الخميس ١١ آذار (مارس) ٢٠١٠
بقلم فايز أبو شمالة

لا تبيضوا وجه إسرائيل!

كل قوة عسكرية أو اقتصادية أو سياسية تقف ضد إسرائيل، وتزعج أمنها، هي في صالح العرب الفلسطينيين، وكل تحالف يرضى عنه الإسرائيليون، وتبسط له أمريكيا يد المساعدة، ليواري سوءة الدولة العبرية، هو ضد العرب والمسلمين والفلسطينيين، وأزعم أن كل من يختلف مع هذه القاعدة الراسخة للتعامل في الشرق هو لقيط سياسي، ومدسوس لجهات أجنبية، ولا يمثل مصالح سكان المنطقة.

اعتماداً على ما سبق من حقيقة تفقأ عين كل مكابر؛ لم يجئ القرار الإسرائيلي بالتوسع الاستيطاني في القدس بمثابة صفعة للجهات الفلسطينية والعربية التي أيدت استئناف المفاوضات، وإنما شكل القرار الإسرائيلي جرس إنذار للعرب والفلسطينيين بأن الدولة العبرية تصرفت بهذا الشكل المحقر للعرب وهي في أمس الحاجة إلى الدعم الأمريكي، وإلى التنسيق العربي بشأن المفاعل النووي الإيراني! فكيف ستتصرف الدولة العبرية مع الفلسطينيين والعرب في حال نجحت في تفكيك القوة العسكرية الإيرانية، وتدمير قدرتها النووية؟

لقد جاء في التقارير الصحفية المحايدة، والدراسات الموضوعية المهتمة بالشرق، وجاء في تصريحات كل السياسيين: أن المفاوضات غير المباشرة لن تحقق في أربعة أشهر ما عجزت عن تحقيقه في ثمانية عشر عاماً. وهذا ما يشجع على الاستنتاج أن الإعلان عن استئناف المفاوضات غير المباشرة، لا يهدف إلى حل الصراع العربي الإسرائيلي، بمقدار ما يستهدف حرف أنظار الأمة العربية عن خطر الدولة العبرية، وتوجيهه إلى دولة إيران، والإيحاء بأن الخطر الذي يهدد الأمة العربية يكمن في القوة العسكرية الإيرانية الصاعدة، وهذا هو قمة الرياء الفكري، والتلفيق السياسي الذي ما عاد يخدع الجماهير، وبات الجاهل والعاقل يدرك أن إسرائيل هي الخطر المهدد للأمن والسلام العالمي، وذلك وفق آخر استطلاعات الرأي في أوروبا، ووفق المشاهدة اليومية، والإحساس بالمهانة العربية.

فلماذا كانت الموافقة على المفاوضات غير المباشرة طالما أنها لن تحقق معجزة الحل؟ ولماذا نسهم في تبيض وجه إسرائيل التي لطخت سماء العرب بالدم؟ لماذا نوافق على تهيئة الأجواء السياسية التي تعزز التحالف الإسرائيلي الأمريكي، والساعي لضرب إيران؟ وأين هي المصلحة الفلسطينية والعربية والإسلامية في تدمير قوة إيران؟ ماذا سيسكب العرب لو انتصر التحالف الأمريكي الإسرائيلي؟ هل ستعترف إسرائيل بحقوق الفلسطينيين، وتقتلع المستوطنات، وتعترف بقرارات الأمم المتحدة بشأن اللاجئين الفلسطينيين؟ هل ستصير القدس عربية؟

أزعم أن تدمير المفاعل النووي الإيراني، وتحجيم القوة العسكرية الإيرانية ستصب في صالح الدولة العبرية التي ستزداد ثقة واطمئناناً بقدراتها على تغيير وجه الشرق، وستزداد قوة، وصلابة وصلفاً، ورغبة في أن تدوس على كل رأس يبز عن القطيع، وستبطش حتى بأولئك الذين سهلوا لأمريكا ضرب إيران؟ فلماذا وافقتم على تبييض وجه إسرائيل، وقصمتم ظهر الشعب الفلسطيني، ووافقتم على عقد المفاوضات غير المباشرة؟! لماذا؟


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى