخدام ضميرى الغائب والأول على مستوى السارد ومن ثم وجهة النظر.
وهكذا تضافرت كل هذه التقنيات

لتصياغة مقولة الرواية الكلية وتجسيد رؤيتها، وهو ما أضفى أيضا على السرد الروائي حيوية وجاذبية وعمقا.
غدا الثلاثاء الموافق 8 أبريل 2025سيتم الإعلان عن العمل الفائز بجائزة البوكر، لعله يكون رواية سفر الاختفاء لابتسام عازم.

* ابتسام عازم: كاتبة وصحفية لفلسطينية، ولدت في الطيبة بالقرب من يافا، المدينة التي نزحت منها والدتها وأجدادها عام 1948. تتخيل فى روايتها سفر الاختفاء، ماذا سيحدث إذا اختفى الشعب الفلسطيني فجأة، حيث لاقت استحسانًا نقديًا عندما صدرت عام 2014. وهي روايتها الثانية، بعد سارق النوم عام 2011، كما نشرت مجموعة قصصية بعنوان أتمنى لو كنت هدهدًا عام 2024. و ابتسام عازم حاصلة على درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية مع تخصّصين فرعيين في الأدب الألماني والإنجليزي من جامعة فرايبورغ، بالإضافة إلى ماجستير في العمل الاجتماعي من جامعة نيويورك.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى