مجرد فلسطينية صغيرة... ! !
حين يسدل الموت أجنحته على كامل فلسطين ..و يصبح الرصاص و القصف هواء يوميا يتنفسه الأطفال و الشيوخ و النساء و العجزة و المدنيون ..اذاك يصبح كل كلام مجرد ثرثرة ..و كل محاولة للتحليل و تدبيج الكلام مجرد توهان لا يطاق لكن بعد هذا وذاك ..تأتي الكلمة لتبقي في الليل بعض النجوم و لتصدح عاليا أن استفيقوا ..في هذا النص ترجمة لصرخة عاطفية تقطر حزنا و ألما بعيدة عن السياسة، هي مقال للصحفي المغربي خالد الجامعي من عموده الاسبوعي بأسبوعية لوجورنال الناطقة بالفرنسية:
هدى غالية... لقب ..نذالة،جريمة وصمت متواطئ..هدى غالية هل يعرف بلير و بوش وشيراك و باقي الزعماء الغربيين و العرب هذا الاسم ؟ ..إسم لم لم تداوله اغلب وسائل الاعلام الغربية ..و ان تداولته فباحتشام كبير.. و اذا عرف السبب بطل العجب.
في مكان ما على الشاطئ كانت تجري بشعرها الأشعث وعيونها الزائغة تصرخ ألما و تصرخ عجزا،لم يتجاوز عمرها الأحد عشر ربيعا لكنها احتضنت الرمال المضمخة بالدماء واحتضنت معها اجساد اخوتها..
هنا جمجمة فجرت وهناك يد بترت.. و على الرمال ذاتها جثة الاب..لم يكن لها من ذنب سوى أنها قصدت الشاطئ مع اسرتها للاستمتاع بيوم مشمس بعيدا عن مسلسل القصف اليومي و ماسيه و لاستعادة لحظة طفولية ..لكنها عادت وحيدة و تركت وراءها و الى الأبد أفراد عائلتها السبع..
اوليس اخوان هدى غالية و اخواتها وعائلتها ذوات انسانية..لا انهم مجرد عرب، بل مجرد فلسطينيين و لهذا فلا تهم حياتهم او موتهم و لا يهم ان تحولوا الى أهداف للقصف..كلنا يعرف ان الفلسطينيين يستهدفون يوميا و دون تمييز... يستهدف الشيخ يستهدف الاطفال كما النساء و الرجال..
فلنكن جديين اذن فليست قضية هدى غالية استثناء و لنكن جديين اكثرولا نقف هنا كثيرا و لنكن كذلك جديين.. ماذا يفيد زيادة او نقصان فلسطيني ..لن يتغير شئ...من فضلكم لا تتحدثوا عن مجزرة، انها ليست سوى حادثة شبيهة بكفر قاسم و دير ياسين و صبرا و شتيلا و جنين و غيرها من الانزلاقات الاخرى..نعم و بكل اسف،انها مجزرة ، لكن من أجل امن اسرائيل لابد من بضعة الاف من القتلى..
اما الطفلة التي هرولت على غير هدى، واما شعرها الأشعث و هي تصفع وجهها من هول الفاجعة ،فلا يهم لا لندن و لا واشطن ولا باريس او بروكسيل الذين يواصلون التاكيد على انهم و رغم هاته "الحادثة البسيطة"يجب الابقاء على التعامل الحازم و البقاء على العقوبات المفروضة على الحكومة الفلسطينية الجديدة من اجل ارغامها على الانصياع للمحتلين والجلادين الاسرائليين وحلفائهم الامريكيين.. هؤلاء المحتلون الذين يرتكبون فظاعات يومية في حق الفلسطنيين و على مسمع و مرأى من العالم باسم الدفاع عن الشرعية... لا شئ يهم هاته العواصم مادام الشعب الفلسطيني متهم لايمانه بالديموقراطية ولانه مارسها بحرية و لانه اختار التصويت "لحماس" انها جريمة لا تغتفر تقتضي عقابا شديدا. وكيف يمكن تصور حكومة من الاسلاميين ..أمر لا يمكن قبوله.. وبالمقابل تضم حكومة اسرائيل وزراء متطرفين دينيين ،من شدة تطرفهم لن يبدو امامهم اعضاء حماس سواء ملائكة..نعم اذن للديموقراطية و لكن ليس كل ديموقراطية وانما التي يرضى عنها بوش و شيراك و بلير و خاصة تل ابيب .
لا يهم فرغم هاته "الحادثة البسيطة جدا" تمد واشنطن و باريس و لندن اليد للوزير الاسرائيلي اولمرت الذي يؤكد و دون ان يرف له جفن بأن "التساحال هو الجيش الاكثر نظافة في العالم و ان سياسته لم ترد قط ايذاء المدنيين" هذا التصريح لأولمرت الذي لا تزال يداه ملطختان بدماء سبعة من افراد عائلة هدى غالية.
التاريخ يعيد نفسه و يعيد مجازر كفر قاسم و دير ياسين صبرا و شاتيلا و جنين التي اغتيل فيها الالاف بدم بارد يالها من هدية جيدة لأنصار الزرقاوي المستقبليين، ويالها من هدية كذلك لابن لادن الذي وجد في بلير وبوش و اولمرت خير مساعدين على استقطاب انتحاريين جدد.
هكذا يخوض الغرب ما يسميه الحرب على الإرهاب الإسلامي بالتصفيق ومساندة ارهاب الدولة الذي تمارسه اسرائيل فيما تجمد الدم في شرايين حكامنا العرب الذين لا نهاية لجبنهم، فلا احد منهم احتج او رف له جفن او حتى أرسل برقية تعزية لهدى.
لقد صمتوا بل و يواجهون شعوبهم اذا ما ارادت التعبير عن سخطها على هذه السلوكات الوحشية المرتكبة من قبل اسرائيل من خلال الاحتجاج بالشوارع مثلا ،بتهم المساس بالامن العام، و بالخصوص إغضاب واشنطن .
حولها في غزة يتنشر كل شئ الموت و الخراب الوحدة و اللاعقاب لجيش اسرائيلي يغتال بخيلاء كبيرودون حسيب , معتدا بالدعم الامريكي و الاوربي و بالصمت المتواطئ للاغلبية العظمى من الحكام العرب .واخيرا لكم ان تتصوروا ماذا كانت ستكون عليه ردود الفعل لو كانت هدى امريكية او اوروبية!!
بقلم خالد الجامعي أسبوعية لوجورنال