الاثنين ٨ شباط (فبراير) ٢٠١٠
بقلم إبراهيم خليل إبراهيم

يوميات شهر النصر

فى حياة الأمم والشعوب علامات فارقة ومن أجمل الأيام تلك التى شهدها عام 1973 وتحديدا فى شهر أكتوبر 1973 حيث كانت انتصارات الشرف والكرامة وتحرير الأرض المصرية المحتلة

وهنا نعرض ما سجلته يوميات شهر النصر:

 
السبت 6 أكتوبر 1973م – 10 رمضان 1393هـ  

بدأت المعارك وجاءت أول إشارة بالأحداث فى بلاغ مصرى أذيع فى الساعة الثانية والربع ظهراً عن قيام قوات إسرائيلية بمهاجمة المواقع المصرية فى الزغفرانة والسخنة، وتوالت بعد ذلك البلاغات حيث صدرت ثمانية بلاغات أذيع آخرها فى الساعة 12.43 ليلاً وتضمنت البلاغات قيام الطائرات المصرية بهجوم جوى مركز بدأ فى الساعة الثانية ظهرا واشتركت فيه 227 طائرة ضد أهداف العدو فى سيناء، كما اشتركت المدفعية الثقيلة، ومدافع الهاون، ولواء الصواريخ التكتيكية على طول الجبهة تصب نيرانها على خط بارليف ونقطه القوية، وتحت ستارها عبرت جماعات الصاعقة، وفى الساعة الثانية والثلث بدأت الموجات الأولى لفرق المشاة فى اقتحام قناة السويس مستخدمة نحو 1000 قارب اقتحام، وفى الساعة الثانية والنصف ارتفع أول علم مصرى على سيناء، فى حين كانت القوات البحرية توجه ضرباتها على أهداف العدو فى الساحل الشمالى لسيناء. 

وأصدرت القيادة الإسرائيلية أول بيان عن العمليات فى الساعة 2.43 ظهراً، وبعد أربع دقائق اعترف المتحدث العسكرى الإسرائيلى بأن القوات المصرية قد اقتحمت القناة والدفاعات الإسرائيلية على طول قاعدة قناة السويس، واعترف المتحدث فى إذاعته فى الساعة 6.43 مساءً بعبور المدرعات المصرية قناة السويس، وتمت دعوة مجلس الشعب المصرى إلى دورة استثنائية، وأوقفت الدراسة بالمدارس الابتدائية والإعدادية، أما الدراسة الثانوية والجامعية فكانت لم تبدأ بعد، كما تم تحديد العمل بالمحلات العامة حتى الساعة 11 مساءً، وأصدر قرار بتحديد كميات البنزين المنصرفة للسيارات، والالتزام بقيود الإضاءة وتعليمات الدفاع المدنى، كما تم تأجيل جميع المباريات الرياضية، وأجرى الرؤساء والملوك العرب الاتصالات التليفونية مع الرئيس "محمد أنور السادات" الذى تواجد منذ ظهر اليوم فى غرفة العمليات الرئيسية بمقر قيادة القوات المسلحة.. وهم الرئيس " بومدين، " والرئيس "القذافى"، والأمير "الصباح"، والملك "حسين"، والرئيس "جعفر نميرى"، والشيخ "خليفة آل ثان"، كما تبادل الرئيس السادات البرقيات مع الملك "فيصل" وأصدر الملك "حسين" أوامره بوضع القوات الأردنية فى حالة تأهب. 

ودعت "جولدا مائير" رئيسة وزراء إسرائيل إلى اجتماع طارئ بالرغم من أن اليوم أجازة رسمية بمناسبة عيد " الكيبور – الغفران " كما أصدرت السلطات الإسرائيلية النداءات لاستدعاء الاحتياطى وأطلقت صفارات الإنذار فى جميع الأنحاء . 
وأصدرت القيادة السورية أربعة بلاغات تضمنت قيام القوات السورية بالرد على مصادر نيران العدو والتصدى لمقاتلاته فى الجو، وتضمن البلاغ الأخير الذى أذيع فى الساعة 11.15 تمكنت القوات السورية من تحرير عدد من المواقع والقرى فى هضبة الجولان وأسر عدد من قوات العدو. 

وأعلن متحدث باسم القيادة العامة للثورة الفلسطينية أن الطائرات الإسرائيلية شنت هجوماً عنيفاً على جنوب لبنان، وأن قوات المقامة اشتركت فى القتال ضد القوات الإسرائيلية فى القطاع الشرقى بالقرب من الحدود السورية اللبنانية. 

الأحد 7 أكتوبر 1973م – 11 رمضان 1393هـ:  

أصدرت القيادة المصرية خمس بلاغات رسمية من رقم 9 إلى 13 وأذيع البلاغ الأول فى الساعة السابعة صباحاً وتضمن نتائج معارك الأمس، وشملت: إسقاط 27 طائرة إسرائيلية، وتدمير 60 دبابة، وسقوط 15 موقعاً حصيناً شرق القناة، مقابل 15 طائرة مصرية وبعض طائرات الهليكوبتر، وصدر البلاغ الثانى فى الساعة التاسعة صباحاً، وصدر البلاغ الأخير فى الساعة 11.10 ليلاً وأجمل أحداث اليوم الثانى للحرب كما يلى: شملت خسائر العدو 30 طائرة، تدمير 32 دبابة عدا الدبابات والعربات المدرعة التى تركها العدو، مقابل 6 طائرات مصرية، وعدد من الدبابات والعربات وبعض الخسائر فى الأفراد، ولخصت وكالة" الأسوشيتدبرس "الأمريكية للأنباء نتائج العمليات العسكرية بقولها: "إن سير القتال فى اليوم الثانى كان حرجاً للغاية بالنسبة للقوات الإسرائيلية"، وطلبت الولايات المتحدة الأمريكية عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن لبحث القتال الدائر فى الشرق الأوسط، وقطع الرئيس الأمريكى "نيكسون" إجازته، وأصدرت حكومة الاتحاد السوفيتى بياناً رسمياً عن تطورات الموقف فى الشرق الأوسط حملت فيه إسرائيل مسئولية ونتائج عدوانها المتكرر على الدول العربية. 

وصلت إلى القاهرة الوحدات الأولى من القوات الجزائرية، وأوفد الرئيس " بومدين "العقيد" عبد الغنى "قائد الإقليم الخامس وعضو مجلس القيادة مبعوثاًُ خاصاً للرئيس "السادات"، وأعلن الرئيس "القذافى" أن ليبيا ستمول المعركة التى تقودها مصر وسوريا بالمال والبترول، وأعلنت وزارة الخارجية الأسبانية.. أن القوات الأمريكية فى أسبانيا لن يسمح لها باستخدام قواعدها فى حالة تدخلها فى القتال الدائر فى الشرق الأوسط، واجتمعت الوزارة الإسرائيلية للمرة الثالثة خلال 24 ساعة، وقامت قيادة الجيش بتعبئة عدد الحاخامات بدفن الموتى الذين تحملهم قوافل من طائرات الهليكوبتر كما تنقل الجرحى إلى مستشفيات بئر سبع وحيفا وتل أبيب والقدس. 

أصدرت القوات السورية ثمانية بلاغات أذيع أولها فى الساعة 6.10 صباحاً وأذيع الأخير فى الساعة التاسعة مساءً، وتضمنت فى مجموعها عمليات جوية فوق الجولان، وبلغت خسائر العدو 43 طائرة وأسر تسعة من طياريها، وتوغلت الطائرات السورية لمسافة عظيمة داخل إسرائيل، كذلك قام العدو بعدة هجمات مضادة لوقف التقدمالسورى فى الجولان. 

وفى هذا اليوم كتب الأستاذ " مصطفى بهجت بدوى " بجريدة الجمهورية: " يا أبطالنا الأعزاء فى مواقعكم الأمامية، وفى خط القتال، مستعدون، متشوقون للثأر ولرد اعتبار الهزيمة فى 5 يونيو 1967م التى ظلمتكم، والتى نريد أن نمحو ظلمتها من تاريخنا لتهدأ وتهنأ أرواحنا وأرواح شهدائنا.. سنوات طويلة وأنتم ترابطون وتثابرون وتناضلون وتتطلعون إلى أرضكم المغتصبة المحتلة حتى تحرروها وتؤكدوا لنا العزة والكرامة ". 

الاثنين 8 أكتوبر 1973م – 12 رمضان 1393هـ : 

 
تم الاستيلاء تماماً على خط بارليف على طول القناة وتحرير مدينة القنطرة شرق، ووصلت القوات المصرية المدرعة إلى مسافات متقدمة داخل سيناء، وقد بلغت خسائر العدو 24 طائرة فانتوم وسكاى هوك و36 دبابة وعدد من المدرعات واستسلام 45 أسيراً من القوات البرية وعدد من الطيارين الإسرائيليين، وبذلك بلغت خسائر إسرائيل فى الأيام الثلاثة 81 طائرة، 128 دبابة، 123 أسيراً. 

وفى هذا اليوم صدرت خمسة بلاغات رسمية من رقم 14 إلى 18، وأذيع البيان الأول فى الساعة 1.35 ظهراً، وأذيع البيان الأخير فى الساعة 10.40 مساءً، وتضمنت رفع العلم المصرى على القنطرة شرق، وقصف العدو لمدينة بورسعيد والغارة الجوية على مناطق البترول فى خليج السويس، ونشرت الصحف المصرية صور مجموعات من الأسرى الإسرائيليين، ووجه القائد العام الفريق " أحمد إسماعيل " إلى رجاله نداء جاء فيه: " لقد عبرتم أكبر مانع عسكرى فى تاريخ الحروب، لقد عبرتموه بشجاعة اعترف العالم بها فعلى بركة الله سيروا فى طريق النصر 

أبلغت مصر الجمعية العامة للأمم المتحدة بالغارة الإسرائيلية الجوية على مدينة بور سعيد وقصف وتدمير المساكن والمبانى وإشعال الحرائق، وبعث الرئيس "السادات" برسائل إلى رؤساء دول عدم الانحياز الذين اشتركوا فى مؤتمر الجزائر شرح فيها الموقف فى الشرق الأوسط، وأصدرت القيادة السورية سبعة بلاغات عسكرية أذيع أولها فى الساعة 7.35 صباحاً وتضمن تحرير الجزء الأكبر من القطاع الأوسط من هضبة الجولان منذ عام 1967م، وأذيع البلاغ الأخير فى الساعة 3.55 مساءً وتضمن إحباط الهجوم العكسى الذى شنه العدو فى هضبة الجولان. 

وصلت إلى دمشق ثلاث فرق طبية لبنانية ووضعت نفسها تحت تصرف وزارة الصحة السورية، ورفع الفدائيون الفلسطينيون العلم الفلسطينى على مستعمرة " أبو روس "الإسرائيلية الواقعة على خط إطلاق النار بين سوريا وإسرائيل وقصفوا موقعاً لرادار العدو فوق جبل" الجرمك " ومركزا لتجمع الاحتياطى الإسرائيلى فى " سعسع "، وفتحت المدفعية اللبنانية نيرانها على سرب من المقاتلات الإسرائيلية حلق بارتفاع شاهق فوق بيروت، وأعلنت القيادة الأردنية أن المدفعية المضادة للطائرات أسقطت طائرتين إسرائيليتين فى منطقة "جرش"، ووضعت الحكومة العراقية جميع القوات المسلحة العراقية تحت تصرف القيادة المصرية والسورية، كما أعلن الرئيس السودانى "جعفر نميرى" وضع أراضى السودان وسمائه وموانيه فى خدمة المعركة، ومن الرياض أصدر الملك " فيصل " أمراً للقوات السعودية أن تكون على أهبة الاستعداد لمجابهة ظروف المعركة، وخفضت شركة " أرامكو " السعودية الأمريكية كميات البترول التى تنقلها عبر خط التابلاين إلى أوروبا إلى النصف بسبب القتال الدائر فى الشرق الأوسط. 

الثلاثاء 9 أكتوبر 1973م – 13 رمضان 1393هـ : 

 
خلال اليوم جرت على أرض سيناء معارك شرسة بالدبابات كسرت بها القوات المصرية موجات متتالية من الهجوم المضاد اشتركت فيها عدة ألوية مدرعة لوقف الزحف المصرى شرقاً والذى وصل إلى مسافة 15 كيلومتر، وتم تدمير اللواء 190 مدرع الإسرائيلى بالكامل وأسر قائده "عساف ياجورى"، وصدرت خمسة بلاغات عسكرية مصرية أذيع أولها فى الساعة 10.23 صباحاً وأشار إلى استيلاء القوات المصرية على الشاطئ الشرقى للقناة بالكامل، وبعد دقائق أذيع بلاغ آخر عن تدمير اللواء 190 مدرع الإسرائيلى، وانتهت البلاغات قى الساعة 5.32 مساءً وأشارت إلى تطور معركة الدبابات فى القطاعين الأوسط والجنوبى وتم خلالها تدمير 102 دبابة إسرائيلية. 

وجه الفريق "سعد الدين الشاذلى" تحية إلى رجال القوات المسلحة المصرية وإلى المواطنين دعا فيها إلى عدم تعجل النتائج لأن العبرة ليست بالوصول السريع إلى النتائج وإنما بمحصلتها المؤكدة، وأشار إلى أن تقدم القوات المصرية فى سيناء ينفذ طبقا لمعدل زمنى مقرر. 

أذاعت القيادة السورية ست بلاغات أذيع أولها فى الساعة 8.15 صباحاً، واعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بأن إسرائيل تكبدت خسائر جسيمة فى الطائرات والمدرعات، وعقد مجلس الأمن اجتماعاً طارئاً لبحث الموقف فى الشرق الأوسط فى ضوء تطور القتال واستمرت الجلسات ثلاث ساعات، وقد انسحب المندوب السوفيتى أثناء إلقاء كلمة ممثل إسرائيل صائحاً خلال انسحابه: "إننى لا أستطيع البقاء هنا للاستماع إلى عزاء ممثل القتلة وقطاع الطرق"، ووصف الغارات الإسرائيلية بأنها: " من أعمال العصابات الدولية "، ووصف زعماء إسرائيل بأنهم " مجرموا حرب 

وفى هذا اليوم كتب الأستاذ "موسى صبرى" فى جريدة الأخبار : " علينا وفى هذه الأيام الفاصلة أن نعى تماماً كلمات القائد.. الحرب ليست نزهة .. المعركة طويلة وشرسة وشاملة.. يمكن أن تصل إلى كل مصنع ومدرسة وقرية، الانتصار تضحيات مهما كانت التضحيات، الانتصار ثقة فى النفس أولا واستمرار فى البناء، السؤال الآن إما أن نكون أبداً أو لانكون أبداً، إن العدو الذى عربد وطغى وتجبر وداس كرامتنا بالأقدام يبذل الآن أقصى قدراته لكى يدافع عن مواقعه، العدو الذى كان مترنحا بنشوة التهديد المستمر بالعدوان هو الذى يثير الآن.. من بدأ بالعدوان ؟ إسرائيل اليوم هى التى تتحدث عن عدوان مصر، أمريكا اليوم تطالب بوقف إطلاق النار، الحديث عن اجتماع مجلس الأمن الذى لم نطلب عقده، النضال الحقيقى إذن هو النفس الطويل.. مرحبا بكل قرار يطالبنا بدخولنا كلنا من أجل الانتصار، مرحبا بغارات العدو، مرحبا بكل قرار يصدر يطالبنا بأن نكتفى بكسرة خبز.. بجرعة ماء، نحن مستعدون تماماً.. مقبلون تماماً.. راضون تماماً بأية تضحيات مهما كانت، اليوم نرفع مهانة أن ثلاثة ملايين من الصهاينة أزلوا مائة مليون، بالثقة.. بالثبات .. بالصمود.. بالصبر.. وقفة الرجل الواحد حتى أخر نقطة دم ". 

وكتب الأستاذ " توفيق الحكيم " فى جريدة الأهرام: " عبرنا الهزيمة بعبورنا إلى سيناء، ومهما تكن النتيجة للمعارك فإن الأهم الوثبة.. فيها المعنى أن مصر هى دائما مصر.. تحسبها الدنيا قد نامت ولكن روحها لا تنام.. إذا هجعت قليلا فإن لها هبة ولها زمجرة ثم قيام، وقد هبت مصر قليلا وزمجرت ليدرك العالم ما تستطيع أن تفعل فى لحظة من اللحظات فلا ينخدع أحد فى هدوئها وسكونها، وكانت يدها التى بدرت منها حركة اليقظة .. هى بجهادها المقدام بصيحة رئيسها الوطنى.. بالقيام.. سوف تذكر مصر فى تاريخها هذه اللحظة والفخر ".

الأربعاء 10 أكتوبر 1973م – 14 رمضان 1393هـ : 

 
شهدت جبهة سيناء معارك بالغة العنف بدأت فى القطاع الجنوبى للجبهة ثم انتقلت إلى القطاع الأوسط وانتهت الاشتباكات بانسحاب العدو إلى ما وراء الخط الدفاعى الذى يتحصن به على مسافة 20 كيلومتر، كما حاولت القوات الإسرائيلية الإغارة على بعض المواقع الجوية المصرية بمحافظة الشرقية منها أبو حماد، وألقت عبوات ناسفة على هيئة ساعات وعلب مأكولات وأقلام، بينما قامت القوات الجوية المصرية بقصف المنشآت الإسرائيلية على الساحل الشمالى لسيناء، وبلغت خسائر إسرائيل 14 طائرة و 15 دبابة بالإضافة إلى الاستيلاء على دبابات ومدافع تركتها القوات الإسرائيلية . 

وصدرت خلال اليوم ثلاثة بلاغات مصرية عسكرية من رقم 24 إلى 26 أذيع أولها فى الساعة 1.46 ظهراً وتضمن إصابة 4 طائرات إسرائيلية وقصف بعض المنشآتالعسكرية على الساحل الشمالى، وأذيع الأخير فى الساعة 5.40 مساءً وشمل عمليات برية فى القطاع الجنوبى. 

وأصدرت القيادة السورية ثمانية بلاغات عسكرية أذيع أولها فى الساعة 1.15 ظهراً . 
وأجرت إسرائيل تغيرات كبيرة فى المناصب العسكرية القيادية واستدعت 6 من الجنرالات السابقين من الاحتياط، وقطعت جمهورية فولتا العليا علاقاتها مع إسرائيل، وطالب مجلس النواب الأمريكى الإسراع بتسليم إسرائيل الطائرات التى طلبتها، وأطلق الفدائيون الفلسطينيون 30 صاروخاً على مستعمرة " كيريات شمونة " الإسرائيلية، وألغت شركة الخطوط المغربية رحلاتها لكى توفر الطائرات التى تستخدم فى نقل قوات مغربية إلى جبهة القتال، ووجهت جبهة التحرير الجزائرية نداء للتبرع بالدم لصالح المقاتلين فى الجبهة، وقررت نقابة المعلمين بمصر تحويل مدرسة فى كل محافظة إلى مستشفى طوارئ بعد تجهيزه بالمعدات اللازمة ووضعه تحت تصرف اللجنة العلياللمعركة. 

وكتب الأستاذ "نجيب محفوظ" فى جريدة "الأهرام": ردت الروح بعد معاناة طعم الموت 6 سنوات، رأيت المصرى خلالها يسير فى الأسواق مرتدياً قناع الذل .. يثرثر ولا يتكلم.. يقطب بلا كبرياء.. يضحك بلا سرور.. يتعامل مع المكان وهو غريب ويساير الزمان بلا مستقبل، من حوله عرب متقاربون وقلوبهم شتى، وأصدقاء منالعالم يعطفون عليه بإشفاق لا يخلو من زراية، وعدونا يعربد، يأسرنا فى السماء ويتحدانا فى الأرض.. ووقعت المعجزة وانتقل الجيش من الغرب إلى الشرق، وبادر العرب إلى العروة الوثقى، وذهل الأصدقاء والأعداء، وسارت مصر من عصر إلى عصر، ومن عهد إلى عهد، ومن موت إلى خلود، أيها الزعيم.. لقد وفرت السلاح، وسلحت شعبك قبل ذلك بالقانون والديمقراطية والحوار الحر.. فإلى الأمام ومهما تكن العواقب فقد ردت إلينا الروح والعصر والمستقبل " 

وكتب الأستاذ "أنيس منصور" فى مجلة " آخر ساعة ": " لقد صبر المصريون على الغطرسة وعلى الهوان فى كل مكان بل إن رئيسنا أنور السادات كان إذا تحدث عن الاستعداد للقتال بلغ به التأثر درجة وهو يقول لشعبه المحب له الواثق فيه الواثق منه.. لن أتحدث عن المعركة إننى أقول كلمة واحدة، عبارة واحدة.. لا حل إلا بالقتال ونحن نستعد وفى هذا الكفاية، ولا أريد أن أطيل عليكم فقد تعبنا من الكلام وتعبتم أنتم أيضا وليس سراً أن أقول لكم اليوم أن الرئيس وعد شعبه وقواده أنه لن يقرر الدخول فى معركة إلا إذا قرر العسكريون المصريون ذلك وإلا إذا قرروا أنهم على استعداد لمعارك طويلة ولكل الاحتمالات، فليس المهم أن ندخل الحرب ولكن المهم جداً أن ندخلها وأن نصمد وأن نضحى فالعدو شرس ولا أخلاق له وموارده لا تنتهى من المال والسلاح، وليس الآن وقت للحديث عن الذى فعله جنودنا الأبطال.. ليس الآن.. إننا الآن مشغولون بالزحف إلى الأمام وإلى التثبت من مواطئ الأقدام وإلى سلامة الطريق، فلا بديل لنا عن القتال، ولا بديل لنا عن استرداد أرضنا كلها إننا تعلمنا واستفدنا، ويكفى أن نستمع إلى الإذاعات المصرية، ويكفى أن نقرأ البيانات الرسمية بل يكفى أن نسمع إلى الطريقة التى يتلو بها المذيعون بياناتهم الرسمية.. العقل.. الهدوء.. الدقة لأننا نريد أن نسترد ثقة المصرى والعربى والأجنبى، لقد اندهش المراسلون الأجانب كيف أننا تغيرنا إلى هذه الدرجة الجذرية فى كل شئ.. فعلاً تغيرنا إلى الأحسن.. إننا كنا نشعر بذلك ولكن نريد العالم كله أن يتأكد ". 

الخميس 11 أكتوبر 1973م – 15 رمضان 1393هـ : 

شهدت ميادين القتال فى سيناء والجولان أعنف المعارك البرية والجوية منذ بدء العمليات، ووصفها المعلقون الأجانب بأنها أكبر معارك الدبابات فى العصر الحديث، وقد بدأت فى المنطقة الوسطى من جبهة سيناء حين حاولت بعض القوات الإسرائيلية ومعها أعداد كبيرة من الدبابات وقف تقدم القوات المصرية، واستمرت المعركة 4 ساعات ثم انسحبت القوات الإسرائيلية ثم عاودت الكرة فى نفس المحور وفقدت 25 دبابة، وفى خلال اليوم صدرت 4 بلاغات عسكرية مصرية، أذيع أولها فى الساعة 12 ظهراً، وأذيع البلاغ الأخير وهو رقم 30 فى الساعة 7.33 مساءً وتضمن مجموع خسائر إسرائيل فى الطيران خلال اليوم وبلغت 23 طائرة . 

وصرح الفريق " سعد الدين الشاذلى " رئيس الأركان أثناء وجوده بأحد المواقع المتقدمة بسيناء: " إن إسرائيل فى محنتها ظنت أن قادتها الذين حصلوا على نصر رخيص فى عام 1967م يستطيعون أن ينتزعوا نصراً حقيقياً، وإننا لسعداء أن نهزم هؤلاء القادة الجدد الذين اعتقدت إسرائيل إنها قادرة بهم أن تعيد عجلة التاريخ ". 

ووجه الفريق " أحمد إسماعيل " القائد العام نداء إلى أفراد القوات المصرية قال فيه : " يا جنودنا الأبطال انطلقوا لتكملوا مهمة التحرير " وقال للقوات السورية: " لقد لقنتم العدو الإسرائيلى بشجاعتكم وإصراركم درساً قاسياً فى البر والبحر والجو لن ينساه ". 

وأصدرت القيادة السورية 14 بياناً عسكرياً أذيع أولها فى الساعة 9.15 صباحاً، وأذيع البيان الأخير فى الساعة 6.35 مساءً، وتم تدمير 61 دبابة إسرائيلية وإغراق 8 زوارق أخرى، وبدأت الولايات المتحدة الأمريكية إرسال شحنات من الأسلحة على وجه السرعة إلى إسرائيل شملت صواريخ وقنابل وذلك عبر جسر جوى، كما تلقتإسرائيل خلال الساعات الأخيرة 48 طائرة فانتوم نقلت من أمريكا رأسا إلى مطار " اللد " الإسرائيلى، وفى الوقت نفسه خرجت من القاعدة الأمريكية بقبرص 6 وحدات تابعة للأسطول الأمريكى ودخلت المياه الإسرائيلية، وشاهد سكان إسرائيل من التليفزيون الأردنى عملية عبور القوات المصرية إلى الشرق واقتحامها خط بارليف، كما شاهدوا المقابلات التى أجريت مع العشرات من الأسرى منهم " عساف ياجورى " قائد اللواء 190 مدرع الإسرائيلى . 

وفى هذا اليوم كتب الأستاذ " مصطفى محمود " فى مجلة " روزاليوسف ": " فى هذه اللحظة ومع هذا المداد الذى تسيل به الحروف هناك صدور تتلقى النيران دفاعاً عنك وأخذاً بثأرك، هناك أخ استشهد وهو يكسب لك قطعة أرض ترفع عليها أعلامك وتسترد كرامتك، هناك أبطال شرفاء يموتون لتولد أمة، ويبعث جيل، وتحيا نفوس من عدم، هناك أقدام تخطو على الألغام وتقتحم المهالك لتأخذ بيدك من موقع المهانة إلى موقع الشرف، أقدام قد تنسفها القنابل لترفع رأسك وتقول.. لقد انتصرت .. لقد تحررت.. لقد محوت العار ". 
وكتب الدكتور " زكى نجيب محمود " فى جريدة الأهرام: " كانت حرب 1967 مدتها فى حساب الأعداء 6 أيام ظنوا أنه لهم بعدها سبت الراحة، وإذا بحرب الأيام الستة فى حسابهم تصبح حرب الأعوام الستة فى حساب الفلك وسوف يكون سابعها لا سبت الراحة لهم كما توقعوه بل سيكون يوم الثأر والعذاب جزاء ما غدروا وما استكبروا عن صلف وجنون فللبحر لسان غضبه إذا ما عصفت الريح، وللعدل والحق عند الله ميزان، وإنكم أنتم يا أبناءنا على أرض سيناء وفى سمائها وفوق بحرها لموكلون بمشيئة الله أن تردوا لنا الأرض السليبة والكرامة المهدرة والنصر حليفكم بعون الله ". 

كما كتب الأستاذ " أحمد زين " فى جريدة الأخبار: " الله معكم أيها الرجال.. أيها الأبطال.. الله معكم وأنتم تحملون قدر هذه الأمة وتحاربون معركة النصر للإنسان العربى، الله معكم فإننى أعرف إعجازاً عسكرياً فى عبور القناة وقد رأيت خط بارليف عدة مرات.. شاهدته وهو يعلو ويعلو وتضاف إليه التحصينات تلو التحصينات، لقد حاولوا أن يجعلوا كل أسلحة الدنيا عاجزة عن تدميره وأحسست بأنهم يبنون صخرة فى صدورنا، كان السؤال الذى حير الدنيا.. ماذا سيحدث عند اللقاء مع هذا الخط الرهيب ؟! وتمت المعجزة العسكرية وسقط الخط الرهيب بين أيديكم أيها الأبطال . 

الجمعة 12 أكتوبر 1973م – 16 رمضان 1393هـ: 

فى هذا اليوم تم تدمير 13 دبابة إسرائيلية، 19 عربة مدرعة، 300 ما بين قتيل وجريح، وصدرت ثلاثة بلاغات عسكرية مصرية أذيع أولها الساعة 1.48 ظهراً، وأذيع أخرها برقم 33 فى الساعة 8.33 مساءً، وتم إسقاط 15 طائرة إسرائيلية، وقد أمَّ شيخ الأزهر صلاة الغائب على أرواح شهداء مصر بعد صلاة الجمعة بالجامع الأزهر، وقدمت الصين إلى مصر مبلغ 10 مليون دولار، و 100000 طناً من القمح مشاركة منها فى أعباء المعركة، وأصدرت القيادة السورية ثمانية بلاغات عسكرية أذيع أولها فى الساعة 7.20 صباحاً وأذيع الأخير فى الساعة 5.05 مساءً وتم تدمير 87 دبابة إسرائيلية و3 طائرات إسرائيلية . 
وقع اختيار الرئيس الأمريكى على " جيرالد فورد " نائباً له بدلا من ( أسبيرو أجينيو )، وقصفت قوات المقاومة الفلسطينية 9 مستعمرات إسرائيلية بالقرب من الحدود اللبنانية، وأعلن وزير خارجية إسرائيل أن ما أنفقته إسرائيل على القتال خلال سبعة أيام بلغ 1920 مليون دولار . 

وفى هذا اليوم كتب الدكتور " يوسف إدريس " فى جريدة " الأهرام ": " بضربة واحدة تمت المعجزة، تحولنا من كائنات لا كرامة لها.. كائنات كالسائمة إلى بشر ذوىكرامة، بضربة إرادة واحدة ردت إلينا كرامتنا وعادت إنسانيتنا، لم أكن قبلاً أؤمن كثيراً بدور الفرد فى التاريخ، لم أكن أعلم أن الفرد باستطاعته حين يجمع إرادته أنيحتوى فيها إرادة أمة وتاريخ شعب وقدرة حضارة، ولكن البطل أنور السادات غير من مفهومى بسحق الهزيمة الكامنة فى كل منا حين قرر العبور، فبقراره لم يعبر جيشناالقناة فقط ولكن شعبنا عبر معه فيافى الذل والمسكنة.. عبر الصغائر والحقارات .. عبر الآلام التى لا يطيقها بشر.. آلام العجز، كان العبور هو الخلاص.. يا لسعادتىوأنا أسمع إسرائيل تتحدث عن العدوان المصرى، يا لوقع الكلمة الحبيبة فى أذنى إننا أخيراً أصبحنا معتدين، نحن أصحاب حق ولا يستعيد الحق إلا أصحاب معتدون.. أكاد لا أصدق كل ما يحدث.. أحقا أصبحنا نقاتل لاستخلاص أرضنا وكرامتنا.. حقاً ثبت لنا أننا لا عيب فينا وإنما العيب دائما فى الظروف.. أحقاً عبرنا القناة ونحرر سيناء ونحطم المدرعات ونسقط الطائرات ونأسر منهم مئات.. أحقاً يحدث هذا كله بأيدى مصريين مثلى ومثلك؟‍‍ ‍‍‍‍، ألم أقل إنها المعجزة.. معجزة إرادة الأمة حين تحتويها إرادة بطل فهذا وبهذا وحده تتحقق المعجزات ". 

السبت 13 أكتوبر 1973م – 17 رمضان 1393هـ : 

 
اعترفت إسرائيل بأن المصريين يستخدمون تكتيكاً جديداً يقوم على توغل قوات الكوماندوز وراء خطوط دفاعاتهم، ويستخدمون صاروخ سام 7 وهو سلاح جديد مميت لمقاومة الدبابات، كما اعترفت أيضا بأن طائراتها واجهت حائطاً صلباً من الصواريخ يصعب تخطيه، وأن القوات المصرية عمدت إلى تدعيم المراكز التى استولت عليها فى سيناء، وأصدرت القيادة المصرية البلاغين 34، 35 وأذيع الأول فى الساعة 11 صباحاً، وتلاه البلاغ الثانى، وتضمن استسلام 37 من ضباط وصف ضباط إسرائيل فى نقطة قوية شمال السويس، وكان مجموع ما دمرته القوات المصرية لإسرائيل 16 طائرة منها 3 هليكوبتر . 

وفى هذا اليوم اخترقت طائرتا استطلاع أمريكيتان المجال الجوى المصرى على ارتفاع 25 كيلو متر واستطاعت أجهزة الرادار المصرية اكتشافهما وهم على بعد 200 كيلو متر من أجواء بور سعيد، وسارتا جنوباً بحذاء ساحل البحر الأحمر حتى قنا ونجع حمادى، واستدارتا فى شبه قوس إلى الصحراء الغربية ثم انطلقتا شرقا إلى فلسطين المحتلة . 

وأعلن وزير الصحة أن مصر لديها كميات احتياطية فى بنوك الدم من تبرعات المواطنين، وتبرعت حكومة نيجيريا بمبلغ 600000جنيه لضحايا الحرب فى مصر، وصدرت خمسة بلاغات عسكرية سورية أذيع أولها فى الساعة الواحدة صباحاً، وأذيع الأخير فى الساعة 4.08 مساءً وتم إسقاط 19 طائرة إسرائيلية، وقطعت جمهورية الكاميرون علاقاتها مع إسرائيل . 

وفى جريدة أخبار اليوم كتب الأستاذ " إحسان عبد القدوس ": " كنت مؤمنا بأن الحرب يجب أن تبدأ، وكنت مؤمنا بأننا لن نصل إلى أى حل بلا حرب، وكنت مؤمناً بأننا نعيش حالة استنزاف سياسى واقتصادى تضعفنا يوما بعد يوم.. ثم إنى عشت منذ شبابى وأنا اتبع فكر أنور السادات والذى أعلمه منذ كان شابا وهو يربط فكره السياسىبالإجراءات العملية وبإثبات الشخصية وبالقدرة على التنفيذ.. لم يكتف فى شبابه قبل الثورة بالانضمام إلى الجمعيات الثورية وانتظار قيام الثورة بل كان يتولى بنفسه تنفيذ مخططات ثورية أقرب إلى الخطط العسكرية وهو ما أدى به إلى البقاء فى السجن سنوات ولكنه كان دائما رغم صمته ينتصر، إنى اعتمد فى تقديراتى على عاطفة أنورالسادات الوطنية، وقال لى يوما أحد الأجانب: هل تتغلب عاطفته الوطنية على تقديراته لمصير الحرب ؟ وأجبته يومها: هذا هو ما يمكن أن يكون فى تأجيل المعركة ..التوفيق بين الفرد الوطنى وما تتطلبه الحرب، وبدأت المعركة وحققنا معجزتين عالميتين فى اليومين الأولين للمعركة.. معجزة عبور أصعب حاجز مائى فى تاريخ الحروب وهو قناة السويس، ثم معجزة اختراق خط بارليف الذى كانت إسرائيل تتباهى بما وصلت إليه العبقرية الإسرائيلية فى تحصين هذا الخط ليفوق بالعلم الحديث خط " ماجينيو " الذى أقامته فرنسا فى الحرب العالمية الكبرى فى مواجهة الجيش الألمانى، وتوالت انتصاراتنا يوما بعد يوم وحتى آخر قطرة من دم مصر.. لا انسحاب من فوق أرض لنا، ولا وقف لإطلاق النار إلا إذا لم يعد هناك سبب لإطلاق النار.. والله معنا "

الأحد 14 أكتوبر 1973م – 18 رمضان 1393هـ 

 
أصدرت القيادة المصرية أربعة بلاغات عسكرية أذيع أولها فى الساعة 1.55 صباحاً، وأذيع الأخير وهو رقم 39 فى الساعة العاشرة مساءً، وتم تدمير 150 دبابة إسرائيلية وقتل القائد العام الإسرائيلى للمدرعات " إبراهام مندلر " وتم إسقاط 44 طائرة إسرائيلية. 

وصدر بلاغ سورى واحد أذيع فى الساعة العاشرة صباحاً ، وتم تدمير 50 دبابة إسرائيلية، 3 بطاريات مدفعية، وأجبرت السلطات الإسرائيلية الكثير من العمال فى الأرض المحتلة على العودة بالقوة إلى العمل للمصانع التى كانوا قد تركوها فى الأيام الأولى للحرب، كما قامت السلطات الإسرائيلية بنقل دماء الكثير من العرب قسراً إلى الجرحى الإسرائيليين، ووجه الرئيس السورى " حافظ الأسد " تحية إلى جيش العراق وشعبه، كما حيا الجزائر وليبيا اللتين بادرتا من اللحظة الأولى إلى تقديم الدعم العملى والتأييد الفعلى لسوريا. 

الاثنين 15 أكتوبر 1973م – 19 رمضان 1393هـ 

 
أصدرت القيادة المصرية البلاغ رقم 40 فى الساعة الثانية إلا الثلث ظهراً، والبلاغ رقم 41 فى الساعة 2.83 ظهراً، ووجه الفريق " أحمد إسماعيل " القائد العام بياناً إلى جميع وحدات وتشكيلات القوات المسلحة أعلن فيه أن نسبة خسائرنا إلى خسائر إسرائيل لا تتجاوز 1: 5 فى الطائرات، ولا تتجاوز 1: 3 فى المدرعات، وبدأ برنامج إذاعى بتدريس المناهج المقررة لمرحلتى التعليم الابتدائى والإعدادى بعد إغلاق أبنية هذه المدارس بسبب المعركة مع إسرائيل، وأشارت البلاغات السورية إلى تدمير 43 دبابة إسرائيلية، واربع بطاريات مدفعية، وإسقاط طائرة استطلاع وعدد من الطائرات المقاتلة، وأعلنت إسرائيل أنها استدعت للمرة الثانية 12 من جنرالات الاحتياط إلى الخدمة، وأعلن الاتحاد السوفيتى عن إصراره على أن يساعد بكل وسيلة ممكنة جهود العرب لتحرير أراضيهم التى احتلتها إسرائيل بما فى ذلك تزويد الدول العربية بالسلاح، وذكرت مصادر أمريكية أن إسرائيل فقدت أكثر من ثلث قوتها الضاربة الجوية، وقطعت جمهورية غينيا الاستوائية علاقاتها مع إسرائيل . 

وفى جريدة " الأهرام " كتب الأستاذ أحمد بهاء الدين: " 6 أكتوبر 1973م فى بيروت وبينى وبين بلدى الذى يحارب بإرادته هذه المرة.. بحار وصحراوات ولكن الغربة زالت لقد تم التعرف من جديد على النفس.. فالمسافة الجغرافية لا تهم والمعركة ليست بعيدة من بيروت، ومن النوافذ ترى المعارك الجوية والطائرات تسقط فى البحر، ولكن الفرد يمشى رافعا رأسه فأخبار مقاتلينا تطل منتصرة هذه المرة من كل صحيفة وإذاعة وشاشة تليفزيون بل ومن فم كل بائع سجائر أو سائق تاكسى ببيروت، وأنفاس القتال البطولى فى سوريا الملاصقة تحس بحرارتها وتكاد تلمسها وأنت تسمع أخبارها من شهود العيان، وتكون الرحلة إلى القاهرة تحصيل حاصل فى إنهاء شكلى للغربة التى زالت من النفس ومن الضمير، ساعات الطائرة إلى بنغازى ثم أربع وعشرون ساعة متواصلة بالسيارة عبر الصحراء إلى القاهرة تدفعها لهفة واحدة أن أرى وجه قاهرة أكتوبر 1973م حتى تزول من خاطرى صورتها يوم عدت من باريس فى يونيو 1967م ذات أمسية حزينة، لقد أنهى الرئيس السادات غربتنا الكبيرة بقرار أكتوبر 1973م، قرار ربما كان كلمة واحدة ولكن خلاصة لكل الآلام العظيمة والآمال الكبيرة المختزنة منذ سبع سنوات، وقد أنهت قواتنا المسلحة غربتنا بالطريقة الفذة التى نفذت بها القرار، إنهم هناك تحت اللهب والنار وكأنهم حملوا الغبار الثقيل إلى العدو.. السماء تنقشع كلها فى لحظة واحدة عن وجه مصر الحقيقى ". 

وفى مجلة " روزاليوسف " كتب الأستاذ عبد الرحمن الشرقاوى : " وتحققت معجزة حربية.. فاقتحم المقاتلون المصريون البواسل أكبر مانع طبيعى وصناعى عرفه التاريخ، وتحققت معجزة حربية سيظل العالم يدرسها ويتخذ منها العبرة واضعا بها العقل المصرى والحكمة المصرية والعزائم المصرية فى مكانها الصحيح، و ما من ريب أن كل مصرى اليوم يشعر بالزهو لأنه ينتمى إلى هذا الوطن، إن هذه أول مرة يلتحم فيها الجيش المصرى مع جيش إسرائيل فى معركة حقيقية، وقد أثبت هذا الجيش المفترى عليه أنه بحق كما قال عنه الرسول صلى الله عليه وسلم: " خير أجناد الأرض ". 

الثلاثاء 16 أكتوبر 1973م – 20 رمضان 1393هـ  

 
أصدرت القيادة المصرية بلاغاً رسمياً فى الساعة الثالثة إلا الثلث ظهراً وتضمن قيام القوات المصرية بصد وتدمير كافة هجمات العدو على رؤوس الكبارى شرق القناة فى المحور الأوسط، وبلغت خسائر إسرائيل 15 طائرة، 85 دبابة، 56 عربة نصف مجنزرة وأسر أطقم كاملة من الإسرائيليين، ثم أذاع المتحدث العسكرى البيان رقم 44 وتضمن محاولة بعض مفارز العدو المدرعة من الكوماندوز بعبور البحيرات المرة فى طرفها الشمالى عند الدفرسوار مستخدمة 7 دبابات للإغارة على المواقع المصرية غرب القناة، وتشتت هذه الدبابات أثناء مطاردتها. 

ألقى الرئيس " محمد أنور السادات " خطابا فى مجلس الشعب أعلن فيه موقف مصر وأهدافها للسلام، وأن الصواريخ المصرية على قواعدها تنتظر أمر الانطلاق إلى أعماق الأعماق فى إسرائيل كما حيى فى خطابه الجيش السورى الذى حارب معركة من أمجد معارك الأمة العربية. 

وصل " إليكس كوسجين " رئيس الوزراء السوفيتى فى زيارة سرية إلى القاهرة فى الساعة الخامسة مساءً لإجراء محادثات مع الرئيس السادات، ووصلت إلى القاهرة طائرة خاصة تحمل 30 طنا من الأدوية والمعدات الطبية للمجهود الحربى مقدمة من الكويت . 
أشاد الرئيس " السادات " فى رسالة مفتوحة إلى الرئيس الأمريكى " نيكسون " حدد فيها خمس نقاط كمشروع للسلام: 

الالتزام بمبادئ وقرارات الأمم المتحدة. 

إنسحاب إسرائيل من كل الأراضى العربية فوراً.
 
عقد مؤتمر دولى للسلام بعد ذلك. 

البدء فوراً فى تطهير قناة السويس.
 
وضوح فى الغايات والوسائل. 

وأذاعت المصادر السورية أنها دمرت للعدو 80 دبابة وعربة مجنزرة بعد أن صدت للعدو هجوماً عنيفاً كما أسقطت وسائل الدفاع السورية طائرة استطلاع من طراز " رايان" الأمريكى الذى تنطلق بدون طيارين على ارتفاع 18.3 كيلو متر، وقد تم إسقاطها شرقى دمشق، وألحت " جولدا مائير " رئيسة وزراء إسرائيل على أن تبادل الأسرى الفورى الكامل هو شرط رئيسى لوقف إطلاق النار، فى الوقت الذى تدفقت فيه الإمدادات العسكرية الأمريكية على إسرائيل . 

وفاز " هنرى كيسنجر " مستشار الرئيس الأمريكى لشئون الأمن القومى، و " لودوك فو " عضو المكتب السياسى لفيتنام بجائزة نوبل للسلام " مناصفة " لجهودهما فى إنهاء الحرب الفيتنامية . 

الأربعاء 17 أكتوبر 1973م – 21 رمضان 1393هـ 

 
أذاعت القيادة المصرية البلاغ رقم 45 فى الساعة السادسة مساءً، وذكر البلاغ أن القوات المصرية أسقطت 21 طائرة إسرائيلية عدا الدبابات والعربات المدرعة ، وأجمل المتحدث العسكرى خسائر إسرائيل منذ نشوب القتال وحتى هذا اليوم بما يلى : 269 طائرة، 15 طائرة هليكوبتر، 492 دبابة، 18 قطعة بحرية، وذكرت المصادرالسورية أن سوريا دمرت أكثر من 40 دبابة إسرائيلية، 30 عربة، أربع بطاريات مدفعية . 

وصفت وكالة " رويتر " الموقف فى الجولان بقولها: " إن المعارك مستمرة بشكل شرس دون أية علامة على انفراجها بصورة حاسمة ". 

وأعلن مؤتمر وزراء البترول العربى خفض الإنتاج بحد أدنى 5% تزاد كل شهر إلى أن يتم الجلاء عن الأراضى المحتلة بعد عام 1967م واستعادة شعب فلسطين حقوقه المشروعة، وعلى أن يطبق الخفض على الولايات المتحدة الأمريكية فى المقام الأول، وعلى الدول الصناعية المساندة لإسرائيل . 

تسابق أمريكا الزمن لتعويض إسرائيل خسائرها بشحنات عاجلة من المقاتلات والصواريخ وأحدث الدبابات والمعدات العسكرية التى لم تستخدم بعد فى ميادين القتال، كما أعلن أن أمريكا قد أقامت أضخم جسر جوى لنقل هذه المعدات إلى إسرائيل . 

الخميس 18 أكتوبر 1973م – 22 رمضان 1393هـ 

 
أصـدرت القيادة المصرية البلاغيـن رقم 46، 47 فى السـاعة 10.13 مساءً، وجاءت الإشارة إلى عملية التسلل التى استمرت منذ طوال ليلة أمس، وأن القوات المصرية تقوم بضربها بعد حصـــارها فى نقط متفرقة، وفى الجبهة السورية صدر بلاغ عسكرى واحد وتضمن قصف العدو لقرية " مجدل شمس "، وأعلنت المملكةالعربية السعودية تخفيض بترولها بنسبة 10% حتى نهاية شهر نوفمبر 1973م . 

وأكدت مصادر مطلعة أن طائرات الفانتوم التى أمدت بها أمريكا إسرائيل قادها طيارون أمريكيون رأساً إلى المطارات الإسرائيلية فى الوقت الذى يناقش الكونجرس اعتبار هذه الإمدادات العسكرية هدية لإسرائيل بدون ثمن، وفى جريدة " الأخبار " كتب الأستاذ " محمد زكى عبد القادر ": 

" إن الوطنية المصرية تبدو اليوم فى أصفى منابعها أصيلة قوية، مصممة مضحية، والقومية العربية تظهر هى الأخرى فى أروع مظاهرها وأعمق أعماقها صخرة لا يمكن اقتحامها، وواجبنا واضح فى هذه الظروف.. هو أن نرتفع إلى مستوى الموقف، نصون الجبهة الداخلية من كل دخيل عليها، ونثبت فى النفوس القوة والعزم والتصميم، وكل منا فى الموقع الذى هو فيه يستطيع أن يخدم المعركة ويلعب دور مشاركة للجنود الذين يعيشون أروع ساعاتهم وأمجد ما يمليه عليهم الوطن من أمل وما أودعه فى أعناقهم من أمانة وذلك بإحسان الاستعداد واتباع تعليمات الدفاع المدنى ومحاربة الشائعات ومطاردة الأنباء الكاذبة وتثبيت الجبهة سواء من الناحية النفسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية فإن المعركة ليست على الجبهة بالسلاح ولكنها أولاً وأساساً فى الجبهة الداخلية فهى السند للنصر وتهيئة الطريق إليه " 

الجمعة 19 أكتوبر 1973م – 23 رمضان 1393هـ  

أصدرت القيادة المصرية البلاغين 48، 49 فى الساعة الثامنة إلا الثلث مساءً وأشارا إلى عملية التسلل فى منطقة الدفرسوار، وركزت إذاعة إسرائيل ووسائل إعلامها على عملية التسلل إلى الضفة الغربية للقناة التى يقودها قائد المنطقة الجنوبية " إرييل شارون " تحويلاً للأنظار عن المعركة الرئيسية فى قلب سيناء. 

دمرت القوات السورية 16 دبابة إسرائيلية، وذكر وزير الدفاع الأمريكى: أن مساعدتنا لإسرائيل لن تقف عند حد، وأوقفت ليبيا تصدير بترولها إلى أمريكا وهو يعادل 11.1% من الإنتاج الليبى كما رفعت سعر بترولها إلى 8.922 دولار للبرميل، كما رفع العراق سعر بتروله أيضا إلى 5.061 دولار، وتبرع اتحاد النقابات فى ألمانيابمبلغ 10 مليون مارك للمجهود الحربى تعبيرا عن روح التعاون مع العمال المصريين. 

السبت 20 أكتوبر 1973م – 24 رمضان 1393هـ  

أصدرت القيادة المصرية البلاغ رقم 50 وقدر المراقبون أن الحشد المدرع فى ميدان القتال يضم ما لا يقل عن 1450 دبابة، وتم إسقاط 15 طائرة إسرائيلية وأسر بعض طياريها، وأشارت البيانات الصحفية إلى مغامرة الدفرسوار وكيف تمكنت القوات المتسللة من تكوين جبهتين رئيسيتين على الشاطئ الغربى للبحيرات، الأولى فى منطقة سرابيوم، والثانية فى الدفرسوار، وأمكنها من الاحتفاظ بخط إمداد مع الشاطئ الشرقى للقناة عن طريق أسفين بين الجيشين الثانى والثالث المصريين، وقام سلاح الجو السورى بقصف معمل تكرير بترول لإسرائيل فى حيفا، وأذاع راديو إسرائيل نداءات بالشفرة لاستدعاء الطبقة الثالثة من الاحتياطى إلى الخدمة العسكرية، وأعلن وزير العمل الإسرائيلى أن معدل الإنفاق اليومى على المعركة هو 250 مليون دولار، وفى الوقت نفسه بلغت قيمة الأسلحة التى شحنت إلى إسرائيل فى الأيام القليلة الماضية 850 مليون دولار، وقطعت مالاجاش علاقاتها مع إسرائيل . 

الأحد 21 أكتوبر 1973م – 25 رمضان 1393هـ  

أصدرت القيادة العامة ثلاثة بلاغات عسكرية أذيع الأول فى الساعة 10.55 صباحاً، وأذيع الأخير وهو رقم 53 فى الساعة 9.25 مساءً ، وشملت خسائر إسرائيل 25 طائرة، 70 دبابة، 40 عربة مجنزرة، وأسر العديد من الطيارين، وحاولت القوات الإسرائيلية الإنطلاق شمالاً إلى الإسماعيلية ولكنها فشلت ، واستعاد الجيش المصرى الثانى الساتر الترابى المواجه للثغرة عند الدفرسوار، وأصدرت القيادة السورية بيانين فى الساعة الرابعة والنصف وشملا عمليات المدفعية والدبابات فى القطاع الشمالى للجولان، وأوقفت جميع الدول العربية تصدير بترولها إلى أمريكا وقطعت جمهورية أفريقيا الوسطى علاقاتها مع إسرائيل، وتجددت اليوم الذكرى السادسة لإغراق المدمرة الإسرائيلية " إيلات " بواسطة زورق صاروخى مصرى فى أقل من ثلاث دقائق يوم 21 أكتوبر 1967م .

الاثنين 22 أكتوبر 1973م – 26رمضان 1393هـ 
 

أصدر مجلس الأمن قراره رقم 338 بموافقة جميع الأعضاء باستثناء الصين الشعبية التى امتنعت عن التصويت، وينص على وقف إطلاق النار بين الدول العربية وإسرائيل والبدء فى التطبيق الفورى لقرار 242 لعام 1967م، وقد وافق الرئيس السادات على وقف إطلاق النار على أساس التطبيق الفورى والكامل لقرار مجلس الأمن مؤكداً علىنقطتين هما: الانسحاب من كل الأراضى المحتلة، والحقوق المشروعة لشعب فلسطين، وأصدر القائد العام فى الساعة السابعة إلا الربع مساءً أمراً للقوات المسلحةالمصرية بإيقاف إطلاق النار تنفيذاً لقرار مجلس الأمن الذى صدر فى الساعة 6.25 صباحاً، وتضمن أمر القائد العام اتخاذ كافة إجراءات التأمين والحذر من العدو. 

دارت خلال الساعات الاثنتى عشرة التى سبقت وقف إطلاق النار أعنف المعارك على الجبهة المصرية فى شرق وغرب القناة، وقدرت المصادر المصرية خسائر العدو بما يعادل خسائره على مدى الأيام الخمسة الأخيرة أثناء معارك الدبابات الكبرى، وأصدرت القيادة المصرية أربعة بلاغات أذيع الأول وهو برقم 55 فى الساعة 7.55 صباحاً، وأذيع الأخير فى الساعة العاشرة مساءً، وقد بلغت الطلعات الجوية الإسرائيلية فى هذا اليوم على الجبهة المصرية 845، وأعلنت وزارة الدفاع الأمريكية أن الجسر الجوى الأمريكى من الإمدادات العسكرية لإسرائيل سوف يستمر دون توقف برغم الاتفاق على وقف إطلاق النار، ووصلت معونات طبية إلى مصر من ألمانيا وبولندا وتشيكوسلوفاكيا وباكستان والإمارات، وقرر السودان تزويد مصر بثلاثين طناً من اللحوم يومياً مساهمة فى المجهود الحربى .
 

الثلاثاء 23 أكتوبر 1973 – 27 رمضان 1393هـ 

 
تفجر القتال فى منطقة القناة بعد ساعات من توقف العمليات الحربية، وأصدرت القيادة المصرية ثلاثة بلاغات أذيع الأول فى الساعة 10.37 صباحاً وتضمن استغلال العدو وقف إطلاق النار وقيامه بدفع عدد من الدبابات ليلاً إلى منطقة الدفرسوار محاولاً التسلل لاكتساب بعض المواقع الجديدة التى لم يكن له وجود فيها قبل قرار وقف إطلاق النار، وتصدت لها القوات المصرية وتطور القتال باشتراك الطيران وخسر العدو 7 طائرات، وأذيع البلاغ الأخير فى العاشرة مساءً، وفى خلال اليوم أخذت قوات العدو تنتشر جنوباً فى اتجاه مدينة السويس محاولة قطع طريق الإمدادات والمواصلات بين السويس والقاهرة، وأخذت مفارز العدو منذ الصباح تناوش بعض مواقع الصواريخ المصرية، وأصدرت الحكومة المصرية بياناً كشفت فيه تعمد إسرائيل خرق قرار مجلس الأمن، وعاد مجلس الأمن للإنعقاد وأصدر قراره رقم 339 بالوقف الفورى لجميع أشكال إطلاق النار وكل الأعمال العسكرية، وجاء فى بيان أعلنته الحكومة السوفيتية.. أن إعلان إسرائيل قبول وقف إطلاق النار كان خدعة كبرى للقيام بهجوم غادر على المواقع المصرية، وبتوجيه من الرئيس السادات تقرر اشتراك قوات المقاومة الشعبية فى القتال المتلاحم غرب القناة باعتبار أنها معركة كل الشعب، وبلغت تبرعات الجاليات اليهودية فى أنحاء العالم لإسرائيل 200 مليون دولار، وتصدت الطائرات السورية لمحاولات العدو قصف أهداف مدنية شمال دمشق اشتركت فيها 60 طائرة إسرائيلية وتم إسقاط 11 طائرة منها، وافقت سوريا على قرار وقف إطلاق النار بشرط قبول الطرف الآخر للقرار والانسحاب الكامل من الأراضى المحتلة وتأكيد حقوق شعب فلسطين، وقطعت أثيوبيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل. 

الأربعاء 24 أكتوبر 1973م – 28 رمضان 1393هـ 

 
أصدرت القيادة العامة المصرية ثلاثة بيانات أذيع الأول فى الساعة 12.30 ظهراً متضمناً تأكيد إسرائيل على خرق قرار وقف إطلاق النار كما حدد البيان المواقع التى تسيطر عليها القوات المصرية شرق وغرب القناة مستثنيا ثغرة بطول 6.5 كيلو متر ملاصقة للبحيرات المرة، وتواجد وحدات فرعية للعدو مبعثرة ومتداخلة بين القوات المصرية فى بعض الأجزاء غرب القناة خلف المحور الجنوبى حتى الأدبية، وأذيع البيان الأخير فى الساعة السادسة إلا الربع بعد الظهر، وفى هذا اليوم حشد العدو قوة كبيرة من دباباته ليقتحم بها مدينة السويس عن طريق الزيتية وطريق السويس – القاهرة والمصانع من أجل تطويق مدينة السويس.. فقد اعتقدت القوات الإسرائيلية إنها فى نزهة إلى مدينة السويس وإنها عبارة عن مدينة للأشباح، وبمجرد أن دخلت القوات الإسرائيلية مدينة السويس حتى فوجئت بالكمائن المصرية وأطقم اقتناص الدبابات والصواريخ المضادة للدبابات والمقاومة الشعبية التى استبسلت من أجل الدفاع عن مدينة السويس، وتطور الصراع إلى القتال بالسلاح الأبيض حتى حل الظلام فانسحبتالقوات الإسرائيلية تاركة وراءها أعدادا كبيرة من الدبابات المحترقة وجثث القتلى، وحاول العدو مرة ثانية مهاجمة المنطقة الواقعة جنوب الأدبية ولكنه فشل، وقد قررالرئيس السادات أن يكون يوم 24 أكتوبر عيداً قومياً للسويس وللمقاومة الشعبية، وأعلنت المصادر الأمريكية أن أمريكا سوف تستمر فى تزويد إسرائيل بالأسلحة حتى تعلنالحكومة الإسرائيلية أنها اكتفت تماماً.

الخميس 25 أكتوبر 1973م – 1 شوال 1393هـ 

 
اليوم أول أيام عيد الفطر المبارك، وقامت إسرائيل بمحاولتين لاقتحام مدينة السويس ولكنها فشلت، وأصدرت القيادة العامة بلاغين، ووصلت الفصائل الأولى من قوات الطوارئ الدولية المرابطة فى قبرص إلى مصر وبلغ حجمها 897 ضابطاً وجندياً، وأرغمت السلطات الألمانية سفينة شحن إسرائيلية بمغادرة ميناء " بريمن " دون أن تتسلم حمولتها من الإمدادات الأمريكية الموجودة فى المخازن الألمانية، وقامت ثلاث طائرات استطلاع أمريكية بالتوغل فوق الأراضى المصرية قبل أن تنطلق شرقا، وأعلنت إيران تأييدها لقرار وقف إطلاق النار وضرورة جلاء القوات الإسرائيلية من الأراضى المحتلة. 

الجمعة 26 أكتوبر 1973م – 2 شوال 1393هـ 

 
أصدرت القيادة العامة بلاغين تضمن الأول إشارة إلى أن القيادة المصرية سمحت منذ أول وقف لإطلاق النار بحضور المراقبين الدوليين بينما تلجأ إسرائيل لتأخير وتعطيل أعمالهم لكسب مناطق جديدة ، ويعتبر البلاغ رقم 64 آخر بيان صدر عن القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية منذ نشوب الحرب، وأغرقت ناقلة بترول إسرائيلية بسبب اصطدامها بلغم بحرى، وأدى الرئيس السادات صلاة الجمعة بمسجد الإمام الحسين وكان موضوع الخطبة " النصر والشهادة " ، واعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بأنها تواجه موقفاً خطيراً نتيجة لانخفاض مواردها البترولية، وقطعت كل من زامبيا وجامبيا علاقاتهما الدبلوماسية مع إسرائيل . 

السبت 27 أكتوبر 1973م – 3 شوال 1393هـ 

 
لم تتوقف أصوات الطلقات فى مواقع كثيرة من الجبهة، وما زالت الأسلحة الأمريكية تتدفق إلى إسرائيل، وأعلنت مصادر جامعة الدول العربية أن 31 دولة إفريقية قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، ووافق مجلس الأمن على إنشاء قوة طوارئ دولية قوامها 7000 رجل تتخذ مواقعها لمدة ستة أشهر مبدئياً وبتكاليف قدرت بنحو 30 مليون دولار تتحملها الأمم المتحدة فى ميزانيتها . 

الأحد 28 أكتوبر 1973م – 4 شوال 1393هـ  

فى ساعة مبكرة من صباح اليوم قامت القوات الإسرائيلية بمحاولة خامسة وأخيرة لاقتحام مدينة السويس ولكنها فشلت، وفى الساعة 11.23 صباحاً وصلت مقدمات قوات الطوارئ الدولية واتخذت مواقعها فى مشارف مدينة السويس، وقطعت غانا والسنغال علاقاتهما الدبلوماسية مع إسرائيل، وتوفى بالقاهرة عميد الأدب العربى الدكتور " طه حسين " 

 
الاثنين 29 أكتوبر 1973م – 5 شوال 1393هـ 
 

أعلن متحدث عسكرى إسرائيلى أن قوة كوماندوز مصرية تعمل مع الجيش الثالث عبرت القناة فجر اليوم من ناحية الشرق وهاجمت وحدات إسرائيلية على الضفة الغربية شمال السويس، ودخلت ثلاث قطع بحرية سوفيتية جديدة البحر الأبيض، ودخلت 6 سفن حربية أمريكية المحيط الهندى، وقطعت الجابون وسيراليون علاقتهما الدبلوماسية مع إسرائيل، وسحب العراق قواته من الجبهة السورية والأردنية على أثر اتخاذ قرار بوقف إطلاق النار . 

الثلاثاء 30 أكتوبر 1973م – 6 شوال 1393هـ 

 
وافقت كل من مصر وإسرائيل على تبادل الجرحى من الأسرى، وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلى فى جلسة خاصة عقدها الكنيست قوله: " إن إسرائيل لم تكن تملك قذائف كافية تمكنها من الاستمرار فى الحرب خلال أسبوعها الأخير حتى جاءت الإمدادات الأمريكية، وأعلن متحدث عسكرى إسرائيلى: " أن القوات المصرية أطلقت عدة صواريخ من طراز سام 2 على طائرات استطلاع إسرائيلية كانت تحلق فوق ممر الجدى"، ونشرت مجلة " بارون "المالية الأمريكية بحثاً انتهت فيه إلى أن المواطنين الأمريكيين يتحملون فى النهاية بصورة غير مباشرة الأعباء المالية للحرب الإسرائيلية، واستأنف مطار القاهرة منذ الساعة الثامنة من صباح اليوم العمل للطيران المدنى . 

الأربعاء 31 أكتوبر 1973م – 7 شوال 1393هـ 

 
أصدر الرئيس "السادات" قراراً بتعيين الدكتور "محمد حسن الزيات" وزير الخارجية مستشاراً للرئيس للشئون السياسية، وقراراً بتعيين "إسماعي فهمى" وزير السياحة وزيراً للخارجية، وشرح الرئيس "السادات" فى حديثه إلى ممثلى الصحافة العالمية أبعاد الموقف العسكرى والسياسى واحتمالاته فى سيناء والضفة الغربية، وأكد أن الجيش الثالث ثابت كالصخر فى مواقعه بسيناء، وأن الجزء الأكبر منه على الضفة الغربية خلف وحدات العدو، وأنهى الرئيس "السادات" مؤتمره الصحفى بتحذير قال فيه: "إننا لن نقف ساكتين على أى شئ يتعرض له أبناؤنا فى سيناء".

المراجع
كتاب قال التاريخ


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى