الأحد ٢٢ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠١٧
بقلم مرسلي لعرج

سينما الحرب والحرب من جانب السينما

نشأت الفكرة عن مناقشة مثمرة مع رفيقي وشريكي أوليفييه كمبف، بمناسبة الاختبار-المسابقة، وهي مبادرته بشأن سينما الحرب، تأمل كهذا يمكن أن يكون شكل تأثير خاص، أكثر من كونه إشارة ضعيفة لعرض القوة العالمية. وبالفعل أوليفييه لاحظ أن الأفلام التي ذكرتها الأغلبية من منها أمريكية. %80 المشاركين في اللعبة، حوالي بعيدا عن هذا التفكير حول الأمركة، وظاهريا على الأقل بالنسبة لفيلم الحرب يهيب بنا أن نميز بين فيلم "حول الحرب" وبين فيلم لب الموضوع فيه هو الحرب، الموضوع والديكور ينفصلان ويتحركان بعيدا هكذا، دون أن نتحدث حتى عن عدد من المتغيرات الأخرى، ولأن الحرب المثارة تنتمي إلى التاريخ الوطني للبلد المنتج، وأيضا هي بشكل أو آخر أبعد من الحقبة التي يوجد فيها الآن.

علاوة على ذلك، فمن المهم أن ننظر مرة أخرى إلى الحالة الأمريكية، وهو أن الأفلام "حول الحرب" أساسا مواضيعها الحروب ’’الأبعد’’ الحروب الأقل تأثيرا وضررا على الأراضي الأمريكية. وفي الواقع فإذا استثنينا أفلام الحرب العالمية الثانية أو حرب فيتنام، فإن هناك اهتماما قليلا جدا بالحرب الأهلية الأمريكية أو حرب الاستقلال، باستثناء باتريوت –على الرغم من العناصر الأساسية المكونة للمخيال الجمعي الأمريكي.

وعلى هذا النحو تغدو الحرب الأهلية الأمريكية مثيرة للاهتمام، وبدت موضوعا جوهريا في العديد من الأفلام "ذهب مع الريح"، "العودة الى الجبل البارد"، "عصابات نيويورك"، وقليلة هي الأفلام التي كرست لها كحرب عسكرية (1). وبالفعل فإننا سنتولى البحث عن الأفلام التي تتناول شخصيات كبيرة أو المعارك الكبرى لهذه الحرب حتى إذا كانت لغاية اليوم هي موضوعيا من فنون الحرب مثلما هي متوخاة من قبل الأمريكيين.

وفي المقابل إذا اهتمينا بالحرب في الهادي دون الاستثناء البارز عملية ميناء بيرل هاربر، والتي تجري بعيدا عن أراضي الولايات المتحدة الأمريكية، وكما نلاحظ فبمجرد النظر إلى فيلموغرافيا جون واين يظهر بطل الفيلم حول الحرب وفق النموذج الأمريكي، وفرة في العناوين: ’’النمور الطائرة’’ و ’’تأهب المارينز’’ و ’’العودة إلى الفلبين’’ و ’’المضحون’’ و’’إيو جيما’’ الخ...

الحقبة المعاصرة تم التخلي فيها للشغف بفيلم ’’الحرب حول الهادي’’، من بين أفلام أخرى، كـ’’الخط الأحمر’’ لتيرنس ماليكأ أو ’’رسائل إيو جيما’’ لكلينت ايستوود، وتجدر الإشارة إلى أن فيلما عن الحرب يركز أساسا على ألا يكون شديد الإيلام للجمهور الموجه إليه، فالعديد من المكونات ضرورية لفيلم جيد عن الحرب. وقبل هذا فمن الضروري أن تكون الحرب ’’عادلة’’ (2),وحتى لا تتحول إلى صدام مقرف، وهذا حتى لا نستعمل المصطلح الأكثر دلالة أي الحضاري, وبالطبع أن تكون قدر الإمكان أبعد عن الإقليم الوطني حتى يكون استخدام صورتها ليس ضارا وعديم الإنتاج, كما يسمح فيلم الحرب بعرض الخطط الجيوسياسية وإظهار وحشية العدو، والمثل البارز والفيلم الأكثر انعكاسا وتجسيدا بدون شك لهذه الحالة هو فيلم ’’السيد والقائد’’ وهو خلافا لما هو وارد في الكتاب الذي أخذ منه فالبائس في هذا الفيلم هو فرنسي, خروج الفيلم في قمة موضة التقريع الفرنسي، بعد الرفض الفرنسي الانخراط في حرب العراق في عام 2003, ليعوض الفيلم بمهارة بائسا أصلا أمريكي ويضع محله بائسا فرنسيا(3).

وبالإضافة إلى الولايات المتحدة، نلاحظ أن الاتحاد السوفياتي في زمنه أيضا كان من كبار منتجي الأفلام عن الحرب بمعايير مطابقة تماما، ولكن بشكل مختلف للتباعد عن موضوعه، فإذا كانت الحرب العالمية الثانية قد ظهرت، فكثيرا ما صورت بمساعدة العدسة كما هو فيلم ’’ألكسندر نوفوسكي’’ لأنشتاين، وفي نفس الفيلم كذلك يصعب إيجاد مواجهة مقرفة وشمولية كهذه، وهذا التزييف الهمجي ورجال إمارة كييف،

الإنتاج السوفياتي والذي هو كليا تحت رقابة وسيطرة جدانوف يقترح هكذا على العالم
أفلاما وطنية حيث تقدم الحرب قبل كل شيء كوسيلة لخدمة صورة الاتحاد السوفياتي الذي يحارب عالميا ضد همجية مستحكمة،

في السينما الاوروبية نلاحظ كذلك ضرورة الخروج والابتعاد عن موضوعها لعمل فيلم ’’حول الحرب’’ لذلك كانت معظم الأفلام الفرنسية أو الإيطالية والتي كان لب موضوعها الحرب العالمية الأولى أو الثانية قد تناولت التفكير في الإنسان وحالته ’’الحرب العظمى’’، الالتزام، الاختيار في فيلم "الوهم الكبير" بدلا من التركيز على وضع الحرب في الواجهة الأمامية كموضوع (4).

وكذلك السينما اليابانية لما بعد الحرب بإحساسها الفني الخاص، سلكت نفس الممر والطريق، فإذا كانت الحرب حاضرة في السينما فهي في ضوء التفكير حول الإنسان، فأفلام كيروزاوا أو ميزوغوتشي والتي موضوعها غالبا ’’حرب غامباي’’ أو’’سانغوكي جيداي’’تسلط الضوء على الهوية (كاجيموشا) العائلة ’’ران الرجال الذين يمشون على ذيل النمر’’ الالتزام ’’السبعة الساموراي’’ أو القدر ’’قلعة العنكبوت’’.

ومن هذا المنظور فمن الضروري النظر إلى ماهي البلدان التي تنتج (أفلام الحرب)
هذه في الوقت الحاضر، وكيفية استخدام إرادتها في عرض القوة، ومن المدهش أن نلاحظ أن القوى الصاعدة أصبحت منذ بضع سنوات من المصدرين الكبار لأفلام الحرب، فإذا كان يبدو عاديا وأمرا متوقعا أن نعد روسيا ’’الأميرال’’ أو الصين ’’الممالك الثلاث’’، ’’بطل’’، ’’زهور الحرب’’، فوجود تركيا ’’1453’’ هو الأكثر غرابة، كل هذه البلدان تحاول بطريقتها الخاصة عرض ماضيها الحربي في صورة ’’عادلة’’، والتركيز على عرض إنسانية الأبطال’’ 1453’’، ’’الأميرال’’ ووحشية الأعداء ’’زهور الحرب’’، ’’الأميرال’’.

وهي في الوقت نفسه تسعى للعمل على إعادة تنشيط الذاكرة الوطنية كما هو جلي في الحالة الروسية وإعادة الاعتبار لشخصية ككولتشاك في ’’الأميرال’’ والتأثير العالمي في إظهار البلد كقوة منتصرة وعادلة،

غير أنه يجب في الختام التذكير بأن السينما لديها مشتركا مع جيواقتصاديات الطاقة وهو أن وجود المورد الوحيد لا يكفي ولكن اللوجستيك المرتبط بهذه الأخيرة مهم أيضا، وليس مدهشا إذا عدنا إلى سبر الآراء الذي قدمناه في البداية وهو أن 80 بالمائة من الأفلام هي أمريكية، القوة في السينما، ولكن أيضا قوة شبكات التوزيع،

Nicolas Mazzucchi*مقال لنيكولا مازوتشي

(1) ماعدا الحالة الروسية التي أظهر فيها البيض كـ (حزب أجنبي) قليلة هي (أفلام الحرب) التي تناولت الحرب الأهلية، فهذا الموضوع هو غالبا حساس،

(2) حسب المفهوم الأوغستيني،

(3) علاوة على ذلك، فمن المهم أن نلاحظ أنه في تلك الفترة معظم البائسين في الأفلام الهوليوودية هم من حملة الجنسية الفرنسية،

(4) ومن الضروري الإشارة إلى الاستثناء الذي تشكله بعض سينما الحرب الإيطالية لسنوات 60-70، كالويسترن سباغيتي والذي كان السبب في رؤية كثير من الأعمال النور كـمعركة العلمين مع روبرت حسين في دور رومل،


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى