السبت ٣ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٢٢
بقلم علا شيحة

على هذه الأرض ما يستحق الحياة

أخبره الحارس الذي يقف على باب السجن أنه ليس هنالك أمامه متسع من الحياة غداً يوم إصدار الحكم وقد يكون الإعدام شنقا او بالمقصلة

لقد أصابه الإحباط تلك اللحظة شعر بخطوات الموت تدنو منه أصابه الذعر تمسمر في مكانه وقف الحارس متفرجاً على موته البطيء غاب عن الوعي في شروده قال محدثاً نفسه الحياة ستنتهي ولم أحقق شيئا للحياة لكن من أوج الشرود انتشلته فكرةٌ انتفض نفض عنه غبار الخيبة وآثار الهزيمة ذهب باتجاه الحارس توسل إليه ملياً طالباً منه ورقةً وقلماً أخبره بأنها رغبته الأخيرة قبل موته المحتوم نزل الحارس عند رغبته قدم له ما طلب لقد قرر أن يكون لطيفاً معه في ساعاته الأخيرة فليس هناك متسعٌ من الوقت لجلدةٍ أخرى أخذ الأوراق والقلم ابتعد وانزوى في الزاوية اليسارية من تلك الزنزانة المظلمة أشعل شمعةً وبدأ يرسم خطوطاً عرضيةً متوازيةً ثم بدأ يهمهم بأصواتٍ غير مألوفةٍ وغير مفهومةٍ

وقف الحارس يراقبه خائفا من بعيد

ملأ الصفحة بالخطوط ثم قال لا بد أن أترك أثراً لبقائي كي أشعر بأني كنت ذا فائدة فغداً قد يكون يومي الأخير ربما تكون أخر نظرةٍ ألقيها على سماء أحلامي لذا سأعمل جاهداً على تأليف مقطوعتي الموسيقية الأولى وقد تكون الأخيرة بدأ يرتب العلامات الموسيقية ليكتب لحناً رائعاً

الموسيقى هي غذاء الحياة لذا وجب إيصالها لكل الناس لإخبارهم أنه على هذه الأرض ما يستحق الحياة
أنهى نوتته اطفأ شمعته تكور على نفسه محاولاً تناسي فكرة حكم الإعدام

في صباح اليوم التالي تم نقله الى المحكمة للنطق بالحكم أوه لقد صدر حكم الإعدام حقاً وقبل تنفيذ الحكم سألوه عن طلبه الأخير

قال أريد آلة الكمان أريد أن أعزف معزوفتي التي ألفتها قبل موتي قاموا بتلبية رغبته الأخيرة تجمع الحشد وعم الصمت وهو على منصة الإعدام على تلك الحافة بين الحياة والموت يعزف سيمفونيته التي أسماها على هذه الأرض مايستحق الحياة لقد ذهل الجمهور وكل من حضر مراسيم الحكم انشدهوا بعذوبة اللحن أنهى معزوفته وفجأة حصل مالم يكن في الحسبان لقد تم تحفيف الحكم لقد منحته الحياة فرصةً أخرى ليكون أفضل
أصيب بالصدمة من فرط سعادته وقع مغشياً عليه أعادوه إلى زنزانته وأحضروا له كل ما يحتاج ليؤلف الموسيقى لقد قال القاضي لا يمكن أن أشنق. مبدعاً كهذا بوتر عزفت عليه أنامله مع مرور الوقت ألف العديد من المعزوفات التي كانت تنشر باسمه عن طريق مؤسسة حكومية أنهى الحكم قبل انتهاء المدة بسبب حسن سلوكه خرج للنور مرةً أخرى وخارج السجن كانت تنتظره مئات الميكروفونات وكميرات التلفزة ليقولوا للناس أنه هذا هو عازف ذلك اللحن الذي حكم عليه بالحياة مجدداً

على هذه الارض مايستحق الحياة على هذه الأرض من فكرة الموت تولد. الحياة


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى