![](IMG/img_trans.png)
![](IMG/img_trans.png)
عبد الرحمن الداخل وفيض من الحنين!
نُسبت لعبد الرحمن الداخل (صقر قريش) أبيات رأى فيها تماثلاً مع نخلة بسقت في الأندلس، فقد رأى الداخل نخلة مفردة بالرُّصافة، فهاجت شجنه، وتذكر وطنه.
ها هي النخلة بعيدة عن موطنها تشبه حال الشاعر الذي هو بعيد عن موطنه، فيدعو لها أن تسقيها الغيوم وأن يسح عليها المطر:
تبدَّتْ لنا وسْطَ الرُّصافة نخلةٌتناءتْ بأرضِ الغرب عن بلد النخلِفقلتُ شبيهي في التغرُّب والنوىوطولِ الـتَّنائي عن بَنِيَّ وعن أهلينشأتِ بأرض أنتِ فيها غريبةٌفمثلُكِ في الإقصاءِ والمُنْتأى مثليسقتكِ غوادي المُزْن من صَوبها الذييسِحُّ وتستمري السِّماكَين بالوَبل
كان عبد الرحمن الداخل (عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك) قد سار إلى بلاد الأندلس وأخضعها لحكمه بين سنتي 756 – 788 م هـ، فسمي بالداخل.
أما الرّصافة فهو حي في قرطبة على شط النهر الكبير، وقد سماها على اسم الرصافة في بلاد الشام تلك التي بناها جده هشام. ويلاحظ أن تأثر المغاربة بالمشارقة كان إلى حد بعيد، فقد سمى الأندلسيون أسماء مدن على أسماء مدن في الشرق، بل لقب شعراء أنفسهم بألقاب شعراء مشارقة.
السِّماكان هما نجمان نيّران، أحدهما في الشمال- السِّماك الرامح، والآخر في الجنوب- السماك الأعزل، واستمرى تعنى استدعى منهما المطر.
لم أجد أي شرح يبين علاقة السماكين بالمطر، لكني وجدت في شعر العرب ما يدل على النَّوء، وهو حركة النجوم، فيقول عبد الله بن الدُّمَينة:
فما مُزنةٌ بين السِّماكين أومضتمن الغَور ثم استعرضتها جنوبها
ويقول حمّاد يرثي أباه:
عليك سلام الله من قبر فاجعوجادك من نَوء السِّماكَين وابل
وثمة شاعر آخر خاطب الرشيد في تولية ابنة الأمين:
وقلد الأمر الأغرّ الأزهرنوء السماكين الذي يستمطر
كانت العرب في الجاهلية إذا سقط نجم وطلع آخر (النوء) قالوا لا بد من أن يكون عند ذلك مطر أو رياح، فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى ذلك النجم، فيقولون "مُطِرنا بنوء الثريا"، أو بنوء الدّبَران، والسِّماك. (مادة نوء- في لسان العرب)
عَود على بَدء:
من شعر الداخل أيضًا في النخل، وفي المعنى الذي بدأنا به:
يا نخلَ أنتِ غريبة مثليفي الأرضِ نائيةٌ عن الأهلتبكي وهل تبكي مكَمَّمَةٌعجماءُ لم تُجبلْ على جَبليلو أنها عَقِلتْ إذن لبكتماءَ الفراتِ ومنبِت النخلِ
يستبد به الحنين فيتشوق إلى دمشق، فيقول:
أيها الراكب الميمِّمُ أرضيأقرِ مني بعضَ السلام لبعضيإن جسمي كما علمتَ بأرضوفؤادي ومالكيه بأرضقُدِّرَ البَين بيننا فافترقنافطوى البينُ عن جفونيَ غُمْضيوقضى الله بالفراق علينافعسى باجتماعنا سوف يقضي
من الجدير ذكره أن الخليفة توفي في قرطبة، وبسبب الفتن والحروب لم يعد أحد يعرف أين قبره، ومع ذلك فهو حاضر في الذاكرة العربية، وقد فطن شوقي إلى ذلك، فقال في سينيته:
كنتَ صقرًا قرشيًا عَلمًاما على الصقر إذا لم يُرمَسِِإن تسلْ أين قبورُ العُظَمافعلى الأفواه أو في الأنفس
ماذا قلت عن الداخل:
زرت الأندلس سنة 1987، ومن أندلسياتي التي بدأتها ببيت موشح وختمتها ببيت آخر، ما قلته في قصيدتي (قرطبة):
قرطبة
في الجامع بين الأعمدة الحمراء البيضاءكان (الداخل) يمضي للمحرابصقرًا تعرفه كلّ سماءفأصافح فيه العزة والكِبريبسم في إيمانيتبدى في كل الأنحاء[....]فأعود لكي أتملى السقفالمصنوع من الذهبومن المرمروأشم عطور القمم الشماءوأكاد أ صليحتى شيعت على بعدٍ ألوان الشوق الخضراءتتمدد، تصْغُر فإخالكيف أتاها الفاتحيلبس تاج عِمامتهيركب فرسًا ومَضاءعن بعد ألمحها الزهراءفأقول سلامًا يا زهراء !وسلامًا يا قرطبة الدين وقرطبة الآباء!
مشاركة منتدى
10 أيار (مايو) 2017, 12:41, بقلم مرزوق البحري
ان صح الا فتخار وعزت الموالات فبمثل هاؤلاء .والقارء لهاته الابيات تتحرك جوارحه تفيض مشاعره حنينا وشوقا لهم.
30 نيسان (أبريل) 2024, 02:48
ايها ايها الفتي الغريب عني وعن داري ومعماري تبدت لنا وسط الرصافه نخله تناءت بأرض الخير عن بلد النخل تسج بها الرياح في كل وقت وهي هي ثابته في كل وقت