الجمعة ١٢ آب (أغسطس) ٢٠١١
بقلم
مرثيّة لشاعر لم يمتْ
(الشاعر المرحوم محمود درويش)
يقولونَ: ماتَ الكنارُوغرَّدَ قبلَ انتهاءِ الحصارْ...يقولون: عاشَ الصبيُّ الشقيًُّولم ندرِ أنَّ الرحيلَبدايةُ نبضِ البقاء...لمَنْ عاشَ قبلَ الأفولِ البغيضِلمَنْ سوف يحياإذا فزَّ الرُّعاف؟إذا كنْتَ ترضى انقسام المحاصيلِفينا، وكنتَ تأبى انصهارالتخاذلِ فيهم، فأين تكونُالتباريحُ والأغنياتْ...إذا جئْتَ تحمل نعشَ البيانِفهل كانَ هذا وداعَ الكبارْ؟ترفرفُ للَّيلِ والأرضِ و النارِ،تشدو فتأتيكَ وخزةُذلِّ الخصامْ....تجافيكَ ريحُ التنافر،تُمْسِكُ نبضكَ،تبكي وحيداً، تعاتبُ جُرْحَكْ...ويَرْقُصُ فوقَ الجراحِ قصيدُكْ.فلسطينُ فيكَ القرارْومركزُ حبٍّ يضيءُلكلِّ البحارِوكلِّ الفيافيوكلِّ الديار...فلسطينُ عندكَ أمٌّ و أختٌّوأنثى الجهاتِ الخصيبهْ....وليلاكَ في كلِّ فجرٍتمشِّطُ شعركَتضفِرُ عشقَ الأمانْ....تجمِّعُ دمْعَ القصائدِتغزِلُ ريحكَوالقدسُ تنهضُ شوقاًللثمِ الصبيِّ المشاكس...ترِفُّ بقلبِكَ فوقَ المقابرِتسكُبُ عطرَ الجنازةِ،أعطيكَ قلباً يقاسيشتاتَ الحوار....تموتُ لحينٍ، وتذهَبُ طيراجناحاهُ خيمةُ حزنٍوبيتٌ حنونٌلكلِّ الشتاتْ...تعيش طويلاً طويلاتعيشُ، لتُنشِدَ، تبعثَفينا الذي كان يحلمُ يوماًبعودةِ ذاك القطار....تعيشُ، أجلْ فيكَ بعضُ غِنائي،وبعضُ نشيجيستأتي وسيماً أنيقاًجوازُ عبوركَ عشقٌ مُباحودربُكَ وردٌ تكحَّلَبالعاشقينَ فلسطينَأرضَ السلام...إليكَ تسابَقُ عطرُ القصائدِعند الأصيلْ...أجَلْ، لم يكنْ للرحيلِ نهوضٌولم يكُ للآخرينَيسوقُ الحكايهْ...أراكَ على مركبٍ فوقَ كل الحرائقِ،يمضي، يجدِّفُ في نزقٍو البحارُ علاها الوجومْ...أباعِدُ بيني و بينَ الرحيلِ المفاجئْ...أقاربُ بين الفؤادِ الكليلِوبينَ اتِّساعِ البقاءفهلاَّ أخونُ المسافةَعندَ انشطارِ الأحبَّهْ...أجلْ سوفَ تبقى وحيداًعلى سارياتِ المواجعِفي ضفَّةِ الخوفِ،تدعوكَ غزَّةُ بين الحصارِو بين القذائفْأجلْ، مَنْ يجيبُ نداءَ الشقيقِ؟فهذا فؤادُكَ شاهدْ.وهذا حضورُكَ يشهدُحرب القبائلْ...تسافِرُ فينا، و جُلُّ القصائدِينهَلُ من دوحِ شعرِكْتموتُ لتبقى نديَّ البشائرِ،يومَ استمعْناوكنتَ المسافرَ في كلِّ وقتٍوفوق المنابرْ....تجيء إلينا حزيناًترفرفُ، تُلْقي نشيدَكَ،توخِزُ كلَّ الضمائرْ