الأربعاء ١٢ تموز (يوليو) ٢٠٠٦
بقلم عبير حمد

من أين يبدأ التغيير

أيهما أولا : البيضة أم الدجاجة

سؤال أزلي ما زال قائما؛ فمن سيكتشف الحقيقة ؟ لقد قررت اليوم أن أبسط رأيي في هذه القضية آملة ألا يجانبني الصواب .

حقا ....من أين يبدأ التغيير ؛ من القمة أم من القاعدة ؟ حسب رأيي المتواضع فإن الإصلاح يبدأ من القاعدة؛ ومن هنا تنبع الصعوبة ؛ لأن القاعدة أعرض وإصلاحها يحتاج إلى جهد جبار، ومثابرة لا تعرف الملل.

أينما ذهبنا، وحيثما كنا، نجد الناس يشكون ويتذمّرون ، في أي مؤسسة حكومية أو خاصة؛ من أبسط عامل إلى المسؤول الأول ، فما دمنا جميعا غير راضين عن هذا الواقع؛ فماذا ننتظر ؟! ولو تركنا المؤسسات والوزارات وذهبنا إلى البيوت التي هي لََبِنات البناء المجتمعي لوجدنا الأمر لا يختلف كثيرا ؛ فالأب يتسلط على الأم ، وهي بدورها تتسلط على الأولاد ، والأولاد يتسلط الأكبر على الأصغر والذكر على الأنثى ....يضاف إلى هذه الهموم عبء الاحتلال .

وفي خضم هذه التعقيدات قد تتساءل :

لماذا نحارب الاحتلال ؟

لماذا ! لأنه يصادر حقنا في أرضنا

ولكن هل الاحتلال وحده الذي يصادر الحقوق؟ وماذا تقول في من يحرم ابنته حقها في الميراث مثلا ؟ ألا يصادر حقها في أرضها كالاحتلال تماما؟ وربما هانت قضية الحقوق المادية أمام الحقوق الإنسانية المعنوية؛ كم شابا وفتاة يجبرون على دخول تخصصات لا يرغبون فيها؟ هذا إن لم يصادر حقهم في التعلم أصلا. وكم فتاة يُغتصب حقها في اتخاذ قرار الزواج؛ وهو الحق الذي أوجبه لها الشرع بالنص ؟

ولكن الاحتلال يسجن ويعذب !

يسجن! نعم؛ لكن أما ترى الآلاف المؤلفة ممن حكم عليهن بالسجن مدى الحياة بين أربعة جدران ، يعشن حياة جواري القرون الغابرة ، لا يخرجن إلا لزيارة تافهة لا يرجعن منها إلا بأوزار الغيبة والنميمة بالله عليك، قلّ لي أين هم الذين يعيشون دون عذابات في هذه الحياة ؟!

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند

لكن جرائم الاحتلال تصل إلى حد القتل وهدم البيوت على رؤوس أصحابها !

تقول يقتل ! وماذا يعني لك الموت ؟ وهل استمرار النبض والتنفس يعني أن الشخص ما زال حيا ؟ كم من ميت حي، وكم من حي ميت ؛ إن من يغتالهم المحتل يولدون يوم موتهم ليبقوا شموسا تضيء سماءنا؛ ولكن الداء يتمثل في أولئك الذين يتحركون حركة الدمى على المسارح كما قال أحمد مطر :

وَفَيَات اليوم لا قلّ ولا زاد العدد

نفس من كانوا مساء الأمس أو في صبح غد

مئتا مليون ميت لا يزالون يسيرون بعشرين بلد

وماذا يعني لك هدم البيوت ؟هل هو تساقط تلك الكتل الإسمنتية! أما يجب أيضا أن تنظر إلى تساقط الأطفال تحت وطأة المشاكل الاجتماعية والتفكك الأسري ؟

أنا لا أبرر جرائم الاحتلال؛ فنحن نعرفه جيدا، ولا ننتظر منه غير ذلك، ولا أدعو إلى وقف مقاومته ، ولكن ماذا بشأن حالنا مع من هم الأقربُ إلينا؛ ولا نستطيع قول "لا" لهم فضلا عن مقاومتهم ؟!

ألا لا تبالي العيس من شد كورها عليها ولا من راعها بالمخازم

كيف أطلب من أم أن تعلم أبناءها الحرية وهي لا تعرف عنها شيئا ، بل حتى لا تعرف أنها مسلوبة الحرية والإرادة؟ وهل تستطيع مثل هذه الأم أن تعلم أبناءها أن يتمسكوا بحقوقهم وهي لا تعرف حقوقها أصلا ؟ صدق الشاعر :

الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق

وان كنت تريد أن تعرف أين نحن من مسيرة التقدم؛ فلتنظر إلى واقع أخواتنا وأمهاتنا؛ بل إلى واقع آبائنا وإخواننا في مقابل واقع أجدادنا وجداتنا. ما الذي تغير ؟ هل أصبحنا نستخدم منتجات التقنية الحديثة من سيارات وغسالات وطراز بناء ؟ جيد! ولكن ماذا عن أفكارنا ومعتقداتنا ونظرتنا إلى الأمور ، مازلنا نُهرَع إلى المشعوذين والدجالين لحل مشاكلنا، ونؤمن بالخُزَعبلات الفارغة والأمثال المتخلفة " البنت لو طلعت على المريخ آخرتها للمطبخ والطبيخ " إلى آخر ما هنالك من مصائب تدمي القلب .

أعلم أن منكم من سيحتج ويقول : لا ، هناك من تغيرت أفكارهم وتخلصوا من كثير من الأمراض . أقول : صحيح ، ولكن كم نسبة هؤلاء ؟ عشرة؟ عشرون بالمائة ؟ أهذه نسبة مقبولة في عصر العولمة والثورة المعلوماتية ؟! وحتى لو انعكست النسبة وكانت نسبة التخلف عشرة أو عشرين؛ فهل يعني هذا أن نغض الطرف، ونقول لا مشكلة ؟ إذا كان عشرة بالمائة من جسدك مريضا فهل تسكت عنه ولا تبادر لعلاجه؟!

إنها لصرخة حرّى عميقة من أجل الإنقاذ، إنقاذ أجيال سيكون لها شأن بعد حين


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى