السبت ١٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٤
بقلم
لغة القلوب!
الصَّمْـتُ أَبْلَـغُ مِـنْ كَـلامٍ فـي دَمِــيْ | لـم يَـرْعَـوِ عَـنِّـي ولـم يَـتَـكَـلَّمِ! |
وهَـلِ اللُّغَـاتُ سِوَى هُـرَاءٍ إِنْ غَـدَتْ | فـي أُذْنِ سامِعِـهَا لِسَانـًـا فـي فَـمِ؟! |
لُغـةُ القُلُوْبِ هِـيَ القُـلُـوْبُ، فَدَعْ إِذَنْ | قُـتَـرًا يَـدُوْرُ بِهَـا الهَـوَاءُ ويَرْتَـمِيْ! |
تَعِـبَ البَـيَـانُ يَصُوْغُنِـيْ مَعْنًى ، فَمَنْ | لِـيْ بِالـبَـيَـانِ الـمـَارِدِ المُسْتَـسْـلِمِ؟! |
والـنَّـاسُ تَـبْـنِـيْ وَهْمَهَا مِنْ زُرْقَـةِ [م] | الإِبْـحَـارِ شِعْـرًا في ابْـتِـنَاءِ الأَوْهَـمِ! |
مِـنْ مُـدَّعٍ يَـزْهُـوْ بِـغَـيـْرِ حُـرُوْفِــهِ | أو رَامِـحٍ فـي حَـرْفِــهِ مُـسْـتَـلْـئِمِ! |
الكُـلُّ فـي دُنـْـيَـا الهَـوَى مُتَـشَـاعِـرٌ | يَـهْـذِيْ بِصَاحِبَـةِ الوِشَاحِ الأَنـْـعَمِ! |
والحُـبُّ أَنـْـفَـاسٌ ، إذا مـا مـازَجَـتْ | نَـفْـسًا، بَـرَاهـا اللهُ غَيْـمًـا يَـنْـهَمِـيْ! |
يُــرْوِيْ بَـقَـايـَـا أَعْـظُـمٍ فـي تُـرْبِهَـا | فَتَـهُـبُّ غُصْنًـا يـَانِعـًـا لـَمْ يَهْــرَمِ! |
لـولاهُ مــا رَفَّ الجَـنَــاحُ بِـطَـائِـــرٍ | كَـلّا ، ولَـمْ تُعْشِـبْ حُرُوْفُ المُعْجَمِ! |
لولاهُ مـا رَشَـفَتْ غَـزَالَـةُ خَـافِـقِــيْ | سَحَـرًا ، ونَـامَتْ مُقْلَتَـاهَا في دَمِـيْ! |
الحُـبُّ كَــوْنٌ مِـنْ دُخَـانِ عُـيُـوْنِـنَـا | يَبْنِـيْ الجَدِيْـدَ كَقُـبْـلَـةٍ مِـنْ مَبْـسَمِ! |
يَسْـرِيْ مَصَابِيْـحًـا بِـشَـارِعِ عُـمْـرِنَا، | ويُعِيْـدُ رَسْـمَ خَرَائِـطٍ لَـمْ تُرْسَـمِ! |
يـا كُـلَّ شِـعـْرِيْ إِنْ تَنَاثَـرَتِ الرُّؤَى! | يـا كُـلَّ نَثْـرِيْ في القَصِيْـدِ المُحْكَـمِ! |
فُضِّيْ قَوَافـِيْ الشَّمْسِ، تَسْقِيْ مَشْرِقِـيْ، | مُدِّيْ عُرُوْقَ الأَرْضِ ، تُرْوِيْ مَنْجَمِيْ! |
قـالُـوا: لـهـٰذا الشِّـعْـرِ وادٍ واحِـدٌ، | فجَعَـلْـتِـهَـا مِـلْـيُـوْنَ وَادٍ مُـلْـهِـمِ! |
قـالُـوا: إِمَـارَةُ ذا الكَـلامِ حَصِيْـنَـةٌ، | فَفَـتَحْـتِهـَا مِـنْ نَـاظِرَيْـكِ بَأَسْـهُـمِ! |
يـا نُـوْرَ هـٰذا الـكَـوْنِ ، إِمَّـا يَنْـطَفِـيْ | مِـنْ كَهْرُبَـاءِ الشِّعْـرِ حِـبْـرُ الأَنـْجُمِ! |
يا مَــاءَ «بِسْمِ اللهِ» فـي شَفَـةِ الظَّمـَـا، | هُلِّـيْ سَحَابَ العُمْرِ.. ثُوْرِيْ زَمْزَمِيْ! |
لُـمـِّيْ جِـرَاحَـاتِـيْ التي أَبـْـدَعْـتِـهَـا | ولْتَجْرَحِـيْنِيْ فـي الْتِمـَامِيْ الـمُؤْلـِمِ! |
لـَكِ كُـلُّ مَا تَـهْوَيْـنَ ، مِنْـكِ أَبـْـتَـدِيْ | مِـشْـوَارِيَ الأَقْصَـى، وأُنْهِيْ مَأْتـَمِيْ! |
أَدْرِيْ بَـأَنـِّـيْ- يـا أَمِـيْـرَةُ - دائِـمـًـا | فـي (اللُّعْـبَـةِ الحَـوَّاءِ) رَقْـمٌ آدَمِـيْ! |
كُـلُّ الضَّحَــايـَـا فـي يَـدَيـْهـا آدَمٌ، | ذا خَـاتِـمٌ ، أو ذا سِـوَارُ الـمِعْصَمِ! |
لا لَـوْعَـةُ العُـشَّـاقِ تُـشْـعِلُهـَا ، ولا | آهَـاتُ وَجْـدٍ شَفَّ مـَـاءَ الأَعْـظُمِ! |
مـا بَـيْـنَ بَـارِقِ ثَـغْـرِهَـا وبَـنَـانـِهَـا | تُطْفِـيْ قَـنَادِيْـلَ الهَـوَى الـمُتـَضَـرِّمِ! |
تَـنْـسَـى رَسَائِـلَ كالسَّمَـاءِ عُيُـوْنُهَـا، | وكَـأَنَّ شَيْـئًـا لَـمْ يَكُـنْ أو يُـحْـلَمِ! |
قُوْلِـيْ ، لـمـاذا لـَمْ تَكُـنْ لَيْلـَى كَقَيْــ | ــسٍ فـي الهَوَى ، كَـبِدًا ، ولَمْ تَتَـتَـيَّمِ؟ |
قُوْلِـيْ ، لـمـاذا كـالحَـرَائِـقِ لَـحـْنـُـهُ | يَـغْـشَى الأَصَابِـعَ وَهْـيَ لَـمْ تَتَـرَنَّمِ؟ |
بالعَـقْـلِ يَشْـرِيْ مِـنْ هَوَاهَـا قَـبْـضَةً | لِـتَـبِـيْعَــهُ لِـلـذَّارِيَــاتِ بِـدِرْهَــمِ! |
قَـلْــبٌ تـِجَـــارِيٌّ ، وحُـبٌّ وَالِــغٌ | فـي حَـمْـأَةِ اسْـتِنْزَافِ قَلْبٍ مُعْـدِمِ! |
هِـيَ لَـوْ تـُحِـبُّ، فلا سِوَى مِرْآتِهَـا؛ | لِـتَـرَى التي فَتَـكَتْ بِقَلْبِ الضَّيْغَمِ! |
مَنْ قالَ : «أُنْثَى .. يا لَوَاهِيَةِ القُوَى!»؟ | والفَيْـلَسُــوْفُ نَبِـيُّ مَـنْ لَـمْ يَـفْهَـمِ! |
يَتَـوَكَّـأُ الأَوْهَــامَ فـي رَأْدِ الضُّـحَى، | ويَهُـشُّ ما يَخْـشَى، كَـعِمْلاقٍ قَـمِـيْ! |
للهِ يـا قَـلْـبًا تَـســــَـاقَـطَ نَـبْـضُـــهُ | مـا فـي ثَـرَاهُ مِنْ سُــؤَالٍ مُـفْـعَـمِ! |
هَـلْ كالكِتَـابَـةِ تَـلْـتَـقِـيْ أَنـْفَاسـُـنَـا | كَنُـفُوْسِنَـا؟ أَمْ ذاكِ مَـحْـضُ تَوَهُّـمِ؟ |
يَـوْمَ الْـتَـقَـى القَلْبَانِ سَلـَّمَ قَـلْـبُـهـا | والقَـلْـبُ مِـنِّـيْ كَـفُّـهُ لَـمْ تَـعْـلَـمِ! |
وأَنـَا أُطَـوِّفُ فـي الـمـَلامِحِ هَائِـمًـا، | يا وَجْهَهَا الأَشْهَى، ويا طَـرْفِيْ العَمِيْ! |
رُحْـمَاكِ بـِيْ - يا مَـنْ تَـرَانِـيْ حَيْـثُمـا | شَاءَتْ- أَمَا شَاءَ الهَوَى أَنْ تَرْحَمِـيْ؟! |
لا عِـشْتُ إِنْ عَـاشَ الخَيَـالُ مُـحَلِّـقًـا | وَهَوَيْـتُ وَحْدِيْ في الثَّرَى كالـمُعْدَمِ! |
قالتْ: حَبِيْبِـيْ، لَـنْ تَرَانـِيْ .. بَيـْـنَـنَـا | رَمْلُ الصَّحارَى فـي فُؤَادِيْ الـمُغْرَمِ! |
إِنـِّيْ الأُنـُوْثَـةُ فـي خِـضَمِّ قُـيُوْدِهَـا، | وحُـدُوْدِهَـا، وَوُجُـوْدِهَـا الـمُتَحَكِّمِ! |
فـاسْمِـيْ ورَسْمِـيْ سَــوْءَةٌ مَـوْءُوْدَةٌ، | قُتِـلَتْ بِسَـيْفِ الجَاهِـلِـيِّ الـمُسْـلِمِ! |
لا رَأْيَ لِـيْ فِيْمَـا أُحِبُّ ، ولَـيْـسَ لِـيْ | إلَّا بَــأَنْ أَحْـيـَـا بِـعَـقْـدٍ مُـبْــرَمِ! |
الـبِـنْـتُ تُـوْلَــدُ حُــرَّةً لـٰكـنَّـهـــا | سُرْعَـانَ مـا تَـدْرِيْ إلى مَنْ تَـنْـتَمِـيْ |
سُـرْعَـانَ مـا تَـدْرِيْ بِـجِـنْـسٍ آخَـرٍ | مَـحْـفُـوْفَــةٍ آفَـاقُــهُ بِـجَـهَـنَّــمِ! |
أَتـُظُـنُّ دَمْـعَ الـوَرْدِ لا يَـجْـرِيْ علـى | آثـَامِ شَـوْكِ الـوَرْدِ حَـوْلَ البُرْعُـمِ؟! |
هـٰذا الذي جَـنَتِ الذُّكُـوْرَةُ ! لا تَـلُمْ | إلَّاكَ أَنـْـتَ هُـنَـا ، ولا تَـتَـظَـلَّــَمِ! |
يـا مَنْ تَنَـفَّسَكَ اشْتِـيَـاقِـيْ، لَـيْسَ لِـيْ | فِيْمَـا أُحَـاوِلُ غَـيْـرُ صَـوْتِ تَحَطُّمِيْ! |
يا مَـنْ إِليـكَ هَرَبْـتُ مِنْـكَ، ولـَمْ أَجِدْ | بِسِوَى «أُحِـبُّـكَ» رُقْيـَـةً لِتَلَعْثُمِـيْ! |
إِنـِّيْ عَـشِـقْـتُـكَ! كُـلُّ ثَـانِـيَــةٍ أَرَى | فيهـا حَـبِيْـبِيْ مِثْـلَ طِـفْلٍ تَـوْأَمِـيْ! |
يَلْهُـوْ بَأَشْيَـائِـيْ، ويَرْكُـضُ ضَاحِكًـا، | فَـيَـضُمُّـهُ صَدْرِيْ، ويَلْـثُـمُـهُ فَمِـيْ! |
وَرَوَتْ حَـكَـايـَـا ، أَيـْقَظَـتْ بِنَمِيْـرِهَا | يَنْـبُـوْعَ تـَحْنَانـِيْ بِدِيْوَانـِيْ الظَّمِـيْ! |
أَلـْقَـتْ حَـمـامَـةُ دَارِنَـا كَـأْسًـا علـى | كَـأْسٍ ، وَطَـارَتْ فـي الأَثِـيْرِ المُشْئِمِ! |
مَنْـهُـوْكَـةَ النَّجْـوَى، علـى أَهْدَابِـهَــا | شَـفَـقُ الفَـواكِـهِ كالعُـيُـوْنِ اليُـتَّـمِ! |
نَاحَـتْ مِـنَ الوَقْـتِ الجَزُوْرِ فَوَاصِلًا، | كـانتْ لنَـا وَطَـنًـا، وكَـأْسَ تَـنَـدُّمِ! |
بَيـْـنَ اهْـتِـيَـاجِ الـدَّرِّ فـي ثَـدْيٍ على | شَـفَـةِ الرَّضِيْـعِ، وجُوْعِ مَنْ لَـمْ يُفْطَمِ |
كـالزَّهْـرِ فَـتَّـحَ كُـلَّ أَحْـدَاقِ النَّـدَى | لِـيَـضُمَّ ضَاحِيَـةَ الجَمَالِ الـمَوْسِمِـيْ! |
والفَـأْسُ تَنْـهَـشُ عُـرْضَها فـي طُوْلِها | ولُـهَاثُـهَا مِـلْءُ الفَـضَـاءِ الأَعْـظَـمِ! |
مـا ضَـرَّ لَـوْ أَضْحَتْ قَصَائِـدُ عُمْـرِنَا | لُغَـةَ الخُلُـوْدِ بِعُمْـرِنَا الـمُتَـصَـرِّمِ؟! |
مـا ضَـرَّ لَـوْ طَـالَـتْ مـُـنًى ومَبَـانِـيًا | وتَـقَـاصَـرَتْ بِـمَـنِـيـَّـةٍ وتَـهَـدُّمِ؟! |
غُفـْـرَانَ أُنـْثـَى الشِّعـْرِ ، عَقـْلِـيْ نَـاقِمٌ | مِنْـهَا خَيَالِـيْ ، والخَيَالُ مُـتَـرْجِـمِـيْ! |
ما الشِّعـْـرُ؟!.. لا ما قِيْلَ يَبْنِـيْ حُلْمَنَـا | أَبـَـدًا ، ولا مَـا نِـيْـلَ مِنْـهُ بِـقَـيِّـمِ! |
الشـِّعـْـرُ : كَـأْسُ الـرُّوْحِ إلَّا أَنـَّـهـا | كَـأْسٌ مِـزَاجُ سُـلافِهَـا مِـنْ عَلْقَــمِ! |
تَسْـبِيْـكَ مِنْكَ بِغَـثِّـهَا وسَـمِـيْـنِـهَـا، | وتُرِيْـكَ فِـيْـكَ الحُـرَّ عَبْـدَ تَـوَهُّـمِ! |
والشـِّعْـرُ : كُلُّ بَصِيـْرَةٍ عَـمْـيَـاءَ ، عَـا | ذَ فَصِيْحُـهَـا مِـنْ عِـيِّـهِ بِالأَعْـجَـمِ! |
مِـنْـهُ إِلَـيْـهِ أُغْـنِـيَـاتــِيْ تَـلْـتَـجـِـيْ، | إِذْ يَلْتَجِـيْ بـِيْ بَعْضُهُ مِـنْ مُعْظَمِـيْ! |
كـالأُكْسِـجِــيْنِ ، تَـلَـفُّـنَـا أَغْـلالُــهُ | مِـنْ حَـيْثُ لا نَـدْرِيْ بِمَـا لا نَحْتَمِيْ! |
كالـمـَاءِ ، ليسَ بِصَفْـوِهِ تَـحْيَـا الحَـيـَا | ةُ جَمِيْعُهَا، إِنْ جـَادَ غَـيْـثُ الـمُنْعِـمِ! |
فِـرْدَوْسُـهُ كَجَـحِـيْمِـهِ : أَغْـصَـانُ بَـرْ | قٍ لاحَ فـي كَـفِّ الخَـيَـالِ الـمُلْهـمِ! |
تَطْوِيْ عُـيُـوْنَ الـرَّمْلِ مِـنْـهَـا لَـوْحَـةٌ | أَلْوَانُـهَـا عَصْفُ الرُّؤَى في مَرْسَـمِيْ! |
تِلْـكُمْ حَبِـيْـبَـةُ أَحْـرُفـِيْ .. تَـنْـأَى إِذا | نَادَيـْـتُهـَا نَـأْيَ الصَّدَى الـمُتَـهَـشِّمِ! |
تِلْـكُمْ حُـرُوْفُ حَبِـيْـبَـتِـيْ.. تَنْدَى إِذا | نَاجَيْـتُهَا صُبْـحَ الوُضُـوْحِ الـمُـبْـهَمِ! |
وَجْهَـانِ فـي وَجْهٍ : هُطُـوْلُ سَـحَـابَـةٍ | وَطْفَـاءَ.. في ظَمَـإِ اللَّمَى الـمُتَـفَحِّمِ! |
وكـذا الحَيَـاةُ - خَصِيْـبُـهَا وجَدِيْبُـهَا- | مَـنْ يَرْتَـقِـيْ مَـاءَ السَّمَـاءِ بِسُـلَّمِ؟! |
سَنَعِيْـشُـهَـا لِتَعِـيْـشَنَـا : تَـرَحًـا علـى | فَـرَحٍ ، وبَـدْرًا يَـحْـتَسِيْ مِـنْ مُظْـلِمِ! |
أَسْرَجْتُ في صَمْتِ الحِكَايَـةِ مُهْجَـتِـيْ | وعـَدَوْتُ وَحْدِيْ قَافِـلًا في مَقْدَمِـيْ! |