الجمعة ٢٠ شباط (فبراير) ٢٠٠٩
بقلم زكية علال

من يعمّر خراب أنفسنا؟

 لا صوت يعلو فوق صوت القوة
 لا صوت للضعيف فوق الأرض
 الأقوياء لهم عيون ترى وآذان تسمع وقلوب تستشعر الألم
 الضعفاء صم بكم عمي. وأجسادهم خاوية فارغة

إنها فلسفة الألفية الثالثة التي يجب أن نسلّم بها.. بل هو قانون العصر الذي لا يختلف عليه اثنان.. فعندما قررت إسرائيل أن تضرب غزة وأن تحرق البشر والشجر وتنتقم من الحجر الذي نازعها في قوتها. لم تجد من يحدّ من محرقتها ولا من يقف لها بالمرصاد.. لا القانون الدولي ولا قرارات الأمم المتحدة ولا تنديد بعض الدول الأوربية التي ما زالت في ملامحها بعض الإنسانية. ولا القمم العربية والتقاء الملوك والرؤساء على ابتسامة شاحبة.. ولم توقف جنون إسرائيل المظاهرات التي ملأت كل شوارع العالم من عرب وعجم. ولا حرق العالم الإسرائيلي ولا تغيير الأسماء والمعتقدات... عندما قررت أن تحرق غزة فعلتْ.. وعندما قررت أن توقف هذه المحرقة وتسحب قوتها إلى الحدود فعلتْ أيضا.. وعندما أراد الحكام والملوك العرب أن يفعلوا شيئا يحفظون به ماء الوجه أمام شعوبهم الغاضبة على تخاذلهم... اجتمعوا هنا وهناك.. تحاوروا.. تشاوروا.. ابتسموا لخيبة بعضهم البعض. وعانق كل واحد منهم عجزه في وجه الآخر. ولم يقدروا على فعل شيء سوى التبرع بأموال تعيد إعمار غزة عند انتهاء المحرقة!!

الأموال التي تبرعوا بها قادرة على إعمار القطاع كله. ورفع أركان البيوت التي هُدمت لتصير أجمل وأقوى مما كانت عليه... الأموال كثيرة وقادرة على تشييد مدينة سُويت بالأرض. لكن من يعيد إعمار هذا الخراب الذي سكن أنفسنا منذ دهر؟!!

من يعمّر هذا الخراب الذي يسكننا ونحن نكتشف أننا أضْيَع من الأيتام في مأدبة اللئام. وأن الموائد السياسية تتقاسم عرضنا وتحتسي دمنا كما لو كنا يتامى تقطعت بنا السبل ورحل من يسند ضعفنا؟!!

من يعيد إعمار هذا الخراب الذي يستوطننا ونحن نحس أننا أضعف من حشرة تدوسها أرجل الآثمين كلما أرادت الوصول إلى أغراضها التوسعية. أو طمعت لما في يد غيرها. فعبرت على أجسادنا لتصل إلى أطماعها؟!!

من يعيد إعمار هذا الخراب الذي يستوطننا ونحن نكتشف أننا شعب مستهدف لكل ظالم وطامع وجبار. وأننا هدف لكل من يريد أن يستعرض عضلات قوته ويبهر العالم بامتداد سلطانه وقدرته على زعزعة أمْن أيّ بلد مهما كان موقعه وسلطانه. كما حدث منذ سنوات في العراق. ويحدث الآن في غزة؟!!

من يعمر هذا الخراب الذي يصول ويجول في أروقتنا الخاوية ونحن نتأكد أنه يحكمنا حكام يتفرجون علينا والنار تأكل أطرافنا والآليات العسكرية تدمر البيوت فوق رؤوسنا وعندما تنتهي المحرقة يسرعون لترقيع ما تمّ تمزيقه وإعمار ما تمّ تخريبه وتكليف أطباء نفسانيين ليعالجوا عقدنا وعقد أبنائنا الذين شهدوا حرق عائلاتهم أمام أعينهم؟!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى