ملكـ... انا
بينما كنت احتسي كوب الشاي بعد الظهيرة. جاءني اتصال هاتفي من احد الاصدقاء. حكى لي ما دار من حديث في قناة اذاعة (مونت كارلو) الفرنسية. كانت حلقة حوارية حول رجل اتخذ من دمية صنعها بنفسه من مادة الـ(سيلكون).
كانت الدمية عبارة عن تجسيد لامرأة اكتملت مواصفاتها في خياله. من هدوء. يتبعه صمت. يحاورها من دون أن تناقشه. يخاطبها فلا تضجر. يغازل من يشاء بلا غيرة انثوية. كل ذلك احتواه جسد سليكوني.
إلا ان التناقض قاد الرجل لأن يحجز مقعداً لها في الطائرة بجانبه. وكرسي على طاولته في المطعم.
مشكلة هذا الرجل انه يعيش حالة تناقض عبقري. والتناقض موجود في كل انسان. ولكنه موجود في العبقري اكثر من الانسان العادي. والتناقض العبقري يؤلف من صفاته جهازاً للابداع. فهو يجمع من صفته مزايا الشعور واللا شعور. او مزايا الموضوعية الذاتية. ويستخدمها معا للتوصل إلى فكرة جديدة.
اذ هو لا يستطيع فهم الواقع فهماً صادقاً. ولذا تراه يندفع بحوافز اللا شعور من غيٍر رادع. وان تناقض هذا الرجل ينبعث من نزعته الذاتية الشديدة. فهو يمشي في سلوكه. كما تملي عليه عقده النفسية وشهواته الآنية. وهو لا يبالي اذا فعل العكس بعد ساعة.
تخيل ان تمتلئ حياتنا بالشركاء السليكونيين. هل سيتوقف الامر عند مادة بلا حس شعوري! بطبيعة الحال سيقود البشر الى الجنون والتناقض. ولو حولت المرأة الرجل الى (مليكانا) من مادة (السيلكون). ستنتهي لذة صراعها الابدي مع الرجل. وحياة بلا صراع وتنازع. تنتهي بلا هدف.