عبد الناصر في ذكرى رحيله...العرب في اسوأ حال
خمسون عاما على رحيله ولا يزالون يسعون جاهدين للنيل منه،ويبقى شامخا رغم تغيبه،ويظلون اقزاما رغم تطاولهم عليه،فلن ينالوا منه،انه حي في قلوب الملايين التي عاصرته والتي لم تره.
بمجيئه حاول جاهدا ان يحدث تغييرا جذريا على الساحة العربية التي تم نهب خيراتها وتمزيقها الى قطع امعانا في اذلالها،لئلا تقوم لها قائمة،خاطب الجماهير مباشرة وبالأخص شبابها فكانت افكاره تسري فيهم كسريان الدم في عروق الجسد الواحد،انهارت ممالك ونظم،اعتبر القضية الفلسطينية مصدر قوة للانطلاق نحو تحقيق الوحدة العربية،فكانت الوحدة بين مصر وسوريا العام 1958،ولاءات الخرطوم الثلاث بشان العدو المغتصب لفلسطين.
لقد سعى جاهدا وبما يملكه من رصيد شعبي واحترام دولي وبالأخص شعوب افريقيا وأمريكا اللاتينية نحو اعتراف العالم بفلسطين واعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني،فهي انبل ظاهرة في التاريخ المعاصر،لكن الاعداء وعملاءهم من عرب وعجم ابوا إلا اسكات الصوت الذي اعتبروه ناشزا،فحيكت ضده المؤامرات،اخرها الاقتتال بين المنظمة ومملكة الاردن في محاولة لوأد القضية،لكنهم في الحقيقة استطاعوا واد الرئيس وهو في مقتبل العمر وقد اطمأنوا الى خلفه السادات،لا تهم الطريقة التي قتلوه بها،ربما خصلات الشعر التي اجتزت من رأسه وأظافر اصابع يده (التي تم تقليمها)قد بينت سبب ألوفاة،لكن الحقيقة ستخرج للعيان مهما طال الزمن.
بغيابه حاول بعض الخيرين من ابناء الامة توحيدها،لكن الاعداء والعملاء كانوا بالمرصاد،لأنهم يدركون ان توحيد الامة سيجعلها تستفيد من ثرواتها الطبيعية في مختلف المجالات وبالتالي تكون في غنى عن مساعدة الاخرين،فموقعها الجغرافي يجعلها تتحكم في طرق التجارة الدولية بحرا وجوا اضافة الى امتلاكها لوسائل الطاقة (نفط وغاز) والقوة العاملة،فلا غرو انها كانت الاولى بالاستهداف دون غيرها من امم المنطقة (ايران وتركيا)،فالذين يملكون الاموال من بني يعرب يشترون بها اسلحة لمحاربة بعضهم او محاربة جيرانهم الذين لا يروق للغرب استقلاليتهم،وما تبقى من تلك الاموال،اما ان يتم استثمارها في بنوك الغرب لأجل التنمية وخفض مستوى البطالة لديهم،وإما ان تدفع على هيئة خراج (جزية) نظير حماية الغرب لهم من عدو مزعوم مصطنع.
ننظر الى حالنا اليوم فنجد انفسنا في الدرك الاسفل في مختلف المجالات،لم نستفد من ثرواتنا، فلسطين التي كانت قضيتنا المحورية،اجبرنا شعبها على الخنوع والخضوع للأمر الواقع الذي ساهمنا في وجوده بفعل تخلينا عن الفلسطينيين،لم نقدم لهم ما يمكنهم من الصمود في وجه الاحتلال الغاشم،بينما نتصدق بالكثير لأسيادنا اذا المّت بهم مصائب الدهر! في حين ان هؤلاء الاسياد هم اكبر المصائب التي المت بشعبنا العربي الفلسطيني،نتباكى على القدس ونشدد على انها عاصمة الدولة لفلسطينية في حين ان الضفة الغربية التي هي الدولة الفلسطينية المنشودة مقطعة الاوصال مليئة بالمستوطنات،عجبا لنا ولحكامنا ولمنظمة التحرير الفلسطينية التي القت السلاح ورفعت اغصان الزيتون التي اقتلعها العدو،وما اخالها سوى خوازيق يُعدونها لأنفسهم، فبئس المصير.
ننظر حولنا فنجد امما (ايران وتركيا)افضل منا بكثير(اللهم لا حسد) رغم اننا اكثر منهم مالا وبشرا،السبب انهم يملكون الارادة في الحياة ويستثمرون خيراتهم لصالح النهوض بمستوى معيشة الافراد لديهم،وجعلها امما يحسب لها الاخرون الف حساب،بينما نحن نتقاتل فيما بيننا وكأنما اتفاقيات سيكس –بيكو قد حدّت من تكاثرنا (انقسامنا) فقررنا الاطاحة بأنظمتنا الديكتاتورية من اجل حرية الرأي والتعبير في ثورات اتت على الاخضر واليابس،فإذا بنا نعجز عن توفير لقمة العيش ونسعى جاهدين الى استحداث (توليد)اكثر من دولة،ليزداد عددنا ونتباهى بين الامم.
المؤكد اننا في حالة يرثى لها،ولكننا نكابر ونستمر في غيّنا الذي يجلب لنا الخنوع والإذلال، نتقاتل فيما بيننا،تخالنا في عصور الجاهلية الاولى،اما عن الدين الاسلامي فلقد اتخذه بعضنا مطية لتحقيق اهدافه في السيطرة على المقدرات والولاء للأجنبي وتدمير الوطن.
تحية الى روحه الطاهرة،لقد ارتحل ولم يترك ارثا ماديا (عقارات او حسابات بالبنوك داخلية او خارجية) يتقاسمه ابناؤه،بل ترك مسيرة حافلة بالنضال والشموخ والكبرياء، ترك سد اسوان وأمم قناة السويس،وشيّد مصانع الحديد الصلب،وجهّز الجيش لتحرير الارض لكن من اتى بعده جعلها حرب تحريك وليست حرب تحرير،فكان ان تخلت مصر عن العرب،نتمنى ان لا يطول زمن التخلي،فالريادة لمصر وليست للدول القزمية.