قصص الأطفال بالمغـــــرب
عرف المغرب كباقي الشعوب العربية قصص الأطفال التي اعتبرت أداة هامة للتثقيف والمطالعة والإفادة والتعليم، كما اتخذت لخدمة أغراض نفسية وبيداغوجية وديداكتيكية، بله عن وظائف أخرى كالتسلية والترفيه والإمتاع والدعم التربوي الموازي. وكانت هذه القصص تستغرق جميع مراحل الطفولة من التعليم الأولي أو ما يسمى أيضا برياض الأطفال إلى مرحلة الرشد والشباب مرورا بالمرحلة الدراسية ذات البعد الحسي الحركي ومرحلة الفتوة والمراهقة التي تتسم نسبيا بطابع التجريد وبناء العوالم التصورية والخيالات المدركة.
ويلاحظ أن أغلب الكتاب الذين كتبوا للطفل في المغرب هم مبدعون في مجال السرديات (ياسين بهوش، ومحمد عزالدين التازي، وأحمد عبد السلام البقالي....)، أو نقاد للكتابات الطفلية (محمد أنقار...)، أو هم من فئة رجال التعليم (العربي بنجلون، وعبد اللطيف بنحيدة، وعبد السلام ياسين، وعبد الفتاح الأزرق، وعبد الكريم حليم، ومحد علي الرحماني، ومصطفى رسام، ومحمد شفيق، ومحمد الصباغ، وعلي العلوي، وعبد الحق الكتاني، وعبد الرحيم الكتاني، وعبد المالك لحلو، ومحمد الهيتمي، وعبد القهار الحجاري....)، أو متخصصون في الفلسفة وعلم النفس(مبارك ربيع، ومحمد إبراهيم بوعلو...)، أو هم مطبعيون ناشرون (مصطفى غزال...).
ويمكن تقسيم مراحل قصص الأطفال بالمغرب إلى أربعة مفاصل تاريخية كبرى:
1- مرحلة الظهور والانبثاق من 1936م إلى 1970م؛
3- مرحلة التأسيس والترسيخ من سنة 1970إلى سنة 1980م؛
2- مرحلة الازدهار والانتعاش من 1980 إلى 2000م؛
3- مرحلة الركود والتراجع النسبي في العقد الأول من سنوات الألفية الثالثة.
إذا، ماهي أهم التطورات التي عرفتها الكتابة القصصية الطفلية بالمغرب؟ وماهي أهم مميزاتها التجنيسية والمناصية والفنية؟ هذا ما سوف نرصده في هذه الدراسة التي بين أيدينا.
1- كتاب قصص الأطفال بالمغرب:
هناك العديد من الكتاب المغاربة الذين اهتموا بكتابة القصة للطفل ومن هؤلاء نذكر: عبد الغني التازي، و أحمد بنعبد السلام الساعدي، ومحمد علي الرحماني، ومصطفى غزال، وعبد المالك لحلو، وعبد الرحيم الكتاني، وعبد الحق الكتاني، وعبد السلام ياسين، ومحمد شفيق، وعبد الكريم حليم، ومحمد الصباغ، وعبد الفتاح الأزرق، وعبد اللطيف بنحيدة، وأحمد أكزناي، ومصطفى رسام، وأحمد عبد السلام البقالي، وعلي الصقلي، والعربي بنجلون، ومحمد حمداني، وحميد السملالي، ومحمد سبيل، وأحمد أومال، ومحمد إشودان، وأحمد البكري السباعي، وثريا السقاط، وعبد الرحيم مودن، ومحمد عزالدين التازي، ومحمد أنقار، ومحمد مسلك، ومحمد سعيد سوسان، وأحمد زيادي، وأحمد هشيمي، وياسين بهوش، وآيت طالب، وبارطولومي، وتوفيق مومن، وحكيم محسن مامان، وخديجة المسيح، ومحمد المستاوي، ونصر غيلان، ومحمد الهيتمي، وعلي العلوي، وماجد الأميري، ومحمد الملياري، وعبد العزيز أشبابو، وعبد القهار الحجاري...
ويعني هذا أن قصص الأطفال ذكورية بامتياز، ولا نجد من الجنس الآخر سوى ثريا السقاط وخديجة المسيح، على الرغم من أن الأنثى أقرب إلى عالم الطفل ومخياله الذهني والشعوري من الجنس الذكوري.
هذا، ويعد العربي بنجلون ضمن قائمة المجموعات القصصية الأكثر إنتاجا في المغرب في مجال القصة الطفلية بما يزيد عن المائتين قصة، بينما أحمد عبد السلام البقالي هو الأكثر إنتاجا في مجال روايات الأطفال بالمغرب. ويتبع العربي بنجلون في كثرة الإنتاج عبد اللطيف بنحيدة، ومحمد مسلك، ومحمد الملياري، وعبد الفتاح الأزرق، وحميد السملالي، ومحمد سبيل، ومصطفى رسام، وأحمد زيادي، ومحمد سعيد سوسان، وعبد الحق الكتاني، وعبد الرحيم الكتاني، ومحمد الصباغ، وعبد الرحيم مودن، ومحمد حمداني، ومحمد عزالدين التازي...
2- تطور قصص الأطفال بالمغرب:
ظهرت القصص الأولى للطفل مع عبد الغني التازي بقصتيه" القاضي والشجرة" و" سيدنا إسماعيل"، وقد صدرتا معا عن مطبعة أندري بفاس عام 1936م. ويعني هذا أن قصص الأطفال سبقت رواية الكبار بعقدين من الزمن، إذا علمنا أن أولى رواية فنية بالمغرب لم تظهر إلا في سنة 1956م مع نص" في الطفولة " لعبد المجيد بن جلون. ومن هنا، نفهم بأن قصص الأطفال بالمغرب لم تخرج إلى حيز الوجود إلا في منتصف الثلاثينيات من القرن العشرين. وبعد ذلك، توالت القصص والمجموعات القصصية مع أحمد بنعبد السلام الساعدي في 1943م بقصته" الاتحاد قوة"، ومع محمد علي الرحماني الذي كتب قصص" الرفيق المختار" سنة 1948م.
ولم نجد مع امتداد سنوات الخمسين سوى بعض القصص كقصة " الشيخ والعفريت" الصادرة عن مطبعة الشمال الإفريقي بالرباط عام 1956م، وقصة محمد الهيتمي" حسان بن النعمان" الصادرة عام 1958م.
أما في الستينيات، فقد ألف مصطفى غزال مجموعة من القصص الصادرة عن دار المدنية الشرقية بالدار البيضاء سنة 1964م، وهي قصص اجتماعية رمزية وفانطاستيكية تعتمد على أدب الخرافة والحيوان كما في قصصه: " رحلة في البراري والبحار"، و"التلميذ المجتهد والتلميذ الكسلان"، و" البطل المغربي في الغاب"، و " أولاد الملك الثلاثة"، و" الأمير الكريم"، و" ابن الملك وفرسه"، و"الحوتة والأهبل"، و " الجرادة والعصفور"، و" الحطاب والأفعى"، و" الحطاب والغولة"، و" الحطاب والبئر". وفي هذه السنة بالذات، صدر لعبد المالك لحلو قصته" مغامرات الصقر الكبير"، وألف محمد الهيتمي أيضا قصتين في هذه الفترة، وهما: قصة " حسان بن ثابت"، وقصة "عقبة بن نافع".
لكن الانطلاقة الحقيقية لقصة الطفل كانت في مرحلة السبعينيات من القرن العشرين مع عبد الرحيم الكتاني وعبد الحق الكتاني اللذين أصدرا مجموعة من القصص كقصة " الهميان المفقود"، و" الأميرة في القصر المسحور"، و" الأخلاق الفاضلة"، و" الفرحة الكبرى"، و" الكيس العجيب"، و" الربوة السعيدة"، و" الإخوة الثلاثة"، و" مغامرات ذكي"، و" التاجر والعفريت"، و" شرفنطح البليد"، و" الحطاب الطموح".
وفي عام 1970م، ألف عبد السلام ياسين ومحمد شفيق وعبد الكريم حليم مجموعة من القصص الطفلية كقصة " الفلاح وملك النحل"، و" الهراوة السحرية"، و" القط العنيد"، و" الفلاح الساحر". أما محمد الصباغ فقد أصدر مجموعة قصصية تحت عنوان" بسمة" سنة 1975م، كما نشر عبد الفتاح الأزرق سنة 1976م سلسلته القصصية" سناء" عن مطبعة الهزاز بمدينة فاس.
وإذا انتقلنا إلى سنوات الثمانين فسنجد مجموعة من الأعمال القصصية الطفلية كقصص أحمد أكزناي التي ألفها سنة 1980م كقصة " ابن قجيلو والفيل"، وقصة " يا قدسنا"، وقصة" الشيخ والطلبة"، وقصة " حرب التحرير الريفية"، وقصة " مغامرات كحولة"، وقصة " الهداوي المتجول"، وقصة" الحاكوزة"، وقصة " التويزة"، وقصة " حديقة بن قجيلو"، و" حكاية باحدو"، وقصة " سياحة بن قجيلو". ويلاحظ أن أحمد أكزناي استمد معظم قصصه من البيئة الريفية الأمازيغية في أبعادها الاجتماعية والتاريخية والجهادية.
ولا ننسى كذلك ضمن هذه المجموعات القصصية الطفلية سلسلة مصطفى رسام" كان ياماكان"، وسلسلة محمد حمداني" قصص لأطفال السنوات الأولى"، وسلسلته الثانية: " هيا نقرأ " لأطفال السنوات الأولى، وسلسلة محمد الصباغ" أريج الكلام للأطفال"، وسلسلته الأخرى " أزهار بحيرة"،، وسلسلة حميد السملالي" معارك تاريخ المغرب الكبرى"، وسلسلته الأخرى " قصص مختارة". أضف إلى ذلك، سلسلة محمد سبيل" قصص ماجد للأطفال"، وسلسلتي أحمد أومال" الإثراء اللغوي"، و" سلسلة تاريخ المغرب من خلال حكايات جدي الطاهر".
ويمكن الحديث أيضا عن سلسلة" قصص تاريخ المغرب للأطفال" لمجموعة من أساتذة التاريخ، وزد على ذلك ما كتبه العربي بنجلون كسلسلة " عالم الحيوان"، وسلسلة " قصص تربوية للأطفال"، وسلسلة " قصص طريفة"، وسلسلة " أحكي لكم يا أطفال"، وسلسلة " فكر معي"، وسلسلة" قصتي الجميلة". كما نشر محمد إشودان سلسلة" قصص الأنبياء للأطفال" سنة 1987م، وألف أحمد البكري السباعي في نفس السنة سلسلة " قصص مستمدة من القرآن الكريم". كما صدرت عن كتابة الدولة في الشبيبة والرياضة بالرباط سلسلة " قصص الأطفال المصورة" بدون مؤلف ولا تاريخ للطبعة.
أضف إلى هذه القائمة، ما كتبه حكيم محسن مامان، وثريا السقاط، وعبد الرحيم مودن، ومحمد مسلك صاحب سلسلة " عبير الحكايات"...
أما في عقد التسعين، فنجد قصص أحمد عبد السلام البقالي كالمجموعة القصصية " الهروب من الجحيم"، وقصص نصر غيلان كقصة" رحلة المصطاف"، و" الجائزة"، و" كلب الدوقة"، و" الحذاء الثاني"، و"السباك"، و" الحكيم المغفل"، و"العينة البشرية". كما نجد للعربي بنجلون سلسلة " السندباد يحكي". ولمحمد الملياري سلسلتان قصصيتان وهما:" سلسلة السيرة النبوية للأطفال"، وسلسلة" الذهب في تاريخ المغرب". ولمحمد مسلك سلسلة " قالت شهرزاد"، وسلسلة " قصص عالمية للأطفال"، وسلسلة" قصص كليلة ودمنة". ولمحمد سعيد سوسان سلسلة "حكايات الإوزة". ولمحمد سبيل مجموعة " قصص ماجد". ولمحمد حسين القادري سلسلة "النبراس". ولماجد الأميري " قصص ألف ليلة وليلة". ولعبد اللطيف بنحيدة سلسلة" قصص الناشئين "، وسلسلة " أنبياء الله في قصص"، و" سلسلة " الخلفاء الراشدون". ولعبد الفتاح الأزرق " قصص تاريخ المغرب". ولأحمد زيادي مجموعات قصصية عديدة منها:سلسلة" عمرة"، وسلسلة" لينة". ولبارطولومي قصص شعبية ساخرة ومفارقة تدور حول قصص جحا. ولثريا السقاط بعض القصص الطفلية كقصة" فاطمة المفجوعة"، و" اللبؤة البيضاء"، و" النسر الرمادي"، و" حوار مع الأمواج"...
وفي سنوات العقد الأول من الألفية الثالثة، سيظهر محمد أنقار بمجموعة من القصص الطفلية كقصة " حلم الأرجوحة"، وقصة " الكتكت الرومي"، و" الهاتف له ذراعان". ويوجد إلى جانبه مجموعة من كتاب القصة الطفلية الآخرين كمحمد عزالدين التازي صاحب القصص المتنوعة كقصة" جدتي صليحة"، و" النمر الذي أراد أن يفترس النهر"، و" جوقة الفئران"، و" التاجر عبد الأحد والقراصنة"، و" الفراشة الحائرة"، و" النرجسة والذئب"، و" الطاوس والذئب"، و" الفيل والحطاب"، و" الثعبان الماكر"، و" الذئب والقنفذ"، و" النسر والقرد والحمامة"، وعبد الرحيم مودن صاحب الرحلات القصصية المرتبطة بمغامرات ابن بطوطة، وياسين بهوش في قصصه الحيوانية والمهنية كقصة " الدب والنمس الذكي" و" النجار"، و"أعمال الفلاح"، والمختار الدباغ في رحلاته المتسلسلة " رحلات سليمان"، ومحمد المستاوي في قصته" غدر ووفاء"، والعربي بنجلون في مجموعة من قصصه المتسلسلة: كقصص" حديقة اللغة"، و" قصص الحيوان في القرآن"، و" قصص الطفل الناجح"، و" قصص من هنا وهناك"، و" قصص العظماء"، وقصص المجال"، و" يد الوسيط"، و" قصص الطفل المغامر"،و" خذ بيدي"، وعبد القهار الحجاري في قصته" الأرنب وبيض الساقية"، وأحمد هشيمي في سلسلة" حيوانات برية وداجنة"، وسلسلة" مغامرات ذئب وحيوانات أخرى"، وخديجة المسيح في قصصها الشعبية الخرافية التي نشرتها وزارة الشؤون الثقافية مابين 1999و2005م.، وعبد الهادي بوطالب في قصته"مدينة الأحلام" الصادرة سنة 2008م عن دار المناهل بالرباط...
3- تجنيس قصص الأطفال بالمغرب:
من يتصفح قصص الأطفال بالمغرب سواء أكانت قصصا مفردة أم مجموعات قصصية أم قصصا متسلسلة، فإنه بلا شك سيصادف تنوعا على مستوى التجنيس والتصنيف، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على اختلاف مشارب الكتاب، وثراء مخيالهم الإبداعي، وتنوع الفئات الطفلية التي تتوجه إليها هذه القصص. ومن ثم، فقد وجدنا القصة التاريخية كما في سلسلة" قصص تاريخ المغرب" لمجموعة من أساتذة التاريخ المنشورة بالرباط عام 1985م، وسلسلة " تاريخ المغرب من خلال حكايات جدي الطاهر" لأحمد أومال، وسلسلة " الذهب في تاريخ المغرب" لمحمد الملياري، وسلسلة" قصص تاريخ المغرب" لعبد الفتاح الأزرق...
وهناك أيضا القصة الدينية مع عبد اللطيف بنحيدة في سلسلته" الخلفاء الراشدون"، ومحمد الملياري في سلسلة " السيرة النبوية للأطفال، وأحمد البكري السباعي في سلسلة " قصص مستمدة من القرآن الكريم "....
كما نجد القصة التعليمية والتربوية والأخلاقية كما في قصة " الأخلاق الفاضلة" لعبد الحق الكتاني وعبد الرحيم الكتاني، وسلسلة " قصص تربوية للأطفال" للعربي بنجلون، وقصة" غدر ووفاء" لمحمد المستاوي.... ونجد أيضا القصة الاجتماعية كقصة" أعمال الفلاح"، وقصة " النجار" لياسين بهوش...
وتتضح قصص المغامرات في " السندباد يحكي" للعربي بنجلون، و" مغامرات الصقر الكبير" لعبد المالك لحلو. كما نجد القصة الشعبية بوضوح وجلاء عند خديجة المسيح وبارطولومي في قصصه حول نوادر جحا...
وتوجد أيضا الرحلة القصصية مع عبد الرحيم مودن في سلسلة مغامرات ابن بطوطة للفتيان، وعند المختار الدباغ في سلسلته المتمحورة حول رحلات سليمان...
ونلفي كذلك قصة الخيال العلمي عند العربي بنجلون في قصة" العبي يا شجرتي"، و" أهلا بالخبز"، وباختصار ندرج ضمنها كل ما تضمنته سلسلته المسماة بقصص الخيال العلمي التي نشرتها مكتبة المدارس بالدار البيضاء سنة 1999م. ونجد هذا النوع من القصة الخيالية العلمية لدى توفيق مومن في سلسلته" رحلة دينا الفضائية "، وتوجد أيضا عند أحمد عبد السلام البقالي في الكثير من مجموعاته القصصية التي يعد من خلالها رائدا لقصة الخيال العلمي في العالم العربي.
أما القصة الفانطاستيكية القائمة على العجيب والغريب فنلاحظها عند محمد القادري في إبداعاته القصصية كقصة" مريم والأمير"، و" مصير رجل"، وعند العربي بنجلون في قصته" الدمية الناطقة "، وعند المختار الدباغ في قصته" سليمان وعرائس البحر"، وعند عبد اللطيف بنحيدة في سلسلته " قصص الناشئين"...
ونجد القصة الرمزية واضحة في النصوص الحكائية التي تلتجئ إلى استخدام الحيوانات على غرار ابن المقفع في " كليلة ودمنة"، ولافونتين في أمثاله، وأحمد شوقي في كتابه" الشوقيات". وهكذا، نلفي فاطمة أمطاط مثلا تكتب مجموعة من القصص الرمزية كقصة " حكايات الذئب والقنفذ"، وقصة " أنثى الطاوس مع التاج"، والعربي بنجلون يكتب" السنجابان والدب"، و" صديقنا الفيل"، و" الولد السمكة"، و" البطة الفيلسوفة"، و" الضفدعة الحمقاء"، ويكتب ياسين بهوش قصة " الدب والنمس الذكي"..
4- ملاحظــــات مناصية:
يلاحظ متتبع قصص الأطفال بالمغرب بأن جل هذه الإبداعات ظهرت بالدار البيضاء والرباط والقنيطرة. أي في المثلث الاقتصادي الذي يوجد في الوسط الغربي من المغرب، والذي يشكل القلب النابض للوطن إلى يومنا هذا. بينما هناك أعمال قليلة أخرى طبعت بفاس وطنجة وتطوان والناظور ووجدة.
ومن المطابع التي سهرت على نشر قصص الأطفال، نستحضر من مدينة الدار البيضاء: مطبعة دار الثقافة، ودار الرشاد الحديثة، ومطبعة المدارس، ومطبعة النجاح الجديدة، ودار إحياء العلوم، وأفريقيا الشرق، ودار التراث العربي، ومكتبة الأمة، والمكتبة المحمدية...
ومن مدينة الرباط نذكر: مطبعة المعارف، ومطبعة المعارف الجديدة، ومطبعة دار المناهل، ومطبعة نداكم، ومطبعة دار نشر المعرفة، ومطبعة عكاظ، ومطبعة بابل، ومطبعة أنتركراف، ومطبعة الفردوس..
ومن مدينة القنيطرة نذكر: مطبعة دار البوكيلي، والمطبعة السريعة، ومطبعة الأندلس، و مطبعة أمبرمانور، ومطبعة معمورة...
هذا فيما يتعلق بمطابع الداخل، فثمة قصص أخرى مطبوعة بالخارج كقصص أحمد عبد السلام البقالي المطبوعة في مكتبة العبيكان بالرياض في المملكة العربية السعودية أو مطبوعة من قبل وزارة الإعلام بالعراق، وقصص العربي بنجلون المطبوعة في مطابع الكويت...
ومن يتأمل قصص الأطفال بالمغرب، فإنه سيلاحظ بلا محالة مدى هيمنة الحجم المتوسط على معظم قصص الأطفال بالمغرب، بالإضافة إلى هيمنة اللون الأبيض والأسود الذي تشكلت به الرسوم الداخلية، وتزينت به الصور المرافقة، وإن كانت الأغلفة الخارجية ملونة في الغالب. والسبب في هذا يعود إلى ارتفاع ثمن طبع القصص الملونة بالمقارنة مع طبع القصص العادية المطبوعة بثنائية الأبيض والأسود. وفي المقابل، هناك فعلا قصص ملونة من الداخل والخارج كقصص المختار الدباغ التي تسمى بـــ" رحلات سليمان"، و قصص عبد اللطيف بنحيدة مثل:" قصص الناشئين"...
وعلى الرغم من ذلك، فإن قصص الأطفال بالمغرب سواء أكانت ملونة أم عادية تعد من أغلى القصص في العالم العربي بالمقارنة مع القصص التونسية والمصرية واللبنانية والكويتية والإماراتية والسعودية. لذا، نجد الأطفال والمربين يقبلون على القصص التونسية والمصرية على سبيل الخصوص لثمنها الرخيص، ولاسيما قصص محمد عطية الأبراشي.
أما صفحات قصص الأطفال بالمغرب، فتتراوح ما بين 16 و40 صفحة، بل قد تمتد بعض المجموعات القصصية إلى تسعين أو مائة صفحة كقصص أحمد عبد السلام البقالي (مقاس المجموعة القصصية للبقالي: " الهروب من الجحيم " – مثلا- 94 صفحة من الحجم المتوسط).
وهناك ملاحظات أخرى متعلقة بإشكالية الخط، فهناك قصص تكتب بخط واضح وبارز وكبير السمك مع شكل النص القصصي وضبطه إملاء ونحوا من البداية حتى النهاية. في نفس الوقت، هناك قصص غير مشكولة، مكتوبة بخط صغير السمك، يثير صعوبة القراءة لدى الطفل الصغير ؛ لعدم تماسك الفقرات طباعيا وبصريا كقصة " حمامة وديع" لأحمد هشيمي على سبيل التمثيل.
وثمة قصص خالية من الصور التي تجذب انتباه الأطفال كسلسلة " قصص الأنبياء للأطفال" لمحمد إشودان، مع العلم أن الطفل يقرأ القصص بحواسه البصرية قبل كل شيء، ويركز انتباهه على الصورة قبل التركيز على الأصوات والمعاني الذهنية...
وتوجد قصص أخرى لدى بعض الكتاب مذيلة بالأسئلة المتمحورة حول القصة فهما وتحليلا وتركيبا واستنتاجا وتقويما كسلسلة " قصتي" للعربي بنجلون مثلا.
ومن أهم المصادر التي اعتمد عليها كتاب قصة الطفل بالمغرب في إبداع قصصهم وتحبيك نصوصهم القصصية، لابد من ذكر المصادر والمنابع التالية:
1- قصص القرآن الكريم؛2- السيرة النبوية المباركة؛4- قصص الصحابة رضوان الله عليهم؛5- التاريخ المغربي والتاريخ العربي الإسلامي؛7- نوادر جحا وحكايات الأعراب والمغفلين؛8- قصص العرب الطريفة؛9- كليلة ودمنة لابن المقفع؛10- كتب المقامات(بديع الزمان الهمذاني، والحريري..)؛11- التراث الشعبي العربي؛12- القصص العالمية؛13- أمثال لافونتين؛14- شوقيات أحمد شوقي؛15- الإبداع الشخصي.
ومن أهم النقاد الذين اهتموا بمقاربة القصة الطفلية تأريخا وأرشفة وتوثيقا ودراسة وتقويما نستدعي كلا من: محمد أنقار ، والعربي بنجلون ، ولطيفة الهدراتي ، وعبد الله مدغري علوي ، وجميل حمداوي ، وعبد الهادي الزوهري ...
5- غيــــاب التوثيق:
من يتأمل ببليوغرافيا قصص الأطفال بالمغرب، فإنه يلاحظ بلا شك أن ثمة قصصا بدون مؤلف مثل: قصة " الشيخ والعفريت" التي نشرت سنة 1956م بالرباط من قبل مطبعة الشمال الأفريقي، وقصة " الطويحنة السحرية"، و" تلميذ الملك"، و" قصة مسافر"، و" الأطفال السبعة"، و" عصام الشجاع"، و" الأسود الذي يعيش تحت الأرض"، وقد صدرت هذه القصص، وهي بدون اسم مؤلف، سنة 1983م عن دار الكتاب بالدار البيضاء.
وهناك أيضا سلسلة قصصية غير موثقة بشكل جيد ودقيق، وهي تحت عنوان" الحياة في ألوان" صدرت عن مطبعة فضالة بالمحمدية سنة 1987م، وتضم هذه السلسلة القصص التالية:" شكرا أيها الطائر"، و" من هو الأحسن؟"، و " جزاء الذئب"، و " الذئب الراعي"، و " أرنبة تعبر النهر"، و " الجرو الشيطان"، و" لعبة البهلوان"، و" أين الفأر؟"، و " فأر من خشب"، و" أين قطاي؟".
أضف إلى ذلك أن هناك مجموعة قصصية بدون مؤلف مذكور، وقد صدرت عن المكتبة المدرسية بتطوان، وهذه القصص هي: " منبر"، و "علاء الدين والمصباح السحري"، و " جوليفير في بلاد الأقزام"، و" بياض الثلج والأقزام السبعة"، و" السندباد البحري"، و " سندريلا"، و" كيم"، و" القبيعة الحمراء"، و" الإبهام الصغير"، و " ذو اللحية الزرقاء"، و" علي بابا والأربعون حراميا"، و " الجميلة النائمة".
ونجد كذلك قصة غير موثقة ألا وهي: قصة " السندباد الصغير " الواردة ضمن سلسلة قصص الأطفال المصورة، أصدرتها كتابة الدولة في الشبيبة والرياضة بالرباط بدون إشارة إلى مؤلف ولا إلى تاريخ الطبع أومكانه.
خاتمـــــة:
تلكم – إذا- نظرة مقتضبة وموجزة حول قصص الأطفال بالمغرب، وقد تبين لنا بأن هذا الجنس الأدبي قد ظهر مبكرا منذ سنوات الثلاثين من القرن العشرين، بيد أنه لم يتطور ويزدهر وينتعش إلا في سنوات الثمانين والتسعين، ليعرف نوعا من التراجع النسبي مع سنوات العقد الأول من الألفية الثالثة.
إلا أن المتتبع لقصص الأطفال بالمغرب سيلاحظ أنها قصص يغلب عليها الأبيض والأسود، وأنها لم تستفد بعد من آليات التكنولوجيا المعاصرة في مجال النشر والطبع والتوزيع، ولم تستفد أيضا من إمكانيات العالم الرقمي والحاسوبي. كما أن هذه القصص موجهة لفئة معينة من الأطفال وهي فئة الفتيان أو فئة الأطفال المقبلين على مرحلة الإعدادي (ما بين 12-15 سنة)، وقليلا ما نجد القصص الموجهة للتعليم الأولي أو لرياض الأطفال.
زد على ذلك، أن هناك قصصا لاتراعي مستوى الأطفال الصغار البيداغوجي والديداكتيكي، ولا تراعي جوانبهم السيكولوجية ونموهم البيولوجي وسياقاتهم الاجتماعية والدينية والحضارية. كما أن أغلب قصص الأطفال المغربية غير ملونة وغير مضبوطة بدقة وإتقان. وبالتالي، فهي غير مرافقة بالصور المزينة الواضحة والمعبرة. ولا ننسى كذلك أن القصة الطفلية المغربية ذكورية بامتياز إذا استثنينا ثريا السقاط وخديجة المسيح.
وهناك أيضا من الكتاب من يبتعد عن السرد الواقعي المباشر لتوظيف الأساليب الرمزية المجردة الطافحة بالشاعرية والغموض والإيحاء. كما أن هناك قصصا طفلية مغربية تمتح مضامينها من القصص العالمية المعروفة أو تستمد مضامينها من النصوص العربية المشرقية نقلا واقتباسا وتحويرا وتناصا.
والملاحظة الأخيرة أن النقد الأدبي المغربي بعيد كل البعد عن أدب الطفل بصفة عامة وقصص الطفل بصفة خاصة؛ لانشغاله المستمر بتقويم أدب الكبار توثيقا ودراسة ونقدا، اللهم إذا استثنينا بعض المحاولات الجادة كمحاولات محمد أنقار، و العربي بنجلون، وعبد الهادي الزوهري، وجميل حمداوي، ولطيفة الهدراتي...
مشاركة منتدى
11 أيار (مايو), 21:26, بقلم سليمان أمجوض
قصة سليمان وعرائس البحر