موسيقات ما بعد الليل
1
حين كان الفتى الطيب
يرتّب ستائر ليل نهائي
حين كان يخيط للذّاكرة أشرعة و مرافئ
كانت السّمراء ،
تلملم ما تبقّى من رائحة الوشم
تحت ضوء القمر .
2
حين كان الفتى الطيب
يجمع شظايا وجهها القديم
يغزل من زرقة البحر أنفاسا أخرى
و أظافر
كانت السّمراء
تنثر آخر حبّات الرّمل
تلك الحبّات التّي كانت تجرح أصابعه
في كلّ عاصفة تسقط فجأة .
3
حين كان الفتى الطيب
يعدّ كأسا من اللاّزورد
ينحت من ظلّه أزمنة أخرى
كانت السمراء ،
تنسج له من خيوط الوردة
جنازات كبرى
حجارة و أعشاشا .
4
حين كان الفتى الطيب
يشدّ البحر بالزّبد و الغيم و النّدى
أو ينهض متثائبا من خاصرة امرأة
مكسورة الليل .
كانت السمراء ،
تنام مع آخر القتلى
بعد أن قلّمت أظافرها جيدا
بالدموع و البروق .
5
حين كان الفتى الطيب
يضمّد الينابيع الأخيرة
التّي حمّلتها القوافل سنابل لأبناء الليل
في الصباحات البعيدة .
كانت السمراء ،
تضع ضفائر شمس
وهبها البحر سجادة و حصانا .
6
حين كان الفتى الطيب
يحاول فكّ حصار الضّوء
من شفاه ضمآى
ينسج وردة رمليّة الخطى .
كانت السمراء ،
تعضّ رذاذ القبلة الأولى
بينما كانت الليالك تتكدّس
و الفيروز يستحمّ .
7
لقد مات الفتى الطيب
لكنّ الأسنان البيضاء
ظلّت مشعلة كامل الليل .