الثلاثاء ٢٨ آب (أغسطس) ٢٠٠٧
رسائل تتحدى النار والحصار
بقلم زكية علال

معبر إلى خيبتي

ماذا يبقى في حدائق الروح من ورد إذا مات الشوق في عينيك ...

ماذا يبقى للقلب من نبض وقد وهبتك مفاتيح ممراته السرية فرحلت بها

وتركتني معلقة على خط استواء وهمي ...

معلقة ... فلا أرضا تتكئ عليها خيبتي

ولا سماء ترتفع إليها عيون انكساري

ولا حفنة تراب تدثر فجيعتي داخل وطن يتدحرج .

ماذا يبقى للحياة من طعم وأنا أفقد حتى حرقة الإنتظار !!!

....

كنتُ أنام بين أحضان يأس قاتل عندما وصلتني منك رسالة مهربة إلى زمن آخر ..

رسالة .... يا ألله ...

كم اشتقت إلى نبضي في رسائلك !!

فتحتها... كانت قصيرة .. لكنها كانت كافية لتعيد ترتيب الحياة عند مدخل شراييني ..

كتبتَ لي " سأدخل أرض الكنانة .. ومنها إلى سيناء .. ومنها إلى معبر رفح الذي يحملني إلى مرافئ عينيك "

سقطت الرسالة من يدي

وتناثرت حروف الشوق على بساط دهشتي ..

آه ... يا عبد الله ...

أي ماء مبارك أحيا فيك نبتة الشوق التي ذبلت منذ أمد بعيد !!

أي ريح طيبة مرّت على قلبك المسترخي منذ غادرتني !!

وأي يد مقدسة حركت ستائر اللهفة التي تلاشت حين افترقنا عند شارع دامٍ في غزة ... وقررت أن تراني !!

كيف ستجدني !! أنا لم اعد أنا !!

فاطمة التي تركتها تقفز بين ضفتي شبابها وحلمها .. تغيرت

مرّ عليها عشرون عاما ... عشرون خيبة ...عشرون خيانة .

ورحتُ أبحث عن مرآة أتحسس من خلالها ما بقي من بريق كنتَ تعشقه ..

هل تصدق يا عبد الله ...لم أنظر إلى وجهي في المرآة منذ استيقظتُ على فجيعة فراقنا ...

أرعبتني ملامحي وأنا أنظر إليها ..

شعيرات بيضاء امتدت إلى سواد شعري في غير استحياء ..

تجاعيد بدأت ترسم حول عيني ملامح امرأة تزحف نحو كهولة شاحبة ..

انطفاء فرح طفولي كان يطل من وجه ينبض بالشباب

تباطؤ ..ترهّلُُ.. وكسل يقطع جسدا منكسرا ..

كم تغيرت ُ !!!

هل ستعرفني بعد عشرين نكبة ؟!!

لكنني تذكرتُ غزلك ذات صفاء نادر : " لو كنتُ أراك بعيني لرأيت من هي أجمل منك ، لكني أتحسس جمالك الطفولي بدفء قلبي فلا أجد من تفوقك بهاء وسحرا "

ومع ذلك وجدتُ نفسي أتجمّل لعلني أعيد بعض التألق الذي تناثر مع فجيعتي بأولادي ... ولعلك تعرفني من الوهلة الأولى !!!. هل ينسى رجل ملامح زوجة ظلت نبضه ؟!!!

ووقفت عند مدخل خيمة تتلاعب رياح الفتنة بأطرافها ..

وقفتُ مفرغة من تاريخي .. من جغرافيتي .. من انتمائي ..

أحس فقط أني ممتلئة بلهفتي لرؤيتك ..

مرّ يوم ..سحب معه أياما ..

مرّت أيام .. سحبت معها شهرين وأنا هنا أنتظر نبضا يعيدني إلى سابق تألقي ..

وأنت هناك .. عند معبر رفح تنتظر تأشيرة المرور إلى مرافئ عيني ..

ويتمدد الزمن عملاقا لأسقط أنا في خيبتي ، وتعود أنت جسدا ممدا على رصيف بارد ...

فماذا بقي للعالم من عقل ولعبة السياسة تقف حاجزا بين المرء وزوجه ؟!!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى