عندما أغمضت الشمس عينيها
استيقظ أمجد وهويصيح خائفا مذعورا:
– أين الضوء والشمس والنور.. من أخذ الشمس؟؟..
ركض والده ووالدته وإخوته.. قال أبوه:
– لا تخف يا أمجد.. الشمس اليوم أغمضت عينيها ونامت.. كلنا في حيرة يا أمجد.. سألنا واستفهمنا لم يفدنا أحد بشيء.. هذه أول مرة يحدث في مدينة حيفا ما حدث..!!..
قالت أخته بشرى:
– حتى القمر كان غائبا في الليل.. تحدث أشياء غريبة...
قال أمجد وهويرتعش:
– لكن لماذا تغمض الشمس عينيها؟؟.. وهل تغمض الشمس عينيها..؟؟.. أنا أعرف أنّ الشمس تحب الأطفال سأسألها..
قالت أمّه:
– كيف ستسألها يا حبيبي؟؟.. هي غير موجودة.. هل ستخاطبها وهي غير موجودة؟؟..
أجاب أمجد:
– سأذهب إلى أعلى جبل الكرمل وأناديها.. عندما ترد سأسألها..
قال الأخ الأكبر سالم:
– سأذهب معك.. سنأخذ فانوسا حتى نرى طريقنا..
قال أمجد:
– وسلما...
قال الأب:
– لماذا السلم يا أمجد؟؟..
– إذا كانت الشمس بعيدة سأصعد درجات السلم حتى تسمعني..
ضحك الأب رغم الجوالمتوتر وقال:
– وهل ستصل إليها إن صعدت درجات السلم؟؟..
– سأصل يا أبي..
– على كل خذا يا سالم سلما.. فربما!!..
قال سالم:
– حاضر يا أبي..
خرج سالم وأمجد وهما يحملان السلم والفانوس.. وجدا أهل حيفا حائرين يقفون أمام الأبواب، هذا يحمل شمعة وذلك فانوسا.. كانت نظراتهم مضطربة.. قال أحد الجيران:
– إلى أين يا سالم أنت وأمجد؟؟..
قال أمجد:
– أريد أن أسأل الشمس لماذا أغمضت عينيها..؟؟.. سأقف على جبل الكرمل وأناديها.. وإذا لم تسمع.. سأستعمل سلمنا هذا أنظر كم هوكبير..
قال الجار:
– وفقك الله يا أمجد.. أعلمت أنّ القمر لم يطلع في الليل؟؟..
– أخبرتني أختي.. هناك سبب ما.. سأعرفه من الشمس...
– وفقك الله..
– شكرا لك يا جارنا العزيز...
تابع أمجد وسالم طريقهما متجهين إلى جبل الكرمل القريب.. وحين وصلا.. أخذا يسيران الهوينى حتى لا يحدث أي شيء يسبب أذية أحدهما..
عندما وصلا إلى قمة جبل الكرمل، أخذ أمجد يصرخ بأعلى صوته:
– أيتها الشمس.. أيتها الشمس.. أيتها الشمس.. أرجوك أيتها الشمس فقط أريد أن أسألك..
قال سالم:
– لم تجب يبدوأنها حزينة جدا.. تصور لم تفعلها من قبل.. والقمر أيضا..!!..
قال أمجد:
– أرجوك أمسك السلم ودعني أصعد.. ربما تسمعني..
أمسك سالم السلّم وأماله قليلا. أخذ أمجد يصعد درجاته حتى وصل إلى الأعلى.. كانت السماء بعيدة جدا.. أخذ يصرخ:
– أيتها الشمس أيتها الشمس أطلي قليلا.. بربك أيتها الشمس ردي عليّ.. أطلي قليلا أستحلفك بالله..
أطلت الشمس من شباك صغير جدا وقالت بصوت هادئ وحزين:
– ماذا تريد يا أمجد.. قبل أي شيء آخر اترك السلم.. انزل.. أستطيع أن أسمعك مهما كنت بعيدا لا تخف... أنزل يا امجد أخاف أن تقع..
قال أمجد بعد أن نزل ووقف على قمة جبل الكرمل:
– ما دمت تملكين كل هذا الحنان فكيف تغيبين أيتها الشمس وتتركيننا هكذا.. ثم هل اتفقت مع القمر أيضا؟؟..
قالت الشمس وفي صوتها بحة ألم:
– نعم يا أمجد اتفقتُ أنا والقمر على النوم..
قال أمجد:
– لكن هذا سيحرم كل الناس في فلسطين من الضوء والنور.. أترضين ذلك أيتها الشمس الطيبة؟؟....
مسحت الشمس دمعة حزينة وقالت:
– يا أمجد أيعجبك كل هذا الظلم والجور الذي تعانون منه.. الصهاينة يا أمجد لا يستحقون خيطا من خيوط الشمس أوالقمر..هؤلاء يا أمجد يقتلون كل شيء.. فكيف نمنحهما النور بعد الآن؟؟..
– لكن ما ذنبنا نحن أيتها الشمس الطيبة؟؟..
– لا ذنب لكم...لكن ماذا أفعل أنا والقمر؟؟..
قال أمجد وهويتنهد:
– الحقّ معكما.. صار ظلم الصهاينة مضرب المثل حتى صار الناس يقولون " أظلم من صهيوني ّ".. لكن ألا يكفينا ما نعانيه من ظلم حتى نعاقب معهم..
– أعرف أن هذا حرام.. لكن هل لديك حل يا أمجد؟؟..
هزّ أمجد رأسه وقال:
– لديّ حل أيتها الشمس.. لديّ حل..
قالت الشمس بسرعة بعد أن أخرجت رأسها من الشباك أكثر:
– ماذا تنتظر.. هات الحلَّ يا أمجد.. لا أريد أن أظلم شعبك الطيب..
رفع أمجد يده إلى السماء وقال:
– أقسم بالله العظيم سنحرر فلسطين من كل المحتلين.. أقسم بالله العظيم سنعيد الحق إلى نصابه..
بكت الشمس فرحا وصاحت:
– عد يا أمجد عد.. الآن سأشرق من جديد وسيطلع القمر ليلا.. اذهب يا أمجد..
وعاد نور الشمس ليشرق من جديد.. بينما كان سالم وأمجد يتعانقان ويقولان معا:
– شكرا لك أيتها الشمس الطيبة.. شكرا لك..أوصلي شكرنا للقمر أيضا..
وأخذت الشمس ترسل تحيتها من خلال خيوطها الذهبية التي ملأت بالنور كل مكان.....