لعنة الدكتوراه
كان حلماً كبيراً يراودني منذ الطفولة، يداعب خيالي ويعزف ألحانه الجميلة على أوتار فؤادي كلما مرّ بخاطري، فتراني أتنهد تنهيدة السعداء ، تنهيدة الأمل المجبولة بالدعاء، وأنا أرى شمساً بعيدة تشرق في سمائي ، وطيور الكناري تغرد في فناء داري، وعروس البحر تغوص وتأتيني بألوان الجواهر واللآلي.
عقدت العزم وحملت عدتي وعتادي وتوجهت إلى الجامعة لا أبغي سوى العلم مهوى فؤادي واجتهدت وُسْعي وزيادة ، وسهرت الليالي الطوال إلى أن حان موعد القطاف وإذ بي أتخرج بأعلى معدل يحققه طالب في الجامعة منذ إنشائها ، شعرت بالفخر يملأني ، وزال ألم السنين عن كاهلي وتخففت من حمل ثقيل وبدأت أشعر بحلاوة الثمار التي جنيتها .
كنت أهيئ نفسي للعمل بما علمت، ولم أفكر بإكمال دراستي العليا ، ولكني تفاجأت بمنحة من الجامعة لدراسة الماجستير ، فرحت بهذا العرض الذي فاق أحلامي وطموحي يومها ، وبدأت رحلة الألف ميل .... مرت سنوات الدراسة بحلوها ومرها إلى أن تخرجت وكنت كما أعهد نفسي في المقدمة وقلت مبتهجة الآن حان وقت العمل.
بدأت أبحث عن عمل مدة ثلاث سنوات لم أحصل فيها على عمل يناسب ظروفي العائلية وكنت كلما وضعت أبنائي في كفة ووضعت العمل في كفة رجحت كفة الأبناء ، فصرفت النظر عن فكرة العمل مؤقتاً ريثما يكبر صغيرهم ويشتد عوده.
ثم ما لبثت فكرة الدراسة تراودني ، فأنا عاشقة للعلم وأجد نفسي المبعثرة من خلاله ، فققرت أن أكمل دراستي العليا في الدكتوراه في التخصص نفسه الذي اخترته عن قناعة ورغبة شديدين، وما هي إلا فترة وجيزة حتى وجدتني على مقاعد الدراسة من جديد، عدت طالبة تفرح بالعلامة وتحزن لفقدها ، تعاتب أستاذها إذا ما أعطاها علامة أقل مما تتوقع تقرأ ثم تقرأ ثم تقرأ لا تمل من العلم ولا تشبع.
وهكذا انقضت سنوات الدراسة وحزت لقباً كان يدغدغ مشاعري كلما تذكرت أنه بات قريباً وظننت أني حزت شيئاً عظيماً!
وأن الأبواب المغلقة ستشرع أمامي ، وأن تفوقي ونجاحي الباهر وإصراري على العمل ورغبتي الشديدة في مهنة التعليم وحبي لها سيكون العماد الذي يدعمني في مسيرتي .
طرقت أبواب كل الجامعات ، ولكن بدون أية واسطات!!
وكنت أخرج بوعود وآمال تجعلني أظن أن الوقت قد حان وأنها باتت وشيكة....
ثم ما يلبث أن يتبدد بمرور الأيام .
وكنت كلما تقدمت لوظيفة قالوا: نأسف فأنت تحملين شهادة أعلى مما نطلب ، حتى إنني رضيت أن أعمل مدرسة أطفال ولكنهم قالوا: وما نفع الدكتوراه مع العيال؟
فباتت شهادتي تقيدني بالغلال ، وما عادت سبباً لفرحتي وإنما لعنة تطاردني حتى في الخيال.....
مشاركة منتدى
6 شباط (فبراير) 2018, 06:31, بقلم د. سليمان بن عبد العزيز
يكفيك فخرا هذا اللقب الذي حلم به الكثيرون ولم ينالوه.
ان مجتمعنا العربي للأسف يحقد ويحسد الناجحين وذوي المؤهلات العليا ‘ فنجد وزير ولديه بكالوريوس وقد تكون بالمراسلة او بالواسطة ، ونجد الكثير من المدراء يحملون الثانوية العامة بتقدير مقبول ؟؟؟؟؟ لاحول ولاقوة الا بالله