الاثنين ١٩ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١١
بقلم بوشما حميد

مجموعة قصص.ق.ج

مُذَكِّرَةُ غَيْلم

من شرفة حجرتي شرعتُ أتابعُ هذا الحفل الغرائبي، الخنزير يضرب على الطبل والمخالب الفتاكة للأسد تعزف على المزمار، النظرات المبحلقة والأعناق المشرئبة تكاد تلتهم مؤخرة الغزالة الراقصة المدججة بالأكاليل، .. في السماء تتطاير أوراق البترودولار التي ينثرها الحمار، أرى الحقير ثملاً مرة أخرى،..القرد بنزقٍ يغمز أنثى القنفذ !.. اللعنة حتى البجعة التي كنتُ أحترمها ترقص،..سألت البطة التي كانت تمشي على استحياءٍ صوبهم:" لاشك أنه عرس الأسود؟". ردت دون أن تلتفت إليَّ:" كلاَّ مجرد ختانة جرو".

العرب العابرة

لم ينهزم المسلمون في معركة" بواتييه" أبدا!! بل فتحوا أوربا وأمريكا وتوغلوا في تخوم الهند،..
احتكر أبوبكر تجارة السفن والطائرات،.. وتربَّع عمر على عرش المعلوميات والإعلام . لم تبق هنالك بلدة غير مفتوحة لذلك سيفلس خالد بن الوليد، ولن تبق في حيازته سوى تلك التحفة الثمينة التي غنمها من خزائن كِسرى، سيبيعها ويهاجر إلى أفغانستان ليجاهد ضد ليبرالية عثمان.

شفاعة

...فحُشِرنَا مُزدحمين في ذلك الخندق المُكفهر الحار... وحده ذلك الرجل الأبيض ذو الوجه الملائكي كان جالسا، على بُعْد مائة سنة ضوئية منا، يُحرِّك شفتيه بلا ملل. وكلما لبثنا بضع سنين إلاّ وتساءلت أجسادنا المترامية كالأنقاض ألم يحن وقت خلاصها بعد؟...بدوري طفقت انتظر وانتظر،...وكان انتظار كل محشور منا يطول بقدر حجم ذنوبه. وعرفت أن تلك الكلمة الوردية التي لم أبُح إليكِ ،بها في وقتها، قد أبَّدت معاناتنا في الدنيا ، وأخَّرت خلاصي هُنا ألف سنة وسنة،...

ابتسمتْ وقبلتني بحرارة هامسة:" سأشفع إليكَ قبله ".
وسُمِعَ هفيف قُبُلاتِنَا في سماء الجنة.

الذاكرة المطمورة

كعادتهن، كلما لقينه قرب البئر، يشرعن في العبث بمعطفه وطاقيته، يرشنه بالماء يقهقهن بنزق ويردفن بصوت جماعي :" عمي موحا أنت فأل شؤم،... بسببك ـ ربما ـ لم ولن تتزوج أية واحدة منا!".

سيموت موحا الذي عاش طوال حياته منزويا على نفسه. وسيقتحم أهل القرية منزله، ولكَم سينبهرون من أنه صيره معرضا بهيا لتلك اللوحات التي كان يرسمها، والتي تكاد الفتيات تتكلمن داخلها...سيحج الزوار للمعرض وسيقتنون اللوحات، وستنتظر كل فتاة اقتنى زائر لوحتها، تلك الظاهرة الغريبة، ففي اليوم الموالي سيعود ليطلب يدها. لكن أهل القرية الرعاع ما تساءلوا يوما عن سبب انطواء موحا ، وإلاّ لاكتشفوا ذلك الكنز، ففي أسفل القبو كانت ـ وحدهاـ تلك اللوحة الباهرة لتلك المرأة التي عاش بسببها معذبا.

هامش: وحدها تلك العجوز كانت تخبط الأرض بعكازها القصبي قلقا وامتعاضا، فلو كان قد رسم لها لوحة لوجد شيخ ما على الأقل سبيله إليها. لكنها لن تستطيع النحت في الأعماق المكبوتة من ذاكرتها لتعرف أن لوحة القبو تخصها.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى