لقاص محمد هلال مبارك موهبة إبداعية متميزة
صدر للقاص محمد هلال مبارك، مجموعته القصصية الجديدة، شيزوفرينيا.. الطبعة الاولى، عن دار السرد للطباعة والنشر والتوزيع بغداد لعام ٢٠٢٢، والتي جاءت بتقديم الناقدة والروائية المبدعة، حبيبة المحرزي.
تميز الكاتب القاص ،والأديب اللامع محمد هلال مبارك، بكتابة القصة باقتدار واضح، فالكتابة هي موهبة ابتداءً ،كما هو معروف. وبالتالي فإنها تظل في جانب أساسي منها، حالة فطرية، وليست بالضرورة حالة اختصاصية محضة،يمكن ان تختزل بالمعرفة الأكاديمية، او التقنية وحسب، مع إن صقلها، ودعمها بالممارسة المهنية، يرتقي بأداء الكاتب،وبوهجها، إلى آفاق أوسع من الرصانة المتكاملة، فنيا وادبيا، وهو ما دأب عليه القاص محمد هلال مبارك ،وجسده في تركيزه على توجهه، في كتابته القصة،والاكتفاء بأدبها فقط، حيث نجح في توظيف موهبته القصصية، في حبك حكايات قصصه ببلاغة، وتكثيف صوره بأسلوب سردي مرهف، يأسر المتلقي، ويشده للتفاعل مع مروياته بشغف، حتى نهاية القصة.
ولا ريب أن كاتبا بهذه المواصفات اللامعة، يشكل ظاهرة إبداعية جديرة بالتلميح، والإعجاب،بما تعكسه كتاباته من قدرة عالية، وموهبة ذاتية في كتابته القصة ، قد يفتقر لها الكثيرون من الكتاب، في الساحة الثقافية، والأدبية، حيث يستلبون امكاناتهم،ويبددون طاقاتهم، ويشتتون جهودهم، بولوجهم الكتابة في مجالات، قد لا تتناغم مع موهبتهم، ويخسرون بالمحصلة، فرصة الحضور الإبداعي الرصين.
ولعل الحاضنة الثقافية للقاص محمد هلال مبارك، بما هي بيئة حركية،على محدوديتها، تتسم بثراء زاخر، في الثقافة والأدب والقصيد، والاختصاصات المهنية والعلمية وغيرها، إضافة إلى معايشته معطيات الحداثة، وانفتاحه على منجزات التمدن فيها، واحتكاكه باعلام الفكر والثقافة، ووسائل الإعلام فيها، ناهيك سعيه المتواصل في تحصيله الشخصي للمعرفة، رغم كل ما يواجهه من تحديات، كلها كانت بتفاعلاتها، عوامل تغذية، وتفجير لطاقته الكامنة، وموهبته المتوقدة..
لذلك امتلك الكاتب محمد هلال مبارك ، قدرة إبداعية في كتابة أدب القصة، التى ركز اهتمامه في ممارسته الكتابة فيه، مع انه كان بامكانه مجاراة أقرانه في الساحة الأدبية، في ديرة جنوب الموصل، والقيارة بالذات، إذ كان بمقدوره، على سبيل المثال، طرق الشعر، ونظمه، في اللحظة التي يتطلب الموقف منه، التفاعل الفوري مع الحدث، كما أنه كان بإمكانه الكتابة في المواضيع التراثية، والاجتماعية، في وقت واحد، وبجدارة،متى شاء ذلك، في حين كان باستطاعته التعاطي مع حركة الأحداث اليومية،والتفاعل معها، وتناولها بالتحليل، والتصدي للمواضيع السياسية، والكتابة فيها، بأسلوبه الشيق،الذي يجذب القراء، ولكنه أختار إن يجد ذاته الأدبية، في الكتابة بأدب القص، على كل ما يتطلبه هذا المنحى، من معيارية فنية، وأدبية، وابداعية.
وهكذا يظل الكاتب محمد هلال مبارك، موهبة إبداعية متميزة حقا، وطاقة كامنة واعدة، ومتوقدة، تجلب الإنتباه، وتستحق الإشادة والثناء، والاعتزاز.