سيرفنتاس في الحــامة

صدر عن منشورات وزارة الثقافة الجزائرية كتاب للمؤلف ـ جمال غلاب ـ بعنوان *سيرفنتاس في الحامة*. ويأتي هذا العمل استجابة من المؤلف لمرور أربعمائة سنة على كتابة رواية *دون كيشوت* 1605 ـ 2006, هذه التظاهرة التي دشنتها الحكومة الاسبانية باحتفالية خاصة في كامل ربوع العالم بتنظيم أكثر من 2000 تظاهرة ثقافية. وقد تم اختيار ثمان مدن عالمية ـ الكالآ, برلين, زغرب, ميكسيكو, وهران (الجزائر)، دالاس، برلين لتنظيم مهرجانات ضخمة...

وربما اختيار الجزائر من ضمن الثمان المدن العالمية من طرف الحكومة الاسبانية لم يكن مصادفة وإنما لأسباب وجيهة ولها أبعادها التاريخية فكما هو متعارف عليه الكاتب الاسباني ـ ميخائيل سيرفنتاس ـ تم أسره في الجزائر من طرف البحارة الجزائريين بتاريخ 07 سبتمبر1575 وتمت فديته سنة 1580. وخلال الخمس سنوات التي قضاها بالجزائر كانت مليئة بالأحداث السياسية والثقافية....الخ. والكتاب الذي ألفه المؤلف *جمال غلاب* يتناول مساحات واسعة من هذه الحيزات الزمانية والمكانية مثل الصداقة التي يكونها/ ميخائيل سيرفنتاس مع *زريد* الجزائرية الفتاة التي كان يتبادل معها الرسائل وهو بسجن البايلك. والتي تساعده على الهرب وتمده بالمال بعد أن تعرفه على أبيها الذي يحب فيما بعد *سيرفنتاس* وكل هذه الأحداث يدونها *ميخائيل سيرفنتاس في مؤلفه *دون كيشوت*. فماذا تعني رواية دون كيشوت بالنسبة لنا؟ إنها تعني الذات التي يصورها ـ سيرفنتاس ـ في مخياله, من خلال روايته *دون كيشوت* فبعد أن يفضح خفاياها ويكشف لنا أسرارها ينتهي إلى القول بأن هذه الذات يسكنها شخصان الأول كله جد وصرامة في تعامله مع قضياه... والثاني غير مبال يغلب عليه الاستهتار والتهور, ويتجلى ذلك من خلال أخذه للأمور ببساطة متناهية.....

لقد صور *سيرفنتاس* هذين الشخصين أحسن تصوير في روايته *دون كيشوت* صور سانشو بانزا الذي ينظر إلى الحياة بعين الجد والصواب وبكثير من الحكمة وصور *دون كيشوت* الذي يعني في الثقافة الاسبانية مصارعة طواحين الهواء على طريقة مغامرة الفرسان الخيالية التي لا يمكن لمشاهدها أن تصير واقعا ومثل هذا التأويل قد يسايره الكثير من الصدق لأن القصة في حد ذاتها هي سخرية ممن تستهويهم المثل العليا ـ الشهامة والمرؤة والشجاعة ـ التي تصورها قصص الفروسية الخيالية باعتبارها مثلا وهمية لا مجال لها في الحياة الواقعية.