الثلاثاء ٤ تموز (يوليو) ٢٠٠٦
بقلم رانيا مرجية

قراءة أولى حول مسرحية الرقصة الأخيرة في فلسطين

رقصة الحب صلاة وترانيم وتضحيات وولادة وحياة مبدأها الصدق والثورة والاحتجاج على
القمع والسريالية فهيا نرقص رقصتنا حبا وايمانا بالوطن ونغنيها حرية وثورة ونضالا وصمودا.

مسرحية الرقصة الاخيرة من تأليف وإخراج علي نصار والذي حاول جاهدا أن يزاوج بطريقة غير تقليدية بين تجربة شخصية وقراءة في واقع شريحة واسعة بين أبناء شعبنا العربي الفلسطيني..هم السجناء أو بتعبير أدق، المعتقلون على خلفية سياسية، ومشاركة رائعة لبعض السجناء السياسيين المحررين في ورشات عمل مع الممثلين وبالتالي أثر هؤلاء الممثلون بتفاصيل لا يعرفها إلا من يعيشها.

عماد المعتقل المحرر "محمود أبو جازي"، الذي يعيش مع زوجته حنان "سناء لهب" آثار المعتقل، والتعذيب والتحقيق وخمس سنوات من ألأسر في داخل سجون الاحتلال، فينعكس كل ذلك على حياتهم اليومية على شكل أزمة نفسية واجتماعية واضحة لا يبدد معالمها إلا الحب، وينهيها بهذه الكلمة السحرية لتكون خاتمة لما أراد أن يوصله المخرج ربما إلى الأعداء قبل الأصدقاء..

الرسالة التي اعتمدها المخرج والفنان علي نصار بحكمة النص والإخراج وبأداء فذ للأدوار التي قدمها الفنانون على المسرح، نجحت في الدخول إلى عقول وقلوب الحاضرين .. ولم تمنع نكات السجين وسيم "وهبلياته" "نضال بدارنة" في المعتقل من إيصال الرسالة، بل أن دوره زاد من إيضاح تخبطات شريحة من شبابنا الذين ينتمون لهذا الوطن، ولكن دون أن يعلموا أو بمعنى أدق وطنيون بانتمائهم، ولكنهم يختبئون خلف شعارات اللامبالاة والتهرب من الشرف..فوسيم يدعي أنه ضرب رجل البوليس فقط لأنه أراد أن يأخذ منه مكان الشواء، ومعالم تذكره بحبيبته، وليس لأنها أرضه التي يعشق دون أن يعلم.

لا اعتقد أن اختيار المخرج لأسماء أبطال المسرحية كان صدفة، فعماد هو البطل الثابت على مبادئه رغم القهر والعذاب ورغم حبه لبيته وزوجته إلا انه يرفض الرضوخ حتى عندما رأى كيف اغتصبت زوجته لابتزازه وانتزاع الاعترافات منه..

لم تنفصل حنان عن هذا المشهد بدورها البطولي في حقيقة صمودها بعد ما يمكن أن تتعرض له، وبعد ما تعرضت له من الاعتداءات..كنت أشاهد حنان منذ بداية المشهد الأول في العرض وحتى نهاية المشهد الأخير منه وأنا استذكر العشرات من القصص، والروايات ومحاولات الإسقاط التي تمارس حتى اليوم بأساليب الضغط النفسي وهي الأخطر على المعتقل.

في الطريق نرى أكرم المعتقل"إياد شيتي"، الذي يعيش أزمة نفسية بكونه بطلا من أبطال النضال الفلسطيني وحقيقة تحوله الى عصفور خائن يقوم بالإيقاع بالمعتقلين.

الممثل بيان عنتير قام بدور المحقق مع كل ما يتطلبه هذا الدور من قدرة لإبراز الشخصية القوية للمحققين، ولكن أيضا "إنسانيتهم"، المصطنعة لانتزاع الاعترافات من المعتقلين.

حسن طه...لعب دور السجان الذي ينقلب الى مسجون في نهاية المطاف... ولكن أمام القضبان لا خلفها.

وأخيرا..أعتقد أن الرقصة الأخيرة هي رسالة تعبر عن آلاف الرسائل التي كتبها الأسرى والمعتقلون حول التجربة الاعتقالية والتي نشرت في كتب ودراسات سربت من داخل المعتقلات خلال ثمانينات القرن الماضي، لتدرس إلى أبناء الشعب الفلسطيني والتي للأسف لم يقرأها إلا قلة قليلة منه..إلا إن الرقصة الأخيرة هي ملخص لهذه القصص والروايات.

الرقصة الأخيرة هي تجربة رائدة ومتميزة في النضال الوطني والتوعية الوطنية خاصة في زمن هروب الشباب العربي من القراءة إلى الفضائيات.....وحبذا لو بذل الإعلام العربي جهدا لنشر هذا العرض وإيصاله إلى كل بيت من بيوت هذا الوطن..

جدير بالتنويه أن الرقصة الأخيرة من إنتاج مسرح الجوال في سخنين.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى