الأحد ٩ تموز (يوليو) ٢٠١٧
بقلم فاروق مواسي

كان الزائدة وكان التامة

س: أعرف (كان الناقصة) وعملها، فمتى تكون (كان) زائدة؟ ومتى تكون تامة؟

طالب

كان التامة

تأتي بمعنى حدث أو حصل، نحو: التقى الصديقان بعد فراق فكانت الدموع.

الدموع: فاعل كان التامة مرفوع.

(كان) التامة كمثل الأفعال الأخرى تدل على حدث وزمن.

بينما (كان) الناقصة تدل على الزمن فقط، فهي تخلو من الحدث، ولا فاعل لها.

ورد في التوراة: "ليكن نور، فكان نور"، فكلمة نور في الجملتين فاعل مرفوع، لأن (كان) فيهما تامة، والمعنى في الجملة الأخيرة- وجد أو وقع أو حدث نور.

في جملة "كان النور ساطعًا"- نعرب (كان) فعل ماض ناقص، فهي لم تؤثر على السطوع وعدمه، بل حددت زمن هذا السطوع، وهو الماضي دون أن تؤسس وجودًا ما.

بينما في جملة "كان النور الساطع" تكون تامة، فدلت على حدث- هو وجود نور ساطع.

ترد (كان) التامة عددًا من المرات في الذكر الحكيم، ومن ذلك:

وإن كان ذو عُسْرة فنظِرَةٌ إلى مَيسَرة - البقرة، 280.

كثيرًا ما نذكر في القصص (كان التامة) نحو: استعد البطل وكانت الحرب، وكان صباح وكان مساء، وكان يا ما كان....

كان الزائدة

قد تزاد (كان) مؤكدة للكلام، فهي لا عمل لها، وبالتالي فلا اسم لها و لا خبر (كالناقصة)، ولا فاعل لها (كالتامة)، وهي في الماضي عادة.

أبرز ما نجدها في جملة ما التعجبية وقبل (أفعل):

نحو: ما كان أجملَ الفتاةَ!

كان: فعل ماض زائد لا عمل له.

أجملَ: فعل ماض على صيغة التعجب مبني على الفتح، وفاعله ضمير مستتر يعود على ما، الفتاة: مفعول به منصوب.

والجملة الفعلية في محل رفع خبر المبتدأ (ما).

يقول المتنبي:

ما كان أخلَقَنا منكم بتكرُمة
لو أن أمرَكُمُ من أمرنا أَممُ

ويقول آخر:

أرى أمَّ عمرو دمعها قد تحدَّرا
بكاءً على عمرو وما كان أصبرا

هنا (كان) زائدة.

قد نجد (كان) زائدة بين جزأين متلازمين، كقول من قال:

المعلم –كان- حاضر.

ولكن الأفضل أن نجعلها (كان) الناقصة، فنقول: كان حاضرًا.

أكتب ذلك لأننا قد نجد (كان) الزائدة في بعض الشواهد، كوقوعها بين الصفة والموصوف، نحو:

فكيف إذا مررتُ بدار قومٍ
وجيرانٍ لنا كانوا كرامِ

بالطبع ليس من حقنا أن نخطّئ الفرزدق، ونقول له: كانوا كرامًا، ولا يجوز لك غير ذلك!
ومن ذلك قول الشاعر:

وماؤكم العذبُ الذي لو شربته
شفاء لنفسٍ كان طالَ اعتلالُها

فجملة " طال اعتلالها " في محل جر نعت، وقد جاءت (كان) زائدة لا عمل لها.

نجدها كذلك بين المتعاطفين، نحو:

في لجّةٍ غمرتْ أباك بحورُها
في الجاهليةِ –كان- والإسلامِ

إذن، كان التامة هي التي تعني حصل أو وقع أو تمّ، ولها فاعل.

*كان الزائدة هي حشو في الجملة أبرز ما نراها في الجملة التعجبية قبل (أفعَل) التفضيل.

ملاحظة:

إذا شعرنا أن حذف (كان) لا يقدّم ولا يؤخّر في الجملة، وكانت بين متلازمين- كما مثّلت أعلاه- فهي زائدة، وفي لغتنا المعاصرة هي نادرة جدًا، وفي رأيي أن استخدام (كان) الناقصة أولى- إلا إذا دلت على حدث، فعندها تكون تامّة.


مشاركة منتدى

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى