الجمعة ١ نيسان (أبريل) ٢٠٠٥
بقلم محمد نجيب عبد الله

غير بشر

غيــر بشـريـــين

(( كوننا خُلقنا من طين لا يعني بالتبعية أن تكون أخلاقنا كذلك ...
و لكنه يحدث ...

و لئن كان صانع شيء لا يتقاضى ثمناً للصنع ...
فلا بد للبائع أن يدرك أن هذا الشيء لا ثمن له ...
و لكنه يحدث ... ))

تمهيد لا لزوم له

بعد أن تعهد بارساء الحق ... على من ليس له حق ... و ضاعف ما يتخذه لنفسه كحق ...
و الاسم سمسرة ... أو هدية على المسخرة ... أو لزوم متطلبات المنظرة ...
أغلق السمّاعة ... ثم نظر إلى الساعة ... و تناول الجاكتة من فوق الشمّاعة ...
و أدرك أن الموضوع به تأخيرة ... فنظر للمرآة نظرة أخيرة ... و لزوجته التي يعاملها كما الأجيرة ...
هي تعلم أين سيذهب و من سيقابل ... و لكن ماذا تفعل في المقابل ...
فطفلها الرضيع على صدرها ... هو المتحكم في أمرها ...
و لولاه ما رضيت بالعيش معه في منزل واحد ...
هي تبيع الحرية من أجل سلام راكد ...
و لأنه لا يجتمع الإثنان ... فقدت حريتها و الأمان ...

القصة الكاملة بعناصرها من البشر

بأنفاس لاهثة ... صدر يعلو و يهبط ... عرق غزير تنزفه جبهته ... قابل فتاة هذه الليلة ... نظر إليها نظرة العالم بخبايا جسد المرأة ... قاس في لحظات ما يمكن لهذا الجسد منحه من لذة ... تلك الشفاه الممتلئة ... ذلك الصدر الناهد ... تلك البشرة اللامعة ... الشعر ... الــ ...

وصل اخيراً ... نظر لساعته ... غمغم معتذراً في ابتسامة فجة ... أخبرته أنه تأخر نصف ساعة و عليه أن يدفع ثمنها ... هذا سعرها و ليس ذنبها أنه تأخر في وقت كان يمكنها العمل فيه ... اختلفا فاتفقا ... و اعتذر عن عدم وجود سيارته التي يصلحها الميكانيكي ... مدت سبابة بظفر طويل حاد ... خمشت جانب وجهه ثم داعبت مؤخرة رأسه ... استكان للمساتها المُدرّبة ... و استكانت هي للسعر الذي سيدفعه لها ... مدّ يده ليضعها في جانبها دلالة الامتلاك و امساكه الزمام ... بينما عطرها الفوّاح قد أرسله إلى أرض أخرى الطاعة رمزها الوحيد ...

عيونه ملؤها الرغبة ... أنفاسه متلاحقة ... على وجهه ابتسامة عريضة كأنها الرضا ... باصبع واحد ... أشار إلى أول تاكسي شاغر ...

 السائق رجل في عقده الرابع ... شاربه كثّ عريض ... ابتسامة العالم ببواطن الأمور على وجهه ... عيونه لامعة تحسبها للذئب لدى رؤيتها ... غمز بها للرجل و كأنه يقول له أنني أعرف ... و لكن لكل شيء ثمنه ... حتى التوصيلة ...

 في الطريق إلى الشقة حيث سيقضيان السهرة ... توقف التاكسي في إشارة مرور مزدحمة ... مرّ بهم بائع فل ... ابتسم بفجاجة و مدّ رأسه داخل التاكسي مصحوبة بالكثير من أطواق الفل و الياسمين ... في لهجة اقرب للسخرية قال: (( - ربنا يخلّي لك ... الهـانـم ...)) ضاغطاً على الكلمة الأخيرة ... منعاً للإحراج ... و تدخل الأفجاج ... منحه ما طلب ... فهو يعلم أنه يعلم كنه هذه الفتاة ... و هذا السائق ... بل و كنهه هو شخصياً ...

 أمام العمارة المطلوبة ... حملق البوّاب في السيّارة ... تعرّف عليه ... و أدرك ما سيحدث ... لذا فإنه فزّ قائماً ... و هرول يفتح باب التاكسي للهانم و البك ... الذين لا بد سيقضيان وقتاً لذيذاً في شقّة صديقه بالأعلى ... و بعد أن حاسب الرجل السائق حسابه المُضاعف ... قوبل بيد البوّاب الممدودة ... فرضخ ... في هدوء ...

 أما عامل المصعد ... الفتى الصغير ... فقد ترك المصعد ... مفتوحاً ... و ذهب لاستقبالهما في موكب احتفاليّ قام به مشاركاً البوّاب ... و بالطبع حصل على نصيبه في الصفقة ...

 أخيراً ...
رن الجرس ... و هو يكاد يلتهم الفتاة بيديه و فمه و عينيه ... هي أخرجت من حقيبتها مرآة ... بدأت تضع اللمسات الأخيرة في مكياجها ... تتأوه في صوت خفيض ... تلعق شفتيها في إغراء ... هو يكاد يشتعل ... يرن الجرس ثانية ...

يفتح صديقه الباب ...
بعد الأحضان و السلامات و كل ما يتطلّبه الموقف ...
يرشد الصديق الفتاة إلى غرفة النوم حيث ستنتظر ... و تستعد ... و تغيّر – أو تخلع – ملابسها ... بينما الصديق يهم بترك الشقة له ... إذا به يمد يده ليقبض المعلوم ... في تافف يتخلّص منه بتنفيذ أوامره ... لا يهم إن كان الصديق يمر بضائقة مالية أم لا ... المهم أن ينصرف ... لينعم مع الفتاة بوقته الممتع ...
و صفق الباب خلف صديقه في عنف ...

الرغبة تنهش جسده ... تمزقه تمزيقاً ... مستعد أن يدفع عمره كله لو طُلب منه ذلك من أجل أن ينال الفتاة العارية بالداخل ... ذلك الجسد لبريّ الوحشي ... الأفخاذ الناعمة ... الثديان المتصلّبان ... الــــ

القصة الكاملة بعناصرها من غير البشر

 توقف التاكسي بناءاً على أوامر سائقه فنظر لراكبيه الجُدد و تأفّف ... سائلاً رب العباد أن يتوب عليه من تلك الشغلانة التي أصبحت تلم (اللي يسوى و ما يسواش) ... و لولا أن (الرزق يحب الخِفيّة) لما قامت له قائمة ...

 زفر الفل و الياسمين في قرف متخيلين أنفسهم معلّقين على جيد فتاة كتلك ... استنكر الفل الفكرة ... بينما وافق الياسمين على مضض ... بالرغم من أن رائحة الفساد غطّت على رائحتيهما مجتمعين ...

 أما الباب ... الذي فتحه البوّاب ... فقد أعلن اعتراضه على شكل صرير مزعج ... و ترحّم على إرادته التي ذهبت و ولّت منذ أمد بعيد ...

 و المصعد كذلك ... تأخر في الصعود ... و واتته فكرة أن يتعطّل في منتصف الطريق الا أنه وأد لك الخاطر في مهده لخطورته على صحة الفتى عامل المصعد الذي عاش معه أياماً جميلة من قبل ... و ينظفه دوماً و يرعاه ...

 بخصوص جرس الباب ... فقد لأخذ يصرخ ... يا ناس ... يا هوووه ... الحقوا ... امنعوا الصفقة القذرة ... هذا البيع باطل ... و تلك العلاقة نجس ... السعر شيء بخس ... و لكن هل هناك أحد يحس ؟!!

@ @ @ @ @

في غرفة النوم

 كانت الفتاة راقدة على السرير ... عارية لا تسترها سوى ملاءة كشفت أكثر ممّا غطت ... هو صار لا يحتمل أكثر من ذلك ... أشارت له بأن يدفع النصف الآن ... و يضعه في حقيبة يدها قبل أن يلحق بها ... فعل ...

 حملقت المرآة فيما ترى غير مصدّقة ... بينما همست التسريحة لمقعدها القصير أن هذا لا يجوز ثانية ... أضواء الغرفة أعلنت الغضب خاصة عندما خُفّتت لتناسب الظرف الحالي ... برز صوت الكومودينو معلناً العصيان ... ملاءة السرير صرخت ... إذ أنها كانت أكثر الأشياء تضرّراً كونها ملامسة للفعل الشنيع ...

 بدأ يخلع ملابسه ... بينما هي تتأوّه في مجون ...

 صرخات قادمة من الثلاجة و حوض المطبخ و الفوتيه متساءلة عما يحدث بالداخل ...

 صار عارياً إلا من قطعة واحدة من ملابسه الداخلية ... بينما هي بدأت تقلّص ساقيها ... كي ينحسر عنها ما يستر بعضاً منها ...

 طَرَقات خافتة من كل الأدوات المنزلية داخل الأدراج و الدواليب ... و حفيف الملابس صار مسموعاً في وضوح تام ...

 استوى على السرير نائماً ... همّ بتقبيلها ... بينما نار الرغبة تحرقه ... و هي تؤدي دورها في احتراف تام لتبقيه متأججاً ...

 تحتج المَرتبة الاسفنجية في اهتزازة ...

 تهتز المَرتبة تحت وطأة حركتهما ...

 تشدّد الملاءة من تغطية الفتاة ... ترفس الفتاة الملاءة ... يصعد هو فوق الفتاة ... تنفضه المخدّة ... يلقيها أرضاً ... تنقلب الأباجورة فوق السرير ... لا يلتفتان إليها ... يتأوّهان ... يتبادلان القـُبلات المحرّمة ... تضاء الأنوار كلها دفعة واحدة ... تسطع كشمس في منتصف الليل ... السخونة تمتد عبر جسديهما فينهمر العرق غزيراً ... يتأرجح الكومودينو و الدولاب و التسريحة و المقاعد و الأباجورات ... يتأرجحان بين أمواج الشهوة ... أصوات أثاث الشقة تعلو و هي تبدأ في التحرك متجهة إلى غرفة النوم ... الفعل المحرّم يدخل منحنياته الجادة ... ينفتح الباب ... يلتفتان للمرّة الأولى ليريا مَن يقتحم عليهما الخلوة ... يفاجئهما تجمّع الثاث و أدوات و أجهزة المنزل ... تصرخ الفتاة في رعب ... يهم الرجل بالقفز من السرير ... تتعلّق الملاءة بقدمه ... تعرقله ... يسقط على السرير ... تلطمهما المَرتبة فيقفزان عالياً و يسقطان عليها مرّة أخرى ... يتلقيّان لكمات متتالية من مخدّات السرير و البطّانيات المكوّرة و الأحذية و الشباشب التي كانت تحت السرير ... يغطيان وجهيهما اتقاءاً للضربات التي صارت أكثر حدّة ... بعد انضمام بعض القطع الصلبة كالكراسي و أدراج الكومودينو ... تصاعد صوت المعركة التي شارك فيها الجميع عازفاً سيمفونية من خبط و طرق و رقع و شخشخة ...

مُضرَجَيْن في دمائهما ...

سقطا صريعين ...

فأحكمت الملاءة عليهما الغطاء !!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى