وراثة الذكريات
* القرية *
أنا فلاح بسيط الى نهايات البساطة ابن فلاح حدود أحلامه وأفكاره لا تتجاوز أسوار بستاننا الملقى على ذلك الجبل فى وسط قريتى العتيقة المنسية خلف جدار الزمن.
فى قريتى تدرك معنى اللاشيء أو عدم الاهتمام بمعطيات الحاضر ولا حتى بذكريات الماضى وليس هناك مكان لكلام الإنشاء بأن هناك رؤية مستقبلية للتطور السياسى والإقتصادى للقرية من خلال أطر شعبية وجماهيرية يكون لها دور فعال فى ذلك.
نعم إنها الموطن الأول للهدوء والسكينة فالهواء هنا ليس كهواء المدينة إنه هنا ناعم منعش وكأنك تشرب كأسا من العصير البارد منتصف تموز.
تقع قريتى جنوب الوطن نهاية الريف وخضرته الغناء وبداية البادية وأصالتها وكرم أناسها، وهى تدعى الظاهرية ويقولون انها نسبة الى الظاهر بيبرس حيث أنها كانت قاعدة إنطلاق الجيوش الاسلامية ضد الصليبين وهى أصلا قرية كنعانية تدعى جوش.
عائلتى الكبيرة أو ما يسمونها عندنا الحمولة عائلة بسيطة نقية القلب مع الكثير من الطيبة التى تجعلها منسية مع انها من الحمايل الأصيلة فى القرية.
بيت العائلة أو ما يسمى بالعقد يتوسط القرية بيت قديم تشم منه عبق الماضى وتسمع من بين ثناياه أصواتا لأرواح كانت هنا ولولاها لما كنا هنا.
هذه قريتى بكل ما فيها وما هى فى مخيلتى وذاكرتى.
* الوالد *
كان يجلس هناك جلسة طويلة تحت شجرة الزيتون العتيقة حاضنا بين يديه لفة من الورق يلف بها التبغ أو ما نسميه عندنا (الهيشة) سابرا بأفكاره غور تلك الحياة رافضا لكل متعها راضيا بمتعة هدوء وبساطة الحياة.
كان يجلس أمامى كالجبل الشامخ وكالقصر العالى وكنجم سائر فى الأفق تسحر بجماله ووقاره ولكن لا تستطيع الوصول إليه هيبة وروعة وعجزا.
كنت الأخير من اولاده فكنت رفيقه المدلل والشيء الاخير الباقى لغرس خلاصة خبرته الطويلة وشريط حياته الممتد.
فكنت أنا وريث تلك الخبرات والتجارب وكأن حياة كاملة جمعت ونسخت فى ذاكرتى ومنها بدأت حياتى الجديدة فكنت حلقة الوصل التى من أجلها أبى لم يزل يعيش وإن لم يكن يعيش بجسده فحياته وخبراته وتجاربه ترقد هنا فى الحجرة الأولى فى الطابق السفلى التى بنيت عليها اللبنات الجديدة التى تشكل حياتى الجديدة.
فى العدد القادم
الجزء الثاني
* الحبيبة *
* الكارثة *
* الذكرى *
مشاركة منتدى
4 تموز (يوليو) 2005, 07:36, بقلم د.خالد باسلامه
ما أجملها من قصة....................
19 تموز (يوليو) 2005, 05:20, بقلم أبو فارس
اشكر المهندس رأفت دعسان على هذه الخماسية التي تروي بشكل بسيط ومعاني مليئة بالواقع ماكان وما حدث وماذا سيحدث ، لتمنى لك المسقبل الباهر .
المهندس أحمد بشار