

مع ابن المعتزّ وعن الحسد
يقول عبد الله بن المعتز:
اصبِرْ على حسدِ العدوَِفإن صبرَك قاتلُـهْفالنارُ تأكلُ نفسَهاإن لم تجدْ ما تأكلُهْولربما نال الفتىبالصبر ما لم يأملُـه
(ديوان أبي العباس عبد الله بن المعتز- ذخائر العرب، ج2، ص 412)
وفي مصادر أخرى نجد الرواية:
اصبِر على كيد الحسود
اصبر على مضضِ الحسود
ابن المعتز (861- 908 م) تولى الخلافة يومًا وليلة بعد مؤامرة من أصحابه خلعوا فيها الخليفة المقتدر. لُقّب ابن المعتز (المرتضَى بالله)، لكن فرحته لم تتمّ، إذ قاموا بانقلاب مضاد، ليعيدوا المقتدر إلى دست الحكم، فقبضوا على ابن المعتز، فقتله الخادم خنقًا، وسلمه إلى أهله ملفوفًا في كساء، وهذا أحد الأقوال في موته.
لابن المعتز كتب هامة في النقد: البديع، طبقات الشعراء، فصول التماثيل.
في البيتين الأولين من النص أعلاه نجد التشبيه البلاغي، وهو ضمني، بمعنى أنه يُلمح في التركيب، ولا يصرّح به باستخدام أداة للتشبيه.
فلو أردنا أن نجعله تشبيهًا صريحًا لقلنا:
إن الحسود (أو العدو) في موته كمدًا بسبب صبرك عنه وقلة جزعك لما ينالك من أذاه مثل النار يأكل بعضها بعضًا إذا لم تجد وقودًا لها.
موضوع الحسد واسع الأبواب في التراث الإسلامي، بدءًا من الآية الكريمة: ومن شر حاسد إذا حسد"- آخر سورة الفلق.
أقف هنا على بعض ما تناوله الشعراء في موضوع الحسد، فمن ذلك:
علي المروَزي:
كل العداوات قد تُرجى إقالتها
إلا عداوةَ من عاداك من حسد
أبو الأسود الدؤلي:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيهفالقوم أعداءٌ له وخصومكضرائر الحسناء قلن لوجههاحسدًا وبغيًا إنه لدميموالوجه يشرق في الظلام كأنهبدر منير والنساء نجوموترى اللبيب محسَّدا لم يجترمشتم الرجال وعرضه مشتوموكذاك من عظمت عليه نعمةحسّاده سيفٌ عليه صَروم
وهذه الأبيات من قصيدته المشهورة التي يقول فيها:
لا تنهَ عن خلق وتأتيَ مثلَهعارٌ عليك إذا فعلتَ عظيم
وكان معن بن زائدة يرى في الحسد علامة خير:
إني حُسدتُ فزاد الله في حسدي
لا عاش من عاش يومًا غير محسود
أبو تمّام:
وإذا أراد الله نشرَ فضيلةطُويت أتاح لها لسان حسودلولا اشتعال النار فيما جاورتما كان يُعرف طيبُ عَرفِ العودِ
ومثله التَِهامي:
ما اغتابني حاسدٌ إلا شرُفت بهفحاسدي منعِم في زِيِّ منقمفالله يكلأ حسادي فأنعمُهمعندي وإن وقعتْ من غيرِ قصدِهِمِ
وما قاله ابن المعتز نفسه في هذا المعنى:
ما عابني إلا الحسو (م) د وتلك من خير المعايبْ
وإذا فقدت الحاسدي (م) ن فقدت في الدنيا المطايب
إذا عدت إلى بيتيِ ابن المعتز الأولين فإننا نجد أن الطغْرائي قال على نفس الوتر في أبياته الأخيرة:
جامل عدوك ما استطعت فإنهبالرفق يُطمعُ في صلاح الفاسدواحذر حسودك ما استطعت فإنهإن نمت عنه فليس عنك براقدإن الحسود وإن أراك توددًامنه أضرّ من العدو الحاقدولربما رضي العدو إذا رأىمنك الجميل فصار غير معاندورضا الحسود زوال نعمتك التيأوتيتَها من طارف أو تالدفاصبر على غيظ الحسود فنارهترمي حشاه بالعذاب الخالدأوَ ما رأيتَ النار تأكل نفسهاحتى تعود إلى الرماد الهامدتضفو على المحسودِ نعمةُ ربهويذوبُ من كمدٍ فؤادُ الحاسدِ
أعود بكم إلى ابن المعتز- الخليفة ليوم واحد، والشيء بالشيء يُذكر:
كنت كتبت قصيدة نشرتها في الشرق (عدد تشرين الثاني 1971) بعنوان "ليلة ابن المعتز" أتيت فيها على محنته، وقد يكون ذلك قناعًا لي وللوضع السياسي بصورة أو بأخرى، فإليكم مختارًا من القصيدة التي أعجب بها الشاعر المرحوم عبد اللطيف عقل، فكتب عنها نقدًا تقريظيًا في مجلة "الشرق"- شفاعمرو – عدد شباط 1972.
من قصيدة طويلة أعيد نشرها أولاً في مجموعتي (غداة العناق)، ثم في الأعمال الشعرية الكاملة (المجلد الأول)، ص 118.
يَتَردَّدُ الاِعْصارُ في تَهْليلَةِ الأَوْطانِيَسْتَنْشِقُ الأحْزانَ مِنْ بَوَّابَةِ الإيِمانِاَلْجوعُ يَعْرِفُ كَيْفَ يُطْعِمُنا الْحَصَىحَتَّى نَخافْعِنْدَ الْمَخاضِ بِرَعْشَةِ الأطْرافِمِن ( هاشِمٍ ) بَعْضَ الثَّريدْحَتَّى إلى ( عشتارَ ) ضِيمَ بِيوْمِ عِيدْيَتَسَلَّقُ الصَّمْتَ الْمُجَنَّحَ لاهِثًاأَو لاهِبًافي لَيْلَةٍ سُبيَتْ وَآلَتْ لا تَعودْحَمَلَتْ بِها قَمَرًا مُتَيَّمْيَتَقَوَّلُ الأشْعارَ إذ رامَ السِّيادَهْقالوا لهُ: أَنْتَ الأَميرْلِلَّهِ دَرُّكَ مِنْ أَميرْـ (اُنْظُرْ إلَيْهِ كَزَوْرَقٍ مِنْ فِضَّةٍقَدْ أثْقَلَتْهُ حَمولَةٌ مِنْ عَنْبَرِ)وأَتَتْهُ أَشْعارٌ تُبايعُ للخِلافَهْوَأَتَتْهُ أَحْلامُ الْمَخافَهْـ صَدَقَتْ ظُنونُكَ هاجِسٌ لا يَفْتريـ سَرْعانَ ما أَصْبَحْتَ شَيْطانًا مَريدْلِلَّهِ دَرُّكَ مِنْ حَقيرْوَأَتَوْكَ في بَاْسٍ شَديدْ!!ـ هذا أنا في الكيس مَشْدودٌ ضَريرْـ لكِنَّ شِعْرًا مِنْكَ يُدْفئُ خافِقيتَبْني لدُنيايَ الَّتِي كانَتْ غَبِيَّهْدُنيا أَبِيَّهْـ أَرْجو لآِخِرَتِي الَّتي تَبْدو غَبِيَّهْدُنيا تُحَرِّرُها بِقُدْرَةِ خالِقِتَبًّا وَوَيْلْ
الْمُغَنِّي: ـ
ضاعَتْ خِلافَتُكُمْ سُدىوالشِّعْرُ أَدْرَكَهُ الوَهَنْهَلْ حَقَّقوا فيهِ الْمُنَى؟سِيروا عَلى هَدْيِ السَّنَنْ
يَرْثي نَفْسَه:
أَقْسَمْتُ أَرْثي بَعْدَ نَفْسِي هالِكًاعُودُ الشَّجا في الحَلْقِ لا يَتَزَعْزَعُرَأسي تَدَلَّى، مَزَّقَ الْوَغْدُ الكَبِدْقُومي اغْزِلِي أُمَّاهُ أَوْراقي نَسيجًا كالْجَناحْعودُ الشَّجا في الحَلْقِ غَصْبًا يُنْزَعُحُبِّي تَجَلَّى للبَلَدْحُبِّي تَجَلَّى عِنْدَما لاكَ الكَبِدْفَأَنا كَعُصْفورٍ غَرِدْأَشْدو وَأشْجي كُلَّ مَنْ يَتَمَتَّعُلَعِقَتْ عَيوني قاعَ ظَلْماءٍ جَديَبهْوَبَدَتْ سُوَيْعاتِي رَتيبَهْوَأنا كَعُصْفورٍ غَرِدْ...المُغَنِّي:ـجِئْنا عَلى حُلْمٍ كَبيرْواحْتَدَّ صَوْتٌ مِنْ جَهيرْجَبَلٌ رَآهُ النَّجْمُ أَطْوَلْيَبْقى لَنا مَهْدًا وَثيرْنَهْدًا دَريرْحُبًّا كبيرْ.
مشاركة منتدى
29 شباط (فبراير) 2024, 04:54, بقلم معافى المدينة
الحسد و الكبر صفتان مذمومتان.
فالكبر أول ذنب غصي الله به حيث عصا به إبليس ربه لتكبره عن السجود لآدم - عليه السَّلامُ- لأنه رأى أنه أحق بالتكوبم من آدم.
فلمأ إهبطوا من الجنة و رأى ان الله قد غفر لآدم و حواء حسدهما على هذا الفضل ثم ورث ذلك لابني آدم فحسد قابيل إخاه هابيل.
و حسده على ان كان نصيبه الزواج من أحت هابيل القبيحة.
ثم ادف ذلك بظلم أخيه فقتلة .