السبت ٤ تموز (يوليو) ٢٠٢٠
بقلم رشيد سكري

عين على الواقع

يعد تدبير الشأن العام غاية تطمح إليه كل المجالس المنتخبة عبر العالم؛ وفيها يتم طرح المشاريع و مقترحاتها، التي تعود بالنفع على الوطن والمواطن. ومن هذا المنظور، يستوجب على هذا الأخير أن يكون في الحدث، ويشارك بكثافة في الاستحقاقات الانتخابية بجميع أطوارها ومراحلها بغية تغيير واقع لطالما ناضل من أجل مكتسبات جديدة تعود عليه بالنفع مستقبلا. إن الديمقراطية، في هذا الأساس، لا يمكن فهمها إلا في ظل هذا الرهان الذي يبدو صعبا، مادام السواد الأعظم من المواطنين جاهلين بالدور، الذي تلعبه صناديق الاقتراع في التغيير المنشود. فإذا كانت الديمقراطية تجعل الشعب في قلب العاصفة، نظرا لإيمانها القوي بالسلطة، التي تخولها للمواطن في تدبير شأنه الوطني والمحلي، فإن التعبير عن الرأي أيضا، بكل حرية، قسيم قوي يضمن لها الشرعية. وعلى غرار ذلك يتم تقويض هذا الطموح، الذي يحلم به المواطن، باللعب على أوتار الفقر والحاجة الملحة إلى العيش الكريم.

فكما هو معروف ومتداول لم نعد نعيش في جزر وأرخبيلات عائمة، بعيدة كل البعد عن عين ومسمع العالم، بل إن الثورة المعلوماتية والصحوة الرقمية، التي اجتاحت المنظومات الإلكترونية، جعلت من الكون فضاء صغيرا جدا بحجم الكف. وأكبر دليل على ذلك وباء كورونا، الذي ظهر فجأة في مدينة وهان الصينية ليعمَّ، في لمح البصر، كل أرجاء المعمور، غير آبه لا بالحدود الجغرافية ولا التاريخية ولا السياسية أيضا. فغيَّر إيقاع الحياة البشرية على طول وعرض كوكبنا الأرضي، مخلفا أضرارا مادية جسيمة. بل، إنه استطاع، إلى حد ما، أن يقوض الحرية النفسية والجسدية للإنسان، عندما أصبح البقاء بالبيت، وعدم الاختلاط السَّمْت الوحيد لمواجهة الجائحة والانتصار عليها.

فبعيدا عن الوباء قريبا من السياسة، تصبح شروط وظروف الاستحقاقات الانتخابية في فوهة بركان مع الصحافة العالمية، بيد أن عيون هذه الأخيرة، لا تنام عن كل صغيرة وكبيرة. فالفضائح السياسية ظاهرة غير صحية انتشرت، كالنار في الهشيم، في كل المجتمعات الإنسانية، ولم تعد قاصرة على الدول المتخلفة فحسب، وإنما للدول المتقدمة نصيب منها أيضا. فإذا كان إيهود أولمرت رئيس وزراء الكيان الصهيوني قد ذاق مرارة السجن، إثر فضائح عقارية في القدس العربي، فإن المتابعة القضائية جعلت المواطنين سواسية في الحقوق والواجبات، وهي شرعية استغلها الكيان الصهيوني لكسب المزيد من التعاطف الدولي، على اعتبار أن دولة إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم، التي تعيش وسط أعدائها. وإذا ما عرَّجنا على فرنسا سنجد رئيس الوزراء الفرنسي نيكولا ساركوزي توبع بفضائح حولت حياته إلى جحيم لا يطاق. انطلاقا من الحملة الانتخابية لسنة 2007، التي اتهم فيها بالتعاون مع نظام العقيد الليبي، إلى فضائح أخرى ارتبطت بما يعرف بشركة بيغماليون، وهي فضائح ستواجه رئيس الوزراء الفرنسي ساركوزي بالسجن لسنوات.

إن لهذا الزخم الفضائحي للرؤساء، وهم في سدة الحكم، إيقاعا إيجابيا، وصورة تعكس مدى تحكم دولة المؤسسات في الهرم السلطوي، وهو تأمين لزمن المواطنين النفسي والجسدي. فمهما حاولنا أن نقفز على هذه الحقائق، يظل المشروع المجتمعي سيد الموقف، إذ إن لهذه المؤسسات يدا طولى في الاستقرار السياسي والمجتمعي، وبفضل ذلك تضمن الدولة استمراريتها في الزمان و المكان، كبناء يعضد من لحمة المجتمع.

لا مناص، إذن، من استقالات لرؤساء قضوا سنوات، وهم في مركز القرار السياسي. حيث إن التنحي يكون الوسيلة الأنجع لإنقاذ ماء الوجه أمام الناخبين، في ظل تزايد ضغط الشارع، والرأي العام الوطني والدولي. بيد أننا نجد العكس عند شعوب لا تـُحترم من طرف منتخبيها، حيث يصبح تشبث المسؤولين المطلق، بمناصب القرار ديدانا، بالرغم من مطاردة الفضائح لهم، فضلا عن إلحاق الخراب بالدولة والمجتمع إلى أن يتم إعفاءهم بقرار صادر عن أعلى سلطة في البلاد.

إن القرار السياسي الذي يجب أن يفعل في هذا الباب، حتى يمكن أن تستعيد الديمقراطية والدولة هيبتها، هي ربط المسؤولية بالمحاسبة كإجراء عملي؛ لأن هيبة الدولة من هيبة المواطن. حيث يسعى، هذا الأخير، جاهدا كي يمنح الشرعية المطلقة لمؤسسات الدولة من خلال مجموعة من السلوكات ذات طابع حضاري؛ كالتصويت المكثف أثناء الاقتراع ومحاربة العزوف و الحضور الفعلي في المجالس المنتخبة و الإدلاء بالرأي، مادمنا في مجتمع يحترم حقوق الإنسان، وانخراط الدولة جديا في ميثاق شرف، تصون بموجبه حقوق وواجبات المواطنين.


مشاركة منتدى

  • القوقعة البشرية

    بقلم : شهاب احمد عبد

    ‏عندما رأيت هذا المقال تعجبت من هذا العنوان الغريب أوروبا ما تسألت ‏ما هو المقصود من هذا الشيء سوف أخذوك في هذا المقال إلى داخل هذه ال قوقعة في الحقيقة أن تفرد الإنسان في طبيعته يرى نفسه في الفضل والجدارة ولا الحقيقة بالنسبة الى إرداف و اقرانة وهذا هو الذي ‏قامة يدعو به الإنسان إلى مواصلة الصراخ والاحتجاج أو الطموح الى ما لا حق له به .

    ‏عندما نقوم بأخذ مثال على طريقة عيش نحلة هذا الكائن البسيط الذي نجده مثالا فكل نحلة في هذه الخلية تسعى نحو القيام وظيفتها الاجتماعية من غير اعتراض أو تذمر او احتجاج ‏يأتي دور ‏ملكة النحل التي تكون آمنة على حكمها وسبب هذا النحل يتحرك في عمل حركة أنغرز ‏تشبه من بعض الحركات الآلات التي قد لا نشعر بذاتها اما المجتمع البشري فقد تطور بصورة مستمرة أول إنسان اصبح يقوم حين يقوم بخدمة مجتمعه وأريد أن يخدمه و هو يرد من وراء ذلك جزاء ‏وقد أصبحت غريزةته لا تدفعه إلى الخدمة الاجتماعية إنما اصبح يرى أن الخدمة دافع حب المكانة والظهور من جهة ومن أجل الحصول على القوة والقوت من جهة أخرى.

    ‏فإن عائق هذا المجتمع هو انه دائما التذمر و التشكي ويراه نفسه اجل خدمة‏غيره او أعلى اجتهاد أو الصحة وفكري وهو يطالب إذا جزائة الاوفى .

    عندما يرى الفرد أن المجتمع لا يقدره على خدمتة تقديرًا مرضياً لهو لجا الى التذمر و احتجاج و ادلة في قولة ( هكذا يصعد الادنياٌ و يبسط الشرقاء) .

    وحب الانسان نفسة قد يدفعة أحيانًا الى الاعتقاد بانة يجب ان يستلم زمام الامور بيده فهو وحدة الذي بمقدورة ان يصلح المجتمع وهو يدلي براية في الاصلاح و يظن أنه جاء بخير الاراء الممكنة و أدعاها للنجاح .
    فا لانسان كما أسلفنا في اول مقال انهو لا يملك غريزة ثابتة تدفعة نحو الخدمة الاجتماعية كما هو الحال عند النحل انما هو يندفع في خدمة قومة او شعبة لانه يرى نفسة أولى من غير بهذا الخدمة وكما هو معروف إن الخدمة تقدم هبة وليست مباها بين الناس وكذلك لا ننكر ان هذة القوقعية قد تؤدي أحيانًا الى المكايدات الدنيئة و المؤامرات التي قد تضر اكثر من ان تنفع وعلى ذلك يجب ان نتذكر بان كل شيءٍ ولهو ثمنًا وكذلك ليس في الدنيا خيرًا قد يخلو من شراً كما أشار على ذلك (ابن خلدون ).

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى