الثلاثاء ٨ آذار (مارس) ٢٠١١
بقلم
صباح الثروة
في خضم هذه الثورة التاريخية التي عاشتها بلادي الحبيبة تونس، لم يأبى قلمي إلا أن يهدي درر الحبر إلى هذا الوطن الغالي على قلب وفؤاد كل تونسي وكل عاشق للحرية، إلى كل ذرة من ثراه عانقت الأجساد البريئة المناضلة العطرة وسقتها الدماء الزكية، إلى كل من عبّد جسر الـــــحرية بجسده الطاهر، إلى كــــل من خطّ أحلامــــنا وطموحنا للانعتاق بدمائه القانية وأنينه و جراحه، إلى كل من هبّ إلى الساحات لم ترعبه الرصاصات ولا الرشاشات فوطنه يناديه، إلى كل من يعشق نسيم الحرية من إخواني من رحم وطني ورحم هذه الأمة العربية،
تذوب الروح من الوجد إذا ما هبت نسيمات الشتاءوترقص الروح من المجد لقصيدة عنوانها الإباءقصيدة الوهم والوهج والويل والوعدقصيدة الجرح والدمع والفخر والسعدقصيدة الشعب يخاف من همسه الليلفإن صاح تخجل السماء وتحمر وجنتا الأفققصيدة الوطن ريشة حمامة تختال بين اثنا وعشرينقصيدة المتظاهر ينزف وفؤاده فرح زجلانتتقاطر الدماء تتسابق لتروي زهرة بانت منذ حين في الجنانفما الآلام إلا رحمةوما الموت في سبيل الحياة إلا هبة من الرحمانقصيدة الرصاصات تصطف وطفل يبكي ملاك الأمانيا مستبدا لم يسلم منك بنوآدم ولا البنيانرفقا بشهيدي الباسم سلبته في المهد أبا لنور حق في عينيه قد بانأما آن له أن يعانق الثرى، أما آن له أن يرقد بسلامعفوا نسيت أنك مستبد، صوت الرصاص حتى لموكب الجنازة لا ينامقصيدة الرشاشات والقنابل في يوم حشرتتفرق الأجساد ثم تلتصقكبتلات الزهر تلتحم إذا ما داهمها الليل في موكب الوحدة تنطلققصيدة البخور يفوح من هالة طاهرة أولها يأس وآخرها غضبوسيوف أفكار وأدمغة تنضج تحت ألسنة اللهبورماد أفواه وأياد يزهر ويثمر طموحا لانعتاق البلدقصيدة أم تحمد الله، تقبل رصاصة اخترقت الجسدوتتوعد بأربعة أشدّ صلابة علمتهم برّ الوطن إلى اللحدقصيدة الشبان يطربون لعزف العصي وموسيقى البنادقتوقف يا هذا! كائنا من كنت هذه دولة الأحرار ونحن الفيالققصيدة قمرٍ لحافٍ لطفل صار شبلاوأجساد الطلاب في الساحة ترسم الحلم والأملقصيدة شارعٍ مفترقٍ يشهد كيف صار العلم بساط المصلينفنحن شعب لا نسجد إلا لواحد أحد، رب الشهداء والمجاهدينقصيدة إرادة الشاب حفرت كتجاعيد شيخ على الجبينيرتفع نشيد الحياة من الحناجر كالأرواح كالملائكةليركب في السماء طهور الياسمينقصيدة الأرض زلزلت تحت أقدام المستبد القديموقوم على بعد أمتار، مخاض لحرية وأصواتهم باتت ترانيميا أيها الظالم أراك هويت!ما أنت سوى ورقة مصفرة تداخلت عيون أسطرها وأعناقهاكغربان من ويل الصياد اندست في أسرابهاووعود كأجراس كنيسة مغبرةلا يلبي ندائها النساك ولا من حملهم الإثم في الجرفيا أيها الظالم أراك وهنت!قد أتمت العناكب شباكها وصار العرشقطعة في ركن متحف منسيةًً لا يأبه لوجودها مار ولا زائريا أيها الظالم ارحل ! فقد اعتنقنا الحريةوما جسد الشهيد على المذابح إلا قربان وهديةولنحمد الله فالظلم نعمةغيمةٌ سقت كل نفس متعطشة وكل روح أبيةوفجرت ينبوع ثورة انتفاضة جماهير شعبيةأيها التاريخ سجل!عشرون سنة يطل من شرفات الطغيانوعشرون سنة في القصور وإخوان من رحم الوطن في الحرمانوعشرون سنة يلهجون باسمه كأنهم في حضرة نبي البيانوخمس ساعات سجين السماءإلى من تشكوعذابك؟ورياح الرعب تنادي!وحناجر الثوار تنادي!وأراضي الحلفاء لا تقبل رشوة الفل ولا الياسمين ولا عناقيد العنب في الدواليوأعين الأعداء تتورد فرحا لتحقق الآمالأيها التاريخ سجل!كما سجلت دعوة مظلوم نفي في غياهب النسيانودعوة بريء يغني للانعتاق من وراء القضبانودعوة صالح ولد في قصور العلم فألقي به في كوخ الفقرودعوة دمعة أمّ وزوجة وبنت أسالتها أيادي القهرأيها التاريخ سجل!أيها التاريخ سجل أبناءُ الخضراءاخضرار الواحات في الصحراءواخضرار المروج على كفتي الوادينحني الحريف محيياقبس الشمس من الأغصان متدلياوالشتاء يستضيفنا ولا نستضيفهغيثا وكرما يجود به يستلطفنا ولا نستلطفهوبرده صار دفئا دائماورياح الحق تستنصر بناأيها التاريخ سجل!