الاثنين ٢٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠١٣
بقلم عبد الزهرة شباري

من الواقع الدامي: أم زينب

تعلقت به ذاهلةً ً مرتبكة ًوهي ترتعش مثل سعفة ٍ في الريح، تصرخ بصوت محشرج دامعة العينين لا تدري ماذا تعمل، تقسم صارخة ًلن تذهب هذه الليلة إلى عملك، وقف واجماً مستغرباً عصبيتها وهستيريتها المفاجئة، حاول امتصاص غضبها مبتسماً بوجهها وهو يحمل طفله الصغير على ساعديه، يقبله ويضحك مازحاً معها: كيف تعيش هذه العائلة المتكونة من هذه الإناث؟ كيف يعيش هذا البرعم الجميل الذي يحمل أرث الآباء والأجداد؟

يصمت قليلاً ويخرج مسرعاً دون أن يلتفت إلى الوراء ملوحاً بيديه بالوداع، وهو يعد ساعات الليل متذكراً كلماتها التي ما زالت تحفر أخدوداً في قلبه ونفسه، يرتعش جسده بقشعريرة لازمته محاولاً ترك عمله والرجوع إلى بيته، ولكن كيف والمسافة بعيدة والليل أسدل ظلاله على الأشياء، ولا توجد الواسطة التي توصله إلى هناك!!

تردد قليلاً محاولاً احتضان قلبه الذي يكاد أن يخرج من صدره، يرى ظل الموت يخيم عل شغاف قلبه وينساب إلى عقله المشوش، صعقات غريبة تصعد إلى رأسه الخائر، لعنات يطلقها بين الحين والآخر، ويسترجع بلا حول ولا قوة إلاَ بالله العلي العظيم، تندفع دموعه دون وازع وهو يوشك أن يهيم من كثرة ظنونه متذكراً بعنف ما سمعه هذا المساء من زوجته!!
سحب الكرسي الرابض جنبه بعنف وجلس عليه منهوك القوى، داساً رأسه بين ركبتيه تأخذه أخفاءة مفاجئة، أستيقظ على أثر حركة حوله ليرى خيوط الشمس تسللت من نافذة غرفته التي باتت مثله هذه الليلة، ينهض مسرعاً وينصرف إلى بيته وما أن أستلم باب الدار حتى وقعت الكارثة الكبرى، رأى برك الدماء أمامه قد غطت البلاط، وأشلاء الأجساد الممزقة هنا وهناك في باحة داره، حتى طفله الصغير لم يسلم من رصاص خبث هذه الحثالة الضالة،
وأكثر ما أهاله من هذا المنظر الوحشي هو ما كتب على كل جثة بخط كئيب ((هذا ما نريده لكم منذ زمان))

جلس متربعاً لا تحمله رجلاه بين أكوام جثامين عائلته المقطعة، بينما تجمع الناس حوله يرمقونه بنظرات حادة تنم عن حقد دفين!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء او المديرات.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى