مئوية تصريح بلفور (1917 – 2017) للمؤرخ جوني منصور
صدر كتاب جديد بعنوان «مئوية تصريح بلفور» للمؤرخ الفلسطيني الدكتور جوني منصور عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر ببيروت، وذلك لمناسبة المئوية الأولى (1917-2017) لإصدار بريطانيا لتصريح بلفور المشؤوم.
يتألف الكتاب من 375 صفحة وفيه ستة أبواب بالإضافة إلى ملحق بعدد من الصور الفوتوغرافية لشخصيات وأحداث ذات صلة بموضوع الكتاب.
وأبواب الكتاب هي:
الباب الأول: خلفيات تاريخية ومقدّمات لا بدّ منها
الباب الثاني: أعلامٌ وهيئات وأحداث على طريق صناعة التصريح
الباب الثالث: "1917" – عام الحسم
الباب الرابع: التصريح وتداعياته المباشرة
الباب الخامس: نحو تدويل التصريح ومقاومته
الباب السادس: استعمار استيطاني تحت غطاء الشرعية الدولية.
وجاء في مقدمة مؤلف الكتاب:
وما كان ليصدر التصريح لولا مجموعة من العوامل والدوافع التي ساهمت في تمهيد الطريق لتحقيق ذلك. وبطبيعة الحال لعب عدد من الشخصيات السياسية الصهيونية والبريطانية والاوروبية والامريكية أدوارًا خاصة وموجهة في سبيل تذليل العقبات أمام الاعلان عن التصريح في 2 نوفمبر – تشرين الثاني 1917.
لا يمكن أن تمرّ المئوية الأولى لهذا التصريح دون أن نقف عندها فاحصين ومدققين جيدًا في مخلفاته وآثاره وتداعياته على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية عامة، وعلى منطقة الشرق الأوسط بطبيعة الحال.
لم يكن التصريح وليد ساعته، بل هو عبارة عن خلاصة فكرية وسياسية لمشاريع استيلائية استعمارية اقتلاعية للمنطقة وضعتها أكبر دولة استعمارية في ذلك الزمن – بريطانيا.
وفي الوقت ذاته، لا يمكننا أن نتجاهل دور بريطانيا المتحالف مع الحركة الصهيونية في تحقيق الهدف المركزي من وراء التصريح وهو الاستيلاء على فلسطين، وطرد سكانها، او شريحة واسعة منها، والشروع بإقامة أسس دولة يهودية على أرض فلسطين.
والتصريح، وإن كان رسالة شخصية أرسلها بلفور إلى روتشيلد، إلا أنّه وثيقة رسمية مصادق عليها من قبل حكومة بريطانيا. ويُمثل – التصريح - سياسات هذه الحكومة تجاه المنطقة وشعوبها، وفي هذه الحالة فلسطين والشعب الفلسطيني.
إنّ تصريح بلفور ليس وعدًا لليهود فقط، بل هو خطة لإقتلاع الشعب العربي الفلسطيني من أرضه ووطنه وتاريخه وحضارته... وبالتالي إحلال شعب آخر، أو مجموعة من شعوب وجماعات بشرية متنوعة تمّ تجميعها من بلدان مختلفة لتحقيق هذه الغاية.
خطّة تصريح بلفور المرسومة أصلاً هي عبارة عن تقطيع وتمزيق أي محاولة لإقامة وحدة عربية من المحيط إلى الخليج. فالوطن القومي اليهودي المشار إليه في التصريح هو عبارة عن منظومة دولة عازلة – فاصلة وسط العالم العربي. وكان واضحًا لواضعي التصريح أنّ مثل هذا الوطن القومي الذي سيتحول إلى دولة أن يكون في صراع مستمر مع محيطه. وهذا بالفعل ما هو حاصل إلى يومنا هذا.
وعلى المقلب الآخر، فإن مرور قرن (مائة عام) من الزمن، دون أن يجد العرب حلاًّ للصراع، فيه أيضًا اشارات خطرة جدًّا تثير مجموعة من التساؤلات.
لقد اعتمدنا في وضع هذا الكتاب على مصادر عدّة متوفرة في المكتبة العربية والأجنبية. بما فيها رسائل جامعية حديثة العهد. ما يؤكد أنّ موضوع التصريح لا يزال حيًّا وذي تأثير في ميادين متنوعة، وفي مقدّمتها السياسي والاجتماعي والاقتصادي ومنظومة العلاقات الاقليمية والدولية... بالإضافة إلى كونه الركن الأساس في الصراع بين الحركة الصهيونية والحركة القومية العربية عامة، وبين الشعب الفلسطيني والمشروع الصهيوني الاستيلائي.
أمّا مبنى الكتاب فهو مؤلف من ستة أبواب تُعالج الخلفيات التي ساهمت في تحضير وتمهيد الطريق لإصدار التصريح، والهيئات أو المؤسسات التي عملت لدعم مشروع إصداره، وردود الفعل العربية والعالمية المختلفة. وخصّصنا بابًا لمعالجة الجوانب القانونية بايجاز، إذ إنّ هذا الأمر بحاجة إلى دراسات أخرى متخصّصة وموجهة لهذا الغرض.
أردنا من هذا الكتاب أن تكون لنا مقولة مركزية، وهي تحميل بريطانيا كامل المسؤولية عن التصريح، وتحميل اسرائيل كامل المسؤولية عمّا وقع للشعب الفلسطيني من جرائم ونكبات وتهجير وترحيل وضرر بالغ جدًّا، لا يمكن قياسه إلا بكونه كارثة رهيبة جدًّا لا تزال جارية على الأرض. وأيضًا في مقولتنا تنديد بالمواقف الدولية والعربية التي أظهرت عجزها إلى الآن في معالجة القضية الفلسطينية. ولا يفوتنا في مقولتنا أن نقول إنّه لا يُمكن التوصل إلى سلام أو تسوية عادلة دون تصحيح الخطأ والضيم الذي وقع على الشعب الفلسطيني. وتصحيحه يعني اعتراف اسرائيل بارتكابها جريمة النكبة وما ترتب عنها. وكذلك اعتراف بريطانيا بخطأها، وضرورة الاعتذار عنه، وبالتالي العمل على بناء قواعد لسلام وتسوية تاريخية.
آملين أن يكون هذا الكتاب خطوة تأسيسية وإضافية على طريق تطوير وتنمية الدراسات والبحوث المتعلقة بتاريخ الصراع الاسرائيلي – العربي/ الفلسطيني، إذ إنّ الحاجة ضرورية لمثل هذه البحوث لفهم أكبر وأعمق لكيفية سير الحياة السياسية والاقتصادية والعسكرية في اسرائيل وليدة تصريح بلفور.