محمود درویش وصراعه ضد الصهاینة المحتلین
ملخص المقال:
من لایعرف محمود درویش وصراعه ضد الصهاینة المحتلین الغاشمین وهومن أبرز الشعراء المعاصرین الذین یكتبون الآن حول فلسطین والانتفاضة وهو یحمی هویة شعبه. والشعراء الفلسطینیون كثیرون ولكن لم ینل أحد من هؤلاء الشعراء شهرته فی الدفاع عن الوطن. عندما طارصیته فی البلاد الاسلامیة والعالمیة عاش فی مخیمات وطنه وشارك في الكفاح السیاسی فی مطلع شبابه.
وقد سجن عدة مرات وله مؤلفات عدیدة فی النظم والنثر. وشعره شعر حی نابض یوقظ الناس من سباتهم وغفلتهم ویدعوهم الى الصراع ضد الصهاینة المحتلین. وفی أبیات شعره غالباً حدیث عن وطنه فلسطین وشعره یدورحول قضیة فلسطین.
تمهید:
فی السنوات الماضیة كنت أفكر ونفسی ما هو الاحتلال، وما هی النكبة او الفاجعة او الكارثة او النازلة او المصیبة التی حلّت بالمسلمین فی فلسطین المحتلة. عندما سمعت قضایا فلسطین المحتلة، رغبت فی أن اعلم شیئاً عن هذا الموضوع ولو كان قلیلاً، لذا فقد اهتممت بقراءة الكتب الكثیرة حول قضیة فلسطین والیهود ـ هم الذین غصبوا القدس وغرسوا فیها اشجارهم الخبیثة ـ . بعد المشاركة فی بعض المؤتمرات الاقلیمیة والدولیة التی عقدت فی طهران وبعض المدن الایرانیة الاخرى صممت ان اكتب مقالاً حول فلسطین وقضیتها حتى وقعت عینی على اسم الشاعر الكبیر الذی اعلن مهمته «وهی حمایة هویة شعبه»(1) والذی اوقف نفسه لأرض اجداده الخالدة فلسطین المحتلة.
سیرته الذاتیة:
«ولد محمود درویش فی 13 شهر آذار (مارس) من عام 1941م فی قریة صغیرة وادعة تقع على مسافة 9 كیلومترات شرقی عكا، وتدعى «البروة»(2) القریة التی یكتب التاریخ عنها آنهاقاومت الاحتلال فی بواكیره وبعدد سكانها الذی لا یتجاوز الفی نسمة»(3) «أما اسرته فأبوه سلیم درویش الفلاح البسیط الذی لا یملك شیئاً»(4) ومحمود درویش یشیر فی دیوانه الى ذلك الموضوع فی قصیدته «بطاقة هویة»:
سجّل أنا عربي..
وأبی.. من اسرة المحراث
لا من سادة نُجُب
وجدی كان فلاحاً
بلا حسبٍ.. ولا نسب.(5)
أما امه فهی من قریة «الدامون» قرب الناصرة وكان والدها أدیب البقاعی عمدة الدامون فقد كانت سیدة فلسطینة لا تقرأ ولا تكتب».(6)
«وكان الشاعر من العائلة التی تتألف من ثمانیة ابناء، صبیان وثلاث بنات وهو الابن الثانی فی الأسرة التی نزحت الى لبنان».(7)
حیاته الادبیة: «تعلَّم محمود درویش العلوم والدراسات الابتدائیة فی مدرسة «الأونروا» فی خیام «الدامور» فی لبنان»(8).
بعد العودة الى وطنه، فلسطین، والقریة الجدیدة، دیر الأسد كان فی الصف الثانی، یتحدث الشاعر أنه طالع الأدب العربی كثیراً وقلَّد الشعر الجاهلی فی محاولاته الشعریة الأولى»(9).
وقد تحدث عن هذا الموضوع فی مقابلة صحفیة مع مجلة العالم:
«لقد تأثرت بعدد من الشعراء وانا اجاهر بذلك دائماً، انا ابن الشعر الجاهلی وابن أبی الطیب المتنبی وابن التطور الشعری على مستوى القرن العشرین فی العالم الغربی»(10).
«خلال وجوده فی فلسطین عاش فی منطقة الجلیل وعمل لبعض الوقت فی تحریر صحیفة (الاتحاد) الیومیة التی یصدرها حزب راكاح. عام 1971 غادر محمود درویش فلسطین وذهب للعیش فی بیروت حیث نال شهرة واسعة بوصفه شاعر المقاومة الأول مارس درویش الصحافة فی عدد من الدول العربیة. بعد خروجه من بیروت عام 1982م سافر الى باریس ثم قبرص ورأس خلال سنوات الثمانینات وبدایة التسعینات تحریر مجلة «الكرمل» الأدبیة الراقیة التی توقفت ثم عادت الى الصدور ثانیة من رام اللّه فی فلسطین فی أوائل عام 1997. ویعیش درویش فی عمان الآن»(11).
حیاته السیاسیة:
«عاش درویش لاجئاً فی وطنه وشارك فی الكفاح السیاسی فی مطلع شبابه وانضم الى الحزب الشیوعی الاسرائیلی، راكاح. وبسبب معتقداته السیاسیة تعرض درویش للمضایقة والقمع المتواصل على أیدی السلطات الاسرائیلیة»(12). وقد سجن عدة مرات. «كانت المرة الاولى سنة 1961 حین انتقل من قریة «الجدیدة» لیعیش وحده فی مدینة حیفا سنة 1960 وكان اعتقال البولیس الاسرائیلی له فی مسكنه بدون بسبب»(13) یقول محمود درویش عن الحبسة الاولى فی السجن: «ان السجن الأول مثل الحب لا ینسى».(14) سجن محمود درویش للمرة الثانیة سنة 1965 بسبب سفره الى القدس من حیفا بدون تصریح حیث ینبغلی لكل عربی أن یحمل تصریحاً خاصاً اذا اراد ان ینتقل من مكان الى آخر، كما سجن مرة أخرى عندما عقد الطلاب العرب فی الجامعة العبریة امسیة شعریة، حیث ذهب محمود من حیفا الى القدس للاشتراك فی هذه الامسیة وهناك القى قصیدته المعروفة «نشید الرجال» التی نشرها بعد ذلك فی دیوانه الثالث «عاشق من فلسطین».(15)
وهذا مطلعها:
لاجمل ضفة امشی
فلا تحزن على قدمی
من الأشواك
ان خطای مثل الشمس
ولا تقوى بدون دمی!
لاجمل ضفة أمشی
فلا تحزن على قلبی
من القرصان...
ان فؤادی المعجون كالأرض
نسیم فی ید الحب
وبارد على البغض(16).
وهو یتحدث عن سجنة دائماً اذ یقول فی قصیدة باسم «السجن»:
تغیر عنوان بیتی
وموعد أكلی.(17)
مؤلفاته :
ألّف كتباً كثیرة فی الشعر والنثر. اما آثاره الشعریة فتبلغ ستة وعشرین دیواناً. أهم هذه الدواوین هی: «عاشق من فلسطین 1966م، آخر اللیل 1967 (ألفه بعد حرب حزیران 1967)، مدیح الظل العالی 1983، أحد عشر كوكباً 1992)(18)، «حالة حصار 2002، لا تعتذر عما فعلت عام 2003 و...»(19).
أما اهم آثاره النثریة هی: «شیء عن الوطن 1971 ویومیات الحزن العادی 1973 و...»(20).
كفاحه وشعره:
محمود درویش شاعر الحب، شاعر الأم، شاعر الوطن، شاعر الأرض المحتلة وشاعر فلسطین. كان مجاهداً فی طلیعة المجاهدین، انا اعتقد ان الجهاد أنواع متعددة لا یكون الجهاد بحمل بندقیة فحسب، بل قد یكون القلم والقول انفذ من الرماح المسددة والسیوف القاطعة واعظم من القنابل المدمرة، اذا یقول فی مدیح الظل العالی بصوت حار:
«كم مرة تتفتَّحُ الزهرة
كم مرة ستسافر الثورة
واللّه فینا وحدنا
واللّه فینا قد تجلى»(21)
لقد كان شعره صاعقة تنزل على المستعمرین والغاصبین وشظایا من نار تلهب جلودهم وتحرق أحلامهم عندما یقول:
«وامریكا هی الطاعون
والطاعون أمریكا
وامریكا لامریكا».(22)
الشعب الفلسطینی قد شرّد من أرض آبائه واجداده وهو یتذكر قضیة شعبه وكان شعره یوقظ الشعب من سباته ونومه وغفلته ویدفعه الى الثورة على الظلم والصهاینة والكفاح من اجل الحریة والوطن، اذ یقول:
«آه، یا جُرحی المكابر
وطنی لیس حقیبة
وانا، لیس مسافر
اننی العاشق والأرض حبیبة»(23)
وفی موضع آخر یقول:
«أموت اشتیاقاً
اموت احتراقاً
وشنقاً اموت
وذبحاً أموت
ولكنی لا اقول
مضى حبنا وانقضى،
حبنا لا یموت»(24)
لقد أحبَّ محمود درویش وطنه، فلسطین بكل مشاعره وعواطفه، من اجل ذلك كان شعره شعلة مضیئة یوقظ النائمین والغافلین من غفلتهم ویذكر بحقهم المغتصب. شعره الهب المشاعر والعواطف الانسانیة واثار العقول وایضاً اثر فی عقول الأحرار والمسلمین. وفی الواقع لقد اشاع الشاعر الكبیر وطنه، فلسطین، فی كل الفاظه ومعانیه وابیاته.
الأمر الذی یبقى دوماً جزءاً من شعره هو تلك العداوة الشاملة على المستویین الشخصی والجماعی. قال فی مقابلة صحفیة مع مجلة العالم: مهمتی حمایة هویة شعبی. فی كل بیت من أبیات شعره تعبیر فنی صادق عن مأساة الشاعر ومأساة اهله وجیله وبنی قومه وهو تعبیر یمس القلوب ویضر الجسم ویقل العقل حتى هؤلاء الذین لم یسمعوا شیئاً عن قضیة فلسطین وكارثتها، عندما یقول: «... نحن الآن مصابون بازمة لا الوطن فقط ولا مكان اقامة، عندنا ازمة قبور. فعندما یموت الفلسطینی الآن لا نعرف أین ندفئه... الا یكفینا اننا لا نملك حق الحیاة فی وطن ولا نملك حق الحیاة فی منفى؟ وایضاً لا نملك عنواناً بجثتنا»(25).
یقول فی «قصیدة الارض» كلمات یشق بها عنان السماء:
بلادی البعیدة علی.. كقلبی!
بلادی القریبة منی... كسجنی!(26)
وأیضاً یقول:
«وطنی حقیبة والحقیبة وطنی
لیس لی منفى كی أقول لی وطن.(27)
انا اعترف بان محمود درویش یرى كل شیء فی فلسطین ویصف كل شیء فیها. حب فلسطین محفور فی صدره وقلبه. ان فلسطین حبه الكبیر الذی لا یضعف ولا یموت واذا كانت الظروف والاوضاع قد اجبرته على فراقها فان حبها كامنٌ فی صدره وباق معه اینما كان، وفلسطین معشوقته النهائیة اذا یقول:
ومیزاتی:
على رأسی عقالٌ فوق كوفیة
وكفی صلبة كالصخر...
تخمشُ من یلامسها
سجِّلْ!
أنا عربی
فلسطینیة العینین والوشم
فلسطینیة الاسم
فلسطینیة المندیل والقدمین والجسم.(28)
اصبحت قصائد محمود درویش داخل الأرض المحتلة حجارة الانتفاضة والثورة على ایدی الفلسطینیین، اجبرت العدو على ان یبادر الى نفیه ونفوه الى خارج الوطن وكانت قصائده تلتهب بالنضال وتبشِّر بالثورة والعودة. یقول فی «أوراق الزیتون» مخاطباً امه:
یا أمنا! انتظری امام الباب، انا عائدون!
ماذا طبخت لنا؟
فانا عائدون».(29)
من أجمل اشعاره التی ینهی الناس عن السفر ویحذّرهم ویدعوهم الى المقاومة والصمود ضد الصهاینة المحتلین على لسان أبیه اذ یقول:
وأبی قال مرة
حین صلى على حجر:
غضَّ طرفاً عن القمر
واخدر البحر... السفر!
وأبی قال مرة
الذی ماله وطن
ما له فی الثرى ضریح
... ونهانی عن السفر!(30)
خلاصة القول انه شاعر قضیة، شاعر مأساة، شاعر نكبة وشاعر فاجعة، نحن نحس من قصائده ان الحبیبة والوطن شیئان توأمان ولیست الحبیبة شیئاً والوطن شیئاً آخر. لذلك فالحب عنده یرتبط كل الارتباط بوطنه وقضیته ودرویش كثیراً ما یمزج بین الحبیبة والوطن، ویجعل منهما شیئاً واحداً.
هو یتحدث فی بعض الاحیان عن الحبیبة والام والحب والبرتقال والزیتون و... فی الواقع یعبّر عن وطنه، فلسطین وعندما یتحدث عن اللص والذئب والسرحان و... یعبر عن الغاصبین الظالمین الاسرائیلیین. اشعاره ذات اثر بلیغ فى الانتفاضة وفی الواقع هو شاعر یوقظ الناس من غفلتهم ونومهم بشعره وفی شعره حدیث عن الوطن والشعب الفلسطینی والصهاینة المحتلین ای شعره یدور حول فلسطین والانتفاضة والاحتلال وكما یقول الآخرون ان محمود درویش شاعر الارض المحتلة، شاعر المقاومة، شاعر الوطن وشاعر فلسطین.
المصادر والمنابع
1ـ ادباء معاصرون ـ رجاء النقاش ـ دار الحریة ـ بغداد ـ 1972م 1392هـ.
2ـ اعلام الادب العربی المعاصر، روبرت.ب. كامبل، مركز الدراسات للعالم العربی المعاصر، بیروت ـ لبنان ـ الطبعة الاولى ـ 1996 (المجلد الاول).
3ـ دیوان محمود درویش، محمود درویش ـ بیروت ـ دار العودة الطبعة الاولى 1983 والطبعة الثالثة عشرة 1987م.
4ـ الشعر العربی الحدیث، د. میشال خلیل حجا ـ دار العودة، دار الثقافة ـ بیروت ـ الطبعة الاولى.
5ـ مجلة العالم، السنة 14 العدد 5999، 13 كانون الاول (دیسمبر) 1997م، 14 شعبان 1418هـ 15/4/1999.
6ـ محمود درویش شاعر الارض المحتلة، حیدر توفیق بیضون، دار الكتب العلمیة بیروت، لبنان، 1982م.
7ـ مدیح الظل العالی، محمود درویش، دار العودة ـ بیروت الطبعة الثالثة عشرة 1987م.
8ـ موسوعة الادب الفلسطینی المعاصر، د. سلمى الخضراء الجیوسی ـ المؤسسة العربیة للدراسات والنشر ـ بیروت ـ الطبعة العربیة الاولى ـ 1997م.
9ـ دائرة اعلام دبی ـ الاذاعة والتلفزیون http//www.dubaitv.gov.ae/.
الهوامش:
1. مجلة العالم السنة 14، كانون أول 97 ص45.
2. هی من بین القرى الفلسطینیة التی سواها الاسرائیلیون بالأرض بعد حرب عام 1948م (موسوعة الادب الفلسطینی المعاصر ص244).
3. شاعر الارض المحتلة ص11 وایضاً الشعر العربی الحدیث ص469 وأدباء معاصرون ص 185.
4. شاعر الارض المحتلة ص16.
5. دیوان محمود درویش ص122.
6. شاعر الارض المحتلة ص16.
7.نفس المصدر ، ص17.
8. اعلام الأدب العربی المعاصر ص 549.
9. شاعر الارض المحتلة ص 15.
10. مجلة العالم ص 45.
11. موسوعة الأدب الفلسطینی المعاصر ص 224.
12. نفس المصدر ص224.
13. شاعر الارض المحتلة ص 17.
14. الشعر العربی الحدیث ص 471.
15. شاعر الارض المحتلة ص 17ـ18 وایضاً الشعر العربی الحدیث ص 471.
16. دیوانه ص 98.
17. دیوانه ص 147.
18. أعلام الادب العربی المعاصر ص 6ـ595.
19. دائرة اعلام دبی، الاذاعة والتلفزیون http//www.Dubaitv.Gov./ae/ (من الاینترنت).
20. مدیح الظل العالی ص 85.
21. نفس المصدر ص 85 وشریط مسجل.
22. نفس المصدر ص 85 وشریط مسجل.
23. دیوان (حبیبتی تنهض من نومها) محمود درویش ص 347.
24. دیوانه (آخر اللیل) ص 178.
25. أعلام الادب العربی المعاصر ص 595.
26. موسوعة الأدب الفلسطینی المعاصر (قصیدة الارض) ص 226.
27. مدیح الظل العالی ص 87 وایضاً شریط مسجل.
28. دیوانه (اوراق الزیتون) ص 73.
29. دیوانه (اوراق الزیتون) ص 33.
30. نفس المصدر ص 144.
مشاركة منتدى
5 نيسان (أبريل) 2018, 08:42, بقلم سید علی الموسوی
ابعث سلامی و تحیاتی المعطره مع باقه من اجمل الورود السوسن و الیاسمین لجمیع الفلسطنین الابطال و الشجعان واقول لکم انتم اطیب و احب النّاس لیه و اتمنی یوم اشاهد نجاحکم و فوزکم و نصرکم علی اولادالحرام اليهود الاسرائلیین الکلاب و اتمنی اشوف الاستاد والشاعر المقتدر والغالی و العزیز محمود درویش
3 تشرين الأول (أكتوبر) 2018, 20:29, بقلم سی علی الموسوی
سلام علیکم. ابعث سلامی و تحیاتی المعطره مع باقه من اجمل الورود السوسن و الیاسمین لجمیع الفلسطنیین الابطال و الشجعان ولجمیع شبابهم و اساتید و الشعرا خاصه الشاعر القدر محمود درویش و اتمنی ازور فلسطین و غزه الحبیبه و اتمنی لکم انصراف و التوفیق علی الصهاینه اولاد الحرام . اخیکم السید علی الموسوی من ایران مدینه الاهواز