الثلاثاء ٥ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٦
بقلم صبيحة شبر

من يوميات امرأة محاصرة

استيقظت مبكرة هذا الصباح، لم استطع النوم الليلة الماضية، الحرارة لا تطاق، والكهرباء تنقطع لساعات طويلة من النهار، وكل الليل، يبدو أنهم يظنون إننا لسنا بحاجة الى تلك الكهرباء النزيرة ليلا، لأننا سوف يأخذنا سلطان الكرى بين أحضانه الدافئة، حين نضع رؤوسنا المنهكة، على الوسادات، التي تحضننا بابتهاج قل نظيره، وإننا من شدة ابتهاجنا، من انتصارات يومنا، وافراحه ، سوف نبعد ملك السهاد، ان ياتي لقلوبنا المطفأة، حاولت ان احرك بعض النسمات اللطيفة، علها تعينني على جلب بعض لحظات النوم الهانئة الى جفوني، ولكن عبثا، البق اللعين يرى الفرصة الذهبية له كي ينطلق، ليداعب وجوهنا وأجسادنا، بقبلاته المتكررة، أحاول ان أتلافى تلك القبلات من ان تضع رحالها على جسدي المنهك، لكن جميع محاولاتي تذهب أدراج الرياح، البق في منطقتنا، معروف بقدرة عجيبة على مداعبة وجناتنا واذرعنا واقدامنا ، وهو مشهور انه يتمتع بإصرار يدعو للدهشة، أملت وكما في كل مرة، ان اخفف ذلك الحر الخانق الذي يطرد سلطان النوم عني، ويجعله يحيا دائما وهو في خشية ان يقترب من أجفاني، جررت أقدامي المتعبة، من عناء العمل المتواصل أثناء النهار، وذهبت حالمة ان اجد بعض قطرات الماء، علها تخفف من شدة الهجير الذي أعاني من وطأته هذه المساءات ـ وجدت صنبور الماء، يابسا جافا، وكأنه لم يعرف يوما، ما معنى ماء، ولم يمر من خلاله، ذلك السائل العجيب، والحبيب، والذي لا يمكن ان نصبر على بعاده، من شدة العشق والهيام.

سمعت بعض العبارات من جارتي، القريبة الى نفسي، والتي عشت وإياها بعلاقة صداقة طويلة، استمرت أعواما، كنت أتقاسم واياها لحظات سروري، وأيام حزني ومرارتي، فكرت ان أسالها ان تمدني ببعض قطرات من الماء الشهي اللذيذ، لأبدد به عطشي، وأسكب منه بعض القطرات، لتنعش جسدي، الذي تآلفت عليه جيوش البعوض تلك الليلة المقمرة الطويلة، وانا من شدة لهفتي، للحصول على طلبي، لم أفكر بالحالة الجديدة، والتي ما أزال غير قادرة على استيعابها، حتى هذه اللحظة، ان جارتي، والتي هي صديقتي، لا يمكنني ان اذهب اليها، فكيف أتمكن من ان استجدي منها بعض قطرات الماء التي أصبحت من الأحلام، البعيدة عن المنال، والتي تعتبر من اكبر المستحيلات، نسيت ان حينا والحي الذي تسكن به جارتي، متحاربان، ما ان يجرؤ احد سكان الحيين على الاقتراب من منطقة الحي الآخر، حتى تسمع صوت الرصاص يلعلع، راغبا في استئصال حياته، فكرت أنها صديقتي، ومن المنطقي والمعقول ان تنجدني، في هذه الليلة الليلاء، وتحقق طلبي، ولكني بعد هنيئة من التفكير، اتضح لي انها غير قادرة على تقديم العون لي، كما أنني عاجزة، على ان امد لها يد المساعدة، بقيت تلك الرغبة، مكبوتة، في أعماق قلبي، دون ان اتمكن من تحقيقها، وبقيت ساكنة مقموعة، ككل الرغبات، المجهضة، التي لم اتمكن من الوفاء بها وإخراجها الى النور

بقيت ساعات من الليل، لا تريد ان تغادر ني، ماذا يمكنني ان افعل ؟ لأنال قسطا من الراحة، لأتمكن من النهوض نشيطة لممارسة عملي المعتاد، ككل يوم، فكرت ان أبدد تلك الساعات المتبقية،، من ليلتي تلك بالقراءة، نهضت من فراشي، وأحببت ان أودع البق،، الى غير رجعة، وما ان خطوت عدة خطوات باتجاه الغرفة التي وضعت بها مكتبتي، حتى تذكرت حقيقة ، تناسيتها في غمرة مشاغلي وتمنياتي، كيف يمكنني القراءة والكهرباء مقطوعة تلك الليلة، فكرت وفكرت طويلا، لأريح جسدي المهدود، وفكري المتعب، وما أزال في تفكيري المضني، ورغبتي المستحيلة، حتى رأيت نورا،، قد انبثق من النافذة، أدركت ان الفجر، يدق علينا الباب : ( هيا استفيقوا أيها الناس، حان وقت العمل ) نهضت من فراشي، وأسرعت الى المطبخ كي أجهز بعض اللقيمات تعينني على ابتداء يوم جديد


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى