السبت ١٦ شباط (فبراير) ٢٠١٩
بقلم فاروق مواسي

شيء عن شعري

هذا الموضوع ليس لمن لا يحب ما أكتب.

وعذرًا لمن لا يستسيغ الحديث عن الذات.

علق لي قارئ لصفحتي على (الفيس) أن شعري يصاحب هذا الحدث وذاك، وفي استحضاره تظل الجِدة وكأنه كتب على التو، ولا نكاد نجد مثل هذا في شعرنا الفلسطيني.

أجبته:

شكرًا على ملاحظتك اللطيفة، وأوافقك أن معظم شعري فيه ما يستجيب للحدث وللظرف وللموقف، فإذا أردتَ قصيدة تستشعرها وترافق نبضاتها فإنك واجد في قصائدي ما يوائم مطلبك، بل تشعر كأن القصيدة كتبت حديثًا.

اقرأ من قصائدي "الجدار"، حتى تحس عمق مأساة إقامته، واقرأ المفتاح" حتى تلمس ما يلمسه اللاجئ وحنينه.

عندما كتبت "باسم الشرف" عن قتل الفتاة فقد رأيت أنها لم تُكتب لمرة واحدة فقط، فالقتل يتكرر بوتيرة مخجلة، وكذلك قصيدتي (طاخ طاخ) وكأنها رد ملازم على كثرة القتل بين ظهرانينا.
وقصائدي عن "المعلم" مواكبة للتفاني الذي يبذله المعلم المخلص القدير، وهي تحاور هذه العلاقة بين الطالب والمعلم.

قصيدتي "ألم" للمرضى في المشافي، ولا يكاد بيت يخلو من أحد يعاني، ويدعو الله أن يعافي وأن يرحم، فالقصيدة محزنة وأسيانة.

مرة أخرى قصيدتي ليست لمرة واحدة.

قصيدتي "الحج الأصغر" قرأها عشرات المعتمرين قبل العمرة أو بعدها، وكأنها كتبت لكل منهم.
زيارتي للأندلس ووقوفي على كل مدينة وأثر هناك كانت شديدة الوقع على من كحل عينيه بتلك الربوع، بدأتها بمعارضة لموشح لسان الدين، وختمتها بموشح لي، وقد كُتبت عنها أكثر من دراسة. وكم أحب أن يقرأها السائح العربي ليرى كم شحنت فيها من تاريخنا وأمجادنا.
قصيدتي في طلعة ابنتي "تودعين" طُلب مني أن أرسلها لآباء يودعون بناتهم في زفافهن، بل إن عرائس توجهن لي أن أسجل القصيدة لهن في فيديو وبتغيير الاسم فقط.

بالإضافة إلى قصائدي عن الأمكنة وخاصة القدس، حيث توقفت على جزئيات لا نجدها إلا في هذه المدينة، ثم قصائد أخرى عن عكا وعن حيفا، من قيسارية إلى باقة، من عين حوض إلى إجزم فالناصرة فبيت لحم، وغيرها كثير مما يشي بوصف لإحساس عارم، ينطبق على المكان، ولا تجد لدي تهويمات عبثية، أو رومانتية مفرطة، أو خيال يصلح لكل عنوان.

مئات القصائد التي كتبتها لم أكتبها ليُلقى بها في غمرة النسيان، ولذا تجدني أعيد نشر هذه القصيدة أو تلك في ظرف ما في موقف ما، فهل يظن ظان أن قصيدتي عن "الشهيد"، أو عن "حبي فلسطيني" أو "سمفونية التشبب" أو "المسرح والمهموم" أو القصائد عن يوم الأرض هي مجرد طفرة أو هبة؟

بل إن قصيدة الغزل تجد من يرى فيها تعبيرًا عن خلجاته هو، وما ألحظه ناقدًا لشعري أن النفس القصصي يتردد في شعري، وهذا ما أجده قليلاً في الشعر العربي عامة.

أعتز بما أكتب في صدق ومن صِدق، ومن تعبير حقيق عن مشاعري إلى درجة ارتفاع النبض وانخفاضه في دمي.

التقيت قارئًا يحفظ لي "الشيخ والبحر" وهي عن مسجد قيسارية الذي أضحى حانة، فكيف لا أزهو وأعتز بما قدمت؟

كيف لا أسر بالأطفال -وما أكثرهم- يحفظون قصائدي عن "المطر"، الدراجة"، "أمي" وغيرها كثير.

قلت في سيرتي "قصيدتي أناي" والأنا تبقى في جوهرها نفْسًا ونفَسًا- حتى لو تبدلت مظاهر وأعراض.

تحدثت عن كتابتي وتجربتي، ويا حبذا أن يكتب الأصدقاء الشعراء كل عن خصوصية يجدها لديه أو رسالة لا يضن بها، فلعلنا نتعلم، ولعلنا نفيد.

هذه المادة تتمة لما نشرته في "أقواس من سيرتي الذاتية" – الطبعة الثالثة- 2016، ص 56 – 92، ويمكن تصفح الكتاب في موقعي على الشبكة، ومن يرد ملف المقال أرسله له على الخاص.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى