فدائي
يوم 5 يونيو عام 1967 قامت إسرائيل بعدوانها الغادر على مصر واحتلت سيناء ولكن بعد أقل من شهر لعدوان إسرائيل بدأت معارك الاستنزاف في أول يوليو 1967 بمعركة رأس العش قال البطل المشير محمد عبد الغني الجمسي في مذكراته عن معركة رأس العش (في اليوم الأول الذي تولى فيه اللواء أحمد إسماعيل على قيادة الجبهة في أول يوليو 1967 تقدمت قوة إسرائيلية شمالا من مدينة القنطرة شرق ـ شرق القناة ـ في اتجاه بور فؤاد ـ شرق بورسعيد ـ لاحتلال بور فؤاد وهي المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم تحتلها إسرائيل أثناء حرب يونيو وتصدت لها قواتنا ودارت معركة رأس العش .. وأضاف: (كان يدافع في منطقة رأس العش ـ جنوب بور فؤاد ـ قوة مصرية محدودة من قوات الصاعقة المصرية عددها ثلاثون مقاتلًا من قوة الكتيبة 43 صاعقة بقيادة الرائد سيد الشرقاوى الذى أعطى أمر عمليات لقائد سرية الصاعقة الملازم فتحى عبد الله بتجهيز السرية للعبور وعمل خط دفاعى امام القوات الإسرائيلية المتقدمة وبالفعل تقدمت القوة الإسرائيلية وتشمل سرية دبابات مدعمة بقوة مشاة ميكانيكية في عربات نصف جنزير وقامت بالهجوم على قوة الصاعقة التي تشبثت بمواقعها بصلابة وأمكنها تدمير الدبابات الإسرائيلية وعاود العدو الهجوم مرة أخرى إلا أنه فشل في اقتحام الموقع بالمواجهة أو الالتفاف من الجنب وكانت النتيجة نجاح أبطال مصر في تدمير العربات النصف مجنزرة الإسرائيلية وقتل الكثير من الإسرائيليين فاضطرت القوة الإسرائيلية للانسحاب وظل قطاع بور فؤاد هو الجزء الوحيد من سيناء الذي ظل تحت السيطرة المصرية حتى نشوب حرب أكتوبر 1973 وكانت هذه المعركة هى الأولى في مرحلة الصمود التي أثبت فيها المقاتل المصري ـ برغم الهزيمة والمرارة ـ أنه لم يفقد إرادة القتال) وفي تلك الفترة كان الفنان عبد الحليم حافظ بصحبة الموسيقار بليغ حمدي والشاعر محمد حمزة في لبنان وعندما نشرت الصحف وأذاعت وكالات الأنباء هذه البطولة المصرية كان الشاعر محمد حمزة في غرفته بأحد فنادق بيروت فكتب أغنية فدائي ولم يتبق منها إلا المقطع الأخير وعندما عاد الفنان عبد الحليم مع صديقه الموسيقار بليغ حمدي من سهرة خارج الفندق فوجئا بأن أنوار غرفة الشاعر محمد حمزة لاتزال مضاءة فاستغراب ولما دخلا إليه وسأله عبد الحليم حافظ : انت سهران ليه ؟ فقال الشاعر محمد حمزة بطولة أبطال مصر حمستني لإنهاء المقطع الأخير من كلمات هذه الأغنية التي أكتبها وعندما قرأ عبد الحليم كلمات الأغنية أعجب بها وقال : سوف يلحنها بليغ حمدي وأغنيها.
قال عبد الحليم حافظ للشاعر محمد حمزة: نقول (أفرحي يامه وزفيني) بدلا من (افرحى حتى وزفينى) ونقول (خلي أخواتي الصغيرين يكونوا زي فدائيين) بدلا (خللى اخواتى الصغيريين يكونوا بعدى فدائيين) وبالفعل تم ذلك.
لحن الموسيقار بليغ حمدي الأغنية وقطع عبد الحليم حافظ رحلته في بيروت وعاد مع صديقيه محمد حمزة وبليغ حمدي وعادوا للقاهرة وسجل عبد الحليم أغنية فدائي ثم عادوا مرة أخرى إلى بيروت وتسابق متعهدي الحفلات يوسف الحاج وأنور الشيخ وأحمد الحاروفى على إقناع عبد الحليم حافظ أن يغنى أغنية فدائي فى حفل يقيمه لعبد الحليم واستطاع أحمد الحاروفى التعاقد مع عبد الحليم حافظ ليحيي حفل فى الدرج ببيروت وهذا الحفل شهد إقبالا كبيرا وأثناء غناء عبد الحليم أغنية فدائي في الحفل وعندما وصل إلى:
أموت أعيش مايهمنيش
وكفاية أشوف علم العروبة باقى
أطلق الجمهور رصاصاته فى الهواء تعبيرا عن إعجابه بالأغنية ولكن ماحدث لم يتوقعه أحد فقد اختفت الفرقة الموسيقية من وراء عبد الحليم فتوقف عن الغناء واقترب من الميكروفون وقال للجمهور: هل تريدوننى أن أغني بدون فرقة؟ فصاح الجمهور: لا .. فقال ضاحكا : طيب مفيش داعى للحاجات دى وغنى عبد الحليم حافظ الأغنية كاملة والمدهش أن الجمهور طلب إعادتها 13 مرة ونال الكوبلية الأخير الذى يقول:
لومت ياأمى ماتبكيش
راح أموت علشان بلدى تعيش
على إعجاب الجماهير الغفيرة وقد حرص عبد الحليم حافظ على غناء أغنية فدائي كلمات الشاعر محمد حمزة ولحن الموسيقار بليغ حمدي فى حفل الربيع الذى أحياه في سينما رمسيس عام 1968