الخميس ١٤ حزيران (يونيو) ٢٠١٨
بقلم فاروق مواسي

عودة إلى حوالي

كنت قد كتبت عن صحة استخدام (حوالي) بمعنى نحو أو زُهاء- في قولنا: حضر حوالي مائة. (قطوف دانية في اللغة العربية، ج1، ص 197)، وقلت:

بسبب االخلاف في صحة (حوالَي) في اللغة وافق مجمع اللغة العربية في دورته الأربعين- آذار 1974، على قرار لجنة الأساليب والألفاظ بأغلبية الأصوات بقبول (حوالَي) بمعنى زهاء، وألا تقتصر على المكانية فقط.

غير أني لم أجد في الشعر العربي- ما استطعت إلى ذلك سبيلا- لفظة (حوالي) بغير معنى (حول).

يقول المتنبي في قصيدته التي يهجو بها كافورًا الإخشيدي:

أيدٍ مقطعةٌ حوالي رأسه
وقفًا يصيح بها ألا من يصفع

ومن شعر حافظ اخترت لكم:

وابنوا حوالَيْ حوضكم من يقظة
سورًا وخطّوا من حذار خندقا

شخصيًا أفضل استخدام "نحو ألف شخص"- (نحو، ومعناها في اللغة- مقدار، قصد، طريق، جهة...)، أو زُهاء ألف (معناها في اللغة- مقدار)، وهذه الواردة كثيرًا، بل غالبة في كتب التراث.
مع ذلك، وفي أثناء بحثي وتجوالي بين الكتب الأدبية واللغوية قرأت في (معجم الشعراء) للمَرْزُباني – ت. 994 م- وفي ترجمة محمد بن نصر الكاتب:

"ويكنى أبا بكر، ويعرف بالزحوفي، لأنه كان يتعاطى علم العَـروض والزِّحاف فيه، فغلب عليه، توفي حوالي الثلثمائة".

يعني أنه توفي زهاء سنة ثلاثمائة للهجرة.

(معجم الشعراء، ص 828.)

فإذا كثرنا كنا حوالي العشرين، وإذا قل عددنا كنا حوالي العشرة- ابن الجَوزي (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم).

واستخدمها بمعنى المقاربة الزمانية والعددية بكثرة الزِّرِكْلي في (الأعلام).

وثمة نماذج أخرى أوردها المتأخرون، وهي شائعة، ولا بد من قبولها.

حول ظرف مكان ملازم للظرفية والإضافة، ويثنى ويجمع فيقال: حوليه وأحواله،
وحَوال مثل "حول"، فيثنى على حَوالي.

المشكلة الآن في إعراب (حوالَي) التي أجازها جميع النحويين على أنها ظرف مكان:
وقفت حواليِ المبنى.

حوالي: ظرف مكان منصوب، وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى، وهو مضاف.

لكن المشكلة في التعبير المستجد بمعنى (نحو أو زهاء)= حضر حوالي عشرين، ساعدت حوالي عشرة محتاجين، وصل العدد إلى حوالي ....

في إعراب هذه الجمل:

رأيي أن المشكلة ليست قائمة في "ساعدت حوالي..."= مفعول به منصوب، وعلامة نصبه الياء، وليست في "إلى حوالي.."= اسم مجرور بـ إلى وعلامة جره الياء لأنه مثنى.

المشكلة هي في الجملة الأولى "حضر حوالي.."، وكان من المنطق أن تكون "حضر حوالا.."- مرفوعة ، وعلامة الرفع الألف لأنها مثنى.

لكن هذا الاستعمال لم يرد في كتب اللغة، ولم يُسمع به، فقولنا "حضر حوالي.." تعبير جديد في اللغة، ولذا فإعرابه سيكون جديدًا، وهأنذا أحاول:

حضر حواليْ ألفٍ.

حوالي: فاعل مرفوع محلاً، وهو منصوب لفظًا، وعلامة نصبه الياء لأنه مثنى.

* عدت إلى هذا الموضوع بناء على طلب أستاذ للعربية سألني: ما إعراب: اشترك في المسابقة حوالي عشرين رياضيًا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى