الخميس ٢٣ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٠
بقلم سعيد العلمي

قـصـيدة الغـضب

تتوارد الأنباء يوميا عن الدرجة الخطيرة التي وصل إليها المغـتصب الصهيوني في مخطط تهويد القدس الشريف ويستغـيث المقدسيون بقادة العـرب والمسلمين عبر الفضائيات ولا مِن مجيب، تماما كما يحدث إبان كل مذبحة إسرائيلية في فلسطين وفي المجازر التي ارتكبت في لبنان والعـراق وأفغانستان على يد المحتـليـن.

يا من بجُـبـنكِ قد خـسرتِ ديارا
باتتْ شعوبُ الأرض فيكِ حَيارى
لم يـشهَـد الإنسانُ قـبـلكِ أمَّــةً
حـلّ الـثـراءُ بـها فـكانَ دمارا
النـفـط أنهـارٌ وأنـتِ ذلـيـلةٌ
شأن البَهائِمِ حُـمِّـلتْ قِـنــطـارا
إنّ الذي خـَـلـَـقَ الكواكبَ والدُّجى
خـلـقَ الكـرامةَ خِلسةً وجِـهارا
ماذا فعَلتِ بـها فإذْ هيَ ذِلـّة ٌ
تـتجـرّعـينَ كـُؤوسَـها مِـدرارا
أيُّ الـبلاءِ اسـتفحلـَـتْ أسـبابـُهُ
في عـقـْرِ دارِكِ تَعْـدَمينَ قَـرارا
في كلِّ يومٍ تصْبحينَ جَريحة ً
حـتّى جِـراحـكِ لـمْ تعُـدْ أخـبارا
في كل يومٍ تـُلطـَـمينَ بـصفعةٍ
حـتّى ألِـفْـتِ الصّـفعَ والتـّكرارا
في كل يوم تـُركـليـنَ بأرجـلٍ
حتى استَطبْتِ الرَّكلَ ليْلَ نَهارا
قـد قَطـّع الأشرارُ مِنـْكِ سَواعَـداً
مَن يَمْنَع العَدوانَ والأشْرارا؟!
أملـوكُكِ المَمْلوكُ حَـتّى كَبيرهُـم
أمِ الرُّؤَسا وليْسُـمـو أحْـرارا
أمِ الجُـيوشُ وليْـسَ فـيها سيـِّـداً
أمِ الشعوبُ المُمْعِـنينَ فِــرارا
يا أمَّةَ الجُـبنِ والجُـبناءِ وَيْلكُمو
ما نفعكُمْ في العالمينَ سُكارى!!
ما خـمـرُكُم إلا حَـياةَ مُنافـقٍ
والجُـبـنَ والتّسويفَ والأعْـذارا
ما دوركم في الأرضِ إلّا أمَّةً
لا تـفْـقَه الإشْعـارَ والأشْعـارا
قد كُنتمو في الأمسِ هَديَ شعوبـِهِ
واليومَ تحتَ نعالـِهِـم كُـفـّارا
ما نفعُكُم في مَسْجدٍ أو مَعبدٍ!!
ما دُمتمو لا تفقهوا الأسفـارا
غصَّـت مَساجدُكم وماجَ صُحونـُها
كمْ مُسلمٍ بين الجُموع طهارى!!
قد هُــزِّأ الإسلامُ صارَ مَطِـيـَّةً
لا أحْـسَـبنّ المُسْلمينَ غَـيارى!!
وبِـلادُكُـم مُحْـتـلـةٌ منهوبـــةٌ
وغـداً سَـيَعـدَمُ مِثـلـُكُمْ أمْصارا
ومُقـدّساتـُكمو تـُداسُ أمامَكُمْ
شاشاتـُكم دُمتـُمْ لـها نـُظـّارا
إخوانُكُم ويُذبـَّحونَ أمامكمْ
طـفحَت فلسطينُ دما ً ودمارا
المجرمونَ يهـدِّمونَ مَساجداً
وكنائسٌ تـصْرُخنَ أينَ نصارى!!
والقدْسُ والأقصى أمامَ عُيونِكُمْ
تِـلـفـازُكـُم قد سَخـّـرَ الأقـمارا
مَسرى نَبيـِّكُمو ومَـهْدُ مسيحِـكُمْ
هـلْ يُـشعـلُ القرآنُ فـيكُم نـارا!!
أم أنتُمو صِرتـُم حُـثالةَ كَوْكَبٍ
أضحيْـتـُمو فيه صَدىً وغـُبارا
لا حِـسّ فيكُمْ لا رُؤىً وبَصيرةً
أوْصَدْتـُمُ الأسْماعَ والأبْصارا
سيّانَ عِـندكُمو تـُدَكُّ عِـراقـُكُـمْ
مُليونُ فـيهِ قـدْ قـَضـوا أبْـرارا
دُكَّـتْ بِلادكمو وشُـرِّدَ أهْـلـُها
قد قَـتـَّـلوا فـيهِمْ صِغارَ كِبارا
ماذا فَعَـلـتـُمْ غَـيْرَ حُزنٍ ودَمْعَةٍ!!
تـُمـسونَ بَعْـدَهـُما غَداً سُمّارا
أسيانَ عِندكـُمو دَمارَ بِلادُكُم
ما دامَ بيتـُكُـمو خـَلا أضرارا!!
فما لكُمْ في الجُـبنِ غَيْرَ مآربٍ
تـبْـغونَ تسـلـيـَةً وثـُمَّ فِـرارا
أوطانـُكُم تنْهارُ ضَرْباً تحْـتكُم
أعْداؤُكُم لا يَـعْـزفـوا أوتـارا
بلْ يزحفونَ إليكُمو بجيوشِهمْ
وقُـلوبُهـم طـفـّاحةٌ إصرارا
لنْ يَرْحموا فيكمْ كَسولاً قاعِداً
أو عاهِراً يَلهو مَساءَ نـَهـارا
أو واجِماً هَيْهاتَ يُوقِظـُه الرَّدى
جعَلَ التفـرُّجَ ديْدَناً وشِعارا
ظنّ العِدى لا تبتغي تدميرَهُ
بل دارَ جارٍ ناقِـصٍ مِقـْدارا
صارَ الغباءُ يفيضُ مِلءَ حـياتِكم
حـتى أبَتْ أبعادُهُ تتوارى
وصِرتمو بين الشّعوبِ مَهازلاً
أضحيَـتُمو في العالمينَ صِغارا
ولكُمْ غُرورٌ قد يفوقُ غَباءَكُمْ
حـتّى عُـميـتـُمْ عِـزةً وفـَخـارا
واللهِ لوْلا أنّ فـيكـُم سيـِّداً
يحـمي الـبـِلادَ مـقاتلاً مِغوارا
في غزةَ الأبطالِ في لـُبـنانِـنا
في الرافدينِ مُقاوماً كَـرّارا
لنبذتـُكُم ونشَرْتُ في إعلامِكُمْ:
"خَسِأت شعوبٌ لم تَذُدْ أقطارا
خَسِأتْ جُيوشٌ ليس فيها شاربٌ
بل ليس فيها للعِدى أسْرارا"

*لسعيد العلمي ثلاثية شعرية تتألف من كـتبه: (سنابل الحياة) صدر في 2007 عن دار ألواح في مدريد و (سنابل الندى) في 2008 عن دار أزمنه في الأردن و (سنابل الشرر) في 2010 عن دار أزمنه.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى