لا يوجد أمة في التاريخ، تركت العلم، والثقافة، والفكر، والأدب، إلا وانهارت ثم بادت.
ألقيت هذه الكلمة في الاحتفال الذي أقامته ديوان العرب في الرابع من يوليو - تموز 2006 في قاعدة نقابة الصحفيين .
وكانت ديوان العرب قد أقامت احتفالها لتكريم نخبة من رواد الفكر، والأدب العرب، الذين أسهموا في خدمة الثقافة العربية، ولتوزيع الجوائز على الفائزين في مسابقة أدب الأطفال للعام 2005.
ألقى الكلمة الدكتور احمد زياد محبك من سوريا بسبب تعذر حضور مدير التحرير
الاخوة والأخوات الأعزاء
ضيوفنا الكرام من مصر والدول العربية الشقيقة
نرحب بكم في هذا الاحتفال الثقافي، الذي تجمعنا به ديوان العرب، لنكرم نخبة جديدة من المبدعين العرب في شتى بحور العلم والأدب والثقافة، وللإعلان عن الفائزين الثلاثة الأوائل في مسابقة أدب الأطفال التي أعلنا عنها في العام الماضي.
في مثل هذا المكان، قبل عام ونصف، اجتمعنا لنحتفل بنتائج مسابقة القصة القصيرة، ولتكريم بعض مبدعينا ونعدكم أن نلتقي في الأعوام القادمة في القاهرة وفي دول عربية أخرى، وأن يصبح هذا الاحتفال نهجا ثابتا نحاول فيه باسم الأبناء والأحفاد أن نقر بدور الآباء والأجداد وما قدموه لنا في مجالات الأدب، والعلم، والثقافة، وأن نقدم لهم بعض واجبنا تجاههم، ونقول لهم بصوت عال وبكل فخر:
نقدر إبداعاتكم، وما قدمتموه لنا، ولأمتنا، وللإنسانية جمعاء، إسهاماتكم في صرح الثقافة العربية لن تنسى، وستبقى منارا تنير لنا طريق المستقبل، وتأخذ بيدنا نحو مزيد من العلم والثقافة والإبداع.
احتفالنا اليوم لتكريم من نكرمهم، ليس بديلا عما يحب أن تقوم به المؤسسات العربية الرسمية تجاههم، ولكنه نقر على الذاكرة، ذاكرة أبنائنا وأحفادنا وأجيالينا القادمة أن يستنيروا بأفكارهم، ويسيروا على دربهم، فلا يوجد أمة في التاريخ، تركت العلم، والثقافة، والفكر، والأدب، إلا وانهارت ثم بادت. ولنا في التاريخ أمثلة كثيرة شواهد على ذلك.
إن شعوبا عربية ممزقة، وأمة تعاني من التخلف وثقل الأمية المنتشرة في صفوفها، ومن جبهة الأعداء الموحدة والطامعة فيها، لا يمكنها أن تنتصر، وتعيد كرامتها المهدورة وتحقق الرخاء الاقتصادي والعلمي، والثقافي والفني، لأبنائها وتكون واحدة من الدول الأولى في العلم، والثقافة، والفكر، إلا إذا أعادت للعلم هيبته وللثقافة مكانها الأول، وأعادت علماء، ومفكري، ومثقفي هذه الأمة إلى مكانهم الطبيعي في مؤسسات دولنا الرسمية، وفتحت لهم المجال بغير حساب، وشجعتهم على الإبداع والاختراعات والكتابة .. لكي يصبح التنافس الأول والحقيقي بين أبنائنا أيهم أكثر إبداعا وليس أيهم أكثر مالا أو جاها أو أرفع منصبا.
آلاف المبدعين العرب من كل الأجناس هاجروا أرض أوطانهم، وقدموا علومهم وإسهاماتهم في مواطنهم الجديدة، إنهم يشغلون أرفع المناصب في أرفع الجامعات الأمريكية والأوروبية وأستراليا وغيرها، ولكم في العالم أحمد زويل مثال على ذلك، وقد كان بإمكاننا أن نستفيد منهم ومن غيرهم من طاقات مبدعينا في البناء الحقيقي في أوطاننا العربية لو أحسنا إدارة المواجهة. وكلنا على يقين أنهم أو معظمهم مستعدون للعودة لبلدانهم في أول طائرة متجهة إلى أرض الوطن الأم لو توفرت لهم سبل العلم، ومجال رحب للإبداع والثقافي والفكري، والعلمي.
إن المسابقات الأدبية التي تقيمها ديوان العرب ليس إلا إسهاما بسيطا متواضعا، لتشجيع مبدعينا الشباب وفتح سبل المنافسة والإبداع الحقيقي بينهم، لنؤكد معهم أننا أمة يمكن لها لو تم إدارة دفتها بإحكام أن تكون رائدة في الأدب، والعلم والفكر، والموسيقى، والسينما، والمسرح، والرسم، وشتى أنواع العلم والأدب، والفن.
إنه عار علينا، أن نستورد برامج أطفالنا التلفزيونية، وألعابهم، من دول أخرى ولدينا الإمكانيات المالية والطاقات الأدبية والعقول العلمية، التي يمكن لها أن تقدم لأكبادنا التي تمشى على الأرض ما هو أروع من كل ذلك.
إنها دعوة لأصحاب الأموال العرب، حكومات وأفراد، أن يستثمروها في خدمة هذه الأمة ورفع مستواها، فكيف سيرتفع مستواها، وبرامج أطفالنا، وألعابهم يصنعها غيرنا لهم بما تحمله من ثقافات وأفكار قد تكون غريبة عنا.
ختاما نقول رغم الأسى الذي يغمرنا لما آلت إليه حالنا، حال أمتنا ودولنا، فلا زال الأمل يقف لنا بالباب، ولا زلنا نحلم بيوم تصرف هذه الأمة على تكريم علمائها، ومبدعيها ومفكريها أكثر مما تصرفه، على فيديو كليب لمطربة تستخدم جسدها بديلا عن صوتها وأدائها.
مرة أخرى نشكركم لحضوركم
والسلام عليكم ورحمة الله